ولاية جديدة للرئيس والقضاء على السوق السوداء
أهم 15 حدث سياسي واقتصادي في مصر عام 2024
أيام قليلة تفصلنا عن قدوم عام ميلادي جديد 2025، ووداع عام هو الأصعب على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، فمنذ إسدال الستار عن الأيام الأولى للعام 2024 كان صوت الحروب والمدافع والصراعات هو الأعلى علاوة على وجود العديد من الأزمات الاقتصادية جراء تلك الحروب لتصبح القضايا السياسية والاقتصادية هي العنوان الرئيسي والأوحد لعام معقد أبى أن ينتهي قبل أن يفاجئ الجميع بتسارع الأحداث والمشهد السياسي بسقوط نظام بشار الأسد واعتلاء جماعات الإسلام السياسي صدارة المشهد مجددًا ممثلة في هيئة تحرير الشام.
القضاء على أزمة تخفيف الأحمال والسوق السوداء أبرز نجاحات الدولة الاقتصادية فى العام المنتهى
ورغم انطلاق العام بحالة واسعة من الاستقرار الداخلي للبلاد، بنجاح الرئيس عبد الفتاح السيسي، في الانتخابات الرئاسية وأدائه اليمين الدستورية لولاية رئاسية ثالثة في مطلع شهر إبريل من العام 2024، إلا أن مصر على المستوى الإقليمي واجهت تحديات جسيمة من كافة الاتجاهات الاستراتيجية بداية من اشتعال الصراع في الأراضي الفلسطينية وغزو الاحتلال الإسرائيلي لـ قطاع غزة، وصولا لإراقة الدماء واندلاع القتال في السودان بين قوات الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، ومحمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي» قائد قوات الدعم السريع.
دبلوماسية الوساطة والهدوء
ورغم ما واجهته الدولة المصرية من تحديات عصيبة، إلا أن القيادة السياسية نجحت في الحفاظ على الأمن القومي والاستمرار في اتباع سياسة خارجية متوازنة لا تتأثر بالضغوط رافضة التدخل في شئون دول الجوار.
ولعبت «القاهرة» أدوارًا سياسية معقدة بنجاح كبير لتتحول المحروسة إلى مركز اللقاءات الدبلوماسية والمفاوضات في محاولة لاتفاق لهدنة في قطاع غزة ووقف إطلاق النار أكثر من مرة، كما أظهرت قوتها في رفض مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية مدركة سريعًا حجم خطورة المخطط الصهيوني في التخلص من أصحاب الأرض إلى الأبد وإقامة دولة إسرائيل الكبرى.
كما رفضت مصر بشكل قاطع طلب الولايات المتحدة الأمريكية في المشاركة عسكريا في عملية «حارس الازدهار» لضرب الحوثيين في اليمن، رغبة منها في احتواء التوتر الإقليمي وعدم المساهمة في تصعيده، رغم ضرر مصر البالغ على المستوى الاقتصادي من ضرب الحوثيين للسفن العابرة في البحر الأحمر وتراجع إيرادات قناة السويس من العملة الأجنبية بسبب تلك الهجمات.
كما عملت مصر على تهدئة الأوضاع في ليبيا لما تمثله تلك الأزمة من أهمية كبيرة للأمن القومي المصري بعقد عدد من اللقاءات والجهود لتقريب وجهات النظر والتوصل لحل سلمي سياسي لتجمع بين الفرقاء الليبين في القاهرة في محاولة للتهدئة.
ولم تترك «القاهرة» بابًا إلا وطرقته لوقف نزيف الدم الفلسطيني ووقف إطلاق النار بشكل فوري في قطاع غزة، علاوة على إدخال المساعدات الإغاثية عبر معبر رفع.
حراك سياسى وتغيير وزارى موسع وتعيين رئيس جديد لجهاز المخابرات
ومع تصاعد الأحداث وبدء العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية، رفضت مصر بشكل قاطع هذا العدوان، محذرة جميع الأطراف من خطورة تصاعد الأحداث وتحولها لحرب إقليمية واسعة.
ووسط ما شهدته منطقة الشرق الأوسط والعالم من صراعات جنونية، إلا أن مصر اتسمت بالهدوء والعقل لتصبح منارة وأيقونة السلام في المنطقة، منتهجة دبلوماسية عاقلة في ظل عالم أصابه الجنون.
حراك سياسي وضخ دماء جديدة
وشهدت ولاية الرئيس السيسي الثالثة مطلع 2024، حالة واسعة من الحراك السياسي انطلاقا من دعوته خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، بانعقاد الحوار الوطني لفتح حوار مجتمعي موسع يشمل الجميع دون إقصاء أو تمييز في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ليحدث حراكا سياسيا هو الأول من نوعه.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل كلف الرئيس السيسي في شهر يوليو، الدكتور مصطفى مدبولي، بتشكيل حكومة جديدة عقب تقديم الحكومة القديمة استقالتها عقب أداء الرئيس اليمين الدستورية للولاية الرئاسية الجديدة.
