رئيس التحرير
خالد مهران

علي جمعة يوضح معني " التوكل على الله"

على جمعة
على جمعة

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان التوكل على الله يلزم منك الثقة بالله؛ ثق في الله أكثر مما تثق بما في يدك. والثقة بالله والتوكل عليه يقتضيان التسليم لأمره، أي الرضا بفعل الله. وهذا الرضا يجعلك هادئ النفس، ويجعلك تواجه الناس بقلبٍ مفتوح، وبصدرٍ رحب، وبابتسامة لا تغادر وجهك أبدًا. 

 

واضاف علي جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان مشايخنا -رضي الله تعالى عنهم- ممن منَّ الله علينا بإدراكهم، علمونا أنهم كانوا في حالة رضا وتسليم وتوكل على الله. فكان يأتي أحدهم ليشكو له ظلمه للناس ومعصيته، فلا يعنفه، بل يرشده ماذا يفعل من غير محاسبة، ويقوم من عنده وقد هدأت نفسه، وفُتحت له أبواب الرحمة. وقد يمنُّ الله سبحانه وتعالى عليه بالخير والهداية. وكان الشيخ يحفظ سره فلا يفضحه، وإذا ذُكر عنده بسوء لا يخوض فيه، لأنه من الممكن أن يكون الله قد هداه، فتتحول إلى غيبة ونميمة. 

 

لذلك، كان أحدهم -من المشايخ- يرى نفسه أسوأ الناس، ويقول: "أنا أسوأ الناس". وعندما يقال له: والذي كان عندك الآن، الذي لم يترك معصية إلا ارتكبها؟ يقول: "يمكن عند ربنا من كبار الأولياء. أنا لا أعرف! هل أنا الذي خلقته؟ أنا لا أعرف ما الذي حدث له.

 

أنا لا أعرف ماذا عمل الآن بعد ما خرج من عندي. أنا لا أعرف مكانته عند الله. يا ابني، هو أنا ربنا لكي أعرف الحكاية كلها؟". 

فقيل له: أليس من واجبك أن تُنكر المعصية؟ فقال: "يا ابني، أنا أُنكر المعصية ليل نهار، ولكن أنا لا أحكم على أحد. فإذا قلت لي سمعت، تكون "كذابًا". وإذا قلت رأيت، تكون "فاجرًا"، لأنك لم تستر على أخيك. وإذا شاركته، فأنت وهو سيان. فلماذا أتيت لكي تذكره بسوء؟". 

 

فكان مشايخنا -رضي الله تعالى عنهم- يعلموننا بسلوكهم أن "دع الخلق للخالق". ثانيًا: توكل على الله فتُسلِّم وتثق وترضى، فتهدأ نفسك؛ فتُعامل الخلق بمعاملة هي أقرب ما تكون إلى باب الهداية. 

 سفهاء الأحلام

وتابع علي جمعة:"رأينا في زماننا أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يريد أحدهم أن يدخل بينك وبين جلدك، وينظر إليك بتكبر وتعالٍ لأنه يرى نفسه أفضل منك. فمن وجهة نظره -القاصرة- أنه طائع وأنت عاصٍ. وهذا هو الكبر. وما دام الكبر قد دخل قلبه، فقد فسد. وإذا فسد القلب، فإنا لله وإنا إليه راجعون. قال سيد الخلق ﷺ: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ». 

 

إذًا، ربنا رب القلوب، فلماذا التدخل في خلق الله؟ «طوبَى لمن شغلَهُ عيبُهُ عن عيوبِ النَّاسِ». انعكست الأحوال، وإذ بهؤلاء يشغلهم، والعياذ بالله، عيوب الناس عن عيوب أنفسهم.