ننشر النص الكامل لكلمة شيخ الأزهر بمناسبة الاحتفال بليلة القدر
الإمام الأكبر خلال كلمته في الاحتفال بليلة القدر.
الإسلام دِين يقوم نظامه على العدل والإنصاف والمساواة بين الناس.
الأقطار التي لم تَشهَد حروبًا إسلامية هي الأقطار التي تنتشر على أراضيها الكثرةُ الكاثرةُ من المسلمين.
اعتناق غالبية الشعوب الإفريقية للإسلام لم يكن عن طريق حملة عسكرية.
ليس لأحد ولا لجماعة ولا لطائفة مؤمنة أو غير مؤمنة، أن تتزيَّد على وسائل الدَّعوة التي حددها القرآن الكريم بتلفيقات أو توفيقات مزَيَّفة مُلغاةٍ.
من المحزن أن تُؤتَى الأمَّةُ اليومَ من شهوةُ الاختلاف والرَّفض وكثرةُ الكلام.
من المؤلم أشدَّ الألم وأبلَغه أن تُصابَ أمَّتُنا بما يُشبه داءَ الانفصام في مسألة ارتباط العمل بالمسؤولية الدينية.
أدعو المصريين إلى التلاحُم والتكاتُف؛ من أجل إغلاقِ الأبوابِ وسدِّها في وجوه مُثيري الفِتَن والشِّقاق والعَبَث بالوطنِ.
تنشر النبأ النص الكامل لكلمة الإمام الأكبر الدكتور، أحمد الطيب، شيخ الأزهر التى وجهها للشعب المصري بمناسبة الاحتفال بليلة القدر، وفيما يلى نص الكلمة.
بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــ
الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على سيدِنا محمدٍ رسول الله، وعلى آلِه وصَحبِه ومن اهتدى بهداه.
السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي -رئيس جمهورية مصر العربية حفظه الله ورعاه.
الحفل الكــريم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد:
فإنَّ احتفالَ المسلمين بليلةِ القَدْرِ من شهر رمضانَ المبارَك - هو احتفالٌ بحَدَثٍ تاريخيٍّ بالغِ الأهمية والخَطر في مسيرة الإنسانية، بل في مسيرة الكون كله، هذا الحدَثُ هو نزولُ القرآن الكريم، أو بدءُ نزولِه على نبيِّ الإسلام: محمد صلى الله عليه وسلم، ليبلِّغَه للناس، ويُرشِدُهُم به إلى اعتقادِ الحقِّ وعمَلِ الخير، ويخرجِهُم به من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط مستقيم .
{الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}(إبراهيم:1)
هذا القرآن الكريم الذي نحتفل اليوم بذكرى نزولِه إلى دنيا الناس - قدَّم للإنسانية، خلالَ فترة زمنية بالغةِ القِصَرِ، أمَّةً عظيمة، وحضارةً كبرى قادها رسولُ الإسلام سيِّدُنا محمدٌ صلوات الله وسلامه عليه، وأصحابُه ثم أتباعُه من بَعْدِه، واستطاعت هذه الأمَّة أن تزاحِمَ بمَنكِبَيها أعتى إمبراطوريَّتينِ استعماريَّتينِ عرفَهُما التاريخ في ذلِكُم الوقت، وهما: إمبراطورية الفرس وامبرطورية الروم، ولم تنقض على خروجه صلى الله عليه وسلم من الدنيا ثماني سنواتٍ، حتى انهارت إمبراطورية فارس في حرب القادسيَّة، وانمحت مِن على وجه الأرضِ، ولم تقُم لها قائمة حتى يوم الناس هذا، وسُرعان ما فُتحَت سوريا وفلسطين، ثم لم يأت العامُ الواحدُ والعشرون بعد الهجرة حتى كان المسلمون في مصر وفي الإسكندرية، ثم في طرابلس وأفريقيا، وما لبِثَت دولة الرُّوم - هي الأخرى - أن تداعت أركانُها في الشرق، وأصبح الرومُ إمّا مسلمين، وإما مواطنين يَنعًمُون بالعدل والمساواة في ظل دينٍ جديدٍ يضمن السلام والإخاء لمن يرتضيه دينًا، أو لمن يعيش في رحابه مواطنًا سالما، له ما للمسلمينَ، وعليه ما عليهم.
ولقد طوَت حضارةُ المسلمين تحت جناحها ثلاثةَ أرباع العالَم، في فترة زمنية لم تتجاوَز ثمانين سنة من قيام دولةِ الإسلام بالمدينة، وهذه الفترة ليست رَقَمًا ذا شأنٍ في حساب الحضارات وتطوُّرِها واستوائها على سوقها، وكان اللَّافت للنظر في مسيرة حضارة الإسلام أن غيرَ المسلمين هم الذين يسارعون في اعتناق هذا الدين والدخول فيه، وأنّ من بَقِىَ منهم على دِينه كان طيِّبَ النَّفْس، بالعيش في ظلال دِين يقوم نظامه على العدل والإنصاف والمساواة بين الناس، لا يفرِّقُ فيهم بين سيد ومسود، ولا بين قوي وضعيف، ولا بين غني وفقير..
