رئيس التحرير
خالد مهران

الأزمات القبطية تهدد "تواضروس" بمصير "يوساب الثاني"

البابا تواضروس
البابا تواضروس

شنودة: البابا ليس اختيارا من الله ويمكن إقصاؤه

فادي: محاولات فاشلة والكنيسة تتمتع بوحدانية

بشري: هناك محاولات من الداخل والخارج لإجبار البابا على التنحى

تعيش الكنيسة الأرثوذكسية، منذ تولي البابا تواضروس الثاني قيادتها، فوق فوهة بركان من الأزمات والمشاكل، التي وضعت البابا في مأزق حرج، وبخاصة بعد أن خرج عليه شباب الأقباط، يطالبونه بالتنحي، موجهين اتهامات له بعدم الاهتمام بأحوال الأقباط، والتي دعمها بعض الكهنة من داخل المجمع المقدس؛ ردا على قرارات البابا التى أطاحت ببعضهم.

وفي الوقت الذي لقى فيه الحديث عن تنحى البابا أو عزله، هجوما كبيرا من قبل بعض الأقباط، معتبرين أن البابا اختيار من الله ولا يمكن عزله، فإن التاريخ يكشف عن أنه سبق عزل البابا عن منصبه.

الأنبا يوساب الثاني، تم إعفاؤه من منصبه عام 1954 على يد مجموعة من الشباب القبطى الغاضبين من أحوال الكنيسة، والذين تزعمهم شاب يدعى إبراهيم فهمى هلال، فى واقعة اختلف المؤرخون طويلا فى تصنيفها، ما بين «انقلاب» أو «حركة تطهير»، لكنهم اتفقوا على كونها خروجا غير معهود على تقاليد سلمية راسخة، اتبعها أقباط مصر في التعامل مع كنيستهم.

ويربط الكثير من الأقباط بين ما حدث فى عهد الأنبا يوساب، وما يجري الآن، مشيرين إلى وجود تشابه بين الحالتين، وأن الكنيسة شهدت نفس المساوئ التي تعيشها الآن، ومنها:
في عهد الأنبا يوساب اتهم الكهنة بالتربح وسرقة الأموال، وهو ما يحدث الآن فى عهد البابا تواضروس على حد وصف بعض المعارضين للكنيسة، الذين طالبوا بالرقابة على أموال الكنيسة وذلك بعد تربح العديد من الكهنة.

وأيضا اتهم الأنبا يوساب بأنه كان يترك الأمر لسكرتيره الخاص يتحكم فى الأمور ويصدر القرارات، وهذا يشهده عهد البابا تواضروس، حيث أكد بعض الأقباط المطالبين بالزواج الثانى أن سكرتير البابا يعيق التقدم فى ملف الأحوال الشخصية ويتخذ قرارات دون علم تواضروس.

في هذا السياق يقول وحيد شنودة، مؤسس حركة 9/9، إن البابا ليس اختيارا من الله، موضحا أن البعض يستخدم هذا المصطلح كسلاح يوجه لرقبة اى معترض على سياسات البابا، موضحا أن البابا من الممكن أن يتم عزله وتنحيه عن منصبه.

وأضاف شنودة في تصريحات خاصه لـ"النبأ"، أنه إذا رجعنا للتاريخ الكنسى فسنجد أن في عصر البابا يوساب كانت الأساقفة والكهنوت تُشترى بالمال، وكانت تسمي (بالسيمونية) متسائلا هل هذا اختيار الله؟ موضحا أن هذا ما يحدث اليوم من قبل بعض الكهنة فى عهد البابا تواضروس مطالبا بالرقابة على أموال الكنيسة ومنوها أنها تشعبت وأصبحت أكثر من ذلك.

وأوضح أنه على مر العصور تم ترجمة لفظ اختيار ربنا كنوع من القضاء والقدر، مشيرا إلى أن استغلالها من قبل بعض المنتفعين لإحداث نوع من الإرهاب الايجابي وكأن اللي هيخالف الشخص ده "يبق بيخالف إلي اختاره اللي هو ربنا وللأسف ده إلي بيحصل دلوقتي".

وتابع شنودة أن البابا تواضروس أصبح هو الحاكم بأمره فى الكنيسة وخالف تعاليم الكتاب المقدس مضيفا أنه ألغى المجمع المقدس من أجل إحباط اى محاولة لعزله أو محاسبته من قبل أعضاء المجمع المقدس.

فيما أكد الناشط القبطى جرجس بشرى أن البابا تواضروس الثاني يتعرض لهجوم شديد؛ بسبب آرائه الإصلاحية والإدارية في الكنيسة، وبسبب مواقفه الوطنية التي دعمت ثورة 30 يونيو 2013 ودعمت الجيش المصري، مضيفا أن دعوات البعض بعزل أو تنحي البابا كلام غير منطقي لمخالفة ذلك لتعاليم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية منوها أن البطريرك لا يعزل من منصبه لأنه يعين  باختيار الروح القدوس.

