شنودة يتفوق على تواضروس في مقارنة من 10 معايير
فى الذكرى الرابعة لرحيل قداسة البابا شنودة، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تساءل كثيرون عن الفرق بينه، وبين خليفته الحالى قداسة البابا «تواضروس» الذى يتربع على الكرسى البابوى الآن.
هناك 10 معايير، وضعها المراقبون للملف القبطى، لمعرفة الفرق بين البابا شنودة، وخليفته «تواضروس»، تتمثل فى الكاريزما، والعمل السياسى، والإصلاح الكنسى، ومشاكل الأقباط، والعلاقة مع الدولة، والعلاقة مع الطوائف المسيحية الأخرى، وزيارة القدس، والعلاقة مع الفاتيكان، والانفتاح على كنائس العالم، وأخيرا القضايا الوطنية، لاسيما الموقف من زيارة القدس، حيث حرم البابا شنودة على الأقباط زيارة القدس إلا مع إخوانهم المسلمين، لكن زيارة البابا تواضروس الأخيرة للمدينة المقدسة أثارت كثيرًا من علامات الجدل والاستفهام، حيث اعتبرها البعض أنها تمثل كسرا لثوابت «الكنيسة المصرية» والبابا شنودة والمجلس الملى.
ويرى كثير من الأقباط والمهتمين بالشأن الكنسى أن الإمكانيات الفردية التى كان يتمتع بها البابا شنودة مثل الكاريزما والحضور القوى والاشتباك مع القضايا السياسية والوطنية والذكاء الحاد وخفة الدم والبلاغة تمثل تحديًا كبيرًا لخليفته، لكن صدام البابا شنودة مع الأنظمة المتعاقبة، لاسيما الرئيس محمد أنور السادات جعلت الكثير من الأقباط يتمنون أن يمزج البطريرك الجديد بين شخصيتى البابا كيرلس السادس الهادئ الذى عرف برجل الصلاة، والبابا شنودة الرجل النشط والمثقف والموسوعى المعرفة.
كل ذلك فى ظل الحديث عن وجود صراع بين الحرس القديم المدافع عن تراث البابا شنودة، والحرس الجديد المتمثل فى البابا تواضروس، حيث يرى الحرس القديم من أساقفة "البلاط البابوى السابق"، فى سياسة البابا تواضروس خطرا على مكانتهم ومصالحهم، مما أدى لظهور الكثير من الحركات المناوئة لفكرة الحداثة التى بدأ ينادى بها البابا تواضروس الثانى، ومن هذه المجموعات مجموعة "الصخرة الأرثوذكسية"، التى تقول عن نفسها إنها تتمسك بتعاليم الآباء الأوائل ولا تقبل بالتحديثات التى يتبناها البابا تواضروس الثانى.
عن هذا الموضوع يقول ممدوح رمزى، المتحدث السابق باسم الكنيسة، إن البابا «شنودة» شخصية متفردة تماما، فهو رجل عالم، وحاصل على دكتوراه فى اللاهوت، بالإضافة إلى أنه أديب وشاعر، وعضو فى نقابة الصحفيين، وهو شخصية وطنية من الطراز الأول، قلما يجود الزمن بمثلها، فهو صاحب مقولة "مصر وطن يعيش فينا وليس وطن نعيش فيه"
وأضاف «رمزى» أنه وبالإضافة إلى رعاية البابا شنودة الدينية للكنيسة المصرية، إلا أنه أثرى الحياة السياسية فى مصر، ثراء كبيرا، وكان له دور مهم كلفه الكثير، وهو الصدام بينه وبين الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى أدى إلى سحب القرار الجمهورى بتعيينه «بابا الإسكندرية» بسبب اعتراضه على اتفاقية «كامب ديفيد»، ورفضه الذهاب إلى القدس الشريف، وقوله: "لن يكون أقباط مصر خونة العرب"، لكنه صمم على رأيه وقراره، فدفع ثمنا غاليا.
وأشار المتحدث السابق باسم الكنيسة، إلى أن المقارنة بين البابا شنودة والبابا تواضروس، مقارنة ظالمة جدا، لاسيما أنه لم يمض على وجود البابا تواضروس فى الكرسى البابوى أكثر من ثلاثة أعوام، أما البابا شنودة فقد ظل على رأس الكنيسة لأكثر من أربعين عاما، وبالتالى الاختلاف بينهما كبير مع احترامى للمقام البابوى ولقداسة البابا تواضروس.
وأضاف «رمزي» أن الكاريزما، كلمة يونانية معناها "العطية" وهذه العطية لا يمنحها الله لأى شخص، ولكن يمنحها لأشخاص معينين، وبالتالى البابا شنودة يعد متفردا فى مسألة «الكاريزما»، مثل الرئيس جمال عبد الناصر.
ولفت «رمزى» إلى أن البابا شنودة كان أكثر اشتباكا مع القضايا السياسية من البابا تواضروس، نظرا للخلفية السياسية التى كان يتمتع بها، فهو كان رجلا وفديا من الطراز الأول، وكان صاحب قرار سياسى مهم جدا، لكن البابا تواضروس رجل علم، لا علاقة له بالسياسة إطلاقا.
وعن الإصلاح الكنسى، قال «رمزي» إن البابا شنودة كان رجلا محافظا، وبالتالى البابا تواضروس يتفوق فى هذه المسألة عن البابا شنودة، حيث إنه يرغب فى الإصلاح أكثر، وبالتالى هناك فرق بين البابا شنودة السلفى والراديكالى وبين البابا تواضروس الإصلاحى.
