مدحت الشريف: الدولة لا تتحمل القرارات العنترية.. والتحول للدعم النقدى دُفعة واحدة كارثة- حوار
حذر مدحت الشريف، استشاري الاقتصاد السياسي وسياسات الأمن القومي، ووكيل اللجنة الاقتصادية بالبرلمان السابق، من تطبيق قرار التحول للدعم النقدي في الوقت الحالي، ودفعة واحدة، دون إجراء دراسة محددة ودقيقة في ظل حالة الغضب الشعبي، لافتًا إلى أن المقترح يتطلب خطة محددة يتم تطبيقها بشكل تدريجي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للإحصاء، وإلى نص الحوار..
كيف ترى مقترح الحكومة بشأن التحول للدعم النقدي؟
عملية تحويل الدعم من عيني إلى نقدي لها عدة فوائد؛ أولها سد منافذ الفساد، بالإضافة إلى أنها تحمي السلع من التلف وإهدار نسب كثيرة منها، أو الاتجار فيها بالسوق السوداء، بالإضافة إلى ضمان وصول السلع لمستحقيها، لأننا نجد بعض المواطنين يقومون بإعطاء بطاقاتهم التموينية للبواب وغيرهم، لعدم وجود قاعدة بيانات واضحة لتصويب هذا الأمر.
هل تعتقد أن مصر مؤهلة لتنفيذ المقترح في الوقت الحالي؟
المقترح له فوائد عدة، ولكن تنفيذه في الوقت الحالي، وبدفعة واحدة، يشكل خطرًا حقيقيا، وكارثة تهدد السلم المجتمعي بما يؤثر على الأمن القومي.
لماذا ترى أن التحول للدعم النقدي حاليا سيتسبب في كارثة؟
لأن تطبيقه في الوقت الحالي، صعب للغاية، بسبب ارتفاعات الأسعار غير العادية، وتردي الحالة الاقتصادية، وارتفاع تكلفة الخدمات الحكومية، وبالتالي يجب التأني قبل أخذ القرار ودراسته بشكل جيد.
هل يعني ذلك أنه يستوجب أن تكون هناك خطة لتطبيق المقترح؟
نعم.. أرفض تطبيقه دفعة واحدة، ولكن يجب أن يكون على مراحل، وتدريجيا، ويجب دراسته بشكل أوضح، ويكون بنظام معياري.
ما رأيك في تصريحات وزير التموين حول آلية تطبيقه؟
للأسف الشديد تصريحات وزير التموين، خارج سياق التطبيق العملي الصحيح، والحقيقي الذي يمس حاجة الفئات الأكثر احتياجا لأن جزء كبير ممن يصرف لهم يعتمدون عليه بشكل أساسي.
ماذا تقصد بأن يكون التطبيق والتحول بشكل معياري؟
أن يكون الدعم النقدي مربوطًا بالسعر في السوق الحر اليوم، وليس بسعر السلع التموينية، بحيث إذا احتاج أحد شراء سلعة يستطيع شراؤها ولكن يظل هناك سؤالا عن الضمانة لثبات الأسعار بأن تكون نفسها المقدمة في الدعم النقدي، في ظل حالة التضخم وارتفاع الأسعار.
كيف رأيت إدراج المقترح ضمن مناقشات الحوار الوطني؟
للأسف الشديد تم أخذ الأمر بعيدا عن سياقه الحقيقي، ومجمل الموجودين يفتقدون إلى عدد مهم من الأسماء ذات الفكر والرؤية في مجالات الحوار، ومعهم أشخاص أصحاب مصالح في هذا الشأن، ومستفيدون في أن يظل الدعم العيني كما هو.
ما الخطة التي تراها لضمان نجاح التحول؟
أن الآلية الصحيحة هي وضع معيار لصرف الدعم مرتبطا بسعر السوق لجميع السلع وصولا لسعر الخبز، وذلك من خلال عقد لجنة كل 3 أشهر مكونة من ممثلي وزارة الصناعة والتجارة، ووزارة التموين، ووزارة التنمية المحلية بالإضافة لوزارة الزراعة كذلك عضو من هيئة الرقابة الإدارية مهمتها تقرير أسعار السلع في السوق المحلي وعلى أساسه يتم تحديد قيمة مبلغ الدعم النقدي، ويكون اجتماعها الدوري مستهدفا مراعاة وإعادة تقييم متوسط الأسعار طبقا لأسعار السوق، وعلى أساسه يتم تحديد قيمة الدعم.
