القصة الكاملة لـ«بيزنس» نقيب المعلمين في المواد المخدرة
كشفت الأجهزة الرقابية واقعة إهدار مال عام جديدة تضاف إلى المئات من الوقائع والقضايا التى تلخص الوضع الحالى فى مصر، إلا أن البطل هذه المرة واحدة من النقابات المهنية التى يفترض فى القائمين عليها أن يكونوا على أعلى درجات الأمانة والقدوة إذ أنها النقابة المعنية بمن يتولون إعداد وتربية النشء ألا وهى نقابة المعلمين.
النقابة التى يستفيد من خدماتها مئات الآلاف من المعلمين على طول مصر وعرضها، رغم أنها تعانى طيلة الوقت من أزمة طاحنة فى صندوق المعاشات، فى ظل تبريرات من مجلس إدارة النقابة برئاسة خلف الزناتى من أن هذه الأزمة سببها فك الودائع المالية فى عهد المجلسين السابق والأسبق، إلى جانب عجز النقابة عن سداد معاشات المعلمين والبالغة 96 مليون جنيه لكل 3 أشهر فى ظل تدنى مبلغ الاشتراك الحالى والبالغ 4 جنيهات ونصف شهريًا من كل معلم بواقع 6 ملايين جنيه فقط.
إلا أن التبريرات بالعجز المالى لنقابة المعلمين لا تتسق وما رصدته الأجهزة الرقابية من بزخ وإهدار للاموال غير مبرر فى واحدة من الجهات التابعة لإشراف النقابة وهى مستشفى المعلمين بسوهاج فما بالنا ببقية المستشفيات الأخرى.
تقرير الأجهزة الرقابية الذى حصلت عليه "النبأ" يفيد بقيام المسئولين بمستشفى المعلمين بسوهاج بارتكاب العديد من المخالفات المالية والإدارية، من أهمها تلاعبهم فى عهد المستشفى من أجهزة ومستلزمات طبية، ووجود العديد من الأجهزة الطبية المعطلة، ووجود عجز كبير فى الأدوية المخدرة بصيدلية المستشفى".
وأضاف التقرير أن جرد عهدة المستشفى من أجهزة طبية ومهمات وأجهزة كهربائية كشف وجود عجز بمهمات المستشفى من أثاث وتجهيزات ومكاتب ومفروشات لعدد 69 صنفا منها على سبيل المثال، عدد 4 انتريه جلد وكراسى وأدوات الطبخ تم خصمها من دفاتر عهدة المستشفى دون وجود مستند قانونى بالتكهين أو البيع.
وأشار التقرير أن أمين مخازن المستشفى حين تمت مواجهته بالعجز فى عهدته أقر بأنه قام باستنزال هذه الأصناف من دفاتر العهدة بناء على أوامر شفوية من السيد نقيب المعلمين خلف الزناتى والذى رفض تسليمه أى مستند قانوني، وأنه أى أمين المخازن اضطر لقبول ذلك حتى لا يطيح به النقيب به من العمل بالمستشفى.
وكشف التقرير الرقابى قيام إدارة المستشفى بشراء سيارة ماركة شيفرولية رقم 1082 نقل سوهاج لتيسير أعمال المستشفى، إلا أنه تبين عدم إضافة هذه السيارة بدفاتر العهدة منذ شرائها، كما أنه لا توجد أى خطوط سير للسيارة، ويتم الصرف على إصلاحها وصيانتها من السلفة المستديمة بالمستشفى بالمخالفة للتعليمات واللوائح المنظمة لهذا الشأن، وتبين أن السيارة المذكورة تم ترخيصها بمعرفة سائق المستشفى "شحاتة. ح.م" وبمواجهته قدم إقرارا يفيد أنه منذ شراء السيارة وترخيصها فى المرور لم يقم بقيادتها أو استخدامها حيث تم تسليمها للسائق "أيمن. ف. ج" وأن تشغيل هذه السيارة منذ شرائها يتم بمعرفة نقيب المعلمين خلف الزناتى دون غيره وتستخدم لتنقلات الزناتى الرسمية والخاصة دون أن تؤدى أى أعمال خاصة بالمستشفى.
ولفت التقرير إلى وجود العديد من الأجهزة الطبية المعطلة بغرفة العمليات وأجهزة الأشعة ببعض أقسام المستشفى بلغت قيمتها 963 ألف جنيه دون قيام إدارة المستشفى باتخاذ إجراءات جدية لإصلاحها وصيانتها أو تكهينها وبيعها، فضلا عن عدم إبرام أى عقود صيانة لأجهزة المستشفى البالغ قيمتها وقت شرائها 4 مليون جنيه.
