5 تحديات تهدد بفشل قانون التصالح فى مخالفات البناء الجديد وزيادة معاناة المواطنين
بدأت الدولة، خلال الأيام الماضية، في تطبيق اللائحة التنفيذية الأخيرة لقانون التصالح في البناء بكافة محافظات الجمهورية واستلام الطلبات المقدمة من المخالفين، وذلك بعد موافقة رئاسة مجلس الوزراء على مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون التصالح في بعض مُخالفات البناء وتقنين أوضاعها، بعد قرابة ثلاثة أشهر ونصف من الموافقة والتصديق على تعديلات القانون.
وبالرغم من هذه التعديلات التي طال انتظارها من قبل المواطنين وفرح الأهالي بعد صدور اللائحة الأخيرة، إلا أن هناك شكاوى كثيرة من المواطنين وأعضاء مجلس النواب؛ بسبب الإجراءات المتعلقة بالتصالح، حيث لاقى القانون صعوبات وعقبات كثيرة.
وتحدثت «النبأ» مع مواطنين لاستعراض المشكلات التي واجهتهم في قانون التصالح على مخالفات البناء الجديد.
شكاوى المواطنين
قال أحمد البنداري، مواطن، بشأن القانون الجديد، إن هناك عقبات كثيرة تواجهه في استكمال إجراءات التصالح في مخالفات البناء، بسبب كثرة الأوراق المطلوبة، مشيرا إلى أنه يريد بناء الدور الثالث ولكنه غير قادر على دفع المصروفات والحصول على النموذج النهائي للتصالح.
وأضاف «البنداري»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه يريد تخفيف الإجراءات على المواطنين حتى نتمكن من استكمال البناء في أسرع وقت، قائلا: «مش فاهمين حاجة من القانون الجديد ولا عارفين نعمل إيه بقالي سنتين عايز أعمل سقف البيت ومش قادر».
وفي السياق ذاته، أكد محمد خالد، أن القانون الجديد يفتقر إلى المرونة وبه كثير من التفاصيل التي تجعل المواطن في حيرة من أمره وتسمح لكثير من عديمي الضمير والفاسدين من النصب على المواطنين، خاصة عند توجهنا إلى مكاتب استشارية بعينها، إضافة إلى الأبواب الخلفية وتربح بعض الأشخاص عديمي الضمير في الوحدات المحلية.
وتابع: «نريد قانون واضح المعالم وسهل في لائحته التنفيذية نريد تفعيل ثقافة الشباك الواحد»، متسائلا: «لماذا لا يتم للأشخاص الذين أنهوا إجراءات التصالح بالبناء؟ ولماذا لم يتم تحديد الحيز العمراني في كثير من المناطق حتى الآن وبعد صدور القانون الجديد».
وقال محمد عزت، إنه يمتلك أرض فضاء «جراج»، لافتا إلى أن القانون الجديد يرفض التصالح للجراجات قائلا: «طب أنا أعمل إيه عشان ابني».
وأكد «عزت»، أن الإجراءات الورقية للائحة التنفيذية الجديدة معقدة للغاية، مضيفا أنه غير قادر على تخليص الأوراق المطلوبة.
وناشد عدد كبير من المواطنين وزير التنمية المحلية اللواء هشام آمنة، بالتدخل لحل مشكلات المواطنين بشأن التصالح في مخالفات البناء والسماح بعودة البناء مرة أخرى حتى يتمكن ملايين المواطنين من العمالة غير المنتظمة ممارسة أعمالهم من جديد.
فشل القانون
وفي السياق، أكد إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بمجلس النواب، أن طريقة إدارة الحكومة أو المسؤولين هي التي تتحكم في فشل أو نجاح القانون.
وأضاف «منصور»، خلال تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن تنفيذ قانون التصالح في البناء سيئ للغاية مما أدى إلى فشله، لافتا إلى أن هناك أفكارا وقوانين جيدة جدا لكن التنسيق والتطبيق خاطئ.
وتابع أن قانون التصالح مهم وملايين المصريين كانوا ينتظرونه وكان الهدف منه إنهاء مشاكل التصالح في مصر كلها، ولكن ما حدث على أرض الواقع من مشكلات العكس تمامًا، فزادت التحديات والمعوقات أمام المواطنين؛ لأنه تم تطبيقه بشكل خاطئ، كما أن هناك أشخاصا غير مدركين للقانون وبالتالي غير معنيين بتطبيقه، وهناك أيضا من يريدون استمرار الفساد في البلاد.
وأوضح أن القانون يحتاج إلى دراسة وآليات أخرى لا تمتلكها الحكومة، لافتا إلى أننا في حاجة إلى حكومة ذات فكر اقتصادي سياسي استراتيجي.
وأردف أن عدد طلبات التصالح في مخالفات البناء، خلال الأسبوع الأول للتصالح لم يتخط الـ10 آلاف، وليس 50 ألف طلب كما تدعي الحكومة، مشيرا إلى أن الإقبال ضعيف جدًا بسبب التخوف من آليات التطبيق.
وتابع: «بعض المواطنين تحدثوا معي، وأعربوا عن استنكارهم من رد مسؤولي الوحدات المحلية المنوط بهم إنهاء إجراءات التصالح، حيث ذهب المواطنون إليهم لمعرفة الأوراق المطلوبة والإجراءات، لكنهم ردوا عليهم بالقول اصبروا دلوقتي لسه مش عارفين».
ونوه إلى أن هذا يعني أن الموظفين لم يتم تدريبهم بالصورة المطلوبة وبذلك نعود لنفس الأزمة الأولى، مشددًا على أن هناك حاجة لتدريب حقيقي وليس على الورق، لشرح ما هو ملتبس على الموظفين إضافة إلى آليات أخرى؛ لكي ينجح القانون وهو حل أزمة الأحوزة العمرانية.
