قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» الأمريكي يهدد بمحاكمة رموز في «الأسرة المالكة»
حسن : الوثائق تتحدث عن تورط بعض الشخصيات والهيئات السعودية في تمويل الجماعات المتطرفة
غباشي
: قرار خطير جدا ومحاسبة أمريكا على جرائمها في العراق وأفغانستان نكتة
اللاوندي:
أمريكا غسلت أيديها من السعودية وزيارة الملك سلمان للأزهر لن يغير من الأمر شيئا
أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» الذي يسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر عام 2001 بمقاضاة الحكومة السعودية، وسيسمح لعائلات الضحايا بمقاضاة أي عضو في الحكومة السعودية يعتقد بأنه لعب دورا في هجمات 11 سبتمبر، والذي قال عنه السيناتور شومر: "اليوم أعلن مجلس الشيوخ بصوت عال وبإجماع أن عائلات ضحايا الهجمات الإرهابية يجب أن يكون بإمكانهم محاسبة الجناة حتى إذا كانوا بلدا أو أمة"، وأضاف:"سيكون هذا بمثابة رادع وتحذير لأي دولة أخرى تساعد في شن هجمات إرهابية ضد الأمريكيين."
وقد
صدر هذا القرار رغم تحذيرات أطلقها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بأن إقرار التشريع
"سيقوض ثقة المستثمرين" في السوق الأمريكي، وأن المملكة سوف تقوم بسحب
استثماراتها البالغة أكثر من 750 مليار دولار من السوق الأمريكية، ورغم تأكيد الرئيس
الأمريكي باراك أوباما من أنه سوف يستخدم حق النقض " الفيتو" ضد مشروع
القانون.
كما
يأتي هذا القرار بعد اتهام الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمملكة العربية
السعودية، بأنها تغرد خارج السرب فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية وانتقد ما
يراه تمويلا للرياض للتعصب الديني ورفضها التوصل إلى التعايش مع إيران.
يذكر
أن زكريا موسوي، الذي يقضي عقوبة السجن في كولورادو لمشاركته في التحضير لاعتداءات
سبتمبر، قد زعم العام الماضي أن أميرا سعوديا ساعد في تمويل الهجوم الذي استخدمت فيه
طائرات ركاب واستهدف مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى البنتاغون في فيرجينيا،
ونفت السعودية هذا الاتهام ووصفته بأنه من "مجرم مخبول" لا يتمتع بأي مصداقية.
والسؤال هو عن تداعيات هذا القرار على العلاقات السعودية الأمريكية، وهل يمكن تقديم أي شخص في العائلة المالكة للمحاكمة، وهل سيكون له تداعيات على العلاقات الأمريكية الخليجية والعلاقات الأمريكية المصرية؟..
عن
هذا الموضوع يقول السفير رخا أحمد حسن عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن
القرار تم بناء على التقرير الخاص بأحداث 11 سبتمبر، مشيرا إلى أن مجلس الشيوخ
اطلع فقط على 28 صفحة من التقرير، نظرا لأن القانون الأمريكي يحظر الاطلاع على
الوثائق السرية إلا بعد 25 عاما من تحريرها، وهذه الوثائق كشفت عن قيام بعض الشخصيات
والهيئات السعودية بتقديم مساعدات للجماعات المتطرفة.
ولفت
حسن إلى أن هذا القرار يمر بعدة مراحل، تبدأ من إقراره داخل مجلس الشيوخ، ثم إقراره
في مجلس النواب، وأخيرا يتم تصعيده إلى الرئيس إذا تم تمريره بواسطة مجلس النواب،
مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي يمتلك حق الفيتو، للاعتراض على هذا القرار، لأسباب
تتعلق بتأثيره على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي يرجأ إصداره
ويرحل إلى الإدارة الجديدة في العام القادم.
وأكد
عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أنه في حالة ثبت من التقرير تورط شخصيات سعودية
كبيرة تنتمي للأسرة المالكة في هذه العمليات الإرهابية، فسوف يكون له تأثير سلبي
على رؤوس الأموال السعودية سواء المودعة في شكل سندات خزانة أمريكية أو استثمارات،
مستبعدا حدوث سحب لتلك الأموال دفعة واحدة، ولكن يمكنها التوقف عن شراء سندات
جديدة، وسيكون له تأثير سلبي أيضا على العلاقات السياسية بين البلدين، لاسيما في
ظل الفتور النسبي الحالي الذي تشهده العلاقات بين الدولتين، بسبب التقارب الأمريكي
الإيراني.
