كتاب «رحلة خمسون عامًا من التحدي والنجاح».. وتفاصيل 12 محطة في بناء أمبراطورية مجموعة «منصور»
أصدر يوسف منصور، كتابًا تحت أسم «رحلة خمسون عامًا من التحدي والنجاح»، يحكي فيه قصة بناء مجموعة «منصور»، وتاريخ أعمال العائلة.
وبالرغم من أن الكتاب عبارة عن مذكرات بطلها «يوسف منصور»، إلا أن طريقة السرد تجذب القارئ؛ لترتيب وتشويق الأحداث وتسلسل عرضتها، بالإضافة إلى الخبرات والدروس التي سيستفيد منها مجتمع الأعمال.
وقال يوسف منصور، من خلال مقدمته، إن هدفه من الكتاب سرد الخبرات التى مر بها منذ ثورة 1952 وآلام نكسة 1967، والصعوبات الاقتصادية ما بعد أحداث ثورة 25 يناير، وهو ما يحتاجها الشباب لمواجهة التحديات في الحاضر والمستقبل، واستكمال مسيرة التنمية والنجاح في إدارة الأعمال، والتي تستوجب أن يكون لديهم أدوات على رأسها مخزون من الخبرات بالتوازي مع العلم والمعرفة ومستجدات التقنية الحديثة.
وتناول يوسف منصور من خلال الكتاب 12 محطة في حياته، بدءًا من ولادته بالزقازيق في محافظة الشرقية ورحلة تعليمه في نيويورك، حتى وصل إلى حكايةات رد الجميل للمجتمع عن طريق الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة والفقراء والأيتام، والقضايا الخيرية.
وبدأت محطته الأولى، عندما ولد في مكان ليس موطنة في 21 مايو 1945، حين تركت والدته القاهرة؛ لتقف بجوار أختها عند إنجاب ابنها أحمد المغربى؛ لتلد هى الأخرى بعد أيام يوسف كابن سبعة أشهر، وفي 1951 ألتحق بالمدرسة الأشهر بالإسكندرية فيكتوريا كوليدج مع أخيه إسماعيل الذى يكبره بالعمر 10 أشهر وبالفصول الدراسية عامًا، ليتفوق ويصل إلى مستويات تتعدى أخيه رغم صغر سنة؛ ليحصل على التوجيهية (الثانوية العامة) في عمر 16 سنة، في سابقة لم تحدث في المدرسة من قبل.
وكان حلمه طوال الـ16 عامًا هو الالتحاق بجامعة كامبريدج، ولكن الصدمة عندما سافر وتفاجئ بأن الالتحاق دون سن 18، وهو ما بدى خيار صعبًا نفسيًا وغير مقبول عقليًا، وهو ما أجبر والده إلى التفكير في الالتحاق بجامعة أمريكية وهي نورث كارولاينا، وليبدأ في دراسة هندسة وكمياء النسيج بحكم أن والده أحد أعلام تجارة القطن في مصر، ليكمل مسيرته في الصناعة.
وأصبح قراراته الماضية حلم في مهب الريح عام 1965 بعد التأميم على الشركات وممتلكات والده، مما جعل العائلة تنظر إلى المستقبل بعد الجامعة، والبقاء في أمريكا والحصول على الماجستير، حيث كان يعمل ويدرس في الوقت ذاته، وعقب ذلك تعلم فن التخطيط وإدارة الاستثمار في شركة فريست بوسطن؛ ليعمل على مدار اليوم ويذهب إلى المنزل بضع ساعات فقط، وبعدها ذهب إلى السعودية للعمل مع أبن خالته أحمد المغربي بالشركة السعودية العربية للاستثمارات ليكون لها علاقة قوية مع الحكومة السعودية والقطاع الخاص السعودي.
وبالنسبة للمحطة الثانية، بدأت في 1976، عندما قرر والده وأخوته مرحلة تأسيس وإطلاق ماركات شيفروليه في مصر، ليمرض والده ويستدعي قدومه من السعودية ليتوفي قبل وصوله، وهو الأمر الذي شتت العائلة حول مستقبل توكيل جنرال موتورز، لتتأسس شركة منصور للسيارات تحت أسم «لطفى منصور» ويتولى المعاملات المالية والبنكية؛ ووصلت أول شحنة لميناء الإسكندرية مكونة من 38 سيارة بيك أب.
وبحسب مذكرات يوسف منصور، فأن الشركة بدأت نشاطها في الإسكندرية ثم توسعت لتصل إلى القاهرة خلال عامين، ليتخذ مركزًا لخدمة سيارات شيفورليه ومقرًا للشركة في القاهرة بمنطقة ماسبيرو خلف مبنى الإذاعة والتليفزيون، وأصبحت بعدها شيفروليه الشركة الأولى في السيارات الملاكي والبيك أب في مصر، وبعد سنوات قليلة، أنشأت مصنعها للتجميع المحلي لتعمل الشركة في عدة ماركات عالمية مثل أوبل وبيجو وإيسوزو، وأم جى اتكسبت ثقة في سوق السيارات والعملاء في مصر والعراق والشرق الأوسط.
