أبرزهم رمضان والعوضي.. تكرار أدوار البطل الشعبى يهدد صناعة دراما رمضان
رغم غياب محمد رمضان عن موسم رمضان 2024، إلا أن تأثيره على الساحة الدرامية لا يزال مهيمنًا بتكرار نمط «البطل الشعبي» في أعماله لتصبح التيمة الأساسية في أغلب أعمال الشهر الكريم.
وبلا شك نجحت ظاهرة محمد رمضان وأحمد العوضي وعمرو سعد كبطل شعبي مظلوم يسعى للانتقام، بشكل ملحوظ وحققت نجاحا جماهيريا كبيرا إلى حد تكرارها بشكل ملفت في أعمال العديد من النجوم مثل أحمد العوضي.
وأصبحت شخصية البطل الشعبي تتكرر في أكثر من مسلسل، ليشعر الجمهور بالملل من تكرار الأدوار ذاتها؛ ليثير هذا التكرار تساؤلات حول قدرة الدراما المصرية على التجديد، وهل أصبح النجوم مثل رمضان والعوضي، أسرى لنجاحاتهم السابقة؟
«فهد البطل»
أصبح أحمد العوضي، المعروف بتقديم شخصيات البطل الشعبي، أحد أبرز المتأثرين بهذا الاتجاه، ففي مسلسل "فهد البطل"، يقدم العوضي شخصيته المعتادة كمقاتل يواجه الظلم ويسعى للانتقام، وهو نفس النمط الذي قدمه في "حق عرب".
ورغم أن ظهور العوضي بشخصيتين في المسلسل قد يراه البعض إضافة جديدة، إلا أن الأساس لا يزال هو تكرار نفس الصيغة المعروفة للجمهور.
ولا يقتصر هذا التكرار على «العوضي» فقط، بل يشمل -أيضًا- عمرو سعد الذي يعود إلى أدوار الصعيدي التي أبدع فيها سابقًا، ما يجعل الجمهور يشعر بشيء من الفتور تجاه هذه الشخصيات المألوفة.
تأثير رمضان
رغم أن محمد رمضان غاب عن موسم رمضان 2024، إلا أن تأثيره على الساحة الدرامية لا يزال قائمًا، إذ يُعد رمضان أحد الأسباب الرئيسية في انتشار هذا النوع من الأعمال، حيث تمكن من استغلال حب الجمهور لشخصيات "البطل المظلوم الذي ينتقم" لتحقيق نجاحات ضخمة في مسلسلاته مثل "الأسطورة" و"جعفر العمدة".
ومنذ تلك الأعمال، بدأت العديد من الأسماء الأخرى، مثل: العوضي وسعد في تقليد هذه الشخصيات، ليصبح هذا النمط هو السائد في الدراما المصرية.
سيطرة الأبطال
من جانبه، يرى الناقد الفني أمين خير الله، أن أحد أهم أسباب تكرار الأعمال الدرامية في الوقت الحالي يعود إلى سيطرة الأبطال على اختيار السيناريو والمخرج.
وأوضح أن المؤلف غالبًا ما ينصاع لرؤية البطل، مما يؤدي إلى إنتاج أعمال مكررة كل عام، متابعًا: «البطل بهذه الطريقة لا يدرك أنه يضر نفسه على المدى الطويل».
وأضاف «خير الله»: «إذا نظرنا إلى الماضي، سنجد فنانين كبارًا مثل يحيى الفخراني، الذي كان حريصًا على تقديم أعمال متنوعة ومختلفة كل عام. فقد قدم عملًا كوميديًا كـ 'يتربى في عزو'، ثم انتقل إلى دور درامي مختلف تمامًا في 'شرف فتح الباب'، ثم عمل اجتماعي في 'ابن الأرندلي'، وكذلك الفنان صلاح السعدني، بعد نجاحه الكبير في دور العمدة في 'ليالي الحلمية'، انتقل إلى تقديم عمل مختلف تمامًا مثل 'أرابيسك'، هؤلاء النجوم، مثل عادل إمام ومحمود عبد العزيز وصلاح السعدني، كانوا دائمًا حريصين على عدم تكرار نفس الأدوار».
وأشار إلى أن فكرة البطل الشعبي أصبحت الآن رائجة؛ لأنها تستهدف الشريحة الشعبية البسيطة، وهي الشريحة الكبرى من المشاهدين، لكنه يرى أن هذه الأعمال أصبحت مبالغًا فيها وغير واقعية، وضرب مثالًا بمسلسل “جعفر العمدة” وأعمال أخرى لمحمد رمضان وأحمد العوضي، قائلًا: «هذا النوع من القصص لا يعكس واقع حياة الحارة المصرية حاليا وهذا كان منذ أكثر من مئة عام».
وأكمل «خير الله»، حديثه عن تأثير تكرار الأدوار قائلًا: «مدّ أجزاء المسلسلات وتكرار الشخصيات يضعف الفنان، ويجعله غير قادر على الخروج من الشخصية. مثال على ذلك أحمد مكي في 'الكبير أوي'، الذي لم يتمكن من تجاوز تأثير هذه الشخصية رغم كونه فنانًا ومخرجًا كبيرًا».
