بسبب مواد الحبس.. قانون «المسئولية الطبية» ينذر بهروب الأطباء خارج البلاد
عقوبات الحبس تصل لـ10 سنوات.. وغرامات بنصف مليون جنيه بسبب الأخطاء الطبية
برلمانية: مشروع القانون لم يحصل على موافقة جماعية داخل لجنة الصحة بمجلس الشيوخ
«الملاح»: القانون يزيد من ظاهرة هجرة الأطباء للخارج.. وعلى المشرع تأجيله لمزيد من الدراسة
على غرار قانون الإجراءات الجنائية الذي لم يخرج للنور بعد، تسبب مشروع قانون المسئولية الطبية وحماية المريض، في حالة واسعة من الجدل والغضب واعتراضات نقابة الأطباء على العديد من مواده، لا سيما فيما يتعلق بالحبس الاحتياطى للأطباء، وطلبات المرضى بالتعويضات من مقدمي الخدمة الطبية، مقابل ما يتعرضون له من مضاعفات.
وأثارت مواد الحبس فى مشروع قانون «المسئولية الطبية وحماية المرضى» الغضب؛ بسبب تقنين الحبس الاحتياطي في القضايا المهنية، حال ارتكاب مقدمي الخدمة أخطاء طبية، بينما أبدت لجنة الصحة بمجلس الشيوخ اطمئنانها لردود وزارة الشئون النيابية على اعتراضات الأطباء نحو مشروع القانون.
وقال الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة والسكان، إن مشروع القانون يتعامل مع مصالح الأطباء والمرضى بـ«مشرط جراح».
وتضمن مشروع قانون المسئولية الطبية، عددا من العقوبات الرادعة وبينها الحبس في حق الأطباء، حال ارتكاب أخطاء جسيمة في حق المريض.
وتنص المادة 27 من مشروع القانون على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين من تسبب من مقدمي الخدمة بخطأه الطبي في وفاة متلقي الخدمة.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة خطأ طبي جسيم أو كان مقدم الخدمة متعاطيا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الطبي أو نكل وقت الواقعة عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين إذا نشأ عن الخطأ الطبي وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنين.
كما تضمنت المادة 28 من مشروع قانون المسئولية الطبية عقوبات أخرى في حق الأطباء، حيث تنص على: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيها أو بإحدى هاتين العقوبتين من تسبب من مقدمي الخدمة بخطأه الطبي في جرح متلقي الخدمة أو إيذائه.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا نشأ عن الخطأ الطبي عاهة مستديمة أو إذا وقعت الجريمة نتيجة خطأ طبي جسيم أو كان مقدم الخدمة متعاطيًا مسكرًا أو مخدرا عند ارتكابه الخطأ الطبي أو نكل وقت الواقعة عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك.وتكون العقوبة الحبس إذا نشأ عن الخطأ الطبي إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين.
ونظم مشروع قانون المسئولية الطبية، ضوابط الحبس الاحتياطي للأطباء، وفقا لما ورد في المادة 29 والتي تنص على أن تصدر أوامر الحبس الاحتياطي ومدته في الجرائم التي تقع من مقدم الخدمة أثناء تقديم الخدمة الطبية أو بسببها من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل أو من في درجته.
وتنص المادة 30 من مشروع قانون المسئولية الطبية على: للمجني عليه أو وكيله الخاص ولورثته أو وكيلهم الخاص أن يطلب من جهة التحقيق أو المحكمة المختصة، حسب الأحوال، وفي أي حالة كانت عليها الدعوى، إثبات الصلح مع المتهم في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وتأمر جهة التحقيق بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها ولو بعد صيرورة الحكم باتًا، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية، ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة أو على الدعوى المدنية.ويجوز أن يكون الإقرار بالصلح أمام لجنة التسوية الودية المشكلة وفقًا لأحكام هذا القانون، على أن يتم عرضه على جهة التحقيق أو المحكمة المختصة حسب الأحوال لاعتماده، ويترتب على الصلح ذات الآثار الواردة في الفقرة السابقة.
نقابة الأطباء تجدد رفضها لمشروع قانون المسئولية الطبية
فيما جددت النقابة العامة للأطباء رفضها لمشروع قانون المسئولية الطبية، بصيغته التى وافقت عليها لجنة الصحة بمجلس الشيوخ.
وقال أمين عام نقابة الأطباء، محمد فريد حمدى، إن النقابة صُدمت بموافقة اللجنة على الصيغة المطروحة لمشروع القانون بشكله الحالى، وعدم الاستجابة لأى تعديلات تقدمت بها النقابة.
