بعد هجوم كشمير..الحرب تلوح في الأفق بين الهند وباكستان

بعد الهجوم الذي شنه مسلحون في الشطر الهندي من إقليم كشمير، يوم الثلاثاء الماضي، وتصاعد التوتر بين الدولتين النوويتين، دعت الهند اليوم الخميس جميع الباكستانيين إلى مغادرة أراضيها بحلول 29 أبريل الحالي.
وتعهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في وقت سابق اليوم بملاحقة جميع المسؤولين عن الهجوم العنيف الذي شهدته كشمير قبل يومين وأسفر عن مقتل 26 شخصا على الأقل.
وقال مودي في أول خطاب له منذ الهجوم: "أقول لكل العالم.. سنحدد هوية الإرهابيين ومن يدعمهم ونطاردهم إلى أقاصي الأرض".
كما أضاف قائلا "سيدفعون الثمن حتما.. مهما كانت مساحة الأرض الضئيلة التي يملكها هؤلاء الإرهابيون، حان الوقت لتدميرها.. إن إرادة 1،4 مليار هندي ستكسر شوكة هؤلاء الإرهابيين".
وكان وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري، ألمح إلى تورط خارجي في الاعتداء، قائلا "إن هناك تورطا عبر الحدود في الهجوم".
كما أعلن أن نيودلهي ستعلق معاهدة تقاسم نهر إندوس التي مضى عليها ستة عقود بالإضافة إلى إغلاق المعبر البري الوحيد بين الجارتين، وستسحب أيضا ملحقيها العسكريين من باكستان وستخفض كذلك حجم الموظفين في بعثتها في إسلام أباد إلى 30 من 55.
من ناحيتها أعلنت باكستان عن طرد دبلوماسيين هنود وتعليق التأشيرات الممنوحة للهنود، ودعت المستشارين العسكريين الهنود إلى مغادرة البلاد بحلول 30 من الشهر الحالي، كما علقت كافة العمليات التجارية مع جارتها، وأغلقت الحدود والمجال الجوي.
وأعلن مجلس الأمن الباكستاني تعليق جميع الاتفاقيات الثنائية مع نيودلهي، مشددا على أنه سيتخذ إجراءات صارمة إذا تم المساس بسيادة البلاد.
في حين أكد وزير الدفاع الباكستاني، خواجة آصف، أنه في حال شنت الهند أي هجمات ستدفع الثمن.
وقام مسلحون مشتبه بهم، يوم الثلاثاء، بقتل 26 رجلا في منتجع باهالغام السياحي بكشمير في أسوأ هجوم على المدنيين في البلاد منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، في إقليم كشمير الذي تسكنه غالبية مسلمة والمتنازع عليه بين الهند وباكستان منذ العام 2000.
وقالت الحكومة الباكستانية، اليوم الخميس، إن أي تهديد لسيادتها من جانب الهند سيقابل "بإجراءات رد حازمة"، بعدما اتهمت نيودلهي باكستان بدعم "إرهاب عابر للحدود".
وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء شهباز شريف بعدما دعا إلى اجتماع نادر للجنة الأمن القومي "أي تهديد لسيادة باكستان وأمن شعبها سيتم الرد عليه بإجراءات حازمة في كل المجالات".
وأوضحت الحكومة الباكستانية أنها ستعتبر أي محاولة من جانب الهند لوقف إمدادات المياه من نهر السند "عملا حربيا".
وأضافت أن "أي محاولة لوقف أو تحويل تدفق المياه التي تعود إلى باكستان بموجب معاهدة مياه نهر السند... ستعتبر عملا حربيا وسيتم الرد عليها بقوة".
يشهد هذا الإقليم، الواقع في جبال الهيمالايا وتتقاسم الهند وباكستان السيطرة عليه، أعمال عنف منذ اندلاع تمرد مناهض للهند عام 1989.
وقتل عشرات الآلاف من الناس خلال وقائع العنف التي تراجعت حدتها السنوات القليلة الماضية. ولم تتوقف تماما الهجمات على السائحين في كشمير لكنها انحسرت السنوات الماضية.
