رئيس التحرير
خالد مهران

3 أزمات تهدد بفشل موسم عيد الفطر السينمائى 2025

النبأ

لطالما كان موسم عيد الفطر السينمائي ساحةً لأشرس المنافسات، حيث تتسابق الأفلام الضخمة لحصد الإيرادات وتحقيق النجاح الجماهيري.

لكن هذا العام، المشهد يبدو مختلفًا؛ غياب نجوم الصف الأول، عدد محدود من الأفلام، ومستوى إنتاجي لا يعكس تاريخ السينما المصرية، فهل أصبح العيد موسمًا هامشيًا بعد أن كان الأهم؟ هل تواجه الصناعة أزمة إنتاجية وتسويقية؟، أم أن الجمهور نفسه تغير ولم يعد ينجذب للسينما كما كان؟، أسئلة كثيرة يطرحها موسم يفتقد إلى الزخم، ويثير القلق حول مستقبل الفن المصري نحاول الإجابة عنها خلال السطور التالية.

«ريستارت» بين التأجيل والمشاركة

من بين الأفلام التي أثير حولها الجدل، يأتي فيلم "ريستارت"، الذي لم يُحسم حتى الآن موعد طرحه رسميًا.

الفيلم من بطولة تامر حسني، وهنا الزاهد، وباسم سمرة، ومحمد ثروت، وميمي جمال، وإخراج سارة وفيق. ويعد التعاون السينمائي الثاني بين تامر حسني وهنا الزاهد بعد فيلم "بحبك".

تدور أحداث الفيلم في إطار رومانسي كوميدي، حيث يجسد تامر حسني دور مهندس، بينما تلعب هنا الزاهد دور فتاة شعبية من حي شبرا، وتنشأ بينهما قصة حب مليئة بالمفارقات والمواقف الطريفة.

وكان مؤلف العمل أيمن بهجت قمر قد شارك قبل أيام بوستر الفيلم مرفقًا بكلمة "Soon"، عبر صفحته الرسمية على إنستجرام، مما أثار التكهنات حول موعد طرحه، إلا أن الأخبار المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي من المقربين لتامر حسني تشير إلى تأجيل الفيلم ليُعرض قبل عيد الأضحى بأسبوع، وهو ما لم يتم تأكيده رسميًا حتى الآن.

أعمال مؤكدة

ورغم الحديث عن تأجيل بعض الأعمال، تأكد عرض فيلم "نجوم الساحل" – بطولة أحمد داش، مايان السيد، علي صبحي، أحمد عبد الحميد، علي السبع، مالك عماد، تميمة حافظ، ومغني الراب فليكس.

تدور أحداث الفيلم في إطار اجتماعي كوميدي، حيث يحكي قصة حب تجمع بين شاب وفتاة، ويقرر الشاب السفر إلى الساحل الشمالي رفقة صديقه لمقابلتها.

كما تأكد عرض فيلم "سيكو سيكو" – بطولة عصام عمر، طه دسوقي، علي صبحي، باسم سمرة، خالد الصاوي، تارا عماد، ديانا هشام، أحمد عبد الحميد، ومحمود صادق حدوتة.

يجمع الفيلم بين الكوميديا والتشويق، حيث يحكي عن شابين، يعمل أحدهما في شركة شحن والآخر لاعب "ألعاب فيديو"، لكنهما يتورطان في مشكلة تعرضهما لمواقف خطيرة.

فيلم «الصفا الثانوية بنات»

تدور أحداث الفيلم داخل مدرسة "الصفا" الثانوية للبنات، حيث يشارك في بطولة الفيلم كل من محمد ثروت في دور ناظر المدرسة، وأوس أوس في دور العامل، وسارة الشامي في دور المدرسة.

كما يحل نجم كرة القدم عصام الحضري ضيف شرف، حيث يجسد شخصية مدرب لأحد الفرق المتنافسة في المسابقة.

