لغز تجميد مشروعات مبادرة «حياة كريمة» فى قرى مصر
تسعى الدولة منذ سنوات إلى تحقيق حلم الرئيس عبدالفتاح السيسي وهو توفير معيشة كريمة ومناسبة لكل مواطن وخاصة في الريف، وتوفير كل الخدمات الأساسية له بشكل لائق، وذلك منذ بداية الإعلان عن المرحلة الأولى من مبادرة «حياة كريمة» واستطاعت المبادرة النهوض بالكثير من القرى ولكن هناك قرى عديدة متوقف بها العمل، كما أن الإنجاز أو حصاد المشروعات غير متلائم مع عدد القرى.
وبدأت المرحلة الأولى من المبادرة منذ سنوات وحققت الكثير من أهدافها، ضمن خطة استراتيجية متكاملة للتنمية المستدامة، وتمكنت من إدخال كل المرافق إلى قرى المرحلة، التى كانت محرومة من مياه الشرب النظيفة والصرف الصحى والخدمات الصحية، فضلًا عن تغطيتها جانب الحماية الاجتماعية، وتوفير كثير من الوسائل لتحقيق التمكين الاقتصادى للنساء والشباب والمزارعين، حتى أصبحت أكبر مبادرة من نوعها فى العالم.
كما أعلنت المبادرة الرئاسية إطلاق ثانى مراحل عملها، خلال العام الجاري، بعدما تمكنت من الوصول بخدماتها لأقصى قرى الريف، ولكن هناك الكثير من قرى محافظات الصعيد متوقف بها العمل بمشروعات حياة كريمة ومن أهمها تبطين الترع.
وتشمل المرحلة الثانية من «حياة كريمة» محافظات: أسوان وقنا وسوهاج والأقصر والمنيا وأسيوط والوادى الجديد وبنى سويف والفيوم والإسكندرية ودمياط وكفر الشيخ والبحيرة والإسماعيلية والشرقية والمنوفية والجيزة والغربية، وبهم أكثر من 1600 قرية فى 52 مركزًا، بتكلفة 52 مليار جنيه، ويصل عدد المستفيدين إلى 21 مليون نسمة، وبلغ حجم الإنفاق فى المرحلة الأولى 350 مليار جنيه، واستفاد منها 18 مليون شخص تغير شكل حياتهم بأكملها.
ولتنفيذ المرحلة الثانية من «حياة كريمة» تم رصد مبلغ 30 مليار جنيه مبدئيًا لتنفيذ 620 مشروعًا، أهمها مشروعات المياه والصرف الصحى وتأهيل وتبطين الترع بطول 1740 كم.
فشل وتوقف المشاريع
وفي ذات السياق، قال إيهاب منصور رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إن فشل المشاريع أو توقفها يرجع إلى فشل الحكومة السابقة في أنها لم تضع أي خطط أو برامج.
وأضاف «منصور»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الحكومة الحالية لم تضع أي برامج أو مستهدف لأي مشروع، كما أن إدارة المشاريع غير جيدة.
وتابع: «أننا كدولة يوجد مشكلة كبيرة في الإدارة التي تعمل على فشل المشاريع أو توقفها، وهذا أدى إلى إهدار الكثير من المال العام».
وأشار إلى أن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء أعلن، منذ أيام، وضع برنامج لكل مشروع أو إدارة، متمنيا تنفيذ الحكومة الجديدة لوعودها، مضيفا أنه لا يوجد أي إعلان رسمي عن توقف مشروعات تبطين الترع في المحافظات.
التمويل يستنزف
من جانبه، قال الحسين حسان، خبير التطوير الحضاري، إن توقف بعض المشروعات خاصة مشروع تبطين الترع والمصارف التي تمثل كارثة للقرى في كافة محافظات الجمهورية يرجع إلى الموازنة الكبيرة للدولة.
وأضاف «حسان»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الموازنة وصلت إلى تريليون جنيه، مؤكدا أنه وفقا لدراسة له التكلفة ستزيد عن 2 تريليون بالنسبة لقرى مصر، حيث إن هناك 5400 قرية.
وأكد أن تطوير القرى أو نوعية هذه المشروعات، تحتاج إلى موازنة كبيرة جدا على عكس البناء، قائلا: «الدولة قدرت تعمل مدنا جديدة في غمضة عين لكن في حالة تطوير قرية يكون أصعب خاصة أنها تحتاج إلى تطوير بنية تحتية، ومحطات كهرباء وغاز».
وتابع أننا في حاجة لإنشاء وزارة للقرية المصرية؛ لأنها عنصرا مهما وهي العمود الفقري لأي دولة في العالم، حيث إنها مهد الصناعات والزراعات، كما أن العديد من القرى بها صناعات ولكنها قتلت بسبب عدم وجود جهة معنية بها تابعة للدولة أو للمجتمع المدني.
وأشار إلى أن آلية التمويل في مبادرة «حياة كريمة» بدأت في الاستنزاف بشكل كبير جدا، خاصة في التكلفة الكبيرة، إضافة إلى أن حصاد القرى النموذجية التي خرجت من مبادرة «حياة كريمة» ليست بالعدد الكافي فهو عدد صغير جدا مقارنة بالموازنة.
ولفت إلى أن المرحلة الأولى من مبادرة حياة كريمة 1500 قرية في حين على أرض الواقع لا يتعدى 200 قرية فأقل، مؤكدا أن توقف مشاريع تطوير القرى بسبب الكثير من المشكلات التي تمر بها الدولة مثل: الغاز الطبيعي، وتخطيط القرى فهناك تضارب بين خطوط الغاز أوالصرف، أو الكهرباء في بعض القرى ولم تراعي التبية التحتية.
وتابع أن الدولة لم تخطط التخطيط الجيد للقرى ولا يوجد آلية تنفيذ، لافتا إلى أنه في 2014 كان يوجد 26 ألف عزبة وكفر ونجع واليوم 31 ألفا، لافتا إلى أنه بالورقة والقلم في زيادة 5000 عزبة وكفر ونجع، متسائلا: «هل الدولة خططت لهذه الزيادة؟».
وأكد خبير التطوير الحضاري، أنه لا يوجد رؤية واضحة؛ لأنه لا يوجد إدارة مركزية تتعامل مع الملف بقوة؛ نظرا لأننا في حاجة إلى جهة تدير بشكل أساسي، مضيفا أن وزارة التنمية المحلية المشرفة على هذه المشروعات ومبادرة «حياة كريمة» في المحافظات في تصنيفها الوزاري هي وزارة دولة بمعنى أنها ليست لديها فروع في المحافظات بمعنى أوضح لا يوجد وكيل وزارة في محافظة قنا أو الأقصر على سبيل المثال، كما أن الدولة تعتمد على المحافظ في تنفيذ القرارات، مؤكدا أنه يرى أن دور وزارة التنمية المحلية دور إشرافي فقط ومنصب شرفي غير فعال لهذه المشروعات الكبيرة التي توقفت منذ أعوام.