بدون رقابة ولا تراخيص..
كواليس اقتحام السودانيين للاقتصاد غير الرسمى فى مصر
سادت حالة من الجدل في الشارع المصري، مع زيادة عدد اللاجئين السودانيين في مصر، وخاصة مع بدء دخولهم في الأنشطة التجارية والاتجاه إلى فتح محال ومخابز وشراء وإيجار عقارات؛ ما أدى إلى ارتفاعها الفترة الماضية.
وتسبب ذلك في انتشار مطالبات بترحيل السودانيين من مصر، وقال نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي: «وجود السودانيين يضر الأمن القومي، ويتسبب في ارتفاع الأسعار، وزيادة إيجارات الشقق والمساكن، وممارسة أنشطة تضر بالاقتصاد المصري، وأخذ وظائف المصريين، ولذلك يجب ترحيلهم عن البلاد».
في حين اتهم البعض الآخر السودانيين بالعمل في مجالات تهريب الأدوية والعملات الأجنبية، والعمل على فتح أنشطة تجارية دون ترخيص ولا رقابة، قائلين: «نناشد الحكومة بضرورة التفتيش في الشوارع الضيقة والجانبية على كثرة المخابز ومحلات الحلاقة والملابس، وأيضًا أفراد يبيعون الأكل السوداني، مثل: الجبنة والتي انتشرت في شوارع فيصل والجيزة دون رقابة».
ومع موجات الغضب من المصريين، واصل الشعب السوداني استفزازه، وقام عدد من أصحاب المحلات السودانية بوضع لافتات لخريطة السودان تضم حلايب وشلاتين على واجهات محلاتهم، وهو ما اعتبرها البعض إهانة للبلاد.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل انتشرت فيديوهات لسوداني فتح محلا داخل مصر، وعلق عليه لافتة مكتوب عليها «ممنوع دخول المصريين».
ويوجد في مصر 9 ملايين «مقيم ولاجئ» من نحو 133 دولة يمثلون 8.7 في المئة من حجم السكان البالغ عددهم نحو 106 ملايين نسمة، وفق مجلس الوزراء المصري، حيث يُشكل السودانيون العدد الأكبر من المقيمين واللاجئين في مصر بنحو 4 ملايين.
توفيق أوضاع اللاجئين
وكان رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أصدر قرارًا في أغسطس من العام الماضي ينظم ضوابط تحصيل رسوم الإقامة بالدولار أو ما يعادله، ومنح الأجانب المقيمين بصورة غير قانونية مهلة لتوفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم بالبلاد.
ووفقًا للقرار يتعين على الأجانب المتقدمين للإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، للحصول على حق الإقامة للسياحة أو لغير السياحة تقديم إيصال يفيد بقيامهم بتحويل ما يعادل رسوم (الإقامة، وغرامات التخلف، وكلف إصدار بطاقة الإقامة) من الدولار أو ما يعادله من العملات الحرة إلى الجنيه المصري من أحد البنوك أو شركات الصرافة المعتمدة.
ووفقًا للقرار أيضًا، يجب على الأجانب المقيمين بالبلاد بصورة غير شرعية توفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم شريطة وجود مستضيف مصري الجنسية، وذلك خلال 3 أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار، مقابل سداد مصروفات إدارية، بما يعادل ألف دولار تودع بالحساب المخصص لذلك وفقًا للقواعد والإجراءات والضوابط التي تحددها وزارة الداخلية.
ومع انتهاء الفترة المقررة، منحت الحكومة مهلة نهائية وأخيرة لكل الأجانب المقيمين على أراضيها لتوفيق أوضاعهم وتقنينها في البلاد، وطالبتهم بضرورة التوجه إلى الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية لتقنين أوضاعهم وتجديد إقاماتهم والحصول على كارت الإقامة الذكي لضمان الاستفادة من كل الخدمات الحكومية المقدمة إليهم.
