بعد قرار خفض أسعار الفائدة ..
تحركات البنك المركزي لتنشيط حركة الإقراض في البنوك

في خطوة جديدة لتنشيط الاستثمار وتعافي الاقتصاد المصري، قرر البنك المركزي، لأول مرة منذ 4 سنوات ونصف، خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، بنسبة 2.25%، لتسجل 25% للإيداع و26% للإقراض.
ويأتي هذا القرار بعد تراجع المعدل السنوي للتضخم 12.8% في فبراير من 24% في يناير قبل أن يتسع إلى 13.6% في مارس.
إيجابيات قرار خفض أسعار الفائدة
ولاقى خفض أسعار الفائدة، ترحيبا وإشادات واسعة من جميع القطاعات، سواء من العقارات أو المستوردين أو المصنعين والمستثمرين، حيث أشادت غرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، بقرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، بخفض سعر الفائدة بنسبة 2.25%، وطالبت بالمزيد من التخفيضات الأخرى العاجلة في أسعار الفائدة، لتحسين الحالة السوقية بصورة أفضل وجذب المزيد من الاستثمارات، موجهة الشكر إلى حسن عبدالله، محافظ البنك المركزي ومجلس إدارة البنك، للاستجابة إلى مطالب القطاع العقاري.
وقال المهندس طارق شكري، رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة التطوير العقاري، وأمين اللجنة الاستشارية للتنمية العمرانية بمجلس الوزراء، إن قرار خفض الفائدة ذو تأثيرات إيجابية متعددة، من أبرزها تخفيض الأعباء المالية على الدولة الناتجة عن فوائد الدين العام بنحو 7 إلى 8%، وسيسهم القرار في تخفيض أعباء تتخطى 160 مليار جنيه في السنة كفوائد على الدين العام، كما سيسهم في تحفيز المستثمرين في قطاعات الصناعة والسياحة والعقارات، على التوسع والاقتراض مع خفض الفائدة نسبيًا لتصل إلى 27%.
فيما يرى أحمد الملواني، رئيس لجنة التجارة الخارجية بالشعبة العامة للمستوردين، أن نتائج خفض الفائدة له إيجابيات كثيرة على مجتمع الأعمال، منها التشجيع على الاستثمار مثل الصناعة والتجارة والعقارات، حيث يشجع الشركات للحصول على القروض لتوسيع أعمالها في مشاريع جديدة، ويصبح الادخار أقل جاذبية، ويكون البديل هو الاستثمار في الأسهم ما يرفع قيمة الأسهم بالبورصة.
وأضاف «الملواني»، أن هذا الانتعاش يؤدي إلى إقبال الافراد على شراء السلع والخدمات، وبالتالي زيادة الأرباح للشركات، وهذا الأمر يزيد من الحصيلة الضريبية المستهدفة للدولة، كما أن خفض أسعار الفائدة سيساهم بشكل مباشر في تخفيف أعباء التمويل على المستثمرين، ما يؤدي إلى تشجيعهم على التوسع في مشروعات جديدة، وخلق فرص عمل، وزيادة الإنتاج المحلي، وهو ما يترجم في النهاية إلى تراجع تدريجي في أسعار السلع والخدمات.
فيما أكد أحمد إسماعيل صبرة، عضو غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية وعضو مجلس إدارة المنطقة الصناعية بجمصة، أن قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 225 نقطة أساس، يمثل تحركًا إيجابيًا طال انتظاره من قِبل القطاع الصناعي.
وأشار «صبرة»، إلى أن خفض الفائدة سيساهم في تخفيف العبء عن كاهل الصناع، سواء من حيث التمويل البنكي أو تكلفة الفرصة البديلة، مما يدعم التوسع في التشغيل وخلق فرص عمل جديدة، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب استكمال هذا التوجه بسياسات مساندة للصناعة، مثل تسريع صرف مستحقات دعم التصدير، وتوفير الطاقة بأسعار تنافسية، وتيسير إجراءات التراخيص والتوسعات.
ومن ناحيته، قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن انخفاض الفائدة بقيمة 2.5%، يزيد من فرص الاستثمار ويؤدي إلى تراجع نسبة الاقترض على المستثمرين، والأقساط على الأفراد.
وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن القرار سيساهم في تكملة المشروعات المتوقفة نتيجة ارتفاع الفائدة على القروض، مطالبًا بمزيد من الانخفاض في الفائدة الفترة المقبلة.
وأشار «الشافعي»، إلى أن ارتفاع أسعار البنزين لن يؤثر على مستويات التضخم بشكل كبير، متوقعًا ارتفاع أسعار السلع بقيمة 15% فقط نتيجة خطة الحكومة لرفع الدعم عن المحروقات.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن سعر الفائدة الـ25% حاليًا مرتفع، وعليه سيتم استمرار البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة داعمًا للاستثمار وتشغيل عجلة الإنتاج والصناعة.
سلبيات خفض أسعار الفائدة
وبالرغم من أهمية قرار خفض أسعار الفائدة وإيجابياته، إلا أن هناك عدد من السلبيات على الوضع الاقتصادي.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إنه لا يوجد قرار دون خسائر، لافتًا إلى أن أهم مكاسب القرار تشجيع الاستثمار بدل الادخار في أدوات الدين، والتقليل من عبء الموازنة العامة نتيجة انخفاض نسبة الفوائد على الاقتراض الحكومي، وتنشيط العقارات والصناعة والتمويل الاستهلاكي.
وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أنه في المقابل سيكون هناك سلبيات لعل أهمها انخفاض سعر الجنيه، حيث الأجانب تأتي للاستثمار في أدوات الدين الحكومي نتيجة الفائدة التنافسية التي تقدمها، حيث مصر كانت من أعلى 5 دول في الفائدة على مستوى العالم، متابعًا: «وخفض الفائدة يقلل من فرص جذب الاستثمار في أدوات الدين الحكومي ومن ثم الضغط على سعر الصرف وينخفض سعر الجنيه».
وأشار «الإدريسي»، إلى أن التضخم يمثل أحد السلبيات أيضًا، متسائلًا: «هل ستستطيع الحكومة السيطرة على ارتفاع الأسعار مع انخفاض أسعار الفائدة، في ظل القرارات التضخمية التي تصدرها، من رفع لدعم عن البنزين وتحريك أسعار الكهرباء قريبًا؟».
وأوضح، أن من ضمن السلبيات -أيضًا- هروب أصحاب شهادات الادخار من البنوك نتيجة الفائدة المنخفضة التي ستقدمها البنوك، والاتجاه إلى الاستثمار في الذهب والعقارات على اعتبارهم رقم واحد في الاستثمار، والبورصة أيضًا ولكن تحتاج إلى أفراد لديهم ثقافة مالية والوعي، وخاصة البورصة تحمل مكسب وخسارة.
وتوقع الخبير الاقتصادي، انخفاض نسبة الفوائد على شهادات الادخار في البنوك لتتراوح بين 22% و23%، تزامنًا مع قرار البنك المركزي، لافتًا إلى أن البنك المركزي سيستمر في سلسلة انخفاضات في أسعار الفائدة حتى نهاية 2025، حيث يستهدف انخفاضها بقيمة 5% إلى 6% خلال العام الجاري.