وشهد التغيير الوزاري، إسناد منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الصناعة للفريق كامل الوزير الذي احتفظ بحقيبة النقل بالإضافة إلى وزارة الصناعة، كما أسند منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية البشرية لوزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار.
وأحدث «مدبولي» تغييرا جذريا للمجموعة الاقتصادية وعلى رأسها وزارة المالية، الذي تولى حقيبتها أحمد كوجوك بعدما كان يشغل منصب نائب وزير المالية لشؤون السياسات المالية، كما عادت وزارة الاستثمار مجددا بعدما ألغيت في العام 2018 ليدمج معها حقيبة وزارة التجارة الخارجية ويتولاها عضو مجلس إدارة البنك المركزي حسن الخطيب.
تعيين رئيس جديد للمخابرات
وفوجئ المراقبون للشأن السياسي المصري منتصف أكتوبر الماضي، بصدور قرار جمهوري بتعيين اللواء حسن رشاد رئيسا لجهاز المخابرات العامة، خلفا للواء عباس كامل، الذي تم تعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية، منسقا عاما للأجهزة الأمنية والمبعوث الخاص لرئيس الجمهورية.
وأثار القرار تساؤلات عديدة حول الأسباب وراء رحيل اللواء عباس كامل وتعيين اللواء حسن رشاد خلفا له.
وفي هذا الصدد، نفى عماد الدين حسين، عضو مجلس الشيوخ، وجود أي تدخل خارجي وراء هذا القرار.
وقال «حسين»، إن استبدال اللواء عباس كامل قرار سيادي طبيعي يحدث كل فترة في المناصب العليا في مصر، مضيفا أنه ليس أمرا غريبا أو خارقا للطبيعة.
وأضاف أنه تم تغيير العديد من القيادات والمسؤولين في الفترة الأخيرة في مصر، مؤكدا أن الرئيس لديه حسابات خاصة به ويريد ضخ دماء جديدة.
قفزات متتالية فى تحويلات المصريين بالخارج لتصل إلى 23.7 مليار دولار خلال 10 أشهر
القضاء على السوق السوداء
وعلى المستوى الاقتصادي، واجهت مصر تحديات واسعة فيما يتعلق جراء وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع التضخم عالميًا، وخروج نحو 21 دولار من الأموال الساخنة، ما تسبب في وجود نقص حاد للعملة الأجنبية ووجود سوق موازية لـ الدولار.
وجاء التحرك سريعا بتبني البنك المركزي نظام مرن لسعر الصرف، وضخ مليارات الدولار من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، علاوة على توقيع مصر مشروع ضخم بالشراكة مع الإمارات ممثل في مشروع تطوير رأس الحكمة.
وفي منتصف شهر إبريل، أعلن البنك المركزي، القضاء بشكل نهائي على السوق السوداء للدولار.
زيادة تحويلات المصريين في الخارج
كما نجحت مصر في زيادة تحويلات المصريين بالخارج لتحقق قفزات متتالية نتيجة إجراءات الإصلاح الاقتصادي، لترتفع خلال شهر أكتوبر 2024 بمعدل 68.4% لتصل إلى نحو 2.9 مليار دولار (مقابل نحو 1.7 مليار دولار خلال شهر أكتوبر 2023).
وشهدت التحويلات، خلال الفترة من يوليو لأكتوبر 2024، ارتفاعًا بمعدل 80.0% لتصل إلى نحو 11.2 مليار دولار (مقابل نحو 6.2 مليار دولار).
وأوضح البنك المركزي، أن الشهور العشر الأولى من العام الحالي 2024 (الفترة يناير/أكتوبر 2024) شهدت ارتفاعًا بمعدل 45.3% لتصل إلى نحو 23.7 مليار دولار (مقابل نحو 16.3 مليار دولار).
وواصلت الحكومة تنفيذ إصلاحات اقتصادية تهدف إلى تعزيز النمو وجذب الاستثمارات، شملت تطوير البنية التحتية، وتحفيز الاستثمار في قطاعات الطاقة والزراعة والصناعة.
انضمام مصر لـ«البريكس»
وانضمت مصر بشكل رسمي إلى تجمع دول «بريكس» مع بداية شهر يناير 2024.
