الورقي
الطيب من جاكرتا: المسلمون المستضعفون يتعرضون للإبادة.. والحروب الصليبية وصمة عار في جبين البشرية!
أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في كلمة له من العاصمة الإندونيسية جاكرتا، أن عالَمنا المُعاصِر الذي نعيش فيه الآن تستبد به أزمات عديدة سياسيَّةٌ، واقتصاديَّةٌ، وبيئيَّة، ولعل أسوأها وأقساها على دول العالَم الثالث وشعوبه أزمة الأمن على النفس والعرض والمال، والأرض والوطن، وافتقادُ السَّلام وشيوعُ الفوضى والاضطراب، وسيطرةُ القوَّة، واستِباحةُ حُرمات المُستضعفين.
وأوضح الطيب أن الأقسى من كل ذلك والأمرّ أنْ تُرتكب الجرائم الوحشيَّةُ الآن، من قتل وإراقة للدماء باسم الدين، وتحديدًا دين «الإسلام» وحده من بين سائر الأديان، حتَّى أصبح «الإرهاب» علمًا على هذا الدِّين ووصفًا مقصور عليه، وهذا ظلم فى الحُكم، وتدليس يزدرى العقول والأفهام ويستخف بالواقع والتاريخ.
وأشار إلى أن بعض أتباع الديانات الأخرى مارسوا باسم أديانهم، وتحت لافتاتها، وبإقرار من خواصهم وعوامهم، أساليب من العنف والوحشية تقشعر منها الأبدان، وتشيب لها الولدان، وإلَّا فحدثونى عن الحروب الصليبيَّة فى الشرق الإسلامي، والحروب الدينية فى أوروبا، ومحاكم التفتيش ضد اليهود والمسلمين، ألم تكن هذه الحروب «إرهابًا» ووحشيَّة، ووصمة عار فى جبين الإنسانية على مر التاريخ!!
وقال شيخ الأزهر إن النظر فى تاريخ: «الإرهاب المقارن» إن صحَّت هذه التسمية، يثبت أن المسلمين كانوا فى قمة الإنصاف والموضوعية، وهم يفرقون بين الأديان ومبادئها ورموزها، وبين انحرافات المنتسبين لهذه الأديان، وإن علماء المسلمين ومؤرخيهم كانوا ينسبون هذه الحروب الإرهابية بحروب الفرنجة، ولم ينسبوها للأديان التى نشبت هذه الحروب باسمها، بل ما نسبوها حتى للصليب؛ وعيًا منهم بالفرق الشاسع بين الدين كهدى إلهي، وبين المتاجرين به فى أسواق الأغراض والمصالح وسياسات التوسع والهيمنة، واحترمًا لمعتقدات الآخرين.
وأضاف الطيب أنه لا يمكن الصمت عما يحدث الآن للمستضعفين من المسلمين اليوم من قتل وإبادة جماعية وتهجير قصرى فى ميانمار، وسط صمت مخجل من المؤسسات الدولية المعنية، التى أناطت بها مواثيقها وقوانينها أمر الحفاظ على أمن الإنسان وحقه فى الحياة، لا فرق فى ذلك بين مسلم وغير مسلم.
كما لا يمكن الصمت عما يعانيه المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من احتلال وتهويد وتغيير لمعالمه الإسلامية.
وأضاف شيخ الأزهر أنه إذا كانت بعض المؤسسات الدينية الغربية، سمحت لنفسها مناشدة العالم الآن لحل ما أسمته مشكلة اضطهاد المسيحيين فى الشرق، رغم ما يؤكده الواقع من عيش مشترك وسلام متبادل بين المسلمين والمسيحيين الشرقيين، وأن ما يقع على بعض المسيحيين من اضطهاد وتشريد وتهجير فى الآونة الأخيرة؛ يقع أضعاف أضعافه على مئات الآلاف من المسلمين.
وناشد عقلاء العالم وحكماؤه وأحراره لحل مشكلات اضطهاد المسلمين فى الشرق وفى الغرب أيضا، حتى يتحقق الأمن ويَعُمَّ السلام، وتَنعمَ الإنسانيةُ شرقا وغربا.
