اشتعال «فتنة» رئيس جامعة الأزهر بين «الطيب» والأمن الوطني
كشف قرار الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بإعفاء الدكتور أحمد حسني، من منصب رئيس جامعة الأزهر، وتكليف الدكتور محمد حسين المحرصاوي، عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة، بالقيام بأعمال رئيس الجامعة، بـ«صفة مؤقتة» عن حقيقة صراع «غير معلن» قائم بين الأزهر والرئاسة حول الشخصية التي سيتم تعيينها في هذا المنصب «الرفيع».
فمنذ ديسمبر 2015، وعقب إقالة الدكتور عبد الحي عزب، من رئاسة جامعة الأزهر، لم يصدر قرار رسمي من قبل رئاسة الجمهورية بشأن تعيين رئيس لجامعة الأزهر.
ووفقًا للمعلومات الهامة التي حصلت عليها «النبأ»، فإن تقارير جهاز الأمن الوطني الخاصة بأزمة تعيين رئيس جامعة الأزهر، ذكرت أن «الطيّب» يحظى بشعبية بين الطلاب والأساتذة في الجامعة، وخاصة مع تداول المواقف عن عدم تورطه في فساد مالي، واحترامًا لمكانته العلمية، وحتى لكونه ابن إمام المالكية في مصر ورئيس طريقة صوفية، وعنايته بالفلسفة وتفوقه فيها.
وفي مقابل خصوم المشيخة، يحرص «الطيب» على انتقاء مجموعة من طلاب الجامعة وهيئة التدريس والهيئة المعاونة ويقربهم من المشيخة، وتقديمهم للخطابة في الجامع الأزهر، وتمثيل المشيخة في مؤتمرات خارجية أو مرافقة الشيخ في جولاته الدولية، محاولًا خلق قاعدة تأييد له في مقابل التيار المناوئ، ويطلق على الشباب الذين يختارهم الطيب اسم «أولاد الشيخ»؛ لقربهم منه.
ومن أجل ذلك، طالبت التقارير ضرورة الانتظار لحين تقدم مشيخة الأزهر بمرشح يتوافق مع الإمام الأكبر؛ منعا لوقوع صدام داخل الجامعة والطيب، ولحين حدوث ذلك فلا مانع من تعيين قائم بأعمال رئيس الجامعة.
وذكرت التقارير، أنه تم إجراء التحريات اللازمة على مرشحي شيخ الأزهر الثلاثة لتولي منصب رئيس الجامعة وهما الدكتور إبراهيم الهدهد، الذي ترأس الجامعة بالانتداب أوائل 2016، وهو أبرز الأسماء التي تم ترشيحها من قبل «الطيب» إلى الرئاسة، غير أن الأخيرة رفضت الطلب نتيجة لتقارير أمنية، لكون «الهدهد» تجمعه علاقة قرابة ببعض العاملين بجامعة قطر.
كما رفضت «الرئاسة» الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين، نتيجة لعلاقته الوطيدة بالدكتور أحمد الطيب، وبعض القيادات الإخوانية بالأزهر.
ومؤخرًا أرسل الأزهر، مذكرة رسمية لرئاسة الجمهورية، طالب فيها بتعيين الدكتور الدكتور عبد الحكيم الشرقاوي، عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، رئيسًا لـ«جامعة الأزهر»، وقد يكون هو الأقرب لتولي المنصب، ولكن لم تحسم بعد التحريات الأمنية القرار النهائي بشأنه.
ووفقًا لتأكيدات مصادر داخل جامعة الأزهر، فإن الخلاف الدائر حاليا حول منصب رئيس الجامعة، سوف يحسم قريبا جدا بصدور قرار رسمي من رئاسة الجمهورية بتعيين رئيس للجامعة، حيث سيقوم الأزهر بإرسال قائمة جديدة من المرشحين من أبرزهم الدكتور محمد المحرصاوي، القائم بالأعمال حاليا، والدكتور عبد الحكيم الشرقاوي، الذي يلقى مساندة من الرجل القوي والمقرب من الطيب بشدة المستشار القانوني للمشيخة محمد عبد السلام، حيث تجمع بينهما علاقة وطيدة.