وطالب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي: «يجب تفعيل اللجان الخاصة بتحديد الكتل القريبة من الأحوزة العمرانية، وهو يمثل 40% من قانون التصالح، ولو لم تحل هذه المشكلة سوف يتعطل القانون مرة أخرى».
وأكد أن القانون من المفترض أن يجمع 150 مليار جنيه، لكن هذا الرقم مهدد لوجود بعض الإشكاليات مثل تحديد الأحوزة العمرانية ومنع التصالح على الجراجات ومنع استكمال الدور للذي يريد أن يستكمل، مضيفا أن الذي حصل على نموذج 10 في القانون القديم يستطيع أن يستكمل، والذي لم يحصل على النموذج يدفع رسوم مقدرة بـ3 أضعاف وهذا يشكل عبئا على المواطنين.
كما أكد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن الكرة الآن في ملعب الحكومة لتحصيل 150 مليار جنيه، أو فقدانهم كما حدث في السابق.
الروشتة الحقيقية
ومن جانبه، قال الحسين حسان، خبير التطوير الحضاري والتنمية المحلية، إن اللائحة التنفيذية لقانون التصالح على مخالفات البناء الذي صدر في الأسابيع القليلة الماضية به مشاكل كبيرة جدا، ولم تضع وزارة التنمية المحلية حلولا لها.
وأضاف «حسان»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن من أهم المشكلات المتعقلة بقانون التصالح في البناء التي واجهها المواطنون التصوير الجوي الممتد إلى 15/10/2023، إضافة إلى أنهما في بداية الموضوع سمحوا للجراجات بالتصالح في القانون الأول، ثم منعه في التعديل، وتعد هذه الجزئية من أبرز المعوقات؛ لأنه سمح لبعض الأفراد بالتصالح والبعض لا.
وأكد أن من أبرز المشكلات -أيضا- التقارير الهندسية، حيث إن المكاتب الاستشارية تأخذ من المواطنين رشاوى تصل إلى 50 و60 و70 ألف جنيه دون تدخل من نقابة المهندسين بأي شكل، لافتا إلى أهمية هذا التقرير بالنسبة للترخيص وبالتالي الجميع يتعرض للابتزاز.
وأكد أن الروشتة الحقيقية للحل تكمن في أن يتم عمل انتدابات للمهندسين الموجودين داخل الوزارات على مستوى الجمهورية مثلا من وزارة الري أو وزارة الزراعة، أو المجتمعات العمرانية، لسد عجز الإدارات الهندسية، لافتا إلى أن مصر خسرت مليارات الجنيهات بسبب المكاتب الاستشارية التي تبتز المواطنين بشكل مباشر.
وتابع أن مشكلة الجراجات التي تواجه العديد من الأهالي بها عدم عدالة بشكل كبير، مشيرا إلى أن القانون تجاهل العديد من الجزئيات مثل الشخص الذي التزم بـ«المتخللات» أرض مباني فضاء ومحاط بها مبان من كل الجهات ولكن للأسف لا يجوز فيها التصالح.
وأكد أن هناك إقبالا كبيرا في المجتمعات العمرانية على مستوى 52 مدينة في ملفات التصالح في البناء، ولكن لا يوجد إقبال في الإدارات المحلية على مستوى 236 مدينة، و185 مركزا، و90 حيا، و4772 قرية، و31 ألف عزبة أو نجع.
وأوضح أن نسبة الإقبال قليلة جدا؛ بسبب فشل الإدارات المحلية وعدم إدراك أو فهم قانون التصالح بشكل جيد من قبل الموظفين، ووفقا لحديث المتحدث الرسمي لوزارة التنمية المحلية تم تدريب 4700 قيادة على الملف، وسكرتارية عام المحافظات برغم من عدم احتياجه؛ لأنه لا يتعامل مع المواطنين.
ولفت إلى أن ملف التصالح في البناء يحتاج إلى إعادة دراسة وصياغة اللائحة التنفيذية مرة أخرى، وإلغاء التعامل مع المكاتب الاستشارية، وتقوم الدولة من خلال كليات الهندسة والتخطيط العمراني بعمل هذه الاستشارات بمبلغ محدد قيمته، ويتم الإشراف عليها من قبل الرقابة الإدارية، مضيفا أن عدد الملفات التي تم تقديمها 2 مليون و800 ألف ملف من نحو 3 ملايين مبنى 196 ألف دور مخالف طبقا لجهاز التعبئة والإحصاء، إضافة إلى 2 مليون و7000حالة تعد على الأراضي الزراعية بمعني أن هناك مخالفات تتعدى الـ 5 ملايين، مما يؤكد فشل الإدارات المحلية.
ونوه إلى أن هناك -أيضا- خللا في قانون التصالح في البناء وهي المدة الخاصة بالمعاينة من 6 أشهر لـ5 سنوات، متسائلا: «ليه 5 سنوات؟»، مؤكدا أنه بهذه الطريقة ليست تصالح بل تعقيد وتضييق على المواطنين.
وأشار خبير التطوير الحضاري والتنمية المحلية، إلى أن أكثر المحافظات التي تناولت هذا الملف شمال وجنوب سيناء ثم تأتي بقية المحافظات، لافتا إلى أن هيئة المجتمعات العمرانية استطاعت التقدم والإنجاز في هذا الملف بسبب التدريب الجيد، ووجود مهندسين مدركين لأبعاد القانون وخاصة جهاز القاهرة الجديدة؛ نظرا للحوكمة الموجودة داخله.