محمد عثمان الخشت: مصر والسعودية بينهما «علاقات أزلية».. و«داعش» وراء انتشار «الإلحاد»
وأضاف «الخشت» في حواره لـ«النبأ»، أن التنظيمات الإرهابية ستنتهي من على الساحة العالمية في غضون 5 سنوات، مشيرًا إلى أن العلاقات بين مصر والسعودية ستنمو خلال الأسابيع المقبلة، وإلى نص الحوار:
مع أو ضد تطبيق نظام جديد للقبول بالجامعات؟
أنا أرفض كلمة القدرات في النظام الجديد، لأن هذه الكلمة أصبحت مرتبطة بصورة ذهنية سيئة عند المصريين وهو الفساد في امتحانات القدرات، أنا مع نظام جديد يعتمد على المهارات، بحيث يكون للامتحانات جزء، ولمهارات الطالب الذاتية جزء منه، بحيث ينمى التفكير الناقد لدى الطلاب.
إلى أين وصل نظام البابل شيت في الجامعة؟
نظام «البابل شيت» أو نظام الاختيارات المتعددة هو نظام حديث طبقته الجامعة بقوة وتجاوز تطبيقه نسبة 70% من الكليات، وهو يركز على قياس عدد من قدرات الطالب المتعددة مثل التفكير الناقد، وهو الاتجاه الجديد في التربية، وتتراوح الأسئلة بين المستوى المتوسط وبين مستويات التفكير العليا عند الطلاب، ومن فوائده قلة «حالات الغش» في الامتحانات.
هل سيتم تعميم الكتاب الجامعي الموحد على جميع كليات الجامعة؟
تم إنشاء وحدة للكتاب الجامعي المرجعي في مختلف الكليات وليس المقصود منه أن يكون مثل الكتب المكررة الموجودة في الجامعة، لكن الهدف منه هو تنويع مصادر المعرفة لدى الطلاب الجامعيين، والجامعة من جانبها وضعت مواصفات لهذا الكتاب وتم تشكيل لجان ثلاثية من الأقسام العلمية لمراجعة الكتاب والتأكد من مطابقته للمواصفات العلمية، والكتاب الموحد ساهم في الحد من الملخصات التي تروجها مكتبات «بين السرايات»، والتي تتسبب في تدمير العملية التعليمية.
ما رأيك في حملة التشويه التي شنت على جامعة القاهرة قبل التعديل الوزاري؟
جامعة القاهرة ملتزمة وجامعة أحرص ما تكون على تطبيق القانون واللوائح ولها مشروع ثقافي وتعليمي كبير وتؤديه وهذا أبلغ رد على تلك الافتراءات.
بصفتك أستاذًا لفلسفة الأديان.. ما تقييمك لمحاولات تجديد الخطاب الديني في الفترة الأخيرة؟
من وجهة نظري الخطاب الديني القديم غير قابل للتجديد، علينا صياغة خطاب ديني جديد، وهناك فرق بين تجديد الخطاب الديني، وبين الخطاب الديني الجديد، لأن الخطاب القديم لم يصنع لهذا العصر، وإنما صنع لعصور سابقة؛ فهو يشبه المبنى الأثرى الذي إن رممته لا يمكنك الإقامة به، لأنه الخطاب الجديد صنع لعصور أخرى بحيث يناسب ظروفها السياسية والاقتصادية والفكرية، أما حاليا فلابد من صيغة خطاب جديد يتوافق مع العصر لكي يلائم الظروف الحالية والعلوم الحديثة.
كيف يمكن تطوير الجهود الحالية لتصبح أكثر فاعلية؟
الخطاب الديني الجديد بحاجة لتضافر العلوم الأخرى معه لأن العلم لا يتقدم إلا إذا تضافر مع العلوم الأخرى، والعلوم الشرعية لم تظهر بصورتها المعروفة إلا بعد أن تضافرت مع العلوم القادمة من فارس واليونان والهند.
لذا ينبغي أن يستفيد الخطاب الديني الجديد من التكنولوجيا والعلوم الحديثة، لأنه كما قيل في الأمثال «حجر واحد لا يصنع شرارة»، فلابد إذا من التلاقح بين العلوم الشرعية والعلوم الحديثة، ونحن لا نحتاج لإحياء علوم الدين بل نحتاج لتطوير علوم الدين لأن علوم الدين بشرية وليست دينية فهي ليست نصوصًا مقدسة وأطالب بالعودة للنص المقدس في نقائه الأول، وهذا النص هو القرآن والسنة الصحيحة قبل اختلاطها بتفسيرات اللاحقين.
مع أو ضد دعوات ترك التراث بالكلية؟
بالطبع لا، أنا ضد ترك التراث كلية وضد أخذه بالكلية لأن هذا التراث إنتاج بشري عظيم جدا أصاب وأخطأ، ولابد من النظر إليه بـ«عين الفحص والتدقيق»؛ لأن منه الحي والميت فنأخذ الحي ونترك الميت.
