رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ثورة غضب بين الفلاحين بسبب الارتفاع الجنونى فى أسعار الأسمدة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تتوالى توابع الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ سنوات، وانخفاض الجنيه أمام الدولار في التأثير على جميع السلع المستهلكة وفي كل المجالات، فلا يخلو بيت مصري من الشكوى والمعاناة المستمرة من الزيادة الجنونية في الأسعار وصولا بالفلاح البسيط الذي لا يستطيع الآن توفير قوت يومه، أو ممارسة عمله في الزراعة بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة الجنوني.

وتصاعدت الأزمة إلى أن وصلت  إلى «ارتفاع أسعار الأسمدة» بشكل كبير؛ مما جعل الفلاحين في حالة معاناة واختناق ودفع الكثير إلى البعد عن الزراعة وتبوير الأراضي الزراعية، لا سيما بعد توقف شركة أبو قير للأسمدة بالإسكندرية عن العمل في الفترة الماضية بسبب عدم توافر الغاز الطبيعي.

وفي وقت سابق، أعلنت شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية، أنه تم عودة إمدادات الغاز الطبيعي وبدء التشغيل التدريجي لمصانع الشركة، ونتيجة لذلك ارتفع سعر سهم الشركة بنسبة 0.54% ليسجل 59.44 جنيه، ليطرح الفلاحين السؤال الأهم هل ستنخفض أسعار الأسمدة مرة أخرى بعد عودة أبو قير للأسمدة للعمل مجددًا.

واشتكى عدد من الفلاحين من أنهم في حالة اختناق من مشقة الحصول على الأسمدة الزراعية وعدم توافرها في الجمعيات الزراعية وارتفاع أسعارها المبالغ فيه، وتداولها في السوق السوداء بسعر وصل لـ 1200 لشيكارة اليوريا، في حين تباع بالجمعيات الزراعية بـ251 جنيها، و246 جنيهًا للنترات، وهو ما دفع «النبأ» للتحدث مع عدد من الفلاحين لسرد شكواهم ومشقتهم في الحصول على الأسمدة وارتفاع أسعارها.

شكاوى المواطنين

قال محمود نجيب، خريج كلية دار علوم، وأحد المزارعين: «شكارة السماد سعرها في السوق السوداء 1300 جنيه، في حين أن سعرها الرسمي 265 جنيها». 

وتابع: «الجمعيات فارغة من الأسمدة، وذلك يتسبب في ضرر كبير للمحاصيل»، مستطردا: «مش عارفين نعمل إيه!». 

وأشار إلى أن المفارقة سعر أردب الذرة الشامية 1300 جنيه، وسعر شيكارة الزريعة وصل إلى 1900 جنيه، والفدان يحتاج إلى 2 شيكارة زريعة، و10 شكائر أسمدة، إضافة إلى الري والحصاد والمتابعة، متسائلا: «هنكسب إزاي إحنا بنزرع والتجار بتاخد المحصول بسعر منخفض وأحنا اللي بنخسر في الآخر بعد التعب طوال الموسم».

وناشد «نجيب» وزير الزراعة والري بإيجاد حلول جادة لتلك المشكلات التي تؤرق عمل الفلاحين والمزارعين.

ومن جانبه، قال عز محمود، أحد المزارعين، إن الأسمدة غير متوفرة في الجمعيات الزراعية، كما أنها ارتفعت بشكل مبالغ فيه.

وأضاف «محمود»، أن الجمعيات الزراعية تصرف الأسمدة لأشخاص بعينها بالمجاملة والمصالح المشتركة، قائلا: «في ناس أصحاب المصالح والناس اللي بتدفع أو بالمحبة والمجاملات بتاخد شكائر السماد وبتوصلها لحد البيت واحنا مش عارفين نعمل إيه».

وناشد «محمود» المسؤولين بتشديد الرقابة على ممارسات الجمعيات الزراعية، ووضع حلول جذرية لحل مشكلة ارتفاع أسعار الأسمدة والقضاء على السوق السوداء.

وفي السياق ذاته، اشتكى أحمد عبدالحميد من أن فدان القمح أو القطن يحتاج 6 شكائر نترات، فيما تصرف الجمعية 3 شكائر فقط، مما يضطره لشراء الباقي من السوق السوداء بسعر الشيكارة 1300 جنيه، ما يمثل إرهاقا شديدا له.

وأضاف «عبدالحميد»، أن ممارسات الجمعيات الزراعية تقوم على المصالح والمجاملات، قائلا: «أنا لو معنديش حد معرفة في الجمعية الزراعية مش هعرف أصرف ولا شيكارة».

وأكد أنه اضطر إلى تبوير قطعة من أرضه بسبب عدم قدرته على شراء مستلزماتها من أسمدة وغيرها.

تخفيض المساحة المزروعة

وفي السياق ذاته، قال الدكتور أحمد جلال، عميد زراعة عين شمس السابق، إن أسعار الأسمدة الزراعية والأعلاف ارتفعت بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، لافتا إلى أن الدافع وراء ارتفاع الأسعار إلى حد كبير هو الضغوط العالمية بما في ذلك زيادة الطلب والحرب في أوكرانيا وارتفاع تكاليف الطاقة. 

