رئيس التحرير
خالد مهران

بالمستندات.. «الآثار» تهدر 155 مليون جنيه في ترميم «قصر إسماعيل باشا»

قصر اسماعيل باشا
قصر اسماعيل باشا

كشف تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات، بشأن فحص مشروع ترميم قصر إسماعيل باشا المفتش، عن مخالفات مالية جسيمة ارتكبها المجلس الأعلى للآثار -التابع لوزارة الآثار- في أعمال ترميم القصر التي لم تنته بعد رغم مرور سنوات طويلة على إسنادها لشركات المقاولات، ونتج عن تلك المخالفات إهدار أكثر من 155 مليون جنيه ذهبت في جيوب شركات المقاولات.

ويعد قصر إسماعيل المفتش قصرا أثريا يقع في ميدان لاظوغلي بمنطقة وسط البلد بالقاهرة، حيث كان يمتلكه إسماعيل باشا المفتش وزير المالية في عهد الخديوي إسماعيل والذي كان شقيقه في الرضاعة، وحاليًا القصر تمتلكه الحكومة، وهو مسجل بالقرار الوزاري رقم 14 لسنة 1986 كمبنى أثري.

ويعاني قصر إسماعيل باشا المفتش من شروخ ووجود حوائط آيلة للسقوط، بالإضافة لوجود 200 موظف يعملون بالمبنى، وهناك عدة تقارير تفيد بأن القصر يعانى من عدة مشاكل، أبرزها ظهور تبلور للأملاح على جدران المبنى، كما توجد حوائط توشك على السقوط وتم سندها، وظهور بعض الشروخ على المبنى، ومنها شرخ كبير جدًا يصل بين الحوائط الداخلية والخارجية للمبنى طوله 17 سم بعرض 5 أمتار، ويوجد تساقط للأسقف وتآكل في أرضيات بعض الغرف.

وحول تفاصيل أعمال ترميم قصر إسماعيل باشا، قال تقريرالجهاز المركزي للمحاسبات- الذي حصلت «النبأ» على نسخة منه- إنه تبيّن خلال فحص مشروع ترميم القصر وبعض ملحقاته وجود بعض الملاحظات، حيث تم التعاقد مع إحدى الشركات للقيام بأعمال تطوير وترميم القصر على أن تكون مدة التنفيذ 48 شهرًا من تاريخ استلام الموقع وتحرير محضر الاستلام، إلا أنه تبين إبرام العديد من العقود التكميلية اللاحقة على العقد الأصلي تم بمقتضها إسناد أعمال إضافية وبنود مستجدة للشركة المنفذة ومنحها مددا إضافية، لكن تلك الأعمال لم تنفذ في المدد المحددة، وبلغ جملة ما تم صرفه من مستخلصات أعمال وفروق أسعار نحو  155.485 مليون جنيه.

وأكد التقرير الرقابي، أنه تبيّن عدم الانتهاء من أعمال التطوير والترميم الخاصة بالمشروع، حيث لم تتجاوز نسبة الانجاز والتنفيذ 53% من قيمة الأعمال، رغم مرور أكثر من أربعة عشر عامًا من تاريخ التعاقد، ويرجع ذلك إلى وجود تقاعس من الشركة المنفذة في تنفيذ الأعمال بما لا يتناسب مع انتهاء المدة التعاقدية، وتم عرض الأمر على مشرف قطاع المشروعات لإحالة الموضوع للجنة البت العليا، وأفاد بإعادة الدراسة الفنية في ضوء أعمال درء الخطورة العاجلة المطلوبة للتدعيم الإنشائي للأثر.

