رئيس التحرير
خالد مهران

المستشار أحمد مكي: قائد الحرس الجمهوري طلب ضرب «متظاهري الاتحادية» بالنار.. ومرسي قال له: «إلا الدم»

أحمد مكي في حواره
أحمد مكي في حواره مع «النبأ»


الداخلية والجيش وأسوأ رجال القضاء والإعلام والسياسة هم «حزب السيسى» الآن


طالبت «مرسى» بتكريم مبارك.. والقضاة فى عهد الاحتلال كانوا أكثر «استقلالًا»


الرئيس عزل 120 من القضاة الشرفاء.. وأحالهم لـ«مجالس التأديب»


الأجهزة التنفيذية حركت «الزند» فى عهد مرسى.. والجيوش التى تحكم «لا تحارب»


على عبد العال يدير البرلمان وفقًا لـ«وجهة نظر» النظام


السلطة الحالية تميل للتوسع بالانفراد والتحكم فى كل شيء


تعديلات السلطة القضائية «خروج شاذ» عن كل تقاليد القضاء


المصالحة بين الإخوان والقوى الثورية «ضرورية»


الرئيس قال لى نصًا: «صورة الجيش تضررت فى فترة المجلس العسكرى لتواجده فى الشارع»


قال المستشار أحمد مكي، وزير العدل الأسبق، إن هناك ميلًا لدى السلطة الحالية للتوسع في الانفراد، والتحكم في كل شيء، وأن تكون كل المؤسسات فى يدها، لافتًا إلى أنها بهذا الأمر تهدم المؤسسات التي لا تنهض الشعوب إلا عليها، مؤكدًا أن القضاة لم يوافقوا حتى الآن على تعديلات قانون «السُلطة القضائية».


وفجر «مكي» مفاجأة من العيار الثقيل، قائلًا إن قائد الحرس الجمهوري، محمد زكي، والذى «رقاه السيسي لرتبة فريق»، طلب من «مرسي» إطلاق النار على «متظاهري الاتحادية»، ولكن «مرسي» رد عليه قائلًا: «إلا الدم»، وإلى تفاصيل الحوار:


بداية.. كيف ترى قرار ترشيح يحيى الدكروري منفردًا لرئاسة مجلس الدولة؟

قرار جيد جدًا، تستحق عليه التحية، ويعد تعبيرا من قبل الجمعية العمومية عن رفض مشروع القانون الأخير للسلطة القضائية الذي أعطى الرئيس عبد الفتاح السيسي حق التدخل فى اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وهذا القانون يخالف الدستور، فالقضية ليست في الأقدمية أوالكفاءة؛ ولكن في من يختار؟، فهل يختار القضاء أنفسهم رؤساءهم أم يختارهم شخص آخر؟، فهذه القضية مثارة فى مصر منذ نشأة القضاء، ففي جلسة للبرلمان فى عام 1943، خلى القانون الأول للسلطة القضائية، من كيفية اختيار رئيس محكمة النقض، ورئيس محكمة استئناف مصر، فاعترض مكرم عبيد، على هذا القانون، وقال إنها خطوة مترددة فى طريق الاستقلال، وكيف نقول على القضاء سلطة مستقلة وهو لا يختار رؤساءه؟، بينما يختار مجلس النواب رئيسه ووكيليه، كما أن عدم إعطاء القضاء هذا الحق يشكك فى نزاهتهم، ولكن المفروض أن يكون هذا الحق هو للقضاة، ثم يكون قرار رئيس الجمهورية قرارًا تنفيذيًا إذا لزم ذلك، فهذا الحديث دار منذ زمن طويل، فالقانون ليس جديدًا، والتاريخ يعيد نفسه.


هل هذه التعديلات طعن على قانون السلطة القضائية؟

القانون يعد خروجًا عن كل المقايس المستقرة فى القضاء الذي لديه قاعدة مهمة وهي إذا تساوت الكفاءة، تُحترم الأقدمية، كما أن القانون الجديد يشير إلى أنه يتم اختيار 7 قضاة، ويُختار منهم ثلاثة فقط، وإذا تم ذلك، فأي مقاييس سيختار عليها «السيسي» رؤساء الهيئات القضائية، هل سيختار بناءً على الكفاءة أم الأقدمية التي تعد ضابطًا لـ«معايير الاختيار»، وهذا النظام متبع فى الجيش؛ فالأقدمية هي المعيار الأساسي في اختيار القيادات، وتعديلات السلطة القضائية التي وافق عليها البرلمان «خروج شاذ» عن كل تقاليد القضاء، وما قاله الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، بشأن أن هذه التعديلات تتصل بتنظيم مرفق القضاء والسلطة، «كلام سخيف»، كما أن الدستور الحالي ينص على أن رئيس الوزراء يختار الوزراء، وهو ملزم بالتشاور مع رئيس الجمهورية فى وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل، فرئيس الجمهورية لا يتدخل فى اختيار الوزراء، فكيف نجعله يتدخل فى اختيار رئيس إحدى الهيئة القضائية؟