واعتبر عدد من الخبراء الاقتصاديين أن هذه الخطوة كان ينتظرها عدد كبير من القطاعات الإنتاجية في مصر بهدف تقليل الطلب على الدولار والمساهمة في توفير الاحتياجات التصنيعية ومداخلات الإنتاج من الدول الأعضاء في «البريكس» وبتسهيلات تساهم في خفض الضغط على الدولار.
الكهرباء الإنجاز الأعظم
ومع طي صفحات عام 2024، يعد أبرز نجاحات الدولة إنهاء أزمة تخفيف أحمال الكهرباء ووضع خطة لتأمين الشبكة القومية للكهرباء وتوفير احتياجات المواطنين من الطاقة والاعتماد على الطاقة المتجددة بتكلفة تجاوزت الـ4 مليارات دولار.
وخصصت الحكومة مليار و200 مليون دولار لتوفير الوقود اللازم لاستقرار الشبكة الكهربائية وعدم اللجوء لتخفيف الأحمال مرة أخرى كما حدث الصيف الماضي.
ووضع حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، خطة عاجلة لإضافة 4 آلاف ميجا وات من الطاقة المتجددة لتأمين صيف 2025 وتوفير ما يقرب من 500 مليون دولار تكلفة الوقود المستخدم لإنتاج هذه القدرات.
وتعمل الدولة ممثلة في وزارة البترول والثروة المعدنية على تنفيذ خطة موسعة لتتحول مصر إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز، وأيضًا المساهمة في تأمين احتياجات الأسواق العالمية من الطاقة والغاز الطبيعي، بجانب توفير الغاز الطبيعي للاحتياجات المحلية للمواطنين.
كما تعمل الوزارة على زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي، وذلك من خلال اكتشاف العديد من الآبار والإنتاج منها من خلال العمل على زيادة الاكتشافات الغازية، والعمل على تنمية العديد من الحقول والآبار لزيادة إنتاجها.
أمن مصر الغذائي
وعملت مصر من خلال المشروع القومي للصوامع لتأمين احتياجتها الغذائية بزيادة الطاقة التخزينية للحبوب والوصول لأقل نسبة فاقد ممكنة لتحقيق رصيد استراتيجي آمن من القمح.
وكشفت الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة التموين، عن زيادة القدرة التخزينية للصوامع لتصل إلى ما يقرب من 6 مليون طن بدلا من 3.4 مليون طن والحفاظ على جودة المخزون وتقليل نسبة الفاقد والتالف.
برامج حماية الفقراء
وسط الصراعات المحيطة والتحديات الجسيمة على المستوى الاقتصادي التي مرت بها مصر خلال عام 2024، لم تنسى القيادة السياسية الأسر الأكثر احتياجا والأشخاص الأولى بالرعاية، من خلال مشروع «حياة كريمة» وبرنامج «تكافل وكرامة».
ففي القطاع الاجتماعي استطاعت حياة كريمة تقديم العديد من المبادرات والفعاليات التي وصل عدد المستفيدين فيها إلى 2.5 مليون شخص منذ تدشين المؤسسة من خلال 15 مبادرة.
ووصلت أعداد المستفيدين من برنامج «تكافل وكرامة» إلى حوالي 21 مليون مواطن بما يعادل 5.2 مليون أسرة بحجم تمويل بلغ الـ41 مليار جنيه خلال عام 2024.
عجز المعلمين
وعلى مستوى التعليم، نجحت وزارة التربية والتعليم في التغلب على أكبر أزمات القطاع، المتمثل في العجز أعداد المعلمين من خلال إطلاق مسابقة تعيين 150 ألف معلم، بالإضافة إلى تطبيق نظام العمل بالحصة للمعلمين المحالين للتقاعد والاستعانة بخريجي الجامعات.
قطاع النقل وتوطين الصناعة
وفي قطاع النقل، نجحت الدولة في إنجاز العديد من المشروعات الضخمة لتسهيل حركة تنقل المواطنين، بافتتاح محطة قطارات صعيد مصر في محافظة الجيزة منتصف شهر 12 أكتوبر الماضي.
وبلغت تكلفة إنشاء محطة قطار بشتيل 2.5 مليار جنيه، وساهمت في توفير فرص عمل بحوالي 7500 وظيفة.
وعملت وزارة النقل على ملف توطين صناعات السكك الحديدية، وقامت الوزارة بالتواصل مع مجموعة من الشركات العالمية للاستثمار في مجال تصنيع وسائل النقل السككى، وذلك بهدف توفير العملة الصعبة ونقل الخبرة للعمالة المصرية وتصدير الفائض للدول الإفريقية والعربية.
ووقعت الوزارة 8 بروتوكولات تعاون مع شركات عالمية لإنشاء مصانع متخصصة في مجالات السكك الحديدية المختلفة، بالإضافة إلى مصنع سيماف التابع للهيئة العربية للتصنيع.