شيخ الأزهر :جماعة «بوكو حرام» ومن على نهجها من الجماعات الإرهابية المتطرفة لا يمثلون الإسلام
أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور، أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن جماعة «بوكو حرام» ومَنْ على نهجها من الجماعات الإرهابية المتطرفة لا يمثلون الإسلام الذي هو منهم ومِنْ أعمالهم الإجرامية براء، موضحًا أن الإسلام لم يكن يومًا دين قتلٍ أو عنفٍ أو هدمٍ، ولكنه دينٌ يدعو إلى الحياة والسلام والرحمة والبناء.
وقال شيخ الأزهر، خلال المؤتمر الصحفي العالمي الذي عقده اليوم بمقر إقامته بالعاصمة النيجيرية أبوجا:
إننا تعلمنا ونُعلم أبناءنا وطلابنا في الأزهر الشريف أن القرآن الكريم رَسم طرق ووسائل
الدعوة إلى الله ونصَّ عليها نصًّا صريحًا يفهمه أطفال المسلمين قبل شبابهم وكبارهم،
حيث أوضح أن الدعوة إلى الله تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أنه لم يدع أحدًا من
المسلمين إلى حمل السلاح لقتل الناس، ومن يفعل ذلك لا يعبر عن منهج الأزهر بأي حال
من الأحوال .
ودعا الإمام
الأكبر أحمد الطيب هؤلاء للتوبة ، وتدارك أمرهم، ولزوم الجماعة التي دعا القرآن إليها،
ومراجعة أنفسهم ليس هنا فقط بل في جميع أنحاء العالم ، مشيرًا إلى أن الله –تعالى-
قد حرم الدماء، وأن الإسلام انفرد بتشديد العقوبة في الدنيا والآخرة لمَنْ يقتل الناس
ويستحلُّ الدماء، والله -عز وجل- لن يتسامح مع هؤلاء الذين يقتلون الناس ويسفكون دماءهم
زورًا وبهتانًا، فالمسلم لا يجوز أن يقتل ويقاتل الآخَر إلا إذا كان دفاعا عن نفسه،
بل إن الإسلام لم يجعل الحدود في يد جماعة أو مجموعة، وإنما حصرها في يد ولي الأمر
أو مَنْ ينوب عنه من القضاء .
وأوضح شيخ الأزهر
أن الاختلاف سنة كونية وأن العلاقة بين الناس يجب أن تقوم على التعارف، لافتًا إلى أن
هذه الجماعات تعمل علي الإساءة للإسلام، بل إن أكثر المتضررين منها هم المسلمون أنفسهم، مشددًا
على أنَّ حروب المسلمين كانت دفاعية؛ لدرء خطر المتربصين بهم على الحدود .
وأشار الإمام الأكبر
إلى انه جاء لنيجيريا للالتقاء بكل طوائف الشعب النيجيري للتأكيد على الوقوف صفًّا
واحدًا ضد مَنْ يروِّجون للتطرف والإرهاب، وسنعمل سويًّا خلال الفترة القادمة مع الشعب
النيجيري لبيان صحيح الدين ومحاربة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره.
وردًّا على سؤالٍ
آخر حول الهدف الرئيس من الزيارة، أكد الأمام الأكبر أن هذه الزيارة جاءت استجابة لدعوة
الرئيس النيجيري محمد بخاري، للأزهر ممثَّلًا في إمامه الأكبر وفريقٍ من العلماء لزيارة
هذا البلد الكريم، وأن الهدف الرئيس منها هو بيان حقيقة الإسلام، وأنه دين سلام للإنسانية
والعالم أجمع، وتفنيد كل المحاولات التي تحاول تشويه هذا الدين الحنيف في الشرق والغرب .
وتابع « لقد مرّ على
الأزهر الشريف أكثر من ألف عام وقضيته الأساسية هي نشر الإسلام كما جاء به محمد -صلى
الله عليه وسلم- دين رحمة وسلام للإنسان والحيوان والجماد بل والكون كله ، وليس لهذه
الزيارة أهداف أخرى تخرج عن توضيح الإسلام للعالم»، مضيفًا «لسنا سياسيين، والأزهر
لا يعرف السياسة ولا يتعامل معها منذ أكثر من ألف عام».