الفيلم من تأليف وليد أبوالمجد وأمين جمال، ومن إنتاج أحمد السبكي وكريم السبكي. من المقرر عرض الفيلم في جميع دور السينما المصرية خلال موسم عيد الفطر 2025.

مستوى هزيل

من جانبه، قال الناقد الفني الدكتور طارق سعد، إن الأفلام المعروضة حاليًا تفتقر إلى المنافسة القوية، مرجعًا ذلك إلى أزمة الإنتاج السينمائي، التي تفاقمت بسبب الارتفاع الكبير في تكاليف الصناعة، بدءًا من أجور النجوم، مرورًا بالمعدات، وصولًا إلى تكاليف التسويق والتوزيع.

وأوضح «سعد» -في تصريح خاص لـ«النبأ»- أن هذه الأزمة أثرت بشكل مباشر على عدد الأفلام المنتجة سنويًا، حيث أصبح المنتجون يحسبون ألف حساب قبل الشروع في تنفيذ أي فيلم، الأمر الذي أدى إلى اختفاء العديد من شركات الإنتاج الكبرى التي كانت تسيطر على السوق في الماضي، مثل "العدل جروب"، و"العربية"، و"الإخوة المتحدون"، وهي الشركات التي قدمت أعمالًا ضخمة لنجوم كبار مثل أحمد السقا، وكريم عبد العزيز، ومحمد هنيدي، وعادل إمام.

وأشار إلى أن انسحاب هذه الشركات أثّر بشدة على سوق السينما، موضحًا أن الإنتاج الحالي يعتمد على منتجين صغار أو متوسطين، وهو ما أدى إلى غياب التوليفات القوية التي تضمن نجاح الفيلم، خاصة في مواسم الأعياد التي تتطلب أعمالًا جماهيرية ضخمة.

وأضاف «سعد»: «موسم عيد الفطر كان يعتمد بشكل أساسي على أفلام السبكي، التي كانت تملأ هذا الموسم بأعماله المتنوعة، لذلك لم يكن غياب النجوم مؤثرًا بالشكل الذي نراه الآن، لكن مع انسحاب محمد السبكي من السوق، انكشف موسم عيد الفطر بشكل واضح، وأصبح الإنتاج السينمائي في هذا التوقيت ضعيفًا للغاية».

وأوضح أن طبيعة موسم عيد الفطر تختلف عن عيد الأضحى، حيث إن الجمهور يخرج من شهر رمضان متشبعًا بالدراما الثقيلة، بعد متابعة أكثر من 50 مسلسلًا، لذلك لا يكون لديه دافع لحضور أفلام جادة أو معقدة، بل يميل إلى مشاهدة أفلام خفيفة وكوميدية لا تحتاج إلى تفكير، وهو ما يجعل البعض يصف هذه الأعمال بأنها «تافهة»، لكنها في الحقيقة مجرد أفلام خفيفة تناسب طبيعة الموسم.

وأكد «سعد»، أن السينما المصرية تعاني من غياب نجوم الجيل الذهبي الذين صنعوا مجدها في العقدين الماضيين، مثل أحمد السقا، وكريم عبد العزيز، ومنى زكي، موضحًا أن الجيل الجديد لم يستطع تعويض هذا الغياب، مما أثر على قوة الصناعة، قائلًا: «زي ما كنا بنقول إن فيه جيل استثنائي في كرة القدم، نفس الكلام ينطبق على السينما، النجوم اللي كانوا موجودين كانوا استثنائيين، واللي جه بعدهم مش بنفس القوة».

وأشار إلى أن الإنتاج السينمائي أصبح يعتمد على الربح السريع، دون الاهتمام بالجودة الفنية، قائلًا: «السينما كانت صناعة وتجارة، لكنها تحولت إلى تجارة فقط، دلوقتي المنتج بيعمل الفيلم عشان يقلب قرشين، ويسوقه للخليج، مستوى الكوميديا في الخليج بيضحك على اللي إحنا ما بنضحكش عليه، أي حاجة بتضحكهم».

