الرئيس الصيني يحقق ثلاثة اختراقات هامة في آسيا الوسطى من باب منظمة شانغهاي للتعاون
لم يكتف الرئيس الصيني شي جين بينغ، بحضور قمة شانغهاي للتعاون فقط في أستانا، بل ربطها بجولة زيارات إلى عدد من دول منطقة آسيا الوسطى، بينها كازاخستان، حيث عقدت القمة، وطاجيكستان، عزز من خلالها روابط بلاده ونفوذها في منطقة آسيا الوسطى، التي كانت منطفة نفوذ سوفياتي سابق.
وفي يوم الجمعة، زار الرئيس شي العاصمة الطاجيكية دوشنبه بعد حضوره الاجتماع الـ24 لمجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون وزيارة دولة إلى قازاقستان. وخلال هذه الجولة إلى آسيا الوسطى، التقى شي بقادة الدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون، بما في ذلك دول آسيا الوسطى، وألقى سلسلة من الكلمات المهمة، وحقق العديد من التوافقات والاختراقات المهمة.
ونجح الرئيس الصيني من خلال جدول مكثف من الأنشطة والفعاليات والاجتماعات رفيعة المستوى مع قادة دول آسيا الوسطى في تحقيق "ثلاث تغطيات كاملة": التغطية الكاملة للشراكات الاستراتيجية الشاملة، والتغطية الكاملة لممارسة المجتمع ذي المصير المشترك للبشرية على المستوى الثنائي، والتغطية الكاملة لتوقيع وثائق التعاون من أجل البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق.
وتطورت العلاقات بين الصين ودول آسيا الوسطى كثيرا في السنوات الأخيرة. ووفقا للبيانات، بحلول نهاية عام 2023، بلغ حجم التجارة بين الصين ودول آسيا الوسطى الخمس 89.4 مليار دولار، بزيادة قدرها 27 في المائة عن عام 2022.
وفي إطار مبادرة الحزام والطريق، تم تنفيذ العديد من المشاريع التعاونية الكبرى في البنية التحتية والزراعة والطاقة، مثل محطة كابشاغاي للطاقة الكهروضوئية في ألماتي ومشروع تحديث مصفاة شيمكنت للنفط في كازاخستان.
وعقب محادثاته مع الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف، وقع شي بيانا مشتركا وشهد مع توكاييف تيادل العشرات من وثائق التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والتجارة والاتصال والطيران والفضاء الجوي، والتعليم والإعلام. وقال شي إن الصين وكازاخستان حددتا هدفا جديدا لمضاعفة التتبادل التجاري.
وكان الرئيس الصيني قد اعلن أثناء اجتماعه مع الرئيس الأذري إلهام علييف في وقت سابق إن الصين وأذربيجان ستعلنان تحديث العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية.
وإلى جانب رفع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع طاجيكستان، ستبني الصين وطاجيكستان بشكل مشترك ممرا للنقل متعدد الوسائط يربط بين الصين وتركيا عبر الدول الإقليمية. وأعرب الرئيس الصيني والطاجيكي أيضا عن الأهمية الكبيرة لبناء ممر نقل يربط الصين وطاجيكستان وأفغانستان، واعتزامهما تنفيذ تحديث الطريق السريع بين الصين وطاجيكستان وأوزبكستان، ما يفسح المجال كاملا أمام إمكانات مركز كولوب للوجيستيات في طاجيكستان.
وقدمت بالفعل سلسلة من مشاريع التعاون واسعة النطاق مثل محطة دوشنبه رقم 2 للطاقة زخما للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد وأدت إلى تحسين مستويات المعيشة. وفي أوزبكستان، يجري العمل على قدم وساق في مشروع المدينة الأولمبية، الذي تقوم الصين ببنائه.
وخلال اجتماعه مع الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيايف حث شي الجانبين على مواصلة دفع التعاون في إطار الحزام والطريق، وتنفيذ خطة التعاون متوسطة وطويلة الأجل بشأن الاقتصاد والتجارة والاستثمار، وتسريع بناء خط السكة الحديد الصين-قيرغيزستان-أوزبكستان، وكذلك التعاون في مجالات الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح ومركبات الطاقة الجديدة، ومواصلة تعزيز التعاون في تخفيف حدة الفقر والحوكمة الاجتماعية.
وأقامت الصين ودول آسيا الوسطى الخمس حوالي 70 اتفاق توأمة بين المقاطعات والمدن الشقيقة، وتم إنشاء أكثر من 10 معاهد كونفوشيوس في آسيا الوسطى إلى جانب مساهمة ورش عمل لوبان في التنمية المحلية. ودخلت اتفاقية الإعفاء من التأشيرة بين الصين وكازاخستان حيز التنفيذ رسميا، مما سهل بشكل كبير حركة الأشخاص بين البلدين. وخلال زيارته لقازاقستان، قال شي إن الجانب الصيني سيعقد عاما سياحيا صينيا في كازاخستان في عام 2025.
وعقدت قمة منظمة شنغهاي للتعاون في العاصمة الكازاخستانية آستانا في ظل مشهد عالمي متغير وتحديات جيوسياسية كبرى، بمشاركة لافتة للرئيسين الروسي والصيني. وأكد الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمته بالقمة على "مقاومة التدخّلات الخارجية"، و"إدارة الخلافات الداخلية من خلال جعل السلام أولوية". وأضاف أنه "في مواجهة التهديد الحقيقي لعقلية الحرب الباردة، علينا أن نحمي الحد الأدنى للأمن".
وقال بوتين إن العالم متعدد الأقطاب أصبح حقيقة وباتت المزيد والمزيد من الدول تتحدث عن نظام عالمي منصف ومستعدة لدعم حقوقها المشروعة وحماية القيم التقليدية بحزم. وقال إنه يعتقد بأن منظمة شانغهاي للتعاون وبريكس هما الركيزتان الرئيستان لهذا النظام العالمي الجديد، مضيفا أن مثل هذه الكيانات تعد بمثابة محركات قوية لعمليات التنمية العالمية وإقامة تعددية قطبية حقيقية.
وقال شي في لقائه مع بوتين إنه يتعين على الصين وروسيا أيضا بذل جهود لحماية حقوقهما ومصالحهما المشروعة وحماية المعايير الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية.
ورغم ان الصين تقول إن تجمع البلدان النامية في كازاخستان يركز على تعزيز التنمية المشتركة، قالت شبكة "سي إن إن" في تقرير لها إن بكين وموسكو تضغطان من أجل "تحويل التجمع من كتلة أمنية إقليمية إلى ثقل جيوسياسي موازن للمؤسسات الغربية بقيادة الولايات المتحدة".
غير أن الاعلام الصيني كان له رأي آخر مفاده بأن الدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون أصبحت أكثر حرصا على معالجة قضاياها الأكثر إلحاحا المتعلقة بالاستقرار والتنمية من خلال التعاون الاقتصادي والتجاري الوثيق، فضلا عن التعاون في النقل والبنية التحتية، بدلا من الانخراط في ألعاب القوة بين الدول الكبرى.