رئيس التحرير
خالد مهران

5 وقائع تثير الشك في رواية السيسي عن تفجير الكاتدرائية

النبأ


«الجثة» التي تحدث الرئيس عن جمعها لم ترد في تقرير الطب الشرعي عن عدد الضحايا


سرعة التعرف على هوية مُنفذ التفجير عن طريق «DNA» تثير الشكوك


كرات «رمان البلي» توجد في العبوات يدوية الصُنع وليست في الأحزمة الناسفة


كان تفجير الكنيسة البطرسية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، الذي وقع يوم الأحد الماضي، حادثًا جديدًا أثار كثيرًا من علامات الاستفهام والتعجب حول كيفية وقوعه، وطريقة استهداف تلك المنشأة الدينية الهامة التي من المفترض أن تحظى بتأمينات غاية في الدقة، لاسيما أنها «مقر البابا»، ومحط أنظار الأرثوذكس في العالم أجمع.


وبالرغم من توجيه العديد من الاتهامات لوزارة الداخلية بالتقصير في حماية الكاتدرائية، والمطالبة بإقالة اللواء مجدي عبد الغفار، وزير الداخلية، إلا أن الكشف السريع عن مرتكب الواقعة من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، كان «لغزًا آخر»، ربما يكون محيرًا أكثر من حادث تفجير الكنيسة البطرسية نفسه.


فقبل مرور 24 ساعة من الحادث، وفي جنازة ضحايا التفجير الإرهابي، أعلن الرئيس السيسي بكل ثقة أن محمود شفيق محمد مصطفى، هو الذي فجر الكنيسة البطرسية عن طريق «حزام ناسف»، لافتًا إلى أنه تم القبض على 4 أشخاص بينهم سيدة، وأن أجهزة الأمن عملت على تجميع جثة الشاب من موقع الحادث.


الإعلان السريع من قبل الرئيس عن مرتكب تفجير الكاتدرائية، جعل علامات الاستفهام تطل برأسها من جديد، حول العديد من الوقائع التي تشكك في رواية السيسي عن الحادث.


كان أول تلك الوقائع هو الجزء الخاص بتقرير الطب الشرعي، حيث أكد الدكتور هشام عبد الحميد، رئيس مصلحة الطب الشرعي، أن المصلحة انتهت من تشريح جثث ضحايا الكنيسة البطرسية بالعباسية، وعددهم 23 امرأة، وطفل، مشيرا إلى أنه يتم إجراء تحليل الحامض النووي لأشلاء سيدة مجهولة الهوية للتوصل إلى شخصيتها، وتسليمها لذويها ليصل عدد ضحايا الحادث إلى 25 شخصًا.


تصريحات رئيس مصلحة الطب الشرعي «تنسف» رواية السيسي حول الشاب محمود شفيق محمد مصطفى، لاسيما أن الرئيس قال إن أجهزة الأمن عملت على تجميع جثة الشاب الذي فجر نفسه بالحزام الناسف من موقع الحادث، بالرغم من أن تصريحات «هشام عبد الحميد»، لم تذكر أية معلومات عن هذه الجثة، فقد أشار البيان إلى تشريح جثة 23 امرأة، وطفل، وتحليل الحامض النووي كان لأشلاء سيدة مجهولة، وهو ما يثير علامات الاستفهام حول مصدر «جثة» محمود شفيق محمد مصطفى من الأصل، وكيف دخلت إلى المستشفيات التي نُقل المصابون إليها.


الحديث السابق يفسر نفى رئيس المصلحة تصريحاته بالأهرام صحيفة الدولة الرسمية، والتى تتعارض كليا مع رواية السيسي عن «جثة» محمود شفيق محمد مصطفى، فلا يصح أن يدلي بحديث يكذب رواية الرئيس السيسي عن الحادث، وربما يشير هذا الأمر أيضًا لإمكانية تعرضه لضغوط.


الواقعة الثانية تتعلق بسرعة الإعلان عن صاحب «الجثة» التي جمعتها الأجهزة الأمنية، وأنها للشاب محمود شفيق محمد مصطفى، كما جاء على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه، وهنا يظهر سؤال جوهري وهو: كيف تم التعرف على منفذ تفجير الكنيسة البطرسية عن طريق «DNA»، بهذه السرعة، وبعد مرور «24» ساعة من مرور الحادث؟


في الدول الأجنبية التي تمتلك معامل متطورة، وإمكانيات طبية وفنية هائلة، من الممكن أن تستغرق عملية التعرف على صاحب الجثة من خلال تحليل الـ«DNA»، يومي عمل كاملين، وهو ما تؤكده الدكتورة خديجة عبد الفتاح مصطفى، أستاذ الطب الشرعي والسموم بجامعة عين شمس، والتي قالت في تصريحات صحفية، إن النتائج الإيجابية لتحليل الـ«DNA» أصبحت تصل نسبتها إلى 100%، فيما تصل نسبة العطب في النتائج إلى 1 في المليون من التحاليل التي يتم إجراؤها، مشيرة في تصريحات سابقة إلى أن التحليل كان يستغرق حوالي أسبوعين، وأصبح الآن يمكن إنجازه بشكل متقن خلال 4 أيام، وهو ما يشكك في تعرف الأجهزة الأمنية على صاحب «الجثة»، وهو محمود شفيق محمد مصطفى، بهذه السرعة.


الواقعة الثالثة تتعلق بالطريقة التي تم تنفيذ تفجير الكنيسة البطرسية من خلالها، وهو المبنى الملحق بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.


بالعودة إلى تصريحات الدكتور هشام عبد الحميد، رئيس مصلحة الطب الشرعي، نجد أنه قال إن تفجير الكنيسة البطرسية تم عن طريق عبوة ناسفة، وأن المكونات التى كانت داخل تلك العبوة، اخترقت أجساد الضحايا، وتسببت في موتهم في الحال.



وزاد كبير الأطباء الشرعيين في حديثه قائلًا: العبوة الناسفة التي تم استخدامها في تفجير الكنيسة البطرسية، من نفس النوع الذي تم استخدامه في تفجير كمين الهرم، وأسفر عن استشهاد 6 من الضباط والجنود.


من الجزئية السابقة، يمكن استنتاج أن رواية الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تفجير الكنيسة البطرسية بالكاتدرائية المرقسية عن طريق «حزام ناسف»، كانت رواية تتعارض مع رواية رئيس مصلحة الطب الشرعي، الذي أكد أن تفجير الكاتدرائية تم عن طريق «عبوة ناسفة، وليس حزامًا ناسفًا».


الواقعة الرابعة تكشفها الأشياء التي تم العثور عليها في أجساد ضحايا حادث تفجير الكاتدرائية، حيث كشف الدكتور هشام عبد الحميد، أنه تم استخراج كميات كبيرة من «الرمان البلي» من أجساد ضحايا تفجير الكنيسة المرقسية بالكاتدرائية المرقسية في العباسية.


حديث رئيس مصلحة الطب الشرعي «ينسف» أيضا رواية الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن تنفيذ تفجير الكنيسة البطرسية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية عن طريق «حزام ناسف»، لاسيما أن «البلي»، والكرات الحديدية تتواجد في القنابل بدائية الصنع، «العبوات الناسفة»، وليس «الحزام الناسف».


من الجزئيات الأخرى التي تكذب رواية الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تنفيذ تفجير الكنيسة بـ«حزام ناسف»، أن هذا الحزام لو اشتمل على كرات «رمان بلي» الخاصة بالقنابل المصنوعة يدويًا، سيصبح ضخمًا بدرجة غير طبيعية نهائيًا، ومن الصعب بل من المستحيل، أن ينجح التنفيذ على النحو الذي ذكره الرئيس عبد الفتاح السيسي.


الناشط اليساري، والمرشح الرئاسي الأسبق، خالد علي، كذب رواية الرئيس عبد الفتاح السيسي عن الحادث، وأنه تم عن طريق انتحاري بـ«حزام ناسف».


وقال المحامي والحقوقي، خالد علي، في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "تصريحات الدكتور هشام عبد الحميد، مدير مصلحة الطب الشرعى، وكبير الأطباء الشرعيين لجريدة الأهرام تنسف الرواية الأمنية التي أعلنت، وهو الخبير الفني الأول في هذا الأمر، وهو الذي يشرف على عمليات التشريح وجمع الأشلاء، ويقدم وصفا لمسرح الجريمة في علاقاته بالتفجير، ونوع المواد التفجيرية المستخدمة، وطريقة استخدامها".


الواقعة الخامسة، تتعلق بإعلان تنظيم «داعش»، يوم الثلاثاء الماضي، مسؤوليته عن تفجير الكنيسة البطرسية، يوم الأحد الماضي، والذي أسفر عن مقتل 25 شخصًا.


وجاء اسم المفجر الانتحاري الوارد في بيان وكالة «أعماق»، الموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي، وهو «أبو عبد الله المصري»، يختلف عن الاسم الذي ذكره بيان وزارة الداخلية لمنفذ الهجوم، عندما أعلنت يوم الإثنين الماضي، أن شابًا يدعى محمود شفيق محمد مصطفى، ويُلقب بـ«أيو دجانة» هو من قام به.