وأوضح أن النقابة تدرس حاليا الإجراءات التى ستتخذها فى حال استمرار الوضع كما هو عليه، ولم يتم الاستجابة لطلبات النقابة.
وأكد أن الأصل فى التعامل مع هذه القضايا فى كافة دول العالم أن يتم تعويض المريض عن الضرر الذى لحق به، ما دام أن هذا الطبيب كان مؤهلا ويعمل فى تخصصه، ويعمل فى مكان مرخص ومجهز، فهذا الطبيب لا يتعمد إطلاقا إلحاق الضرر بالمريض، بالتالى حال وقوع ضرر يكون هناك تعويض لجبر الضرر.
وأشار إلى أن الإجراءات الجنائية يتم اتخاذها ضد الطبيب، فى حال عمل فى غير تخصصه، أو قام بإجراء يخالف قوانين الدولة ولوائح المهنة، منوهًا إلى ضرورة أن تكون اللجنة العليا للمسئولية الطبية ولجانها المتخصصة هى الخبير الفنى لجهات التحقيق والتقاضى، وتتلقى كافة الشكاوى المقدمة ضد مقدمى الخدمة الطبية بجميع الجهات المعنية وذات الصلة بتلقى شكاوى المواطنين بشأن الأخطاء الطبية.
برلمانية تطالب بإلغاء الحبس الاحتياطي من قانون المسؤولية الطبية
وفي سياق متصل، طالبت النائبة الدكتورة سلوى الحداد، عضو مجلس الشيوخ، بإلغاء الحبس الاحتياطي من قانون المسؤولية الطبية، مطالبة أن يكون الحبس الاحتياطي بعد تقرير فني يثبت إدانته.
فيما كانت المفاجأة التي كشفت عنها أحد أعضاء لجنة الصحة بالشيوخ، بأن الموافقة في اللجنة لم تكن بالإجماع على القانون، عكس ما قيل من موافقة لجنة الصحة على القانون بالإجماع.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور نصيف العفيفي عضو لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، إن مادة عقوبة الحبس التى يشملها مشروع القانون لأول مرة ضد الإهمال الطبى تشترط وجود تحقيق يثبت وقوع إهمال جسيم فقط، وليس مع الأخطاء الطبية ذات المفهوم الواسع، موضحا أن تفسير مادة حبس الأطباء تشترط وقوع إهمال جسيم، كالعمل تحت تأثير المخدر، أو إجراء عملية جراحية فى غير التخصص الطبى، أو العمل فى مكان غير مؤهل طبيا.
وأشار إلى أن إلغاء مبدأ الحبس للأطباء سيؤدي إلى الطعن على دستورية القانون؛ لتعارضه مع القانون.
ونبه «العفيفي» إلى أن القانون يتضمن إنشاء اللجنة العليا لتلقى الشكاوى من متلقى الخدمة الطبية ومقدميها، على نحو يكفل حق المريض وحق مقدم الخدمة الطبية معًا، وإنشاء صندوق تأمين حكومى يساعد الأطباء على دفع الغرامات والتسويات، ومادتين متعلقتين بفرض عقوبات وغرامات جراء التعدى على المنشآت الطبية ومقدمى الخدمة الصحية.
من جانبه أعرب النائب نبيل دعبس،عضو مجلس الشيوخ، عن تخوفه من إقرار وتطبيق القانون على أرض الواقع فى الوقت الحالى، مشيرا إلى أن القانون قد يفتح الباب لمطالبات عديدة من المرضى بالحصول على تعويضات من الأطباء أو مقدمى الخدمات الطبية، بمجرد تعرضهم لأى مضاعفات فى مراحل الكشف أو التدخل الطبى، وهو الأمر الذى يستحق التأنى فى الدراسة فى الوقت الحالى، لا سيما فى ظل الظروف الاقتصادية التى يمر بها المواطنون.
ودعا «دعبس»، إلى تأجيل مشروع القانون فى الوقت الحالى، وإجراء حوار وطني حول القانون.
وقال الدكتور حسام الملاح، عضو مجلس الشيوخ، إن هناك نقطة مهمة كان لا بد توضيحها فى مشروع القانون، وهى المضاعفات التى قد يتعرض لها المريض، متابعًًا: «كان على المجلس الصحى أن يعد كتيبا بالمضاعفات التى من الممكن حدوثها».
وأشار «الملاح»، إلى أن ذلك القانون قد يزيد من ظاهرة هجرة الأطباء للخارج، داعيا للتأني فى إعداد القانون وتأجيله لمزيد من الدراسة والعمل على تطوير