طموحات السعودية لكأس العالم 2034 والعقبات التي تقف في طريقها
تم اختيار المملكة العربية السعودية رسميًا كدولة مضيفة لكأس العالم لكرة القدم 2034، لتصبح ثاني دولة خليجية تستضيف البطولة الأكثر شهرة في كرة القدم بعد قطر في عام 2022، وقد لفت هذا الإعلان، الذي صدر الشهر الماضي، الانتباه العالمي وأثار جدلًا حادًا.
في حين تشترك المملكة العربية السعودية وقطر في أوجه التشابه - فكلاهما ملكيات مطلقة تعتمد اقتصاداتها على صادرات الطاقة والعمالة الأجنبية - فإن الاختلافات في التركيبة السكانية والتحديات الاقتصادية والدوافع الاستراتيجية تسلط الضوء على الأهمية الفريدة لهذا الحدث بالنسبة للمملكة العربية السعودية.
وعلى عكس قطر، التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة فقط - منهم أكثر من 300 ألف مواطن كامل الأهلية - فإن المملكة العربية السعودية موطن لـ 33 مليون شخص، 19 مليون منهم يحملون جنسيتها.
ومع معدل بطالة يبلغ 5% مقارنة بـ 0.13% في قطر في عام 2023، ولكن تواجه المملكة العربية السعودية تحديات أكثر إلحاحًا في خلق فرص العمل وتنويع اقتصادها بعيدًا عن اعتمادها على النفط لعقود من الزمن.
ولذلك، فإن استضافة كأس العالم تتماشى مع رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الطموحة 2030، والتي تهدف إلى توسيع اقتصادها من خلال تعزيز السياحة وجذب الاستثمار الأجنبي وتطوير قطاعات اقتصادية جديدة.
وتعد الأحداث الضخمة مثل كأس العالم هي أدوات قوية للدبلوماسية العامة والنمو الاقتصادي، والمخاطر عالية بشكل استثنائي بالنسبة للملكية الخليجية. البطولة هي الحدث الرياضي الأكثر مشاهدة في العالم، حيث يقدر عدد المشاهدين بنحو 5.4 مليار مشاهد و3.4 مليون زائر خلال نسخة قطر 2022.
ويمثل هذا فرصة هائلة للمملكة العربية السعودية لعرض جهودها التحديثية، وجذب الانتباه العالمي، والترويج لصورتها كدولة تتطلع إلى المستقبل.
اختبار نهائي لرؤية بن سلمان
أحد الجوانب البارزة في عرض المملكة العربية السعودية لاستضافة كأس العالم هو إدراج نيوم كمدينة مضيفة، وهو مشروع مدينة ضخمة طموح بقيمة 500 مليار دولار تم بناؤه على البحر الأحمر، ومن المتوقع أن يستوعب 300 ألف نسمة بحلول عام 2030.[viii] إن استضافة المباريات في مدينة لا تزال بحاجة إلى الإنشاء يرمز إلى الرؤية الجريئة لأجندة بن سلمان ولكنه يثير أيضًا تساؤلات حول جدوى وتكاليف مثل هذا التعهد.
وعدت المملكة العربية السعودية بـ 11 ملعبًا للبطولة، والتي "لم يتم بناؤها بعد"، وفقًا للرياض، بالمقارنة ببناء مدينة من الصفر وبالنظر إلى الاستثمار الذي تستعد المملكة لتقديمه، فقد لا يبدو بناء 11 ملعبًا مشكلة كبيرة.
وفي مقابلة بودكاست حديثة، ناقش كريستيان أولريشسن، مؤلف كتاب يتناول تحول المملكة العربية السعودية إلى مركز لكرة القدم، كيف أصبح بن سلمان، المعروف باهتمامه بألعاب الفيديو، من المؤيدين المتحمسين لكرة القدم.
انتقادات مؤثرة
ومع ذلك، أثار المنتقدون مخاوف كبيرة، وكما كانت الحال مع الاستثمارات الرياضية السعودية السابقة، مثل الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد أو التعاقد مع كريستيانو رونالدو، فإن استضافة كأس العالم ينظر إليها كثيرون باعتبارها مثالًا آخر على "غسيل الرياضة" ــ أي استخدام الأحداث الرياضية البارزة لتحسين سمعة الدولة العالمية مع صرف الانتباه عن القضايا المحلية المثيرة للجدال.
وتشمل القضايا الأكثر إثارة للجدال أيضًا معاملة العمال المهاجرين، الذين سيلعبون دورًا حاسمًا في تشييد البنية الأساسية اللازمة للبطولة، ويخشى المنتقدون أن تظل حماية العمال غير كافية، مما يعرض العمال للاستغلال والظروف السيئة.