رئيس التحرير
خالد مهران

شيخ الأزهر يرد على أخطر أسئلة الأطفال عن الجنة ورؤية الله وغزة

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر

يكشف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في الجزء الثانى من كتاب “الأطفال يسألون”، الذي صدر حديثا، أسئلة كثيرة تدور في ذهن الأطفال الصغار لا يستطيع الكبار الإجابة عنها أحيانًا، وفى هذا التقرير نرصد أبرز أسئلة أجاب عنها فضيلة الإمام الأكبر وذلك على النحو الآتى:

لا أحب شكل أنفي فهو ضخم جدا وأشعر بالخجل دائمًا من شكلي، وهذا يفقدني الثقة في نفسي وأريد أن أجري عملية تجميل لتحسين شكله في المستقبل القريب.. فهل هذا حرام؟ وهل يعد تغييرا في خلق الله ؟

 

ابنتي العزيزة.. ليس معنى قوله تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ... [ النساء: ١١٩]، أن أي تغيير في خلقة الآدمي محرم، والآية لها معان أخرى غير التغيير في خلقة الآدمي، مذكورة في كتب التفسير "، وفي مثل الحالة المذكورة لا مانع من إجراء تلك العملية لتحسين شكل الأنف، وهذا يدخل في باب العلاج ما دام كان شكله غير طبيعي ويؤدي إلى ما ذكرتيه يا ابنتي من الأذى النفسي، إذ مقرر في الشريعة أن: «الضرر يزال ) ؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ) (۳) ، فهذا لا يُعدُّ من قبيل التغيير المحرم، وإنما من قبيل العلاج الذي دعت إليه الشريعة في قوله صلى الله عليه وسلم: تَدَاوَوا ؛ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَم يَضَع دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاء.

 

هل السخرية ممن نشاهدهم على شاشة التليفزيون أو في فيديوهات مواقع التواصل الاجتماعي أنا وصديقاتي تعد من النميمة التي نحاسب عليها؟

 

ابنتي الحبيبة.. اعلمي أن القرآن الكريم قد نهى عن السخرية من الآخرين بنص صريح قاطع، فقال تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات:١١]، وعلى ذلك فالسخرية من الناس محرمة سواء أسمعوا هذه السخرية أم لم يسمعوها، وسواء أكانت من وراء الشاشات أم في المجالس والندوات، كل ذلك محرم ممنوع، وهو من قبيل الغيبة المنهي عنها، لأنه يدخل تحت ذكر الناس بما يكرهونه.

 

هل سيحاسبنا الله كأفراد لأننا لم نفعل شيئًا لغزة ؟

 

أبنائي وبناتي.. الحساب من الأمور القطعية التي يجب الإيمان بها، وقد دلّ عليه القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، كما دَلَّت نصوص السنة النبوية على أن الإنسان لن تزول قدمه يوم القيامة حتى يُسأل عن أربعة أمور: عن عمره فيما أفناه، وعن عِلمِهِ فيمَ فعل، وعن ماله من أينَ اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه.

ويفهم من ذلك أن الحساب متعلق بما يملكه الإنسان ويدخل في نطاقه فقط، فمن عاش فقيرا ليس له مال مطلقًا فلا شك أنه لن يُسأل عن المال... وهكذا.

وعلى ذلك فنطاق الحساب يقع على ما يستطيعه الإنسان ويملكه فقط، فمن مَلَكَ المال ولم يساعد إخوانه وبخل عليهم سيحاسب على ذلك.

أما ما يتعلق بالقرارات السياسية والمسئولية الدولية، فإنه يُسأل عنه من بيده تلك الأمور لا كل أفراد الأمة، وكلنا حزن لهذا الصمت العالمي والتخاذل الدولي في نصرة شعب أطبق عليه الظلم لأكثر من سبعين عاما.

هل سنرى الله تعالى في الجنة؟

نعم يا أبنائي، لا شك في أن المؤمنين يرون ربهم سبحانه وتعالى في الجنة وهو أعظم نعيمها،قال

 

عز وجل: “وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ، ويقول أيضًا: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ، فالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله تعالى”.