وأضاف التقرير، أنه تبيّن عدم قيام الشركة بتلافي أي من الملاحظات الخاصة بأعمال الكهرباء التي نفذتها بالمشروع، حيث أحدثت تلفيات وأضرار بإحدى شبكات الكهرباء؛ مما أدى إلى حدوث ماس كهربائي وحريق بالمبنى، فضلًا عن عدم تقديم الشركة لشهادات الاختبار الخاصة بلوحات الكهرباء والرسومات المعتمدة من استشاري المشروع لأعمال الكهرباء في القصر والملحقات والواجهات، وعدم اعتماد المستخلص فيما يخص أعمال الكهرباء.

وأشار التقرير الصادر من الجهاز المركزي للمحاسبات إلى أن توقف الأعمال لفترات طويلة أدى إلى حدوث تصدعات بجميع المباني وزيادة الشروخ وحدوث تدهور عام في الحالة الإنشائية للقصر وملحقاته، وذلك طبقًا للتقارير الاستشارية التي تتطلب مددا إضافية لاستكمال المشروع.

وأوضح التقرير، أن الجهاز المركزي للمحاسبات طالب المجلس الأعلى للآثار بضرورة إحالة الموضوع للجنة البت العليا لإعمال شئونها لإبداء الرأي القانوني في العقد المبرم والدراسة الفنية المعدة في ضوء خطورة الوضع الإنشائي واتخاذ كافة الإجراءات القانونية لحث الشركة على تلافي الملاحظات الخاصة بأعمال الكهرباء، وقيد المبالغ المصروف التي تخص الملاحظات بحسابي الديون المستحقة للحكومة وتسوية مطلوبات الحكومة طرف الشركة المنفذة وخصمها من مستحقتها.

«الأعلى للآثار» يستحوذ على 108.792 مليون جنيه من مستحقات «المالية» فى الصناديق الخاصة

من جهة أخرى، كشف التقرير الرقابي عن قيام المجلس الأعلى للآثار بسداد نسبة 50% قيمة الفائض المرحل من الصناديق الخاصة بالمجلس لوزارة المالية لكن بالأقل من المستحق بإجمالي مبلغ 108.692 مليون جنيه، وذلك بالمخالفة للتعليمات الصادرة من وزارة المالية والتي نصت على «ترحيل فائض الصناديق والحسابات الخاصة وكذلك الموارد الذاتية للمجلس الأعلى للآثار للعام المالي المنتهي في 30-6- 2023 إلى العام 2024/2023، وسداد نسبة الـ50% من فائض الصناديق والحسابات الخاصة لوزارة المالية».

وأوضح التقرير الرقابي، أن الجهاز المركزي للمحاسبات قد طالب المجلس الأعلى للآثار بضرورة اتخاذ الإجراءات الخاصة لسداد مستحقات وزارة المالية من فائض الصناديق والحسابات الخاصة الكائنة بالمجلس، والبالغ جملتها نحو 108.792 مليون جنيه، من أجل الحفاظ على المال العام.

ولفت التقرير الرقابي، إلى أنه بفحص حسابات المجلس الأعلى للآثار تبين، تضمين حسابي الديون المستحقة للحكومة وتسوية مطلوبات الحكومة مديونيات بلغ جملة ما أمكن حصره منها نحو أكثر من 239 مليون جنيه تمثل قيمة المصروفات على نفقات ترميم وصيانة العقارات الأثرية والتاريخية المسجلة والتابعة لكل من وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف وهيئة الأوقاف القبطية.


وأشار التقرير، إلى وجود مبلغ 16 ألف جنيه طرف الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي نتيجة صرف مستحقات لبعض العاملين دون وجه حق أو مسددة بالزيادة ولم تقم الهيئة باسترداد المبالغ المسددة بالخطأ، إلى جانب نحو 15 ألف جنيه تمثل قيمة المبالغ المصروفة على إزالة التعدي على منطقة تونة الجبل بمنطقة آثار مصر الوسطى دون اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحصيلها، وطالب الجهاز المركزي للمحاسبات المجلس الأعلى للآثار بتحصيل تلك المبالغ حفاظًا على حقوق المجلس.

مستند