رئيس التحرير
خالد مهران

فتنة «دير وادى الريان» تشعل الكنيسة.. وتهديدات بتدويل القضية

تواضروس
تواضروس


يبدو أن أزمة دير وادى الريان المعروف، بـ«الدير المنحوت» وصلت إلى طريق مسدود بعد تصريحات البابا تواضروس الثانى، بأنه ليس ديرا ومن يتواجدون به ليسوا رهبانا، كما أن إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على الراهب بولس الريانى، زاد من غضب الرهبان وأثار جدلًا واسعًا، بالأوساط القبطية، حتى أن بعضهم اتهموا البابا ببيع رهبان الدير للدولة.

وكشف أحد المصادر لـ«النبأ» أن الأنبا أرميا، رئيس المجلس الثقافى بالكنيسة الإنجيلية، تعرض للطرد خلال زيارته لرهبان الدير؛ من أجل حثهم على الموافقة على قرار البابا، وتنفيذ قرار الدولة بشق الطريق، ورفض الرهبان الجلوس معه وحاولوا التعدى عليه؛ لغضبهم من إلقاء القبض على الراهب بولس، وقال له أحد الرهبان: «احنا مش هنسيب الدير، وأنتوا بعتونا للدولة»، إلا أن بعض الموجودين تدخلوا لحماية الأنبا أرميا من بطش الرهبان، وأخرجوه من منطقة الدير.
 
وكشف المصدر أن الراهب مارتيروس الريانى، هو السبب الحقيقى فى القبض على الراهب بولس، كما أنه تعهد بأنه سيحرر العديد من المحاضر ضد الرهبان المعارضين لشق الطريق، موضحا أن ما يفعله مارتيروس محاولة، للحصول على رضى البابا بعد بشحله من قبل.

وأشار إلى أن هناك نية لدى رهبان دير الريان، لجمع توكيلات وإرسالها إلى الخارج؛ من أجل تدويل القضية، إذا أصرت الدولة والكنيسة على تنفيذ الطريق، مضيفا أنهم سيطالبون باللجوء إلى اى دولة أخرى حال تم تنفيذ الطريق.

وكشف المصدر عن معاناة الكنيسة من الانقسام، خاصة أن بعض الآباء والقساوسة، أعربوا عن غضبهم من قرار البابا، واتهمه بعضهم بأنه باع قضية الدير، وطالبوه بالتدخل لحلها والاعتراف بالدير والرهبان، ومنع الدولة من تنفيذ قرارها بشق الطريق على حساب الدير، أو أن يكون هو المسئول عن تنفيذ قرار شق الطريق دون تدخل الدولة.

وتابع المصدر: «البابا أعلن رفصه لما يمارسه الرهبان معللا بأنه لا يريد أن يحدث صدام مع الدولة وخاصة أنهم على علاقة جيدة، كما أن الرهبان الذين يخالفون قرار البابا ليسوا رهبانا».

وفى هذا الإطار يقول إيهاب رمزى، أستاذ القانون، والبرلمانى السابق، المحامى السابق لدير وادى الريان، إن عدد الرهبان بالدير كان فى بداية الأمر يصل إلى 200 راهب، مضيفا أنه بعد قيام البابا بشلح بعضهم وصلوا إلى 160 راهبا، منوها بأن حياة الرهبنة بدأت فى هذا الدير فى بداية القرن الرابع الميلادى.

وأضاف رمزى فى تصريح خاص لـ«النبأ» أن المساحة الحقيقة للدير تصل إلى7 آلاف فدان، وليست 13 ألف فدان، موضحا أن هذا الدير له طابع خاص؛ لأنه منحوت بين جبلين، مشيرا إلى أنه لا ينكر أحد أن مساحته كبيرة.

وتابع: «المشكلة الحقيقية فى هذا الدير أن رهبانه تعرضوا أكثر من مرة إلى إطلاق النيران، من قبل الأعراب»، مطالبا بحماية الدير من مثل هذه الأعمال، التى تعرض حياة الرهبان للخطر، وأيضا حماية عيون المياه من أجل العيش.

واستكمل: «من حق الكنيسة أن تقلل من مساحة الدير، خاصة أن مساحة الأرض كاملة ليست ملكا له، وليست تابعة للكنيسة، وإنما هى ملك للدولة»، موضحا أن الرهبان المتواجدين هناك حضروا عبر استضافة من وزارة البيئة، لأنها محمية طبيعية.