ووقع آخر هجوم كبير على الزوار بهذه المنطقة في يونيو/حزيران حينما هاجم مسلحون حافلة تقل مجموعة من الزوار الهندوس مما أدى إلى سقوطها في واد عميق ومقتل ما لا يقل عن 9 ركاب وإصابة 33 آخرين.
وتصر نيودلهي على أن ما تسميه التمرد في كشمير "إرهاب ترعاه باكستان" ولكن إسلام آباد تنفي هذه التهمة.
وتنشر السلطات الهندية نحو 500 ألف جندي من القوات العسكرية وشبه العسكرية بشكل دائم في الإقليم، لكن القتال خفت حدته منذ أن ألغت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي الحكم الذاتي المحدود لكشمير عام 2019.
أزمة كشمير
تعودة أزمة كشمير بين الهند وباكستان، حتى قبل الاستقلال عن بريطانيا عام 1947.
وبموجب خطة التقسيم المنصوص عليها في قانون الاستقلال الهندي، كان لدى كشمير الحرية في اختيار الانضمام إلى الهند أو باكستان. واختار وقتها حاكمها" هاري سينغ، الهند، فاندلعت الحرب عام 1947 واستمرت مدة عامين.
دخلت كشمير مرحلة الصراع بين الهند وباكستان، وبدأت حرب أخرى في عام 1965، في حين خاضت الهند صراعًا قصيرًا، لكن مريرًا مع قوات مدعومة من باكستان في عام 1999. وفي تلك الفترة، أعلنت كل من الهند وباكستان أنهما قوتان نوويتان.
معظم سكان الإقليم في كشمير لا يحبذون العيش تحت إدارة الهند، بل يفضلون الاستقلال أو الاتحاد مع باكستان.
ويشكل المسلمون في ولايتي جامو وكشمير الخاضعتين للإدارة الهندية، أكثر من 60 في المئة من نسبة السكان، مما يجعلها الولاية الوحيدة داخل الهند ذات الغالبية المسلمة.
في عام 2003، وافقت الهند وباكستان على وقف إطلاق النار بعد سنوات طويلة من الصراع الدموي، على طول الحدود الفعلية بين البلدين، والمعروفة باسم خط المراقبة.
ووعدت باكستان لاحقًا بوقف تمويل المتمردين في الإقليم إذا ما عفت الهند عنهم في حال تخليهم عن التشدد.
وفي عام 2014، جاءت حكومة هندية جديدة إلى السلطة، وأقرت القيام باجراءات متشددة ضد باكستان، وفي الوقت نفسه أبدت استعدادها للخوض في محادثات سلام.
وبدأت حالات العنف بالظهور في الولاية منذ عام 1989، لكن موجة العنف تجددت في عام 2016 بعد مقتل الزعيم المتشدد برهان واني، الذي كان يبلغ من العمر 22 عامًا، وكانت له شعبية واسعة بين جيل الشباب في وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبر على نطاق واسع أنه وراء حالة التشدد في المنطقة.
وفي عام 2018، قُتل أكثر من 500 شخص من المدنيين وقوات الأمن والمسلحين، وكان ذلك أعلى عدد من الضحايا خلال عقد من الزمن.
وفي أغسطس/ آب 2019 - الحكومة الهندية تجرد ولاية جامو وكشمير من الوضع الخاص الذي منحها استقلالية كبيرة.
وفي أغسطس/ آب 2020، فرض حظر التجول في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية تحسبًا للاحتجاجات قبل 5 أغسطس، وهو اليوم الذي جردت فيه الحكومة ولاية جامو وكشمير من وضعها الخاص.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، الجيش الهندي يعلن عن مقتل خمسة من أفراده برصاص مسلحين مشتبه بهم في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية.
ومنذ ذلك الحين، يخضع القسم الهندي من كشمير لحكم مباشر من دلهي، مما أدى إلى زيادة التوتر بين البلدين.