رئيس التحرير
خالد مهران

المستشار وليد عز الدين يكتب: جريمة غسل الأموال فى القانون المصرى

المستشار وليد عز
المستشار وليد عز الدين

يُعرف غسيل الأموال، أو ما يُطلق عليه تبييض الأموال، بأنه عملية تحويل كميات كبيرة من الأموال التي تم الحصول عليها بطرق غير قانونية إلى أموال نظيفة وقابلة للتداول في الأنشطة العامة. وهي طريقة تُستخدم لإخفاء وتغطية المصادر التي تم من خلالها كسب الأموال من وسائل استثمار غير مشروعة، واستثمار أرباحها في أنشطة مشروعة وقانونية.

وقد عرّف القانون رقم 80 لسنة 2002، المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 2003، جريمة غسيل الأموال بأنها: كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب في قيمتها، إذا كانت متحصلة من إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون.

وقد حدّدت المادة (الثانية) من القانون تلك الجرائم على سبيل الحصر، ولا يُقبل القياس عليها أو التوسع في تفسيرها، وهي جرائم: زراعة وتصنيع ونقل النباتات والجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والاتجار فيها، وإدارة أو تهيئة مكان لتعاطيها بمقابل، وجرائم اختطاف وسائل النقل واحتجاز الأشخاص، وجرائم الإرهاب وتمويل الإرهاب المنصوص عليها في قانون العقوبات أو أي قانون آخر، وجرائم استيراد الأسلحة والذخائر والمفرقعات والاتجار فيها وصنعها دون ترخيص، وجرائم سرقة الأموال واغتصابها، وجرائم النصب وخيانة الأمانة والتدليس والغش، وكذلك جرائم تلقّي الأموال بالمخالفة لأحكام قانون البنك المركزي المصري، وجرائم الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية، وجرائم الفجور والدعارة، والجرائم الواقعة على الآثار، وجرائم التعامل في النقد الأجنبي بالمخالفة للقانون، وجرائم الكسب غير المشروع، والجرائم البيئية المتعلقة بالمواد والنفايات الخطرة، والجرائم المنظمة المشار إليها في الاتفاقيات الدولية.

الركن المادي لجريمة غسل الأموال:

تُعد جريمة غسل الأموال من الجرائم التي تتصف بكونها نتيجة لجريمة أخرى؛ إذ لا تقوم جريمة غسل الأموال إلا إذا سبقتها جريمة أخرى نتج عنها المال محل الغسل. ويتحقق الركن المادي من خلال مجموعة من الأفعال التي تهدف إلى إضفاء المشروعية على الأموال المتحصلة من جرائم أصلية.

عقوبة جريمة غسل الأموال:

يعاقب مرتكب جريمة غسل الأموال بالسجن لمدة لا تتجاوز سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن مثلي الأموال محل الجريمة. كما يُعاقب بنفس العقوبة كل من شرع في ارتكاب جريمة غسل الأموال. ويُحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأموال المضبوطة، أو بغرامة إضافية تعادل قيمتها في حالة تعذر ضبطها أو التصرف فيها للغير حسن النية.

وفي الأحوال التي تُرتكب فيها الجريمة بواسطة شخص اعتباري، يُعاقب المسؤول عن الإدارة الفعلية لهذا الشخص بذات العقوبة المقررة، إذا ثبت علمه بها وكانت الجريمة قد وقعت بسبب إخلاله بواجبات وظيفته.

إثبات جريمة غسل الأموال:

لا مجال للحديث عن جريمة غسل الأموال ما لم توجد أموال متحصلة من مصدر غير مشروع يُشكّل جريمة. فإذا لم تكن هناك دعوى جنائية مرفوعة بشأن جريمة المصدر، يجب على المحكمة التي تنظر جريمة غسل الأموال أن تثبت جريمة المصدر أولًا ثبوتًا يقينيًا، لأنها شرط مفترض في جريمة غسل الأموال.

وتستلزم الجريمة، فضلًا عن القصد الجنائي العام، قصدًا خاصًا، وهو نية إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته.

خطورة جريمة غسل الأموال:

على الرغم من أن البعض قد يرى أنه لا فرق بين الأموال النظيفة وغير النظيفة، وأن الأخيرة قد تُسهم في دفع عجلة التنمية، إلا أن الواقع يُثبت أن اللجوء إلى الأموال غير النظيفة يؤدي إلى نتائج سلبية عديدة على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.

اقتصاديًا: تُضعف الأموال غير النظيفة قدرة الدولة على تنفيذ السياسات الاقتصادية بكفاءة، كما تُسبب التضخم، وارتفاع الأسعار، وعدم استقرار سوق الصرف الأجنبي، وتوجيه الموارد إلى استثمارات غير مجدية على حساب الاستثمارات المفيدة.

سياسيًا: تُسهم هذه الأموال في انتشار الفساد السياسي والإداري، واستغلال النفوذ، وتمويل الإرهاب.

اجتماعيًا: تؤدي إلى اتساع الفجوة بين الطبقات، وانتشار الرشوة، والفساد الوظيفي، وتقلل من فرص إيجاد وظائف حقيقية.