وبعد انتهاء المدة في الـ30 من سبتمبر القادم، ستتخذ الحكومة الإجراءات القانونية حيال الأجانب الذين لم يستخرجوا الإعفاء من الإدارة العامة للجوازات والهجرة والتعامل معهم باعتبارهم مخالفين لضوابط الإقامة بالبلاد.
وبالرغم من تهديدات الحكومة بالتزام اللاجئين بقوانين البلاد، إلا أن الشعب السوداني لا يزال يواصل مخالفته ودعم الاقتصاد غير رسمي.
تفعيل دور أجهزة المدن
وفي هذا السياق، قال هاني مكي، سكرتير عام شعبة المخابز بغرفة الجيزة، إن معظم السودانيين في مصر يقومون بتأجير محلات بأسعار عالية جدًا في المناطق ذات كثافة سكانية؛ لفتح مخابز سودانية لإنتاج عيش دون رقابة سواء على نوع الدقيق أو الأوزان.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن العيش السوداني أصبح سلعة بين السلع المصرية، في ظل غياب دور الأحياء والتنمية المحلية.
وأشار «مكي»، إلى أن انتشار المخابز السودانية، يؤثر على المواطن قبل صاحب المخبز المصري، مؤكدًا أن الأوزان فى هذه المخابز ليس لها سعر محدد ولا وزن محدد.
وتابع: «بالنسبة للمخابز البلدية، يعتبر منافس لهم، لأنه يأخذ أماكن عامة ما يؤثر على السوق بالسلب، حيث سيطرت المخابز السودانية على 30% من السوق في محافظة الجيزة، فكل منطقة يوجد بها محل أو أكثر».
وأوضح سكرتير عام شعبة المخابز بغرفة الجيزة، أن هذه المخابز -أيضًا- غير مرخصة ويتم الاتفاق بينها وبين المستأجر فقط لمدة تترواح بين سنة أو سنتين، وليس مع الحي أو التنمية المحلية وهو ما يضر الاقتصاد المصري، بسبب التهرب من الضرائب.
وطالب بضرورة تفعيل دور أجهزة المدن والأحياء، وشن حملات على المخابز والمحال السودانية غير المرخصة، لأن القانون يعاقب على إدارة المنشآت غير مرخصة.
ظاهرة صحية للاقتصاد المصري
وحول دخول السودانيين في الاقتصاد المصري، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن معظم اللاجئين السودانيين دخلوا إلى مصر بموافقة الدولة أو الأمم المتحدة التي تقدم لهم الدعم.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن تجربة السودانيين تعيد النظر إلى اللاجئين العراقيين والسوريين، ولكن في نفس الوقت الاقتصاد المصري، لا يتحمل تكلفة اللاجئين الذين وصل عددهم إلى 9 ملايين.
وأشار «فهمي»، إلى أن الـ1000 دولار التى أقرتها الحكومة لتقنين أوضاعهم لا تكفى الدعم المقدم لهم، حيث أصبح هناك مشكلة سعرية في مصر، موضحا أن أسعار السلع الغذائية بدأت في الارتفاع نتيجة زيادة الطلب مع انخفاض في المعروض، بالإضافة إلى حدوث نقص في بعض الأدوية.
وتابع: «الدولة بدأت في اتخاذ إجراءات قانونية ضد المخالفين لشروط الإقامة في مصر، حيث تم عمل أكمنة على الطرق وضبط الذين لا يمتلكون التأشيرة».
وأوضح أستاذ الاقتصاد، أنه بالنسبة لفتح محال أو مخابز سودانية في مصر، هي ترخص باسم مصري، ولكن تدار عن طريق أحد السودانيين ولكن دون توثيق، ويتم دفع الضرائب.
وأكد أن دخول السودانيين في الاقتصاد ظاهرة «صحية»؛ لأنه يعطي نوعا من المنافسة ويزيد من حجم الاستثمارات، لافتًا إلى أن تجربة السوريين نجحت في إدارة المطاعم والكافيهات وأيضًا محال الملابس داخل المولات.