وتبين من عمليات الجرد لصيدلية مستشفى المعلمين عدم انتظام القيد بدفاتر العهدة الخاصة بالأدوية المخدرة جدول " أ" رغم أن التعامل مع الأدوية المخدرة يحدده لوائح صارمة صادرة من وزارة الصحة وملزمة لجميع الصيدليات الخاصة والعامة ويعتبر الإخلال بشروط تداولها جريمة يعاقب عليها القانون حيث اختفى من عهدة الصيدلية عدد "22 أمبول مورفين وعدد 50 أمبول بثيدين 50مجم"، وجميعها من الأدوية المخدرة التى يعتبر التعامل معها خارج القواعد المنظمة لذلك اتجارا فى مواد مخدرة، هذا بخلاف قيام إدارة المستشفى بتحديد أسعار بيع الأدوية المخدرة بأثمان أعلى من الأسعار المحددة للبيع من الشركة المصرية لتجارة الأدوية.
وبمراجعة أسلوب تداول الأدوية المخدرة بصيدلية المستشفى من خلال فحص تذاكر المرضى لعدد 41 حالة ومطابقتها بدفتر تسجيل صرف الأدوية المخدرة بصيدلية المستشفى تبين وجود تلاعب فى صرف الأدوية المخدرة أدى إلى عجز متمثل فى الفارق بين الأدوية المخدرة المثبتة على تذاكر الصرف الفعلى للمرضى والكميات المثبت صرفها بسجلات الصيدلية، وهذا العجز هو "عدد 17 فيال كتامار وعدد 72 أمبول بثيدين 100م وعدد 1203 أمبول بثيدين 50م وعدد39 أمبول مورفين".
هذا بالإضافة إلى العديد من الأدوية والمستلزمات الطبية منتهية الصلاحية بعضها معد بغرف العمليات وأقسام المستشفى وأقر العاملون بأنها معدة للاستخدام مما يعرض المرضى لأخطار متعددة، كما تبين وجود أدوية وكميات من المستلزمات الطبية بصيدلية المستشفى منتهية الصلاحية مثل الخيوط الجراحية والقساطر بأنواعها بلغت 70 صنفًا أفاد الفنيون بأنه لا توجد إمكانيات بالمستشفى لاستخدامها، وبالرغم من ذلك لم يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بمخاطبة الشركات الموردة لها لإرجاعها قبل انتهاء صلاحيتها مما يعد إهدارا للمال العام.
وكشفت التحريات التى واكبت صدور التقرير الرقابى عن مسئولية نقيب المعلمين عن المخالفات الخاصة بالعجز فى العهد من أجهزة طبية وكهربائية وأثاث، عن أن المصادر أجمعت عن أنه يتعامل مع أموال المستشفى منذ إنشائها كملكية خاصة بصفته صاحب المجهود الأكبر فى تدبير الاعتمادات المالية التى تم صرفها على إنشاء وتجهيز المستشفى، وسبق له مجاملة العديد من المسئولين وإهدائهم بعض عهد المستشفى مثل أجهزة التلفزيون وأطقم المكاتب الخاصة وبصفة خاصة أثناء حملته الانتخابية، فضلًا عن نقل بعض العهد إلى مقر النقابة دون أى إجراءات مخزنية سليمة وهو ما دفع باقى مسئولى وموظفى المستشفى للتعامل مع ممتلكات المستشفى بذات الأسلوب.
وأثبتت التحريات قيام خلف الزناتى باستغلال وظيفته بإهدار أموال النقابة العامة للمهن التعليمية والحصول على مبالغ مالية بدون وجه حق أثناء عمله كأمين لصندوق النقابة ثم وكيل للنقابة وفق التقرير المعد من التوجيه المالى والإدارى بوزارة التربية والتعليم والذى أفاد حصول الزناتى على مبالغ مالية قيمة بدلات سفر وانتقال لمأموريات وهمية قام بصرفها لشخصه دون مقابل، وحصوله على مبالغ مالية قيمة علاجه بمستشفى الصفا الاستثمارى ومستشفى المعلمين بالجيزة دون سند قانوني، وحصوله على مبالغ ماليه قيمة مصروفات استهلاك سيارة النقابة من وقود وإصلاح وصيانة نتيجة استخدامه لها استخدامًا شخصيًا له ولأسرته.