وممَّا يؤكِّد دَعْوَى إقبالِ الشعوب على الإسلام في البلاد المفتوحةِ - أن الأقطار التي لم تَشهَد حروبًا إسلامية هي الأقطار التي تنتشر على أراضيها الكثرةُ الكاثرةُ من المسلمين اليوم، فأندونيسيا – مثلا - التي تحتضن أراضيها قُرابة رُبع مليار مسلم، لم يدخلها الإسلام بالحرب ولا بالسِّلاح، وإنّما بالقدوة التي مَيَّزت تُجَّارُ المسلمين، وأسَرَت عقولَ الناس وقلوبَهم.. وقُل مثلَ ذلك فيما يتعلقُ بالهند وباكستان والصين، حيث تَضُمُّ هذه الأقاليم في مجموعها ما تَقْرُبُ نِسبَتُه من 65 % من المسلمين. بل قُل مثل ذلك فيما يتعلق بسواحل القارة الأفريقية وأعماقِها الممتدَّة في شمالِها وغَربِها ووسَطِها. والتي يُعييكَ البحث عن تاريخ محدد لدخول الإسلام في هذه الأعماق، وسبب ذلك:
«أن اعتناق غالبية الشعوب الأفريقية للإسلام - فيما يقول بعض المؤرخين الأفارقة - لم يكن عن طريق حملة عسكرية حتى يُؤرَّخَ له بسقوطِ مملكةٍ ما، أو هزيمةِ جيوشٍ أفريقيَّةٍ في موقعةٍ ما، وقِيامِ نظامٍ إسلاميٍّ على أنقاضها، وإنما انتشرت الديانة الإسلامية في تلك المناطق بفعلِ احتكاكِ التجار المسلمين بسكانها، وسلوك شيوخ التصوف القادمين من شمالي أفريقيا» حتى الأندلس التي نَعلَمُ أنها فُتِحَت بحدِّ السلاح كما يقول كثير من المؤرخين العرب وغيرهم، وجدنا من المؤرِّخين الغربين من يقول: إن العرب لم يدخلُوها غزاةً مُحارِبين. فقد ظهرَ في عام: 1975م، كتاب لمؤرخ أسباني شهير اسمه: إجناثيو أُولَاجوِي Ignacio Olague، جعل عنوانه: «الثورة الإسلامية في الغرب» ثم عُرِّبَ بعنوان: «العرب لم يغزوا الأندلس» .. ذهب فيه هذا المؤرِّخُ إلى أن المسلمين لم يَفتحوا إسبانيا فتحًا عسكريًّا مسلَّحًا، وما كان من تحوُّلِ الأندلسيِّين إلى الإسلام إنّما «هو ثمَرةُ احتكاكات اجتماعية وفكرية داخلية» أو بسبب ما يسمِّيه المؤلِّف الفكرة التي تطوَّرت إلى قوَّةٍ «شكَّلَت عَصَبَ الحضارة العربية الإسلامية في ثلاثة أرباع العالَمِ في تلك الأيام» ويقول المؤلِّف: إن المؤرِّخين من العرب ومن اللَّاتين: متقدِّمين ومتأخرين، أجمعوا على أن عدد المسلمين الذين دخلوا إسبانيا تراوح بين سبعة آلاف على أقل تقدير، واثنى عشر ألفا على أكثر تقدير، ثم يتساءل المؤلِّف : "كيف تَمَكّن بضعةُ آلافٍ من المسلمينَ قادمين من الصحراء، غيرَ مدرَّبينَ على قتالٍ أو غزوٍ مُنظَّمٍ، ولا يشكِّلونَ جيشًا بالمعنى المعروف آنذاك، كيف لهؤلاء أن يسيطروا على عَشْرة مليونِ إسباني يعيشون في أهم مدن العالَم حضارة وازدهارًا آنذاك !».
ورُغم تحفُّظِ القارئ المسلم على بعض النتائج التي ينتهي إليها المؤلِّف في كتابه، إلَّا أن القارئ لا يسعه إلَّا أن يُكْبِرَ المؤلِّف في إنصافه للإسلام في فتح الأندلس والفتوحات الأخرى، وبخاصةٍ عبارته التي يقول فيها: «إنّ السيادة المسلحة لا يمكن أن تستمرَّ ثماني مائة عام في الأندلس، ولا يمكن أن تستمرَّ إلى الأبد في مساحات شاسعةٍ من العالَم كما هو شأن العالَم الإسلامي اليوم».