وأضاف «جلال»، أن الأسعار القياسية تؤدي إلى رفع التكاليف بالنسبة للمزارعين وكذلك بالنسبة للمستهلكين من خلال تكلفة المنتجات والمنتجات الحيوانية، مشيرا إلى أن الحكومة  أعلنت  مجموعة من التدابير استجابةً لذلك، بما في ذلك دفع الإعانات بشكل متكرر ومبادرة الزراعة المستدامة.

وتابع: «يعتبر النيتروجين (N)، والفوسفور (P)، والبوتاسيوم (K) من العناصر الأساسية اللازمة لنمو المحاصيل، وتستخدم الأسمدة التي تحتوي على هذه العناصر على نطاق واسع في الإنتاج الزراعي، في حين أن استخدام الأسمدة الاصطناعية كان أحد المساهمين الرئيسيين في زيادة إنتاجية المحاصيل خلال القرن الماضي».

وأردف، أن الأسمدة غير الممتصة تلوث النظم البيئية المائية من خلال الترشيح والجريان السطحي، وبشكل جماعي، تسبب جريان الأسمدة الزراعية في التخثث وشكل «مناطق ميتة» في النظم البيئية المائية المهمة بالإضافة إلى ذلك، تمثل انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن تصنيع ونقل واستخدام الأسمدة الاصطناعية 10.6% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة الزراعية.

وأشار، إلى أن الأسمدة هي تكلفة المدخلات الأساسية المتكبدة في إنتاج المحاصيل، وتشكل في المتوسط ​​36% و35% و30% من تكاليف تشغيل المزارعين للذرة والقمح والذرة الرفيعة في عام 2020، على التوالي، مضيفا أن هذه الأسعار المرتفعة حفزت المزارعين على تعديل ممارساتهم الزراعية لتقليل استخدام الأسمدة وتقليل تكاليف الإنتاج، على سبيل المثال، قام بعض المنتجين بتخفيض المساحة المزروعة، في حين قام آخرون بزراعة محاصيل تتطلب كميات أقل من الأسمدة، مثل فول الصويا. ممارسات الحفظ (على سبيل المثال، تغطية المحاصيل، وتناوب المحاصيل المتنوعة) التي تعمل على تحسين خصوبة التربة توفر أيضًا للمزارعين فرصًا لتقليل استخدام الأسمدة.

وأكد  عميد زراعة عين شمس السابق، أن الحكومة تحاول اتخاذ إجراءات لخفض تكاليف الإنتاج، ودعم أسعار الأسمدة الأزوتية، بالإضافة  إلى تبسيط الإجراءات التنظيمية لتطبيق الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة على المنتجات والمعدات الزراعية، وتعزيز تمويل القطاع الفلاحي ومواكبة الجيل الأخضر.

سد نفس الفلاح عن الزراعة

ومن جانبه، قال حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن أسعار الأسمدة في السوق الحرة سجلت زيادة تتراوح بين 38 إلى 62% خلال الشهر الأخير، لافتا إلى أنه بسبب توقف مصانع الأسمدة عن العمل في الفترة السابقة فإن الأسعار ارتفعت مجددا.

وأضاف «أبو صدام»، أن الارتفاع في أسعار الأسمدة في الوقت الحالي وتأثيره على الزراعات المختلفة إذ إنه يأتي في الثلث الأخير من عمر المحاصيل المختلفة التي توجد بالأراضي الزراعية حاليًا.

وتابع أن محصول الذرة يعد المحصول الأكبر في استهلاك الذرة وفترة مدة بالأسمدة يكون غالبيها في الفترة الأولى من عمر النبات وهو يقترب من فترة الحصاد، لافتا إلى أنه سجلت الزيادة خلال الشهر الأخير نموا في أسعار الأسمدة من 13 إلى 18 و21 ألفا للطن للأنواع المختلفة للأسمدة.

وأكد، أن الارتفاع الرهيب في أسعار الاسمدة والتقاوي «سد نفس الفلاح عن الزراعة»، مما يشكل خطر يهدد الرقعة الزراعية في مصر.

وأشار إلى ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية، مؤكدا أن أسعار الأسمدة والتقاوي وصلت إلى مستويات قياسية، مما دفع بعض المزارعين إلى تقليص المساحات المزروعة أو حتى التوقف عن الزراعة تمامًا.

حدوث انفراجة

ومن جهته، قال الدكتور عباس الشناوي، رئيس قطاع الخدمات الزراعية بوزارة الزراعة، إنه يتوقع حدوث انفراجة في الفترة القادمة، لافتا إلى أن الكميات الواردة من وزارة الزراعة انخفضت بسبب توقف مصانع أبو قير للأسمدة في الفترة الماضية.

وأضاف «الشناوي»، أن إجمالي الحصص المقرر توريدها من مصانع الأسمدة لجهات التوزيع، 257 ألف طن شهريا، وصل منها 110 آلاف طن يونيو الماضي، طبقا لكميات الغاز الموردة للمصانع. 

وأعرب عن أمله في عودة التشغيل الكامل لمصانع الأسمدة التي توقفت بسبب أزمة نقص الغاز، حتى تتمكن من توفير الاحتياجات الكاملة للزراعة خلال الموسم الصيفي البالغة 1.6 مليون طن.