المتحدة بين الماضي والحاضر: طارق نور يقود ثورة في مستقبل الإعلام المصري
كواليس هندسة الإعلام وتطوير منصات الشركة المتحدة بقيادة «طارق نور»
حازم أبو السعود: تعيين طارق نور خطوة إيجابية نحو تطوير الإعلام
نادية السباعى: فترته ستشهد تغييرا فى الوجوه.. و«نور» لن يتخلى عن أفكاره
أستاذ الإعلام: بعض الإعلاميين أساءوا إلى سمعة الإعلام المصري.. ونور يحتاج لمزيد من الحرية والإبداع
محمد الغيطى يحذر من التركيز الزائد على الإعلانات التجارية على حساب المحتوى
«الغيطى»: غياب الخطط الإنتاجية أدى إلى سيطرة «الشلل» على الدراما
حسن جمال
تحول كبير في المشهد الإعلامي المصري بوصول الخبير الإعلامي والإعلاني طارق نور إلى سُدَّة القيادة في الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وتحمل هذه الخطوة الجريئة آمالًا عريضة بالتغيير الجذري في طبيعة المحتوى الإعلامي المعروض، وفتح آفاق جديدة للابتكار والإبداع في هذا المجال الحيوي.
فمن هو طارق نور؟، وماذا يحمل في جعبته لهذا المنصب؟، وكيف ستنعكس رؤيته على مستقبل الإعلام المصري؟ وهل سيعقب هذا التغيير إعادة هيكلة لكافة القنوات والشركات؟، تحاول «النبأ» الإجابة على تلك التساؤلات في السطور التالية لتكشف عن اتجاهات تلك الهيكلة، وكواليس إعادة ترتيب المشهد الإعلامي تحت إدارة طارق نور من خلال عدة مصادر.
تحول استراتيجي
تشير المعلومات التي حصلت عليها «النبأ»، إلى توجه الشركة المتحدة لتنفيذ استراتيجية جديدة لتعظيم العوائد وضخ استثمارات جديدة والاتجاه نحو تسويق أصول الشركة سواء بطرح أسهم أو حصص للقطاع الخاص أو حتى بتسويق المنتجات نفسها بشكل مختلف.
وهناك توجه جديد للدخول في شراكات مع القطاع الخاص في القنوات والمواقع التي تملكها الشركة، ومراجعة عدد الموظفين، وحالتهم الوظيفية ورواتبهم، وإنتاجيتهم، والعائد الرقمي من كل برنامج من حيث نجاحه على منصات التواصل الاجتماعي ومدى وجود ردود أفعال حول المحتوى المُقدم.
وتُجري الشركة المتحدة -حاليًا- مراجعة شاملة لبرامجها وإنتاجاتها، بهدف تحديد البرامج التي تحقق أعلى عائد إعلاني وزيادة التفاعل مع الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي.
كما تسعى الشركة إلى التنسيق بين قنواتها المختلفة لتقليل التكاليف وزيادة الأرباح، وتعمل الإدارة الجديدة على إعادة تقييم ميزانية القطاع وتخفيض النفقات غير الضرورية، كما تسعى إلى تحسين كفاءة القطاع وزيادة عائده.
طارق نور.. شخصية مؤثرة في عالم الإعلام والإعلان
لطالما كان طارق نور اسمًا لامعًا في عالم الإعلام والإعلان في مصر، فخبرته الواسعة في هذا المجال، والتي تمتد لعقود، جعلته شخصية مؤثرة وقادرة على قراءة تحولات السوق وتوجهاته المستقبلية.
وتمكن نور من بناء إمبراطورية إعلامية قوية، بدءًا من تأسيس قناة "القاهرة والناس" التي حققت نجاحًا كبيرًا، وصولًا إلى توليه قيادة الشركة المتحدة.