 

كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ»، قَالَ: يقول اللهُ تَبارَكَ وتَعالَى: تُرِيدُونَ شيئًا أزِيدُكُمْ؟ فيقولونَ: أَلَمْ تُبَيِّضُ وُجُوهَنَا ؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الجَنَّةَ، وتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الحِجَابَ، فَمَا أَعْطُوا شيئًا أَحَبَّ إِلَيهِم مِنَ النَّظَرِ إِلى رَبِّهِمْ عَزَّ وجلَّ»، ثُمَّ تَلا: هذه الآيَةَ: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وزيادة.

 

ومن الأدلة التي تُؤكّد ذلك أيضًا: قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تَضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَلَّا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ، وعلى ذلك فرؤية الله تعالى ثابتة لعباده المؤمنين في الجنة.

 

 

أفكر أحيانًا في بعض قصص القرآن الكريم مثل قصة سيدنا نوح عليه السلام أو غيرها، وأشعر بالشك في صحتها، وأخاف من شعوري هذا.. فماذا أفعل؟

 

 

التفكير يا بني فريضة إسلامية، والتساؤلات مقبولة - مهما كانت ما دام كانت من أجل التعلم لا التعنت، والشك المنهجي أسلوب علمي سلك سبيله عدد من العلماء والفلاسفة، لكن هناك مجالات لا يدخلها الشك، ومنها الأمور الثابتة بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولو فتحنا باب الشك في كل شيء لصارت الأمور كلها إلى العبث، لكن يمكن لمن وجد في نفسه شيئًا من ذلك أن يدفعه بجملة من الحقائق العلمية التي تؤكد صواب ما جاء به القرآن الكريم

 

وأول هذه المؤكدات أن القرآن الكريم، وكل ما ورد فيه من قصص وغيرها هو كلام الله، ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله قيلا..وكلامه تعالى حق وصدق، لا ريب فيه.

 

الثاني: أن هذه القصص حقائق تاريخية لم ينفرد القرآن الكريم بذكرها، بل منها ما هو موجود في الكتب السماوية السابقة على القرآن الكريم.

 

 

الثالث: أن هناك مؤكدات علمية تدل على صواب قصة سيدنا نوح عليه السلام وغيرها من القصص الواردة في القرآن الكريم.

 

الرابع: ضرورة اللجوء إلى أهل العلم الثقات لاستيضاح ما قد يطرأ على العقل من تساؤلات تحتاج إلى إيضاح حول نصوص القرآن والسنة؛ فرد الأمر إلى المتخصصين يزيل ما قد يكتنف النص من لبس أو إبهام، قال عز وجل: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: ٨٣].

 

الخامس: لا بد من الاستعاذة بالله تعالى من همزات الشيطان ووساوسه، التي يلقيها في نفس الإنسان؛ إذ إن الشيطان يسعى دائما إلى إضلال الخلق وتشكيكهم في ثوابت دينهم، قال جل شأنه: ﴿ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾.

 

أحيانا أتمنى السوء لبعض زملائي الذين يضايقونني ويتنمرون علي في المدرسة، وأدعو عليهم في نفسي أن يحدث لهم شيء سيئ.. فهل سيحاسبني الله على ذلك؟

ابني الحبيب.. اللجوء إلى الله تعالى في أوقات الضيق والهم والكرب من الأمور المستحبة التي تريح الإنسان وتخرجه من ظلمات نفسه إلى نور ربه وهؤلاء الذين يؤذون الناس ويضايقونهم ويتنمرون عليهم على خطر عظيم، ويقترفون جرمًا كبيرًا وذنبًا عظيمًا، ولا حرج أن يطلب الإنسان من ربه ما يريد، ولكن علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نطلب للناس الهداية ولا نستعجل لهم العذاب، فبعد أن كسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم وجُرح وجهه الشريف وسال الدم منه وكادوا يقتلونه يوم أحد قال: «اللهم اغفر لقوي فإنهم لا يعلمون، فالأفضل الدعوة لهم بالهداية لا الدعاء عليهم بالهلاك.

ومن دعا على من آذاه وظلمه فلا شيء عليه، قال عز وجل: ﴿وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ، وينبغي على من تعرض لذلك أن يطلب المساعدة من أهله أو أساتذته، وأن يتم التعامل مع هذا الأمر بحكمة بحيث يعرف المعتدي أنه اعتدى فيمتنع عن الأذى الذي يسببه للناس، ويحافظ على نفسية هؤلاء الذين تعرضوا الحالات من التنمر والأذى.