كيف ترى دعوات تنظيم داعش لقتل الأقباط؟
ما تفعله الحركات الإرهابية كداعش والقاعدة ضد الإسلام وضد ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه قال من آذى ذميا فقد آذاني، فداعش بتهديده للأقباط، يهدد الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الرسول وحد بين أهل الذمة وبين ذاته، فداعش يعمل ضد مفهوم الدولة الوطنية وضد مصلحة العالم الإسلامي؛ لأنه عامل هدم للإسلام، وهذا التنظيم الإرهابي لن ينتصر على مصر.
كيف ترى مستقبل الجماعات الجهادية؟
أتوقع أن تنتهي تلك التنظيمات جميعها خلال 5 أعوام، واختفاءها من على الساحة العالمية بوجه عام وأعنى تنظيمات القاعدة وداعش وبوكو حرام، كما قال الله {فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض}، لأنها تعمل ضد الإسلام، وأنا أعتبرها أحد أسباب زيادة الموجة الإلحادية.
كيف ترى موضة الإلحاد في الفترة الأخيرة؟
الظاهرة الإلحادية موجودة في كل العصور، ولها أسباب كثيرة جدا، من بينها أسباب اقتصادية ونفسية واجتماعية وبالطبع أسباب دينية، ويساهم فيها من يصورون الدين بصورته غير الحقيقية وإخراجه بصورة دين الدم وهتك الأعراض وتفتيت الدول الوطنية يؤدي إلى رد فعل سلبي، فداعش والقاعدة وغيرها مسئولة عن انتشار هذه الظاهرة، ومن بين الأسباب أيضا الظروف العائلية لدى بعض الحالات كالصراع بين الآباء والأمهات الذي ينعكس على الأبناء فيرفضون فكرة السلطة مطلقا، وهناك أسباب أخلاقية لدى البعض تدفعهم للإلحاد كمن يريد أن يسير وراء شهواته دون رقيب فيرفض فكرة السلطة ويلحد وهكذا.
كيف تقيم العلاقات المصرية السعودية في الفترة الأخيرة؟
العلاقات بين مصر والسعودية علاقات «أزلية» بحكم الدم؛ لأن المصريين يعتبرون أخوال السعوديين وهذه حقيقة تاريخية لأن أم سيدنا إسماعيل جد النبي محمد هي السيدة هاجر المصرية، وهناك روابط أخرى تتعلق بالمصالح الاستراتيجية المشتركة والمترابطة تعرض العالم الإسلامي لهجمة كبرى، ومحور ارتكاز هذا العالم هو مصر والسعودية فمصير الدولتين مرتبط ببعضه، وأنا أرى أن هذه العلاقات في طريقها لأن تنمو عن طريق إيجاد قنوات اتصال مباشرة بين البلدين وأتوقع أن تتطور خلال الأسابيع المقبلة، وهذه العلاقات لا يمكن أن تصل للسلبية المطلقة.
لماذا غابت السينما الدينية الهادفة خلال الأعوام الماضية؟
ضاحكا، الحمد لله لأنها تعبر عن الخطاب الديني التقليدي، والتدين ليس مجرد حديث باللغة العربية لأن التدين سلوك، وهو يتعلق بالسلوك والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية القوية والدولة الوطنية، فالمسلسلات الدينية والأفلام انصرفت عنها الناس في الفترة الماضية لأنها لا تشبع أي احتياج داخلهم، والأعمال الفنية مرتبطة بإشباع حاجة روحية عند المتلقي، فإن لم يكن لديها هذه القدرة فلا داعي لها، وأعتقد أنها بحاجة لتطوير كبير جدا مثل أي عمل فني حتى تلامس الجوانب الروحية لدى البشر.
ما السبيل لخروج المجتمع المصري من أزماته الحالية؟
هناك حلول كثيرة جدًا، أولها أن يكون لدينا كمصريين منظومة قيمية جديدة لأن المشكلة في أساسها تتعلق بالأخلاق فلا بد من تغيير منظومة القيم حتى يصبح لدينا «أخلاق التقدم» والتي تحدثت عنها باستفاضة في كتابي الذي يحمل ذات العنوان، لأن أي دولة قوية لابد أن تقوم على الأخلاق بالأساس، فمثلا أوروبا تقدمت مع صعود الرأسمالية التي ارتبطت بشكل وثيق بصعود البروتستانتية وهي الحركة التي قادها مارتن لوثر ضد الكنيسة الكاثوليكية فحتى حركة الاقتصاد مرتبطة بالإصلاح الديني، ولابد أن تدخل مصر في عملية إصلاح ديني حقيقي، لأن له علاقة وثيقة بالاقتصاد الذي لا يخضع لعملية تنمية بحتة، بقدر ارتباطه بـ«الإصلاح الأخلاقي».
هل يترشح الدكتور محمد عثمان الخشت لرئاسة جامعة القاهرة مستقبلًا؟
الحديث عن المستقبل يكون في المستقبل.