وأضاف بشرى فى تصريحات خاصة لـ"النبأ"، أن هناك من يتربصون بالكنيسة لإسقاط دورها الروحي وتأثيرها الوطني وبعض الجماعات المتطرفة، موضحا أنهم سيلجأون لبعض السيناريوهات الخطيرة في محاولة منهم لإسقاط أو عزل البابا البطريرك، ولكنهم لم ولن يفلحوا، مشيرا إلى أن من ضمن هذه السيناريوهات محاولات اصطناع بطريرك مواز لبابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في محاولة لإثارة الفوضى بالكنيسة، وكذلك ضرب وحدتها ومكانتها.

والسيناريو الثاني، بحسب رأيه، هو تجنيد الجماعات المتطرفة والقوى الداعمة لها من أجهزة المخابرات التي تتربص بمصر وبعض المحسوبين على الأقباط  لتشويه الكنيسة والبابا البطريرك عبر حرب الشائعات وهو ما يتطلب مكتبا إعلاميا قوي داخل الكنيسة يرد على الفور على كل شائعة وكذلك استغلال بعض الاقباط الذين لديهم مشكلات لإحداث ثورة داخل الكنيسة لإجبار البابا على التنحي وترك منصبه.

وتابع الناشط القبطى أن هذا لن يحدث نهائيا أن يتنحى البابا، وما حدث من قبل أيام الأنبا يوساب من قبل جماعة الأمة القبطية كان بمثابة مؤامرة لعزل البطريرك بسبب مواقفه الوطنية، كما أنه رفض دستورا طائفيا كان ينص على أن الإنجيل دستورنا، وقد رأي البابا وقتها أن هذه الأمور مثيرة للفتنة.

أما بالنسبة للمجمع المقدس أوضح بشرى أن المجمع الذي يقر سياسات الكنيسة، وتتم الموافقة على القرارات المهمة بالكنيسة بالإجماع فيما يتعلق بالأمور اللاهوتية والإدارية الكبرى، مضيفا أنه من حق المجمع أن يجتمع في حالة حدوث "هرطقة" من قبل أحد الأساقفة أو خروج عن التعاليم الكنسية من أحد رجال الدين المسيحي، أو ارتكاب رجل دين كبير أفعالا لا تتماشى مع المسيحية وتعاليمها وقوانينها ومن حقه أن يحرم رجل الدين سواء كان قسا او أسقفا او بطريرك من الكهنوت حرمانا نهائيا.

ويقول فادى يوسف مؤسس ائتلاف أقباط مصر، إنه لا يتوقع أن يتكرر سيناريو تنحى الأنبا يوساب عام 1954 مع البابا تواضروس، موضحا أن الأنبا يوساب تم خطفه على يد مجموعة من الأقباط وأجبروه على التنحي من منصبه موضحا أنه فى حكم القانون لا يأخذ به.

وأضاف يوسف في تصريحات خاصة لـ"النبأ" أن ما يحدث ضد البابا تواضروس محاولات فاشلة، متسائلا "من هؤلاء وما حجمهم وتأثيرهم في إثارة الشعب ضد البابا"، موضحا أنهم فشلوا في تنظيم مظاهرة تتكون من أصابع اليد الواحدة فهل هذا يظهر لهم تأثيرا او قوة لهم.

وأوضح يوسف أنه لا يوجد فى الكهنوت عموما تخلى البابا عن منصبه، بل هى موهبة معطاة من الله، مشيرا إلى أنه لا يوجد أى ضغوط يتعرض لها البابا من قبل بعض الكهنة منوها أن الكنيسة تتمتع بوحدانية القلب.

قال إسحاق فرانسيس مؤسس «حملة تمرد» القبطية، إنه لا يتوقع تنحى البابا تواضروس مثلما حدث مع الأنبا يوساب الثاني، الذي تم إعفاؤه من منصبه عام 1954 على يد مجموعة من الشباب القبطي الغاضبين من أحوال الكنيسة، مشيرا إلى أن هذا سيكون مستحيلا.

وأضاف فرانسيس في تصريح خاص لـ«النبأ»، أنه يوجد حالة واحدة لإجبار البابا على التنحى، وذلك إذا انقلب شعبة علية وطلب تنحية، موضحا أن هناك معطيات موجودة الآن تدل على عدم رضا الشعب على تصرفات البابا

وعن حقيقة أنه يوجد قانون يطالب البابا بالتنحي، أوضح مؤسس «حملة تمرد» القبطية، أنه يوجد قانون من قوانين الديسكولية المختص بالكنيسة يقول إذا أخطا البابا يتم طرحة خارج البيعة، مشيرا إلى أن هذا القانون لا تتعامل بيه الكنيسة لعدم معرفتها به.