ولم تبلُغ هذه الأمة ما بلَغته من احترام في كتابات المؤرِّخين المنصفين، إلا بسبب هذا القرآن الذي طَبَّقَت منهجَه في دعوة الأمَم إلى الإسلام، والتزمَت بفِقْهِه وشريعته السَّمحة، هذا المنهجُ الذي حدَّده الله تعالى تحديدًا حاسمًا في قوله سبحانه: ﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ {النحل: 125}.
وأنتم تلاحظون أن وسائل الدَّعوة في هذا النصِّ المُحكَم القاطع، لا تتعدَّى الحِكمةَ والموعظةَ الحسنةَ والجدالَ بالتي هي أحسن، فإن لم تُجْدِ هذه الوسائل نفعًا، فعلى الدُّعاة أن يتركوا الناس لخالِقهم، فهو أعلمُ بمن يضِلُّ ومن يهتدي من عباده.
وليس لأحد ولا لجماعة ولا لطائفة مؤمنة أو غير مؤمنة، أن تتزيَّد على هذه الوسائل التوقيفية في الدعوة إلى الله تعالى؛ بتلفيقات أو توفيقات مزَيَّفة مُلغاةٍ، تَصدِمُ هذا النَّصَّ الإلهي المحْكَم، وتُلقي به في مَهَبِّ الرِّيح، ليبتدعوا بعد ذلك مناهج في الدعوةِ تقوم على استحلال الدِّماء، وتُجيزُ سَبيَ الحرائرِ، وتُخرِّبُ العامِرَ، وتنشُرُ الشَّرَّ، وتأتي على الأخضرِ واليابس، متنكِّبين في كلِّ ذلك هَديَ الله ورسولِه، وطريقَ هُداة الأمَّة مِن السَّلف والخَلَف.
.. .. ..
وأنا لا أقصد من كلماتي هذه التغنِّي بأمجاد سلفت وطواها التاريخ، أو ما يبعث على فقد الأمل في عودة الوعي من جديد، فنحن على وعي دقيق بما تمرُّ به الأمة من مرحلة ضعف وهُزالٍ، غير أن المهمومين بحاضر هذه الأمَّة ومستقبلها لا يسأمون من التذكير المتواصل وتَردادِ القول بأن هذه الأمَّة ربّما تمرض لكنها أبدًا لن تموت، وأن أسباب النهضة والتقدُّم رَهْنٌ بإرادتها الصُّلبة، وبحِكمة قادتها، وجهودِ علمائها ومفكريها وإخلاص نواياهم ونزاهة قصودهم، وهذه الأمة التي عاشت تتحدَّى الزمن خمسة عشر قرنًا بقرآنها ولغتها العربية وجاذبية حضارتها، رُغمَ كلِّ الضربات القاسية، والمحسوبةِ بأدق الحسابات العلمية وأعقدِها، والتي تُوجّه إليها كلما أرادت الخروج من أزماتها المصطَنعة اصطناعاً،.. هذه الأمة لا يُعيِبها أن تَنفُضَ الغُبار من على رأسها، وأن تنهض لتأخذ مكانَها الصَّحيحَ بين الدُّول والأمم.. وطريقُها في ذلك، بعد الإيمان بالله والتوكُّل عليه؛ إنَّما هو: العملُ والعملُ الشاق، والمنافسةُ الشَّريفة، والجُهدُ والعَرَقُ، واحترامُ الوقتِ، والوَعيُ بخَطَرِه الشَّديد في النجاح وفي الفشل أيضًا..
ومن المحزن والمؤلِم أن تُؤتَى هذه الأمَّةُ اليومَ من آفتين قاتلتين:
الآفة الأولى: شهوةُ الاختلاف والرَّفض، والتحوُّل السريع من الحوار والنقاش، إلى الفرقة والنزاع، ثم العَداء والصِّراع.
والآفةُ الثانية هي: كثرةُ الكلام، وهي آفةٌ تَضرِب قيمةَ العمل في مَقتلٍ، وتحيلُه إلى عِبئ ٍ ثقيل يَضعُفُ عن أدائه الكثيرون، والأممُ الراقيةُ لم ترق بالثرثرة، وضياع الوقت، وتبديده فيما لا يعود بنفع ولا فائدة، ولم تبلُغ هذه الأمم ما بَلَغته بالاسترخاء والهروب من المسؤولية، وتغطيةِ العُيوب بطلاقة اللسان وفصاحته.