ويعتبر تولي طارق نور رئاسة مجلس إدارة الشركة المتحدة خطوة استراتيجية، تسعى إلى ضخ دماء جديدة في شرايين الإعلام المصري، فالشركة المتحدة، بصفتها أكبر كيان إعلامي في مصر، تمتلك القدرة على التأثير بشكل كبير في الرأي العام وتوجيه الأذواق.
ومن المتوقع أن يسعى «نور» إلى تطوير محتوى الشركة، وتنويع برامجها، وتقديم منتجات إعلامية تتناسب مع تطلعات الجماهير وتلبي احتياجاتها المتزايدة.
خطوة إيجابية
من جانبه، يرى الدكتور حازم أبو السعود، المذيع بالتلفزيون المصري، وأستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، أن تعيين طارق نور على رأس «المتحدة» خطوة صائبة، وذلك نظرًا لخبرته الواسعة في مجال الإعلان والإعلام، حيث أثبت «نور» قدرته على إنتاج محتوى عالي الجودة بتكلفة مناسبة، كما ظهر ذلك في تجربته مع قناة «القاهرة والناس».
ويتوقع «أبو السعود»، حدوث نقلة نوعية في الإعلام المصري مع تولي «نور» المسؤولية، متابعًا: «من المتوقع أن يشهد الإعلام الحكومي أيضًا تطورًا مماثلًا، مما يخلق منافسة شريفة ويدفع بقطاع الإعلام ككل إلى الأمام».
أما من الناحية الاقتصادية، يقول الدكتور حازم أبو السعود: «إذا نظرنا إلى التاريخ، يمكننا أن نتوقع المستقبل، فورمات البرامج التي كانت تُنتج في "القاهرة والناس" كانت مؤثرة، وكانت تكلفة الإنتاج معقولة ولم تكن مبالغًا فيها، كانت تخرج بشكل جيد بتكلفة مناسبة، وبالتالي، مع منظومة ضخمة مثل "المتحدة" في المنطقة، سنشاهد كجمهور أو إعلاميين برامج جديدة بفورمات جديدة وتكلفة مناسبة لتطوير البرامج والمحطات ودفع عملية الإنتاج الإعلامي».
وفيما يتعلق بتغيير الأسماء والوجوه، أوضح «أبو السعود»، أن طارق نور منح فرصة لعدد كبير من الأسماء، وبعضهم أثبت أنه يستحق هذه الفرصة واستمر في مكانته الإعلامية، أما الآخرون، فقد استفادوا من الفرصة ولكن لم يواكبوا توجهات الدولة أو المجتمع، وبالتالي لفظهم الجمهور، معقبًا: «الأسماء التي استمرت في العمل هم من حافظوا على الفرصة ونجحوا في تنميتها أما الأسماء الأخرى، فاختفوا».
واستكمل: «سيواجه نور تحديات كبيرة، منها مواجهة الحملة الإعلامية المعادية لمصر، فإننا نلاحظ منذ سنوات أن بعض القائمين على البرامج الرئيسية في القنوات الخاصة يفتقرون إلى قاعدة جماهيرية، وخطابهم الإعلامي يُترجم عكسيًا من قبل الجمهور بسبب فقدانهم للمصداقية في أكثر من قضية، مثل ارتفاع أسعار البنزين والقرارات الاقتصادية، كما أن بعض هؤلاء الإعلاميين يوجهون خطابًا فجًا ومباشرًا، لا يجب أن أقدم الدعم للدولة بهذه الطريقة، بل يمكن أن أدعمه بطريقة غير مباشرة».
وتابع: «بعض هؤلاء الإعلاميين ليس لديهم خبرة طويلة أو دراسة متعمقة، هم فقط أخذوا مساحة على الشاشة وادعوا أنهم المتحدثون باسم الدولة، وهذا خطأ فادح إعلاميًا، أتوقع أن إدارة طارق نور ستتدارك هذه الأمور وستختار الأشخاص المهنيين ذوي الخبرات، الذين لديهم فهم حقيقي للاتصال السياسي والإعلام، والذين يستطيعون توصيل رسائل الدولة بالطريقة المناسبة».