ولكن هناك أزمة في عدم وجود تسعيرة محددة للسلع بسبب استغلال بعض التجار للأزمات؟
لا يوجد ما يسمى تسعيرة؛ ولكن من الممكن أن يتحقق ذلك من خلال البحث عن قيمة متوسطة في السوق، من المجمعات الاستهلاكية ومنافذ بيع الجيش والشرطة وهذه ليست صعبة، ويمكن وضع آليات محددة وثابتة للتقييم السعري، بما يسمى قواعد الحوكمة، وهناك سلع منهم تم عمل بورصات لها، والعملية مش صعبة، ولكن هما اللي صعبوها، وأدخلوا الموضوع بعيدا عن سياقه، عندما تم إدارجه بالحوار الوطني مع الأطراف المختلفة، من بينها ما يشكل مافيا مصالح ولهم أذرع بالوزارات المختلفة ولديهم رغبة في عدم إتمام المقترح، وربما كانت قضية تقصى حقائق القمح هي الدليل الأبرز على ذلك.
ولكن هناك مقترح بتشكيل لجنة الأسعار كل عام؟
أرفضه.. كيف يكون كل عام في ظل عدم الثبات والتغير السريع في أسعار السلع "ده كل يوم السعر بيختلف، لا بد أن يكون كل 3 أشهر أسوة باجتماع لجنة تسعير المواد البترولية، الذي يتم تشكيلها ورفع أسعار الوقود بموجب الأسعار العالمية.
تحدثت عن خطر تطبيقه دُفعة واحدة.. فماذا تقصد؟
كما ذكرت من الخطر تطبيقه في هذا الوقت، وعلينا انتظار الوقت المناسب في هذا الأمر، ويكون تطبيقه بنظام التجربة الأولية، بحيث لا يتم تطبيقه ويتفاجأ المواطن في اليوم التالي للقرار برفع أسعار الغاز والكهرباء، كفاية المواطن لا يستطيع أن يتحمل أكثر من هذا.
ماذا تعني بنظام التجربة الأولية؟
يتم تطبيقه على قطاع جغرافي محدد، 3محافظات بحد أقصى، وليس جميع محافظات الجمهورية، حتى يمكن من خلاله قياس تأثيرات القرار وكشف نقاط القوة والضعف وما يمكن تعديله وتغييره بعد تجربته على أرض الواقع، في ظل متابعة مستمرة على مدار الساعة، وهذا سيناريو الإصلاح الحقيقي وليس كما يحدث حاليا بجلسات الحوار الوطني، والتي تحولت لمكلمة، وتحاشوا في أن يكون بينهم عدد من الخبراء الذين لديهم ثقل ويملكون فكرا حقيقيا، وبعدها يتم تصويب قاعدة البيانات، بشأن مستحقي السلع، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وزير التموين بالفعل تحدث عن دور الجهاز في مقترح التحويل للدعم النقدي.. ما رؤيتك لها؟
وزير التموين كلامه عايم ويطلق مصطلحات مطاطة، فنحن نحتاج لتكليف مباشر للجهاز بأن يصدر تقريرا خاصا يوضح العلاقة بين الدخل والإنفاق والبعد الاستهلاكي، فهذا التقرير لم يصدر منذ 6 سنوات منذ آخر مرة ونرى تجاهل عن قصد، خاصة أنه في آخر مرة صدر في 2018 كان بعد إصرار مني، والمفترض أنه كان يصدر كل 4 سنوات بحد أقصى، وذكرت أن حوالي 34% من المصريين تحت خط الفقر، فما بالك الآن في ظل موجة التضخم العارمة، لذا نحن نحتاج لهذا التقرير للقياس عليه، وتقسيم المحافظات الأكثر فقرا ويتم التطبيق.
هل يعني ذلك أن مستحقي الدعم غير محددين؟
نعم.. لا يوجد حتى الآن تعريف واضح لمستحق الدعم، وقيمة دخله، ولا يوجد تصنيف محدد لمن تحت خط الفقر المادي وتحت خط الفقر المدقع، وهذه حدود واضحة، الأمم المتحدة كانت وضعتها، وبعدها يتم الانتقال للدعم المعياري ومقارنته بقيمة الدعم الحالي، فالغضب الشعبي العارم لا يتحمل قرارات عنترية في هذه المرحلة؛ لأنه يهدد الأمن والسلم المجتمعي، بما يهدد الأمن القومي، وبالتالي لا بد أن يكون وفق خطة، وقاعدة بيانات، بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء مما يستهلك وقتا.