وردًّا على سؤال
حول العلاقات العلمية والدعوية والأكاديمية بين الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية في
نيجيريا، قال شيخ الأزهر: نحن مؤسسة أكاديمية مرتبطة بكل العالم الإسلامي، إذْ يدرس
في الأزهر حوالي 2 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم قبل الجامعي، ونصف مليون طالب
آخرين في مرحلة التعليم الجامعي والدراسات العليا، منهم حوالي 40 ألف طالب وفدوا من
66 دولة، وتحل نيجيريا في المرتبة الثالثة من بين الطلاب الوافدين بعد إندونيسيا وماليزيا،
موضحًا أن هذه الرحلة تركز في جانب منها على التواصل العلمي من خلال أبناء نيجيريا
الذين يدرسون في الأزهر والمدرسين الذين نبتعثهم لتدريس العلوم الشرعية والعربية في
معاهد نيجيريا .
و حول الجهود التي
يقوم بها الأزهر الشريف في نشر ثقافة الحوار والتعايش المشترك ، أكد الإمام الأكبر
أنه على المستوى العالمي أنشأ الأزهر "مرصد الأزهر باللغات الأجنبية"، الذي
يرصد كل ما يثار من قضايا وشبهات حول العالم بثماني لغات مختلفة، ثم يتم ترجمتها ويتولى
مجموعة من العلماء المختصين الرد عليها، ومِن ثَمَّ نشرها باللغات المختلفة للتأكيد
على قيم التسامح والتعايش المشترك.
وأوضح : لدينا كذلك
مركز إعلامي يتعامل مع الأحداث الإعلامية على مدار الساعة، ومركز للحوار بين الأديان،
وبخاصة الديانة المسيحية، إضافة إلى بيت العائلة ،كما أطلقنا حوارا بين الشرق والغرب
من مدينة فلورنسا بإيطاليا، ثم كانت جولات أخرى إلى بريطانيا وإندونيسيا وألمانيا،
واليوم إلى نيجيريا لترسيخ وإرساء ثقافة السلام والحوار والتعايش المشترك، كما أرسلنا
بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين قوافل سلام إلى قارات العالم المختلفة كانت آخرها
إلى نيجيريا قبل أسابيع قليلة .
وحول ما إذا كان
هناك تعاون بين الأزهر الشريف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية في نيجيريا في مواجهة
الإرهاب ، قال الإمام الأكبر إن التعاون حتى الآن على المستوى الأكاديمي لكن
اتخذنا خطوات فعلية للاستعانة بخريجي الأزهر في البلدان المختلفة للمشاركة في تفعيل
الدور الدعوي للأزهر في بلدانهم تحت إشراف الأزهر الشريف .
وفيما يتعلق بتقييم مبعوثي الأزهر في مختلف البلدان، قال: إننا نحصل بشكل دوري على تقارير
من خلال سفراء مصر في هذه الدول، موضحًا أنهم يقومون بجهود كبيرة لنشر منهج الأزهر الوسطي،
ونحن نعتزم تفعيل هذه الجهود بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.
وبالنسبة لتمويل
البرامج التي يقوم بها الأزهر الشريف بالنسبة للطلاب الوافدين، أكد الإمام الأكبر أن
جمهورية مصر العربية هي التي تمول البرامج، وأن الأزهر لا يتلقى عطايا ولا هبات من
أحد، وأن كل المنح التي تقدم لأبناء المسلمين والمبعوثين تتفضل بها مصر، موضحًا أن
طلاب المسلمين يدرسون مجانًا في الأزهر حتى لو جاءوا من بلاد شديدة الثراء ، فهذه هي
رسالة الأزهر أكثر من ألف عام .
كما أكد الإمام الأكبر
أن الرسالة التي يحملها الأزهر الشريف هي رسالة السلام التي جاء بها الإسلام، داعيًا
الشعوب الإفريقية إلى التوحد في الأهداف والجهود بما يحقق طموحات وآمال شعوب هذه القارة
الغنية بثرواتها وأبنائها.