شيخ الأزهر: بعض مصطلحات الجهاد من اجتهادات الفقهاء ولاتصلح للعصر الحالي
قال الإمام الأكبرالدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إن مفهوم الجهاد بمعناه اللغوي العام مأخوذ من الجهد أو بذل المجهود والمشقة، وفي الشرع هو بذل مجهود وطاقة ومشقة في مجاهدة عدو، والعدو في مفهوم الجهاد في الإسلام عَدُوَّان: عدوٌّ محسوس: وهو العدو المعروف الذي يُواجه ويُجابه في ساحات الحروب والمعارك، وعدو خفيٌّ لا يُرى ولا يُحسُّ وتأثيره مدمر أيضًا هو الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، وكذلك الفقر عدو للإنسان، والمرض والجهل..، وهي من الأعداء التي يجب على المسلم أن يجاهدها يوميًّا، وهذا يعنى أن الجهاد ليس مقصورًا على جهاد العدو فحسب وهو واجب متعين، لا جدال في ذلك، وهذا ما نلفت نظر الشباب إليه.
وأضاف في حلقة أمس من برنامجه (الإمام الطيب) الذي يذاع يوميًّا طوال شهر رمضان المعظَّم على التليفزيون المصري وقنوات سي بي سي إكسترا، وإم بي سي مصر، وتليفزيون أبو ظبي وعدد من القنوات الفضائية الأخرى، أن النوع الثاني من الأعداء (جهاد النفس والشيطان والهوى..) مجاهدته أشق من مجاهدة النوع الأول (جهاد العدو بالسلاح) ولذلك وصفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه جهاد أيضا حين قال: (المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله)، مؤكدًا أن تقسيم الجهاد إلى ما يسمى بجهاد الدفع وجهاد الطلب لم يرد لا في قرآن ولا في سنة وإنما هو تقسيم نشأ من تأمل الفقيه في البيئة أو في الظروف الملابسة التي كانت تحيط به هنا أو هناك، وجهاد الدفع هو جهاد ملاقاة العدو ودفعه عن استعمار البلاد إذا داهم بلاد المسلمين، وهو في مقابل جهاد الطلب الذي يعني استباق العدو والذهاب إليه ومحاربته تأمينا لموقف ما.
وأشار الإمام الأكبر إلى أنه لا يجب أن يُنظر إلى الحرب في خيبر وتبوك على أنها حروب استباقية بمفهوم الحروب الآن حتى لا يُظلم الإسلام الذي كان يعمل على تقنين الحروب وضبطها والجنوح للسلام (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) ويأتي بأحكام وتشريعات غاية في الإنسانية والنبل، ولا يحارِب إلا في الضروريات القصوى، في الوقت الذي كانت تسود فيه شريعة الغابة وتنطلق فيه الحروب من قاعدة (إن لم أقض عليك سوف تقضى عليَّ) كما في شريعة الرومان وغيرها آنذاك، ولذلك أؤكد على ما قاله العقاد من أن كل ما شرعه الإسلام في القرن السابع والثامن الميلادي لم تهتد إليه أوروبا أو لم تهتد إلى بعضه إلا في القرن السابع عشر بعد أن أصبحت دولا لها حدود وأصبح لها أحكام تختص بالحروب .
وأكد فضيلته أن العلاقات الدولية في الإسلام تقوم على السلام البحت وعلى الموادعة وعلى المسالمة، وقد كتبت عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه من كبار العلماء ليبينوا أن هذا هو الأصل في الإسلام الذي أقر حرية الاعتقاد ولا يمكنه أن يُرغم أحدا على عقيدة معينة.