«مرمطة» موظفي الدولة أصحاب الأمراض المزمنة بسبب تحليل المخدرات
اشتكى عدد كبير من موظفي الجهاز الإداري للدولة، والعاملين في بعض القطاعات الأخرى؛ بسبب فقدانهم العمل دون سابق إنذار، بتهمة تعاطي المواد المخدرة.
وبالرغم من أنهم لا يتعاطون أي مواد مخدرة، إلا أن نتيجة التحليل ظهرت إيجابية، وذلك لأنهم أصحاب أمراض مزمنة وهناك الكثير من الأدوية بها نسبة مخدرة وبالتالي تظهر في التحليل.
وينص قانون تحليل المخدرات رقم (73) لسنة 2021، في مادته الثالثة على أن: “يشترط لشغل الوظائف في الجهات الخاضعة لأحكام القانون بالتعيين أو التعاقد أو الاستعانة أو الترقية أو الندب أو النقل أو الإعارة أو للاستمرار فيها، ثبوت عدم تعاطي المخدرات من خلال تحليل فجائي استدلالي تجريه جهات العمل بمعرفة أي من الجهات التابعة لوزارة الصحة والسكان أو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي”.
وتنص المادة (12) من القانون على العقوبات الواردة في حال ثبوت إيجابية التحليل، إذ يتم إيقاف إجراءات شغل وظيفته، مع صدور قرار بإيقاف الموظف عن العمل مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر أو لحين ورود نتيجة التحليل التوكيدي أو تقرير الطب الشرعي، بينما تنص المادة (15) من القانون على: “إذا تأكدت إيجابية نتيجة العينة يتم إنهاء خدمة العامل بقوة القانون”.
وتحدثت «النبأ» مع عدد من الموظفين المفصولين ظلما بسبب نتيجة تحليل المخدرات الإيجابية.
شكاوى المواطنين
وقال «م.ع»، أحد موظفي الحكومة، إنه تم إيقافه عن العمل؛ لأن تحليل المخدرات إيجابيا، مشيرا إلى أنه لا يدخن من الأساس ولا يتعاطى أي من تلك السموم، ولكنه يعاني من مرض مزمن ويتعاطى عقاقير قد يكون بها نسب من المخدر خاصة المسكنات القوية، مناشدا المسؤولين بتحري الدقة عند إجراء التحاليل حتى لا يظلم أحد.
وتابع «ع.م»، أحد المفصولين عن العمل بسبب تعاطي المخدرات: «أنا مظلوم ومش عارف أصرف على عيالي بعد ما اترفدت من الوظيفة، أنا راجل صاحب مرض وعمري ما مشيت في سكة مش كويسة، إزاي التحاليل قالت إني بشرب مخدرات دا حرام».
وأضاف «أ.ن»: «بتعالج من مرض مزمن بقالي 12 سنة باخد علاج بشكل مستمر، والحمد لله على كل حال، فوجئت إن بعد إجراء تحليل مفاجئ للكشف متعاطي المواد المخدرة إني إيجابي، وده أكيد بسبب العلاج أنا أخري بشرب سجائر، ياريت يكون في حل علشان أنا فقدت وظيفتي وأكيد في ناس كتير زيي مظلومة».
ظلم وفصل الموظفين
وفي السياق، قال إيهاب منصور رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إن تطبيق القانون رقم 73 لسنة 2021، والخاص بشروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها، يتضرر بعض المواطنين من فصلهم نتيجة إيجابية تحليل المخدرات، رغم أنهم يتناولون أدوية لعلاج أمراض مزمنة ولديهم تقارير طبية بذلك.
وأضاف «منصور»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن ورود شكاوى عديدة من المواطنين الذين يتناولون أدوية لعلاج أمراض مزمنة ولديهم تقارير طبية بذلك، ومنهم من تم فصله نتيجة إيجابية التحليل وتم عمل تظلم، والنتيجة سلبية وتم إرجاعه إلى العمل مرة أخرى ثم تم فصله بعد 3 أشهر اعتمادًا على أول نتيجة ظهرت له.
وتابع، أنه قام بإرسال بعض الحالات رفق سؤال برلماني تقدم به، مؤكدا أنه يقوم حاليا باستكمال تجميع المستندات لتلك الحالات لعرضها ومناقشتها مع المسؤولين، حتى لا يتم ظلم البعض نتيجة مرض لديه، وسيقوم بتقديم طلب إحاطة لمناقشة تلك الحالات.
وأكد وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن رد الوزارة جاء على أنهم قاموا بمخاطبة المستشار مساعد وزير العدل لشئون قطاعي الخبراء والطب الشرعي، وأفاد بأن دور مصلحة الطب الشرعي في هذا الخصوص يأتي في حال طلب مجري التحليل الاستدلالي الاحتكام لمصلحة الطب الشرعي، وأنه يتم فحص العينة على أجهزة التحليل الدقيقة؛ للتأكد بشكل قاطع ونهائي من أن إيجابية العينة ناتجة عن مواد مخدرة أو بسبب تدخلات دوائية، وفي الحالة الأخيرة يتم إثبات سلبية العينة من المواد المخدرة، ويتم إرسال التقرير بنتيجة التحليل إلى الجهة المرسلة للعينة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
تعديلات على القانون
ومن جانبه، قال عاطف المغاوري، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إنه تقدم بتعديلات على القانون المتعلق بإنهاء خدمة الموظفين حال ثبوت تعاطيهم المخدرات، جاءت بعد ظهور عدد من المشكلات التي تسبب فيها القانون الأصلي للعامل وأسرته، بعد التطبيق على أرض الواقع.
وأضاف «مغاوري»، أن الهدف من التعديلات هو الحد من الضرر الذي تسبب فيه القانون للأسر، قائلا: «القانون صدر بنوايا حسنة، والهدف كان الردع وليس قطع رزق العامل».
وتابع أنه بمقتضى القانون فالعامل الذي يفصل عن عمله بسبب المخدرات لا يحصل على المعاش، إلا بعد بلوغ سن الـ60، فالعامل الذي يفصل من عمله بسبب المخدرات يصاب بمشكلات كثيرة، ولا يعمل في أي مؤسسة.
وأشار عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إلى وجود عدد من الإجراءات التي تشوب عملية أخذ العينات والتحليل الاستدلالي والتوكيدي، والتي تحول دون التأكد بشكل دقيق من تعاطي الموظف للمخدرات، مشيرًا إلى أنه بعد تطبيق القانون، هناك ضحايا كثر، بسبب العينيات الاستدلالية والتوكيدية التي يتم أخذها من الموظفين، بسبب عامل الزمن الذي يحول أمام إتمام تلك الإجراءات بصورة دقيقة.