ومن المؤلم أشدَّ الألم وأبلَغه أن تُصابَ أمَّتُنا بما يُشبه داءَ الانفصام في مسألة ارتباط العمل بالمسؤولية الدينية، فقد توقفت تكاليفُ الدِّين وأوامره ونواهيه في أذهانهم عند حدود العبادات من صلاة وصيام وحج وعمرة وأضحية وعقيقةٍ، أمّا العملُ وإتقانُه، ومراقبةُ الله في أدائه على الوجه الأكمل، والخوفُ من أكل السحت والحرامِ، فهذا أمرٌ لا يخطُرُ لكثير منهم على بالٍ.. مع أن القرآن ذَكَرَ كلمة العمل ومشتقاتها في ثلاثمائة وخمس وستين موضعًا، وحين عَرَضَ للكلام قــال:﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾، وقد حذَّرنا صلى الله عليه وسلم من لغو الكلام فقال: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلَى مَنَاخِيرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ».. كما أوصانا بقوله: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليَصْمُت".. .. ..
واسمحوا لي - سيادة الرئيس!- في هذه المناسبة التي لا يليق بجلالها إلَّا الصدقُ في القولِ؛ أن أَذكُرَ أن الأزهر - وإن كان لا يزال أمامه الكثير مما يجب إنجازه لمواجهة التحديات المتجددة كل يوم - إلّا أنني لا أرتابُ لحظةً أمام ضميري وأمام الله تعالى، في أن أؤكد أن الأزهر منصرِفٌ إلى العمل الجادِّ الدؤوب في صبر وأناة، رُغمَ العقبات التي خلَّفتها تراكُمات السنين، والأشواك التي تزرع على طريقه وهو يعمل في صَمتٍ، ويحاول أن يبتعد قَدْرَ الإمكان عن كل ما يستنفذ الوقت والجَهدَ والطاقة.
وفي هذا ما يشجع الأزهر على أن يعلن للأمَّة كلها أنه كان –ولا يزال وسوف يظل بإذن الله – المؤسَّسةَ الإسلامية الكبرى التي يقع على عاتقها عبء أمانة الحفاظ على دين الله، وأن منهجه هو العاصم من الانزلاق بعيدًا عن الجادة إمّا يمينًا وإما يسارًا، وأنه الحارسُ الأمين على المحجَّة البيضاء التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كنَهَارِهَا، لا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلا هَالِكٌ ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ "
والأزهرُ ماض في طريق العلم والتعليم، يفدُ إليه من أقطار العالم ما يقارب أربعين ألف طالب وطالبة من أبناء المسلمين من أكثر من مئة دولة، يتعلمون الإسلام مجانًا وحسبة لله تعالى، ويُنفَقُ عليهم من أموال مِصر ومن خزائنها وميزانياتها، حتى لو كان الوافد أو الوافدة من أغنى الدول وأكثرها ثراء وأشدِّها رفاهية .. وهذه مَكْرُمة لمصر، أختصها الله بها من بين سائر الدول الإسلامية، بل هي سِرٌّ من أسرار قُوَّةِ كِنانةِ الله في أرضه، ودليلٌ على أصالةِ شَعبِها وعراقة تاريخها وعظمة حضارتِها..
وانطلاقًا من مرجعية الأزهر الدينية والوطنية التي عرَفَها له التاريخ قديمًا وحديثًا - أدعو شعبَ مصر العزيز، وهو يَستذكِر غدًا ثورةَ الثلاثين من يونيو، تلكم الثورة التي جمعت مصر والمصريين على قلب رجل واحد من أجل تحقيق إرادتهم الحاسمة في الانتقال بالوطن إلى مستقبل أفضلَ وتاريخٍ جديدٍ – أدعوكُم إلى نبذ كلِّ ما يؤدِّي إلى الفُرقةِ والاختلاف، وإلى التفرغ الكامل لبناء هذا الوطن الذي يَحتاجُ إلى سواعِدِكُم، والذي سوف تُسألون أمام الله تعالى عمّا فعلتم به، وما ذا قدمتم له من تضحيات، وما بذلتم في سبيل رُقِيِّه من جهود.
كما أدعوكم – أيها المصريون - إلى التلاحُم والتكاتُف من أجل إغلاقِ الأبوابِ وسدِّها في وجوه مُثيري الفِتَن والشِّقاق والعَبَث بالوطنِ، وأن تكونوا عوناً وسَنَدًا لولاة الأمور في جهودهم المخلصة في كلِّ ما يحقق المصلحة والمنفعة لمصر والمصريين.
وبهذه المناسبة أتوجه لكم - سيادة الرئيس - وللشعب المصري والأمتين: العربية والإسلامية بأصدق التهاني، وخالص الدعاء إلى المولى – سبحانه! - أن يعيدَ علينا هذه الأيام ومصرُ في مزيدٍ من الأمن والقوة والمنعة والتقدم والرخاء. شكرا لكم.
وكل عام وحضراتكم جميعًا بخير
وشـــكرًا لكم