وأضاف: «تجربة طارق نور في قناة "القاهرة والناس" لم تكن لها برامج موجهة، حتى في حالة ظهور برنامج له توجه مثل "الصندوق الأسود"، حيث انتهى في توقيت معين، بعد أن شعرت إدارة المحطة بوجود مشكلة بين الجمهور والمذيع القائم على عملية الاتصال».
تغيير وجوه
بينما ترى الإعلامية نادية السباعي، أن تعيين طارق نور في منصبه الجديد يمثل نقلة نوعية في المشهد الإعلامي المصري، معقبة:«مدرسة إعلامية وإعلانية تجمع بين الخبرة النظرية والعملية، وساهم بشكل كبير في تطوير صناعة الإعلان في مصر».
وأكدت «السباعي»، أن طارق نور يتميز بقدرته على دمج الشكل العصري للإعلام مع المحتوى الجذاب، فهو يدرك أهمية اللعب على العواطف والمشاعر إلى جانب نقل المعلومات، وهو ما يميز الإعلانات الناجحة.
واعتبرت الإعلامية نادية السباعي، أن خبرة طارق نور في مجال الإعلان ستساهم في تطوير الإعلام المصري وجعله أكثر تنافسية، فهو يمتلك رؤية واضحة لكيفية استغلال الأدوات الحديثة لخلق محتوى جذاب ومؤثر.
وتابعت: «أبدي تفاؤلًا كبيرًا بالمستقبل، وتعيين طارق نور خطوة في الاتجاه الصحيح، والإعلام سيشهد تحولًا كبيرًا خلال الفترة المقبلة».
وعن تغيير الإعلاميين الذين لا يحظون بقبول جماهيري، قالت نادية السباعي، إن ما ينتقده البعض في الإعلاميين شيء، ولكن الرؤية الاقتصادية أو التسويقية للفكرة والرسالة والهدف ستكون لها منظور آخر من وجهة نظر طارق نور، معقبة: «لا تتوقع أن يتم تنفيذ كل ما في ذهنك، فهو دائمًا لديه الفكر غير المتوقع. ربما لديه آلية لتطوير هذه الأسماء والنماذج الإعلامية، قد يكون هناك بدائل للأسماء التي سئم منها الجمهور، وقد يتم تغيير المحتوى، لكني أتوقع منه كل ما هو غير متوقع».
وأوضحت، أن طارق نور لن يتخلى عن أفكاره، وفكرة تحديد الأفضل يمكننا أن نقيمها بعد سنة أو سنتين، ولكن بلا شك سيتخذ خطوات غير مسبوقة.
وأكدت «السباعي»، أن طارق نور يواجه تحديات كبيرة، أهمها الحاجة إلى مساحة أكبر من الصلاحيات لتنفيذ أفكاره الإبداعية، معتقدة أن لديه العديد من الأفكار المبتكرة التي يمكن أن تحدث ثورة في الإعلام.
وترى «السباعي»، أن الخبرة التجارية لطارق نور لن تتعارض مع دوره كمسؤول إعلامي، بل ستساهم في تعزيزه، مؤكدة أن كلا المجالين يسيران جنبًا إلى جنب، وأن الربح المادي لا يتعارض مع تقديم محتوى جيد.
وتوقعت نادية السباعي، خلال حديثها لـ«النبأ»، تغيير جذري في الوجوه الإعلامية، واستبدالها بوجوه جديدة.
الشفافية ومساحة الإبداع
وفي السياق ذاته، أثار الدكتور محمد معوض، أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس، تساؤلات حول طبيعة الشراكة بين طارق نور والهيئة الوطنية للإعلام، متسائلا عن حقيقة وجود نسبة من العائد لشركة طارق نور نتيجة هذا التحالف، مؤكدًا على أهمية الشفافية في هذا الشأن.