وأضاف: «النجوم الكبار كانوا يركزون على تقديم مضمون جديد، بينما أصبح بعض الفنانين اليوم غير مثقفين، ولا يستمعون للنقد، ويعتمدون فقط على ما هو رائج حاليًا».
وأشار الناقد الفني أمين خير الله، إلى أن تكرار فكرة البطل الشعبي في الدراما النسائية -أيضًا- مثل روجينا في "سر إلهي" ونعمة في 'الأفوكاتو'، معقبًا: «هذا النهج غير منطقي ومجرد تكرار للمضمون الحالي».
انتعاشة حقيقية
وفي السياق ذاته، يرى الناقد الفني حسين شمعة، أن الدراما المصرية تعاني من تكرار الأفكار وضعف التجديد في الأعمال المقدمة، مشيرًا إلى أن أحمد العوضي في مسلسله الجديد يقدم نفس النمط المألوف، رغم الإضافة المتمثلة في ظهوره بشخصيتين في فهد البطل رمضان 2025.
وأضاف «شمعة»: «الدراما الرمضانية مهددة وسط المنافسة القوية التي تفرضها المنصات الإلكترونية، مثل 'WATCH IT' و'شاهد'، وغيرها، خاصة مع الأعمال القصيرة التي تتكون من 10 حلقات فقط، أما المسلسلات التلفزيونية في رمضان، والتي تمتد لـ30 حلقة، فقد أصبحت ثقيلة على الجمهور بسبب مط الأحداث بشكل غير ضروري لتغطية الشهر بالكامل».
وتابع: «المسلسلات القصيرة قدمت انتعاشة حقيقية، مثل مسلسل'عمر أفندي' و'مطعم الحبايب'، لأنها استطاعت التنوع والابتعاد عن المط والتكرار».
وألقى «شمعة» الضوء على مشكلة الشللية في الوسط الفني، قائلًا: «التحكم في المجال الفني من قبل مجموعات محددة من الكُتّاب والمخرجين والفنانين يقف عائقًا أمام التطور، إذا أتيحت الفرصة لمخرجين وكتّاب مثل عمرو سلامة، الذي قدم أفكارًا مبتكرة في 'ساعته وتاريخه'، فإنهم سيقدمون أعمالًا مميزة».
استغلال للجمهور
من جهته، أكد الناقد الفني محمد شوقي، لـ«النبأ»، أن النجم محمد رمضان، على الرغم من أنه يراه موهبة كبيرة لكنه يتحمل جزءًا كبيرًا من مسؤولية انتشار ظاهرة «البطل الشعبي» في الدراماأ النجوم الآخرون في استسهال الفكرة والسير على خطاه».
وأوضح «شوقي»، أن المسؤولية الأكبر تقع على صناع الدراما، وليس الجمهور، متابعًا: «الجمهور يتقبل أنواعًا مختلفة من الأعمال التي تحقق نجاحًا أيضًا، وبالتالي فإن استمرار تقديم فكرة البلطجة والبطل الشعبي هو نتيجة لقرارات صناع العمل وليس تفضيل الجمهور وحده».
وأضاف أن الممثل الذي يكرر نوعًا معينًا من الأدوار يجد صعوبة في تغيير جلده لاحقًا، معقبًا: «مصطفى شعبان، على سبيل المثال، منذ مسلسل 'الحاج متولي'، أصبح نادرًا ما يقدم أدوارًا تختلف عن شخصية شهريار الذي يتزوج كثيرًا، وهذا الحال ينطبق -أيضًا- على محمد رمضان وأحمد العوضي وعمرو سعد، رغم أن ملامحهم وشخصياتهم تتيح لهم أداء أدوار مختلفة تمامًا».
وأشار «شوقي»، إلى ضرورة أن يأخذ هؤلاء النجوم خطوة لتغيير نوعية أدوارهم، قائلًا: «أحمد العوضي يمكن أن ينجح في دور أستاذ جامعة، وعمرو سعد في دور طبيب؛ لأنهما يمتلكان الإمكانيات، المشكلة أن الاستسهال يجعلهم يستمرون في نفس القالب المألوف».
وأضاف: «الجمهور يتقبل الفنان في أي دور جديد، بشرط أن يتقنه، على سبيل المثال، حمادة هلال فاجأ الجميع ونجح في دور غير متوقع في مسلسل 'المداح'. لكن للأسف، النجوم الآن يكررون الأجزاء ويستمرون في تقديم نفس الشخصيات، حتى مسلسل 'العتاولة'، له جزء ثانٍ وربما ثالث».
وشدد «شوقي»، على أهمية أن يجازف الفنان باختيار نصوص جيدة ومخرجين مميزين، مستشهدًا بالفنان الكبير فريد شوقي نجح في التنوع، قائلًا إنه لم ينجح فقط في دور البطل الشعبي، لكنه تألق أيضًا كأستاذ، وطبيب، وقاضٍ، وحتى كموظف مقهور، وحقق النجاح في مختلف مراحل حياته الفنية.