رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يكتب: الآثر الحائر بين الوزارة وشركة المقاولات

الدكتور محمد حمزة
الدكتور محمد حمزة

الأثر الحائر بين الوزارة وشركة المقاولا.. وماذا بعد؟ الضحية هو الأثر؟، والنتيجة المؤسفة هي فقدان أثارنا وتراثنا وقوتنا الناعمة وهويتنا بالتدريج، فأين الحل؟، ولماذا السكوت علي المسؤولين؟، وإلى متي يستمر هذا الإهمال الجسيم والتقصير الفظيع؟، ايه الحكاية النهاردة؟، منزل علي أغا كتخذا الجاويشية المعروف بمنزل علي كتخذا الربعماية المؤرخ بعام 1190 هجرية/1776م ومسجل أثر ورقمه 540 وموقعه بدرب الأسطا (قنطرة سنقر) بالمنطقة الجنوبية بالسيدة زينب.

 ويعد هذا المنزل من منازل القاهرة الكبيرة والمتميزة في تخطيطها ووحداتها ومفرداتها وعناصرها المعمارية والانشائية ونقوشها الزخرفية والكتابية ومنها الفنائين والطوابق الثلاثة فوق الطابق الأرضي والقاعات الارضية (المندرة) والعلوية الصغري والكبري ذات الدرقاعة والإيوانات والمقعد والمشربيات ونقوش كتابية تتضمن أبيات من البردة للبوصيري ونقوش زخرفية من الصور الزيتية للحرمين المكي والقدسي ورسوم أبنية وعمائر وغير ذلك؟، فهل يترك أثر كهذا للإهمال الشديد والتقصير في تأدية الواجب الوطني والمهني؟ هل نتركه للمياه السطحية والرطوبة؟ هل نتركه ليصير مقلبا للزبالة والمخلفات؟ هل نتركه عرضه للإجراءات الإدارية والمالية والروتينية حتي يزول من الوجود تماما؟ هل نتركة للمنازعات القضائية بين المجلس وشركة المقاولات؟ وفي هذا المقال عدد 2فيديو (بدون صوت) احدهما في البداية والثاني في النهاية وبينهما مجموعة من الصور،وفي فيديو البداية نشاهد الحالة التي وصل اليها الأثر من تهدم وتخريب ومياه سطحية ورطوبة وسوء حالة عموما وهو ما تؤكده الصور التالية لهذا الفيديو.

أما الفيديو الأخير فهو رد من أحد المسؤولين بالمنطقة الجنوبية بعد أن شاهد الفيديو الذي أرسلته د سهير زكي حواس إلى د عبد الرحيم ريحان وهذا المسؤول خرج ليوضح حقيقة هذا المبنى، وأنه لا صحة لما ورد في هذا الفيديو الاول ووبين السيد المسؤول كيف بدأت أعمال الترميم ثم توقفت تماما وانتهى الأمر بأن الوزارة قد سحبت المشروع من شركة المقاولات وكلفت شركة أخري للعمل، وأنها سوف تبدأ بعد أسابيع من الآن.

ويضيف السيد المسؤول فيقول أن على دكتور عبد الرحيم ريحان ان يتحرى الدقة فيما ينشر ويقول وأن الصور في هذا الفيديو تعكس الوضع القائم بالمنزل منذ أن قامت المنطقة بإستلام المبنى من الشركة السابقة، وهنا يثور تساؤل مهم وهو “ما الفرق والاختلاف بين الفيديوهين؟”، وهل الفيديو الثاني الأخير ينفي سوء حالة المبني وتعرضه للإهمال والتقصير من قبل المسؤولين الوزير والأمين العام ورئيس القطاع واللجنة الدائمة ورئيس المنطقة المركزية ومدير المنطقة الجنوبية والعاملين بها؟.