ويرى «معوض»، أن طارق نور شخصية إعلامية ديناميكية تسعى للتجديد، لكنه يحتاج إلى مساحة أكبر للحرية والإبداع، مشددًا على أهمية تعاون طارق نور مع فريق عمل يقدر قيمة الإعلام ويحترم جمهوره.
وأكد أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس على أهمية الحفاظ على مصالح الإعلام، مشيرًا إلى أن بعض الإعلاميين أساءوا إلى سمعة الإعلام المصري ودفعوا الكثيرين إلى الابتعاد عنه، داعيا القيادة السياسية إلى دعم طارق نور وتوفير بيئة مناسبة للإبداع والإنتاج الإعلامي الهادف.
واختتم الدكتور معوض تصريحاته، مؤكدا أن أي نجاح يحققه طارق نور سيكون في النهاية لصالح الدولة، داعيًا إلى توفير كل الدعم اللازم لتحقيق هذا النجاح.
سيطرة «الشلل»
ويرى الكاتب والإعلامي محمد الغيطي، أن تعيين طارق نور في منصب رئيس الشركة المتحدة للإعلام يمثل خطوة إيجابية فهو يُعد من «الأسطوات» في مهنة الميديا؛ لأنه شخصية مؤثرة ورائدة في مجال الإعلان، ويمتلك خبرة واسعة.
ورغم إشادة «الغيطي» بقدرات طارق نور، إلا أنه حذر من التركيز الزائد على الإعلانات التجارية على حساب الدراما، مؤكدا أن الدراما يجب أن تؤدي دورًا ثقافيًا واجتماعيًا، وأن تقدم رسائل هادفة تساهم في بناء المجتمع.
واستكمل حديثه قائلا: «أتمنى أن تهتم الدراما بتقديم رسالة هادفة، لا أن تكون مجرد وسيلة للإعلان فقط، لأن تركيزه كان دائمًا على الإعلانات وتوجهاته التجارية، أنا لا أعترض على ذلك بالنظر للظروف، ولكننا بحاجة إلى أعمال درامية وطنية لا يكون الربح هدفها الأساسي، نحتاج إلى أعمال تُسهم في بناء الأجيال وتثقيف المجتمع، تقدم وعيًا، رموزًا، ومثل، كما أننا بحاجة إلى دراما تاريخية، مثل تلك التي تسلط الضوء على مصر القديمة، خاصة وأن العالم كله يقدم أعمال عن تاريخنا، بينما نحن مهملين هذا التاريخ».
وأضاف: «في السابق، أيام وجود قطاع الإنتاج ووزارة الإعلام، كانت هناك خطة سنوية واضحة تُغطي جميع فنون الدراما، حيث كانوا ينتجون أعمالًا للأطفال، وأخرى استعراضية، كوميدية، اجتماعية، تاريخية، ودينية، أما الآن، فمنذ ثورة يناير لم نشهد أي خطط؛ جميعها إنتاج عشوائي ونحن بحاجة إلى خطة متوازنة تعيد لمصر قوتها الناعمة ومكانتها الريادية».
وتابع: «أتمنى ألا تصبح الدراما حكرًا على "شلل"، لأن ما يحدث الآن هو أن الدراما منذ سنوات أصبحت محصورة في مجموعات محددة، وللأسف الشديد، كثير ممن يعملون حاليًا في المجال لا يفهمون معنى الدراما. أتمنى أن يكون هناك رؤية وخطة تستوعب جميع الأجيال، لأن هناك أجيالًا من السابقين أصبحوا جالسين في منازلهم، بعدما تم إقصاؤهم، لماذا؟ لأن "الشلل" هي التي تتحكم في المجال من "العيال طالعة بتوع الورش" دمرو الدراما وأنا أقصد كلمة "عيال" متعمدًا، وهم السبب في تدمير الدراما المصرية».
ودعا «الغيطي»، إلى ضرورة إشراك جميع الأجيال من المبدعين في صناعة الدراما، وعدم حصر الفرص في أيدي جيل معين.