وعن التعامل مع مشاكل الأقباط قال رمزى، البابا كان يتعامل بجدية أكبر مع مشاكل الأقباط، فعندما تم التضييق على الأقباط أيام السادات، كان البابا شنودة يتصدى لهذه المشكلات بقوة، عكس البابا تواضروس الذى لم يتدخل فى هذا الملف.
وعن طبيعة العلاقة مع الدولة، قال رمزى إن البابا شنودة كان أكثر صراحة وأكثر حزما فى علاقته مع الدولة، لكن البابا تواضروس يتفق مع سياسة الدولة على طول الخط.
وعن علاقة الكنيسة الأرثوذكسية بالطوائف المسيحية الأخرى مثل الكاثوليك والبروتستانت، أكد رمزى، أن البابا تواضروس أكثر انفتاحا وتواصلا مع الطوائف المسيحية الأخرى من البابا شنودة، الذى كان متحفظا بشدة فى علاقته مع الطوائف الأخرى، مؤكدا أن زيارة البابا تواضروس للقدس لا تمثل اعتداء على ثوابت البابا شنودة، لكنها كانت زيارة مهمة دينيا، وعملا كنسيا صرفا، لاسيما وأن مطران القدس هو الرجل الثانى بعد بطريرك الكنيسة المصرية، فكان من الطبيعى أن يذهب البابا تواضروس للقدس للصلاة على مطران القدس، وبالتالى كانت زيارة البابا «تواضروس» للقدس ضرورة كنسية.
وعن العلاقة مع الفاتيكان قال رمزى إن العلاقة بين الكنيسة المصرية والفاتيكان تطورت كثيرا فى عهد البابا تواضروس، لأن البابا شنودة كان يعتز بنفسه ويرى أنه يمثل رأس الكنيسة فى العالم، لذلك هو رفض استقبال بابا الفاتيكان فى مطار القاهرة، ردا على عدم استقبال بابا الفاتيكان له بمطار الفاتيكان.
وعن الموقف من القضايا الوطنية قال رمزى، إن الاثنين وطنيين، لكن البابا شنودة كان له مواقف وطنية كثيرة ومهمة، وأن النظام كان يلجأ له فى أمور كثيرة، مثل قضية المياه مع إثيوبيا، لكن البابا تواضروس لا يعمل بالسياسة ولا يتدخل فيها من قريب أو من بعيد.
أما نادر الصيرفى، مؤسس "أقباط 38"، فقال إن البابا شنودة فى المجمل هو شخصية وطنية أثرت فى تاريخ مصر وتاريخ الكنيسة، لكنه أخطأ فى موضوع الأحوال الشخصية للأقباط، مشيرا إلى أن هذا الملف وصل لمرحلة سيئة جدا فى عهد البابا شنودة، والتحول عن ثوابت الكنيسة مما ترتب عليه الكثير من المشاكل سواء بالنسبة للدولة أو لمجتمع الكنيسة، وحتى الآن لم يستطع أحد حل هذه المشكلة.
وعن معيار الكاريزما قال إن البابا شنودة كان أكثر كاريزما وشعبية من البابا تواضروس، مشيرا إلى أن البابا شنودة كان أكثر تدخلا فى العمل السياسى من البابا تواضروس، وهذا عيبا وليست ميزة، لأن البابا كلما تدخل فى العمل السياسى كلما انخفضت أسهمه.
وعن الإصلاح الكنسى قال الصيرفى، إن البابا شنودة حول المجلس الملى لمجرد شكل خال من المضمون، أما البابا تواضروس فلديه نية الإصلاح، لكن ليس لديه القدرة على تنفيذ هذه الإصلاحات، وأنه بالغ فى مسألة الحكمة، التى تتعارض مع الإصلاح، مشيرا إلى أن هناك الكثير من الملفات داخل الكنيسة كانت تحتاج إلى إصلاح جذرى فى أواخر عهد البابا شنودة، مثل نفوذ الكهنة، وغياب دور المجلس الملى، وملف الرعاية والتعليم، وبالتالى إصلاحها يقع على عاتق البابا تواضروس الآن.
وعن التعامل مع مشاكل الأقباط، قال «الصيرفي»، إنه يريد أن تعود الكنيسة للتعامل مع مشاكل الأقباط لفترة البابا كيرلس والرئيس جمال عبد الناصر، عندما كانت العلاقة بينهما ممتازة، رغم عدم تدخل البابا كيرلس فى السياسة نهائيا، مشيرا إلى أن البابا شنودة كان يرفض تماما فكرة الوحدة بين الطوائف المسيحية بشكل قاطع، عكس البابا «تواضروس» الذى حاول إقامة هذه الوحدة، لكنه تعرض للهجوم بسبب موروث البابا شنودة فى هذا الموضوع، ومنها مقولة "لا طلاق إلا لعلة الزنا" وبالتالى أمام البابا تواضروس طريق صعب لتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة.
ولفت الصيرفى إلى أن زيارة البابا تواضروس للقدس لا تمثل تعديا على ثوابت البابا شنودة والكنيسة أو كسرا لقرار المجمع، لكنها كانت زيارة استثنائية، ولو كان البابا شنودة حيا لقام بها.
وعن الأكثر اشتباكا مع القضايا الوطنية قال الصيرفى، إن الاثنين لهما مواقف وطنية كثيرة، مشيرا إلى أن البابا تواضروس شارك فى ثورة 30 يونيو، وتحمل حرق الكنائس، ولولا حكمته فى هذه الفترة، لتغير الوضع كثيرا للأسوأ.