رئيس التحرير
خالد مهران

هل إبليس من الملائكة أم الجن؟.. الشعراوي يحسم الجدل

النبأ

تحدث الشيخ محمد متولي الشعراوي في خواطره عن مسألة يثيرها كثير من الناس، وهي هل إبليس كان من الملائكة أم من الجن، كما أشار إلى تصنيف العلماء لإبليس.

وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي: وهكذا جاء الحديث هنا عن إبليس؛ بالاستثناء وبالعقاب الذي نزل عليه؛ فكأن الأمرَ قد شَمله، وقد أخذتْ هذه المسألة جدلًا طويلًا بين العلماء، وكان من الواجب أن يحكمَ هذا الجدلَ أمران: الأمر الأول: أن النصَّ سيد الأحكام، والأمر الثاني: أن شيئًا لا نصَّ فيه؛ فنحن نأخذه بالقياس والالتزام، وإذا تعارض نصٌّ مع التزام؛ فنحن نُؤول الالتزام إلى ما يُؤول النص، وإذا كان إبليس قد عُوقِب؛ فذلك لأنه استثنى من السجود امتناعًا وإباءً واستكبارًا؛ فهل هذا يعني أن إبليس من الملائكة؟.. لا. ذلك أن هناك نصًا صريحًا يقول في الحق سبحانه: «فسجدوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ...» (الكهف: 50).

 وأوضح الشيخ الشعراوي: وهكذا حسم الحق سبحانه الأمر بأن إبليس ليس من الملائكة؛ بل هو من الجنّ؛ والجن جنس مختار كالإنس؛ يمكن أن يُطيع، ويمكن أن يَعصِي، وكونه سَمِع الأمر بالسجود؛ فمعنى ذلك أنه كان في نفس الحَضْرة للملائكة؛ ومعنى هذا أنه كان من قبل ذلك قد التزم التزامًا يرفعه إلى مستوى الحضور مع الملائكة؛ ذلك أنه مُخْتار يستطيع أن يطيع، ويملك أن يعصي، ولكن التزامه الذي اختاره جعله في صفوف الملائكة، وقالت كتب الأثر: إنهم كانوا يُسمُّونه طاووس الملائكة مختالًا بطاعته، وهو الذي وهبه الله الاختيار، لأنه قدر على نفسه وحمل نفسه على طاعة ربه، لذلك كان مجلسه مع الملائكة تكريمًا له؛ لأنه يجلس مع الأطهار، لكنه ليس مَلاكًا.

وتابع الشعراوي: وبعض العلماء صَنَّفوه بمُسْتوًى أعلى من الملائكة؛ والبعض الآخر صَنَّفه بأنه أقلُّ من الملائكة؛ لأنه من الجنِّ؛ ولكن الأمر المُتفق عليه أنه لم يكُنْ ملاكًا بنصِّ القرآن، وسواء أكان أعلى أم أَدْنى، فقد كان عليه الالتزام بما يصدر من الحق سبحانه، ونجد الحق سبحانه وهو يعرض هذه المسألة، يقول مرة (أبىَ)، ومرة (استكبر)، ومرة يجمع بين الإباء والاستكبار، والإباء يعني أنه يرفض أن ينفذ الأمر دون تعال. والاستكبار هو التأبِّي بالكيفية، وهنا كانت العقوبة تعليلًا لعملية الإباء والاستكبار، وكيف ردّ أمر الحق أورده سبحانه مرة بقول إبليس: «... لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ» (الحجر: 33)، وقوله: «قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ» (ص: 76).