في حين يرفض «الطيب» تمامًا تولي الدكتور محمد أبو هاشم، نائب رئيس الجامعة للوجه البحري، رئاسة الجامعة، في الوقت الذي يلقى تأييدًا كبيرًا من قبل جهاز الأمن الوطني، حيث إن التحريات تؤكد عدم وجود خلاف عليه، كما يلقى تأييدًا ومساندة من قبل اللجنة الدينية بالبرلمان وعلى رأسها الدكتور أسامة العبد، ومحمود السيد الشريف، وكيل مجلس النواب.
ووفقًا لتأكيدات المصادر، فإن سبب رفض الطيب تعيين «أبو هاشم»، يرجع للخلاف بين أبو هاشم والدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، أثناء تشكيل مجلس حكماء المسلمين، وكذلك لخلافه مع محمد عبد السلام، مستشار شيخ الأزهر، ونتيجة لقرب أبو هاشم من وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة.
كما أن هناك أزمة ظهرت بعد أن كلف «الطيب»، الدكتور المحرصاوى، بمهام رئيس الجامعة، حيث إن هذا التكليف يعني تخطي اختيار الدكتور محمد أبو هاشم.
ووفقًا لتأكيدات المصادر، فإن هناك خلافًا كبيرًا بين شيخ الأزهر، وعدد كبير من أعضاء الرابطة العالمية لـ«خريجي الأزهر الشريف» التي تعمل داخل الجامعة، ويعد الخلاف سببًا حقيقيًا وراء تأخير تعيين رئيس للجامعة حتى الآن، حيث يبحث «الطيب» ضرورة اختيار رئيس جامعة قادر على السيطرة على الرابطة، خاصة أن بعض أعضائها من المعارضين بشدة لسياسته في ملف تجديد الخطاب الديني، والبعض الآخر علي تواصل دائم مع وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة، وأن أعضاء هيئة التدريس المساندين بقوة للدكتور محمد أبوهاشم حاليا في أزمته، من الرافضين بقوة لسياسة «الطيب» منذ فترة حيث يعترضون على استمرار تواجد إخوان داخل المشيخة.
في حين ترى الأجهزة الأمنية ضرورة تعيين رئيس جامعة من أعضاء الرابطة، إذ تدعم أجهزة سيادية أنشطة الرابطة في الجامعة ومحافظات مصر، وتقوم بالتعاون مع الخارجية المصرية بإرسال وفود منها للخارج في برامج تهدف لدعم موقف السيسي ونظام الحكم، والتأكيد على أن الدولة المصرية «تخوض حربًا ضد الإرهاب والتشدد الإسلامي».
كما تعترض الرابطة على تدخل شيخ الأزهر في تعديل مناهج الجامعة بحجة تطوير الخطاب الديني، استجابة لدعوة الرئيس في التجديد الديني، ويشمل ذلك المراحل الدراسية المختلفة، ففي الدراسات العليا بكلية أصول الدين تقلصت مواد أحد الأقسام من 24 مادة في سنتي التحضير للماجستير إلى 10 مواد فقط، فضلًا عن خطط مناهج جديدة يتم تطبيقها أحيانًا تحت لافتة الجودة وتطوير المناهج، من أجل الحصول على الاعتماد ومسايرة المعايير العالمية، وهو ما يلقَى معارضة شديدة من هيئة التدريس، التي تعاني من التدخلات الأمنية في عملها الأكاديمي، بما في ذلك مراجعة عناوين رسائل الماجستير والدكتوراه قبل عرضها على مجالس الكليات الأكاديمية نفسها!، ووصل الأمر لإغلاق قسم "السياسة الشرعية" في كلية الشريعة والقانون، والتضييق على أقسام العقيدة والأديان والمذاهب الفكرية الحديثة بشكل خاص.
وشملت الإجراءات الأمنية إلغاءَ الرسائل الجامعية والخطط البحثية المقدمة إليه بعد البدء فيها، ومنع الأقسام المختلفة من مناقشة قضايا سياسية أو حتى فكرية تمس السياسة مثل دراسات العلمانية، وهناك قصص لطلاب دراسات عليا تم إيقاف دراستهم بعد سنوات طويلة من البحث الأكاديمي، بسبب التدخل الأمني في محتوى وعناوين الرسائل واعتراضه على بعض نتائجها، وأوقفت كل الرسائل الجامعية في الدراسات العليا بكلية الدعوة الإسلامية بالجامعة لمدة سنة كاملة، وخلال هذه السنة تمت مراجعة كل الخطط البحثية والرسائل واتخاذ "الإجراءات المناسبة" في التعامل معها.