وعن المحطة الثالثة تحدث يوسف منصور عن نظرية السنوات العشر والتي تتمثل في أن كل 10 سنوات يحدث تغيير في الحياة العملية، لتبدأ رحلته مع شركة «كاتربيلر» للمعدات التقيلة والبناء، ليقع عليهم الاختيار من بين 60 عائلة بعد تقديم أفكار وخطط خارج الصندوق، ليصبحوا بعد أشهر الوكيل الرسمي لهم في مصر، ويتخذ مركزهم في العامرية بالإسكندرية، تم يقود نجاجًا جديدًا في الأسواق المصرية ويتجه بعدها إلى العراق ويحصل على التوكيل هناك؛ متحديًا الآراء السلبية والظروف التى نجمت عن حرب تحرير الكويت، كما استفاد من عقود النفط مقابل الغذاء، وبعدها توسع بالإنطلاق في عدة دول إفريقية.
وجاءت المحطة الرابعة في حياته، عام 1990 عندما بدأ التفكير في الدخول مجال العمل في سوق السجائر، ليتفاجأ بالاتصال من مدير فليب موريس شخصيًا لتولي مسئولية فرعها في مصر بعد عدم اهتمام الوكيل الحالي، ويدخل في مفاوضات شاقة ومجهدة توصل في نهايتها على تقام شركة مشتركة بين الوكيل المحلي السابق ومنصور، أن تكون حصة منصور 75%، والوكيل المحلي 25%، وتتحول خلال عامين من الأهمال والخسائر إلى أرباح مضاعفة ويظهر شركة لطفى منصور الدولية للتوزيع إلى النور.
بعد بضع سنوات، بدأ يوسف في خطة جديدة للتوسع بإنشاء مصنع فيلب موريس للسجائر في المنطقة الحرة، والتي وقف أمامها خلافه مع الدكتور عاطف عبيد والذي كان يشغل حينها رئيسًا للوزراء ما جعل العائلته تلجأ لأول مرة فى حياتها، إلى القضاء، وكسب الدعوى بالفعل، بمساندة وكفاءة واقتدار ونزاهة الدكتور إبراهيم فوزي وزير الصناعة ورئيس هيئة الاستثمار(سابقا) في حل مشكلة شركته والتعامل مع المستثمرين عامة، وبعدها ذهب لتولي مسؤلية مصنع فيلب موريس في نيجيرها بعد عرضه للبيع من قبل عائلة لبنانية والذى اعتبره من أهم تجاربه المهمة والتي تنطوى على دروس يجب أن يأخذها أي رجل أعمال وأهمها ليس هناك تحالف دائم، وليس هناك تنافس إلى الأبد
والمحطة الخامسة، بدأت بالتفكير في الدخول إلى سوق المواد الغذائية الاستهلاكية عن طريق إطلاق العلامة التجارية في مجال التونة «صن شاين»، وبعدها التوزيع والتجارة للمنتجات السريعة بجميع المناطق والمحافظات، حيث عملت شركة منصور مع أشهر المنتجات والشركات مثل كرافت ومشروبات تانج ومربي ادفينا ولمبات فيليبس وشاى ماري لي، وكروت اتصالات وشاى كده، وبونجورنو، وبوكاري سوفت والخضروات والفاكهة المجمدةمن شركة جيفركس روبيو، وهنكل ولوريال وماريكو، وبايرسيدورف نيفيا للعناية بالبشرة، وريدبل، وفيريرو روشيه ورفايلو ونوتيلا، ومع ظهور اسم مجموعة منصور في القطاع الغذائي، بدأ التعامل مع الأسماء المطروحة عالميًا لتتولى أعمال ماكدونالدز – مانفودز مصر.
وحول المحطة السادسة، سرد يوسف منصور لحظات بينه وبين صديقه الذي شجعه على إنشاء شركة أو مصنع يملكه ولا يكون وكيلًا لأسماء عالمية، ليدخل سوق تجارة التجزئة، وخاصة أن العائلات الكبيرة فى أمريكا وإنجلترا وألمانيا كان الأصل فى أعمالها هو تجارة التجزئة، ومن هنا بدء في خطة إنشاء سلسلة مترو ماركت وخير زمان، لتصبح المجموعة خلال 6 سنوات، أكبر مصدر قوى لتجارة التجزئة أمام الموردين والمستثمرين.