وحول تهديدات بعض الرهبان باللجوء للخارج وتدويل القضية، أوضح رمزى أنه يتمنى أن تتعامل الدولة مع أزمة الدير بحكمة وبعقلانية أكثر حتى لا تحدث مشكلة كبرى، مطالبا الدولة بعدم الاستجابة الكاملة لقرارات البابا تواضروس.

وأشار رمزى أن عدم اعتراف البابا بالدير أو الرهبان مجرد كلام، موضحًا أن تواضروس يعترف بالدير وبرهبانه لأنه دير أثرى، كما أن الآثار أكدت أنه دير وعاش فيه رهبان من قبل، مشيرا إلى أنه لا يقدر أحد أن ينكر أنه دير وتأخذه الدولة فهذا لن يحدث تماما.

وأوضح المحامى السابق للدير أن الشعب القبطى منقسم الآن على تصريحات البابا، كما أن البعض يرى أن البابا أخطأ فى هذا القرار، مؤكدا أن حديث البابا ليس خوفا على الأديرة الأخرى بأن يتم الحديث عنها وعن مساحتها، مشيرا إلى أن إعطاء البابا كلمة للدولة لتنفيذ الطريق هو الذى دفعه للإدلاء بهذا التصريح.

فى هذا السياق وصف الناشط القبطى جرجس بشرى، قيام الحكومة المصرية بشق طريق دير الأنبا مكاريوس الاسكندرى بوادى الريان بالفيوم، إلى نصفين، بالبشع، مضيفا أن ما حدث لم يقدم عليه اى نظام من الأنظمة السابقة، وهو جريمة ترتكبها الحكومة على الملأ بحق دير اثرى يرجع تاريخه للقرن الرابع الميلادى، يتعبد فيه رهبان عزل ويؤدون شعائرهم الدينية.

وأضاف بشرى فى تصريح خاص لـ«النبأ»، أن ما يحدث انتهاك صارخ لحرمة الحياة الخاصة والتعبدية للرهبان، موضحا أن هناك بديلين لإنشاء الطريق بعيدا عن الدير بأقل تكلفة وأقصر مسافة وهو ما سيوفر مبالغ طائلة لخزينة الدولة ويحمى الحياة الخاصة لحرمة الدير ورهبانه، مضيفا أن الدير حاصل على التراخيص الرسمية من جهاز شئون البيئة للإقامة به بعد اكتشاف محمية طبيعية فيه خاصة، منوها إلى أن الدير قانونى، اعترف به البابا الراحل الأنبا شنودة الثالث.

وكشف بشرى عن أن هناك مجموعات مصالح تابعة لبعض رجال الأعمال، وبعض المتطرفين فى الحكومة، مضيفا أنه فى 2010 تم بناء حمام سباحة بجوار الدير بمساعدة جهاز البيئة لرجل أعمال يدعى هانى ذكى. 

واشار إلى أن رجل الأعمال يسعى لإقامة مشروع سياحى بالمنطقة، موضحًا أن هذا ما أكده له الراهب بولس المسجون حاليا، وأن الهدف الحقيقى للطريق خدمة هذا المشروع، مطالبا رهبان الدير بالتمسك بحقهم القانونى، وعرض الأمر ثانية على الرئيس عبد الفتاح السيسى للتدخل لحل الأزمة.

وأوضح بشرى أن تصريح البابا عن دير وادى الريان، سيكون لها تداعيات خطيرة، منها تسيلم كل الرهبان الموجودين بالدير للسجن قريبا، وذلك عبر ملاحقات قضائية، مشيرا إلى أن الدير فى عهد مبارك كان يتعرض للتنكيل والملاحقات القضائية وتهديد رهبانه، من قبل رتب كبيرة فى جهاز أمن الدولة؛ لدرجة أن أحد الرتب الكبيرة هدد الرهبان، أثناء قيامهم بعمليات بناء فى الدير قائلا: «أنا ممكن أهد لكم اللى بتبنوه ده أو أجيب لكم شوية مجانين فى المكان»، معربا عن دهشته من تخلى الكنيسة عن الرهبان والتبرؤ من بعضهم، مع أنها نفسها اعترفت بالدير ورهبانه سابقا.