هل القرار بداية لخلاف حقيقي بين القضاة والنظام؟

نعم.. والعقلية غير المستنيرة، وغير السياسية التي يتبعها النظام، هي التي ستكون سببًا في اختلاق المشكلات.


ومن المستفيد من هذا الصدام؟

هناك ميل لدى السلطة الحالية للتوسع في الانفراد والتحكم في كل شيء، وأن تكون كل المؤسسات فى يدها، وهى بذلك تهدم المؤسسات التي لا تنهض الشعوب إلا عليها، وما يفعله النظام حاليًا لا يجعل أحدًا يعمل، فهو قضى على المؤسسات، فليس من المفروض أن يكون كل شيء بناءً على توجيهات الرئيس وأوامره؛ فالدول ليست «قطيعًا وراعيًا»، ولكنها مؤسسات نشطة تتحرك متمثلة فى أحزاب وجمعيات وغيرها ولا بد أن يكون كل هذا حرًا، والعيب أنه منذ 1952 ونحن نسعى إلى هدم المؤسسات فى الدولة، ونقول إن البلد لا يوجد به غير فرد واحد، «ومفيش حد يصلح رئيس غير الرئيس»، إضافة إلى مصطلح «أنا أو الفوضى»، فهذه هي عقلية بشار والقذافي وهتلر وكل شخص يريد أن ينفرد بالحكم، وهذا يكمن فى خراب المجتمع.


هل الأقدمية طريقة عادلة في اختيار رؤساء الهيئات القضائية؟

«الأقدمية» هنا معناها الحقيقى «اعتباري فقط»، فلن يصل شخص إلى الأقدمية إلا إذا كان مر بالكثير من الاختبارات الخاصة بـ«بالكفاءة»، إذًا فلماذا أترك الأقدم إذا توافرت فيه شروط شغل المنصب.


وما تعليقك على القول بعدم دستورية اختيار الدكروري منفردًا لرئاسة مجلس الدولة؟

الجمعية العمومية عبرت عن رغبتها بأن يكون رئيسها يحيى الدكروري، والذي يطعن على هذا القرار ويعتبره مخالفًا للدستور إما «منافق»، أو يميل إلى قيام الرئيس بتعيين من يريده، ولكن جميع القضاة غير راضين عن هذا القانون، وعندما دعى نادى القضاة إلى عقد جمعية عمومية، حيل بينه وبين الانعقاد فى دار القضاء العالى بقرار من رئيس محكمة النقض، بناءً على طلب الأمن، فما معنى ذلك، معناه أن كل القضاة يرفضون القانون، وأنه لو انعقدت الجمعية العمومية لـ«محكمة النقض»، أتوقع أن تصدر قرارًا برفضها للقانون، رغم أن المجلس الأعلى للقضاء وافق عليه، فكيف فى دولة ديمقراطية يتم منع القضاة من الاختيار؟


قيل إن هذه التعديلات الهدف منها التخلص من الدكروري.. ما تعليقك؟

هذا القانون يفتح الباب للقيل والقال، فقيل إن الهدف منه هو الإطاحة بالمستشار يحيى الدكرورى؛ بسبب حكمه التاريخي بـ«مصرية تيران وصنافير»، أو التخلص من المستشار أنس عمارة الذى نقض الكثير من الأحكام الجائرة بـ«محاكم الإرهاب»، لمخالفتها للأصول القانونية، فأنا لست قاضيًا جنائيًا، ولكن لو جاءت لى قضية متهم فيها الدكتور محمد مرسي، الرئيس الأسبق، ومحبوس فى قفص زجاجى، وممنوع من التواصل بينه وبين الناس، فأقول إن المحكمة باطلة؛ لافتقادها شرط «العلانية»، خاصة أن الدستور نص على أن المحاكمات «علنية»، وأيضًا حيل بينه وبين لقائه محاميه وأسرته، فلا أعرف كيف يفكر النظام بهذه الطريقة التي تهدم البلد، ومن يزين لك ما تقوم به، هم «المنافقون».