وتحدث «يوسف» في مذاكرته ومحطته السابعة، عن دراسة مع عائلته الخريطة الصناعية والقطاعات المرشحة لإنشاء مصانع تعمل على الإنتاج محليًا، وكانت النتائح وجود عجز شديد في منتجات المياه الطبيعية المعبأ، حيث لم يكن يوجد في مصر سوى مصنعين فقط، وإنتاجهم محدود بالنسبة إلى الطلب، وبالفعل تم إنشاء مصنع بمنطقة واحة سيوة، يسمي «حياة»، وبعدها توسع مجال الصناعة مع العائلة، ليكون مجال الألبان المصنعة أحد المجالات أمامهم من خلال مصنع سيكلام، والذي كان لمجموعة منصور مثال يضرب في قدرة رأس المال الوطني على استعادة أمجاد الصناعة الوطنية، وعقبها بناء مصنع مصر إسبانيا فى عام 2004 فى برج العرب لإنشاء سرنجات الأنسولين المعقمة.
والمحطة الثامنة، كانت دخول مجموعة منصور خدمات نقل الطرود والبريد السريع، بعد نجاح قطاعتهم بالاستثمارات التجارية والصناعية، لتكون الوكيل الوحيد المعتمد في مصر لشركة UPS، لتبدأ عملها في 1998، حيث كانت تقدم الشحن الدولى والجوي من مصر إلى جميع دول العالم والعكس، وعقبها استحوذت القطاعات الحديثة تفكيرهم، لينشئ شركة انفورت عام 2001، الرائدة في مجال حلول أمن المعلومات، ومع تطور التكنولوجيا اتجهت إلى تأسيس شركة روم وركس في عام 2011، لحلول إدارة ومراقبة الأصول عن بعد لمحتلف القطاعات الصناعية والتجارية مثل النقل والخدمات اللوجيستية والبناء والنفط والغاز والشحن.
بينما المحطة التاسعة، هي انظر إلى بنود التكاليف والهدر وترشيد الإنفاق والذي اعتبره يوسف منصور «وحش ضخم» قد يلتهم النجاحات السابقة، بل سيكون له أثار مدمرة مع أول مشكلة اقتصادية، ليعمل خلال عامي 2005 و2006، بجهد وتركيز شديد والاستعانة بالتكنولوجيا لخفض التكاليف ومع حدوث الأزمة الاقتصادية العالمية 2008، استطاعت المجموعة تجاوزها بقوة أبهرت العالم.
فيما بدأت المحطة العاشرة، بالحديث عن عدم حب يوسف منصور للسياسة والظهور الإعلامي، والعلاقات الاجتماعية، فهو أقل أخوته شهره، حيث تولى أخيه محمد والذى يتميز بالخلق والكفاءة والذكاء وزير النقل عام 2006، وحينها رفض لأن قناعته الشخصية أن السياسة والأعمال لا يجتمعان معًا، وبالفعل تأثرت المجموعة بالسلب وخاصة شركة كاتربيلر للنقل الثقيل؛ لأتخاذ قرارًا بوقف جميع أعمال المجموعة مع الحكومة والقطاع الأعمال العام والتى تعتبر أكبر عملائهم.
ويروى يوسف منصور، في مذكراته المحطة الحادية عشر، تحديات ما بعد عام 2011، وثمار الإصلاح، حيث كانت 25 يناير معاناة وإشكالية للشركات ورجال الأعمال من احتجاجات وسرقة والتعدي على ممتلكات نتيجة الخلل الذي أصاب جسد الدولة المصرية، وهو ما تسبب في زيادة معدلات إنفاق المجموعة لتأمين منتجاتها وموظفيها، مع انخفاض حاد في معدلات المبيعات والنمو والإنتاجية، حيث أصبح هدف الشركات خلال الأعوام «2011 و2012 و2013 و2014» هو الحفاظ على الاستثمارات القائمة ومع عام 2014، بدء الاستقرار السياسي والأمني لترجع خطط التنمية الطموحة للشركات مرة أخرى.
وأخيرًا المحطة الثانية عشر، والذي تمثلت في دعم المجتمع كرد للجميل من خلال تأسيس مؤسسة منصور للتنمية، بهدف الاهتمام بذوى الاحتياجات الخاصة، والأيتام والقضايا الخيرية، بالإضافة إلى مؤسسة لييد لتوفير فرص النمو الاقتصادي المستدام، بجانب مؤسسة المستقبل لتحسين مستويات المعيشة للشرائح الفقيرة.
واختم يوسف منصور محطاته، بالحديث عن عائلته، والعمق في التفكير المستقبلي، وأهمية تشجيع الموظفين على الابتكار وطرح أفكار جديدة، حيث يرى أم تدفقات الاستثمار فى المستقبل ستتجه بقوة إلى مجالات الصحة والتعليم، وفى النهاية يؤكد: «أنه إذا كانت أمريكا أرض الفرص فمصر مصنع الفرص».