والحق ان الفرق بين الفيديوهين كما يستشف منه ومن كلام السيد المسؤول يتمثل فقط في أن المنطقة بعد أن إستلمت المشروع من الشركة السابقة قامت بتنظيف المبني مما كان فيه حتي يمكن لهم الرد علي الفيديو الاول، ولكنهم لم ينتبهوا إلى أنه ما تزال توجد مخلفات واشغالات في أحد حواصل المنزل وبجوارها خرطوم مياه كما هو الحال في الفيديو الأول، ومن جهة ثانية لماذا اقتصر الفيديو الثاني على فناء واحد وما يحيط به من مفردات وتبدو واضحة للعيان حالة التردي والإهمال وسوء الحالة والتخريب والهدم، فأين الفناء الثاني ومفرداته وأين بقية الطوابق والمشربيات والنقوش، فلماذا لم يوضح الفيديو حقيقتها وحالتها الراهنة؟ وقد علمنا أن الشركة السابق هي شركة أسوان للمقاولات ونشبت بينها وبين الوزارة خلافات بسبب أمور مالية وفروق أسعار ونزاع قضائي وتشكيل لجان لفض الموضوع وإنهاء النزاع وسحب المشروع وإسناده لشركة اخري.

 

وهو ما أكده المسؤول في الفيديو الثاني من أنه تم سحب المشروع وإسناده الي شركة أخررى وسوف تبدأ العمل خلال أسابيع، غير أن ما يعنينا من كل هذا هو الأثر نفسه وما تعرض له من إهمال وتقصير وسوء حالة منذ 2006  وحتي الآن، فهل هو الحل؟ وهل يجب أن نسكت؟ وهل تبقي القيادات في مناصبهم؟ في ظل ما تشهده الآثار والتراث في القاهرة والمحافظات من إهمال وتقصير وشطب بل وهدم ومن ذلك، علي سبيل المثال وليس الحصر مصلي أو مشهد خضرة الشريفة بالقرافة الكبرى بعزبة خيرالله الجديدة بجوار خيالة الشرطة بمصر القديمة وقبة أبو تراب بالعباسية ( نماذج للإهمال والتقصير) وتربة مصطفى بك شاهين بالقرافة وقية الشيخ عبدالله بعرب أل يسار اسفل القلعة وطابية فتح بأسوان(نماذج للهدم) ونحن في انتظار قرار اللجنة المشكلة لتقرير مصير جامع الغوري بعرب أل يسار بعد أن نوهنا عنه في مقال سابق، ولا ننسى عشرات المقابر التراثية التي تم هدمها ولم تحرك الوزارة ساكنا لإهمالهم وتقصيرهم في تسجيلها رغم وجود قرار مجلس ادارة ووزاري منذ عام 2015 لتسجيلها.

فأين دولة رئيس مجلس الوزراء وأين مجلس النواب؟ فهل يتم إجراء تغيير فوري يمس كل القيادات بالوزارة والمجلس والأمانة العامة والقطاع واللجنة الدائمة؟، والجواب عندي نعم ولماذا حتي لا يفوت الوقت ويأتي اليوم الذي لا نجد فيه أثرا باقيا في مصر المحروسة، وتصبح مقولة تلك أثارنا تدل علينا فإنظروا بعدنا إلى الاثار لا معنى لها ولا دليل أو بينة عليها، واحنا عارفين أنه إذا وجدت العلة وجد المعلول وإذا غابت العلة غاب المعلول.

ولله در القائل وبادوا جميعا فلا مخبر عنهم أين هم ثم أين الآثر ونتمي ألا يأتي هذا اليوم أبدا ولن يأتي إن شاء الله إذا ما تم التغيير واختيار القيادات المناسبة المؤهلة ذات الخبرات والكفاءات الوطنية مع استحداث قانون الآثار والتراث الموحد وتطبيق القانون علي كل من قصر أو أهمل في اداء واجباته ومهامه.

حفظ الله مصر أرضاً وشعبا وآثارا وتراثا وثقافة وقيادة وطنية وحكومة وطنية وجيشا وطنيا وشرطة وطنية وعلماء وخبراء وطنيين حتي يرث الله الأرض ومن عليها.. اللهم آمين يارب العالمين.

بقلم:

الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا