«2017 عام الأزمات».. الأحزاب السياسية في «حظيرة» النظام.. والتهميش للجميع
دائمًا ما تواجه الأحزاب السياسية اتهامات تتعلق بعدم وجودها في الشارع، أو امتلاك قاعدة شعبية لها بين المواطنين تُمكنها من المشاركة في صنع القرار السياسي للدولة، حتى أصبح وجود هذه الأحزاب كعدمها.
وقبل ثورة 25 يناير، كان عدد الأحزاب السياسية يقترب من 25 حزبًا كانت تتلقى تمويلًا سنويًا من الدولة، حتى طاردتها اتهامات التبعية، وممارسة «المعارضة الكارتونية» ضد النظام.
بعد نجاح ثورة يناير تكاثر عدد هذه الأحزاب بصورة كبيرة؛ لاسيما مع تسهيل الإجراءات الخاصة بتأسيسها وإشهارها، ولكن رغم ذلك ظلت هذه الأحزاب، مجرد مقر، بعدد أعضاء قليل، وفقدان الفاعلية السياسية الحقيقية؛ خاصة بعد أن أغلقت الدولة «حنفية» التمويل عن هذه الأحزاب.
وتعاني هذه الأحزاب من عدد كبير من الأزمات لعل أهمها: عدم إيمان النظام السياسي الحالي بهذه الأحزاب، وعدم وجود تمثيل برلماني لعدد كبير لها، وقلة المخصصات والإمكانيات المالية لهذه الكيانات السياسية، فضلًا على التضييق الأمني على بعضها، خاصة التي يشعر النظام أن لها حسًا معارضًا أو توجهات لا تتفق مع وجهات نظره.
وتقف هذه الأزمات الخطيرة أمام الأحزاب السياسية في وصولها للجماهير، أو تحقيق مكاسب كبيرة سواء في الانتخابات البرلمانية، أو انتخابات المحليات، أو أن يكون لها دور مؤثر على دوائر صنع القرار في الدولة، حتى أصبحت الأحزاب المصرية مجرد «ضجيج بلا طحن».
وأكد ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل»، أن المناخ الحالي يعد تحديًا لكبيرًا لتلك الأحزاب للقيام بدورها، مشيرا إلى أن الدولة لا تؤمن بالأحزاب، ولا تعترف بأنها من الممكن أن تشكل رقمًا صحيحًا في المعادلة السياسية بالبلد، منوهًا إلى أن هناك تعمدًا من الدولة لتهميش الأحزاب وتعطيلها عن القيام بدورها واستمالة الأحزاب عن طريق رجال الأعمال التابعين للدولة؛ لتكوين كيانات سياسية تكون خصما للأحزاب الحقيقة.
وأَضاف «الشهابي»، أن مصر في هذه المرحلة لا توجد بها انتخابات، فالدولة على حد وصفه تقوم بتعيين المرشحين عبر دفع رجال الأعمال لتمويل المعارك الانتخابية لتبني مرشحين بعينهم، مضيفًا، أنه إذا كانت نسبة الفقر التي يتم استغلالها للتصويت في الانتخابات البرلمانية في 2015 كانت 50 %، فإنها في 2017 ستكون 1000%، وبالتالي العملية السياسية ستدخل بالنسبة للأحزاب في «طريق مسدود».
وأبدى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، عدم قناعته بوجود أحزاب سياسية في مصر بسبب النظام، قائلًا:«ما فيش حياة حزبية في مصر الدولة، فالدولة لا تريد أحزابًا سياسية ولا تشجعها ومطلوب من الدولة أن تحدد ما إذا كانت تريد حياة سياسية حقيقية أم تريد دولة الرجل الواحد، ولا شئ بعد ذلك.. نحن في زمن السمع والطاعة والتوحد حول القيادة».
من جانبه يؤكد رامي محسن، رئيس مركز الاستشارات البرلمانية، أن التحديات التي تواجه الأحزاب لا تقتصر على تلك الكيانات المحسوبة على يسار السلطة أو الفقيرة، ولكنها تطول أيضًا الأحزاب الممثلة تحت قبة البرلمان، منوهًا إلى أنها تصل إلى 19 حزبًا وائتلافًا سياسيًا، وأن الأحزاب تواجه أزمة حقيقية ستظل مستمرة ما لم تقم بعلاجها وهى الأداء الفردي لأعضائها تحت «القبة».
وأضاف أنه على الأحزاب أن تقوم بزيادة السيطرة على أعضائها في المجلس، وأن تجيد من أدائها البرلماني تحت «القبة»، عبر تعليم النواب وتدريبهم، لاسيما أن الأداء اتسم بالفردية والذي يقوم فيه كل نائب على حدة بتبني موقف معين، ضاربًا المثل بعمليات الانسحاب وفصل نواب حزبيين؛ بسبب عدم التنسيق بين الأعضاء في مجلس النواب.
ويشير رامي محسن إلى هناك 101 حزب غير ممثلين في البرلمان في مصر، وهذا يعد تحديًا كبيرًا لتلك الأحزاب التي ستكون بمنأى عن صياغة القرارات والتشريعات على مدار انعقاد البرلمان، مضيفًا أن تلك الأحزاب تحتاج إلى الظهور والمشاركة في الفترة القادمة إذ لا يوجد لها أي قدم في العمل السياسي، أو المشاركة في الأزمات التي تواجه البلاد سوى عدد من التصريحات الصحفية.
وختم:«كل حزب يتباهى بأنه مع الرئيس.. فهذا ليس دور الأحزاب.. إطلاقًا فهي لم تولد لتقول إنها مع الرئيس.. أين دورهم التنموي التوعوي».