وأضاف أن «موسم الرياض» استقطب وقت النجوم على مدار العام، وأصبحوا يحصلون من هذه العروض على أجور أعلى من أجورهم في الأفلام، مما قلل من فرص مشاركتهم في مشاريع سينمائية جديدة.

وأوضح «سعد»، أن الإنتاج السينمائي أصبح يعتمد على وجوه جديدة حققت نجاحًا على المنصات أو في المسلسلات الرمضانية، مثل طه دسوقي وعصام عمر، لكن حجم جماهيريتهم لا يتناسب مع صناعة فيلم سينمائي ضخم بالمعايير التقليدية.

وعن الحلول الممكنة لإنقاذ الصناعة، أكد «سعد» أن عودة شركات الإنتاج الكبرى للسوق أمر ضروري، مقترحًا أن تتحد عدة شركات لإنتاج فيلم أو اثنين سنويًا بمستوى إنتاجي ضخم، على غرار فيلم "كيرة والجن"، الذي استغرق تحضيره فترة طويلة وحقق نجاحًا كبيرًا، مضيفًا: «إنتاج فيلم تقيل النهاردة أصبح صعب جدًا على شركة واحدة، لكن لو اتحدت الشركات في عمل أو اثنين، ممكن يرجع التوازن للسوق».

وفيما يخص غياب تامر حسني عن موسم عيد الفطر، قال «سعد»: «محدش عارف فيلمه هينزل ولا لا، لكن تامر نجم كبير وله جمهوره، ويناسب جدًا موسم عيد الفطر لأنه فرفشة وضحك وحدوتة خفيفة. لكن لو نزل في عيد الأضحى، هيدخل منافسة باسمه مع نجوم كبار».

واختتم الناقد الفني طارق سعد، تصريحه قائلًا: «المستوى العام لأفلام عيد الفطر هزيل، ولا يتناسب مع مكانة مصر كـ "هوليوود الشرق"، عندنا دور عرض على أعلى مستوى، ومولات مجهزة بأحدث التقنيات، لكن في النهاية بنلاقي 3 أفلام مستواها متوسط أو أقل من المتوسط، ودي حاجة تحزن، السينما لازم تاخد دعم من الدولة ورجال الأعمال، لأن الصناعة عمرها ما كانت قايمة على المنتج لوحده».

استخفاف بالسينما

فيما أعرب الناقد السينمائي عماد يسري، عن استيائه من قلة عدد الأفلام المعروضة في موسم عيد الفطر للعام الثاني على التوالي، قائلًا: «من المحزن أن يصل عدد سكان مصر إلى 110 ملايين نسمة تقريبًا، ومع ذلك لا يتجاوز عدد أفلام عيد الفطر عدد أصابع اليد الواحدة. فالسينما المصرية كانت المتصدرة في العالم العربي، والآن تأتي استثمارات للأفلام المصرية من سوق الخليج، لكنها تُطرح بعدد محدود، وهو ما يعد للأسف استخفافًا بالسينما المصرية من قِبَل صُنّاعها».

وأضاف «يسري»: «معظم الأفلام المطروحة تنتمي إلى فئة الكوميديا السريعة، حيث يتم إنتاجها بتكلفة منخفضة وفي وقت قصير، ويتم تسويقها بشكل أكبر للخليج، فهي سينما تجارية تُطرح خصيصًا لموسم العيد».

وعن فيلم «ريستارت» للفنان تامر حسني، قال «يسري»: «تامر حسني يتمتع بذكاء في اختيار توقيت وأماكن طرح أعماله، فهو يدرك جيدًا متى وأين يعرض أفلامه، وبالطبع هناك حسابات خاصة بالتوزيع الخارجي والتوقيت، فنحن لا نعرف كل التفاصيل، لكنها تلعب دورًا أساسيًا في قرارات الطرح والمنافسة مع مين».

FB_IMG_1742827447065