وأضاف
حسن إلى أن الجيل الجديد في المملكة العربية السعودية يريد الخروج من حالة
الانطواء والانغلاق، وتحويل المملكة من دولة متشددة دينيا إلى دولة معتدلة مثل
باقي دول الخليج، واستبعد وجود أي تأثير لهذا القرار على العلاقات الخليجية
الأمريكية، كما استبعد تأثيره على العلاقات المصرية الأمريكية، مؤكدا على أن دول
الخليج ما زالت في حاجة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، للحفاظ على أمنها من
ناحية، والوقوف في وجه الأطماع الإيرانية في المنطقة من ناحية أخرى.
ونوه
حسن أنه يتوقع ترحيل هذا القرار إلى الإدارة الأمريكية الجديدة، كما توقع أن يلقى
القرار مصير قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والذي لم يتم تنفيذه حتى الآن
منذ وجود بوش الأب في الحكم، كما توقع عدم تمرير هذا القرار في مجلس النواب.
وعن عدم محاسبة الولايات المتحدة الأمريكية على ما ارتكبته من جرائم في العراق وأفغانستان، قال حسن: دول الخليج هي التي أبرمت اتفاقيات مع أمريكا، تمنع محاكمة الجنود الأمريكيين في أي دولة سوى الولايات المتحدة الأمريكية.
من
جانبه قال الدكتور مختار غباشي رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية،
أن المملكة العربية السعودية حذرت من هذا القرار قبل ذلك، وهددت بسحب 750 مليار
دولار استثمارات في أمريكا إذا تم تمرير هذا القرار، مؤكدا على أن هذا القرار خطير
جدا، وسوف يكون له تأثير سلبي على خصوصية العلاقات السعودية الأمريكية، مشيرا إلى
أن العرب يستحقون ما يحدث لهم، لأنهم لم يتعلموا من التاريخ، فهم دائما يضعون
مصيرهم في يد الأسود والذئاب، ولم يتعلموا كيف يعتمدون على أنفسهم.
وكشف
غباشي عن أن السعودية والإمارات والكويت يمتلكون نصف الصندوق السيادي العالمي، والمال
الخليجي في العالم يبلغ نحو 2 تريليون و400 مليار دولار.
واستبعد
رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية أي تأثير لهاذ القرار على
العلاقات الأمريكية الخليجية، مشيرا إلى أن عقدة الخواجة ما زالت تسيطر على العالم
العربي، وما زال الحكام العرب يهيمون حبا في الولايات المتحدة الأمريكية، فهم
يعتمدون على الولايات المتحدة في كل شئ، في السلاح والاقتصاد والأمن، وأضاف أنه
ليس شرطا أن تدخل الأموال التي سوف تقوم السعودية بسحبها من السوق الأمريكية إلى
السوق المصرية، منوها إلى أن العرب دائما يستثمرون أموالهم في الدول التي يشعرون
فيها بالأمان والهدوء.
ووصف غباشي مطالبة البعض بمحاسبة الولايات المتحدة عن الجرائم التي ارتكبتها في العراق وأفغانستان، على غرار محاسبتها للمملكة العربية السعودية عن أحداث 11 سبتمبر بالنكتة، مشيرا إلى أن العرب لا يملكون أي وسائل ضغط على الولايات المتحدة الأمريكية، كما وصف غباشي وجود مجالس نيابية في العالم العربي لمحاسبة أمريكا بالحلم، لافتا إلى أن الدول العربية هي التي أتت بالقوات الأمريكية لاحتلال العراق.
أما
الدكتور سعيد اللاوندي استاذ العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية،
فقال، أن هذا القرار لم يكن مفاجئ، لكنه كان متوقعا منذ فترة، وهو شبيه للقرار
الذي أصدره الكونجرس الأمريكية قبل عشر سنوات بمعاقبة سوريا، مشيرا إلى أن هذا
القرار هو بداية لموقف عدائي ضد المملكة العربية السعودية، التي يرى البعض أنها لا
تستحق ما تملكه من موارد طبيعية، أفراد سعوديين كانوا يمولون العنف السياسي له تأثير
خطير جدا على العلاقات الأمريكية السعودية.
ولفت
اللاوندي إلى أن هذا القرار ربما سيكون له تأثير على الأسرة المالكة، لاسيما وان
المملكة هددت بسحب أرصدتها من أمريكا وهذا أمر صعب جدا لاسيما وأنهم يحتاج إلى وقت
كبير، مؤكدا على أن السعودية سقطت تماما من حسابات المملكة العربية السعودية، وأن
أمريكا غسلت أيديها تماما من السعودية في الشرق الأوسط، وطلقت المنطقة العربية
بالثلاثة لأنها أصبحت عالة عليها بمشاكلها.
وأضاف الخبير السياسي أن كل محاولات المملكة للتقارب مع الأزهر، وحديثها عن الدين الوسطى لن يكون له أي تأثير على القرار الأمريكي، مستبعدا أي دور لإيران في الموضوع، لاسيما وأن إيران ترى أنها مستهدفة في الغرب مثلها مثل السعودية وتركيا وغيرها من الدول الإسلامية.