بالفيديو.. محلل سياسي يكشف تفاصيل مخطط لإعادة تشكيل المشهد بالسودان

كشف الباحث الاستراتيجي المتخصص في الشئون الإفريقية أمية يوسف حسن أبو فداية، النقاب عن إن دعوة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى “G7” خلال مؤتمر عقدته في العاصمة البريطانية لندن، إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في السودان أثارت استياء السلطات السودانية.
كما أكد أن التطورات تشير إلى أن بعض القوى الغربية وفي مقدمتها بريطانيا والولايات المتحدة، تحاول فرض مقاربة تعيد رسم خريطة السلطة في السودان وتشكيل المشهد السياسي في السودان وفقا لمصالحها متجاوزةً الاعتبارات الوطنية وميزان الشرعية، فالغرب يتعامل مع طرفي النزاع "الجيش السوداني وقوات الدعم السريع" على أنهما قوتان متكافئتان، متجاهلًا أن أحدهما يمثل مؤسسات الدولة الرسمية، بينما الآخر متهم بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق.
وأضاف أنه رغم حساسية الملف وتعقيده، تجاهلت المجموعة دعوة الحكومة السودانية الشرعية للمشاركة في المؤتمر، ما فُسّر في الخرطوم على أنه تجاهل متعمد للسيادة الوطنية ومحاولة لتجاوز المؤسسات الرسمية في التعاطي مع الأزمة السودانية.
وأوضح أن الرد السوداني لم يتأخر، إذ وجّه وزير الخارجية السوداني علي الصادق، رسالة خطية إلى نظيره البريطاني ديفيد لامي، عبّر فيها عن اعتراض السودان الشديد على استضافة بلاده مؤتمرًا بشأن السودان دون التنسيق أو التشاور مع الحكومة السودانية، مشيرا إلى أن دعوة دول أخرى للمشاركة، بعضها يعد فعليًا طرفًا في الحرب ضد السودان وشعبه ومؤسساته، تمثل خرقًا واضحًا للأعراف الدبلوماسية وإنحيازا غير مبرر، وذلك وفقا لمركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر.
سر استضافة شخصيات سياسية سابقة لا تحمل أي صفة رسمية
ولفت المحلل السياسي أن هذه الدول تواصل استضافة شخصيات سياسية سابقة، لا تحمل أي صفة رسمية حاليًا، للمشاركة في المؤتمرات الدولية التي تناقش مستقبل السودان، وفي مقدمة هؤلاء رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك، الذي أصبح بنظر العديد من المراقبين الشخصية المفضلة لدى الغرب لإعادة طرحه في المشهد السوداني، رغم فشل تجربته السابقة في الحكم وتراجع شعبيته داخليًا.
واضاف إنه في إطار هذه الجهود، شكل حمدوك ما عرف بتحالف “تقدّم” بدعم واضح من عواصم غربية، بهدف التمهيد لعودته إلى المشهد السياسي من بوابة توافق مدني مزعوم، غير أن التحالف سرعان ما تفكك بسبب انقسامات داخلية، ما دفع حمدوك إلى تشكيل تحالف جديد تحت اسم “صمود”، بالتوازي مع تحالف “تأسيس” الذي ينسق بشكل غير معلن مع قوات الدعم السريع بهدف تشكيل حكومة موازية.
ونوه أنه تزامنا مع انعقاد مؤتمر G7 في لندن، أعلن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، عن تشكيل ما أسماها “حكومة السلام والوحدة”، واصفًا إياها بأنها “الوجه الحقيقي للسودان”، في خطوة تصعيدية تؤشر إلى محاولة فرض أمر واقع سياسي على الأرض، وسط غياب أي توافق وطني حقيقي أو اعتراف دولي رسمي.
وأكد المحلل السياسي أن المؤتمر الذي استضافته بريطانيا في 15 أبريل الجاري بشأن السودان عُقد في ظل غياب مقصود لطرفي النزاع الرئيسيين؛ القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وهو ما اعتبره مؤشرًا على طبيعة التوجهات الدولية في التعاطي مع الأزمة السودانية.
وأوضح أن غياب القوات المسلحة عن المؤتمر لم يكن صدفة، بل نتيجة موقف واضح من قيادة الجيش التي ترفض المشاركة في أي محفل تفاوضي خارج مسار “جدة”، معتبرة أن أي منبر بديل يُعد تجاوزًا للاتفاق الإطاري الذي وُقّع في مايو 2023 بعد أسابيع قليلة من اندلاع الحرب، ولم تلتزم قوات الدعم السريع بتنفيذه.
وأشار أن الجيش السوداني يتمسك بموقفه بعدم الانخراط في أي مبادرة دولية جديدة قبل تنفيذ بنود إعلان المبادئ الذي تم التوصل إليه سابقًا، على الرغم من الضغوط الخارجية، بما فيها محاولات سابقة من الولايات المتحدة لجرّه إلى طاولة محادثات في جنيف العام الماضي.
وأوضح أن المؤتمر الأخير في لندن شهد مشاركة دول إقليمية تُتهم من قبل الجيش السوداني بدعم الميليشيا المتمردة، وهو ما زاد من تعقيد المشهد وصعب من إمكانية قبول الحكومة السودانية بحضوره أو التعامل مع مخرجاته.
وتابع أن بريطانيا لا تزال تُعتبر من قِبل الغرب والولايات المتحدة طرفا محوريا في الملف السوداني، استنادا إلى تاريخها الاستعماري وموقعها في النظام الدولي كفاعل رئيسي في قضايا السودان ومصر وعدد من دول المنطقة، مشيرًا إلى أن تحرك لندن لعقد المؤتمر بدعم أمريكي وغربي – إلى جانب اهتمام واضح من دول عربية يأتي امتدادا لدور ما يعرف بـ”الترويكا” في دعم المسار السياسي المدني قبل اندلاع الحرب.
https://youtu.be/XPY3cc5V5sI?si=WCLJJr1CEo3lvVOd