وهل امتيازات القضاة هى التى جعلتهم يوافقون على هذا القانون؟

القضاة عاملون فى الدولة، ومصالحهم بيد الدولة التي تولت هدم أسس استقلال هؤلاء، وأول وسيلة لهدم هذه الأسس، هي أنها تكافئ القضاء وتعطيهم أراضي، وتندب البعض إلى مؤسسات أخرى، وكنت دائمًا ضد هذه الأشياء؛ لحماية من يعملون في السلك القضائي من «الطمع»؛ لأن وسائل التأثير تتركز في أمرين؛ الأول: سيف المعز والذي استعمله الرئيس جمال عبد الناصر فى الفصل، والأمر الثاني: «ذهب المعز»، والذي استخدمه الرئيسان مبارك والسادات، أما السيسي فاستخدم الاثنين، السيف بأنه عزل 120 من القضاة الشرفاء، وإحالتهم لـ«مجالس التأديب»، وأعطى الذهب للبعض الآخر عن طريق «البدلات» والمنح.


وما سيناريو السيسي للخروج من أزمة تعديلات السلطة القضائية؟

لو كان الرئيس السيسي عاقلا، فلابد أن يمتثل لقرار الجمعية العمومية، حتى فى الثلاثة الذين أرسلهم مجلس القضاء، عليه اختيار الأقدم، فلا يجوز له أن يتخطى الأقدمية.


ما السبب فى عدم وجود انتفاضة من القضاة مثلما حدث فى عهد مرسى؟

عهد «مرسي» لا قياس عليه؛ لأن من تولى قيادة هذه الحركة المستشار أحمد الزند، وهو طوال عمره لم يكن مدافعًا عن استقلال القضاء، ففي عهد «مبارك» كان فى مواجهة تيار استقلال القضاة، وكان يقول هل القضاء محتل لكي نطالب باستقلاله، فهذه هي رؤيته، ولكن القضاة فى عهد الاحتلال كانوا أكثر استقلالًا، لأن الاستقلال يعني الخروج من قبضة السلطة التنفيذية، وأجهزة الدولة التنفيذية هي التي كانت تحرك «الزند»، وكانت تلك الأجهزة فى عهد مرسي متربصة، وتتدخل بصور متعددة، حتى فى بعض القرارات القضائية، فظني أن قرار حل مجلس الشعب الأول الصادر من المحكمة الدستورية، تم بإحاء من الأجهزة التنفيذية، فلم يسبق للمحكمة الدستورية أن حلت المجلس؛ ففي عهد «مبارك»، قضت المحكمة بعدم دستورية قانون الانتخابات، فكان يعقبها أن الرئيس يجري استفتاء على الحل.


ولكن كان المقصود من حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، أن ينفرد المجلس العسكرى بـ«مرسي»، ولكن أخطاء الحكومة فى هذا الوقت مكنت «الزند» من تحريك القضاة، ولكن كان هناك شرفاء، وقفوا فى وجهه.


وهل مرسي ارتكب أخطاء أثناء توليه الحكم؟

«مرسي» ارتكب أخطاء ليس لها مبرر، منها عزل النائب العام، والإعلان الدستوري، فالقراران اعترضت عليهما، وناقشت فيهما مرسى، فقال لى إن قرار النائب العام استجابة لمطالب الثورة، فأخبرته أن طبيعة عمل النائب العام تتأثر بالسلطة التنفيذية، فطلبت منه ترك عبد المجيد محمود، ولا نؤثر عليه، ونجعله يشتغل «قاضيا»، كما قدمت مشروعًا لقانون السلطة القضائية تمت مناقشته فى مجلس الشورى، ويوجد به أن رئيس محكمة النقض تختاره الجمعية العمومية، وأن مجلس القضاء هو من يختار النائب العام، وأن تكون مدته 4 سنوات، ووفقًا لهذا القانون كان النائب العام سيترك في منصبه، وفي الإعلان الدستوري كانت مبررات «مرسي» أنه لا يأمن للمحكمة الدستورية، وأنه يشعر بالقلق منها، خاصة أن هناك الكثير من الدعاوى المرفوعة أمامها بحل اللجنة التأسيسية للدستور، وكان محقا فى ذلك، وقال لى إن الهدف من الإعلان الدستوري هو حماية مؤسسات الدولة من الحل، ولكن توجهت بكل أعضاء مجلس القضاء له، واعترضنا على هذا الإعلان، فطلب منا كتابة بيان؛ لتوضيح سبب صدور الإعلان.


وما الأخطاء الأخرى؟

من ضمن الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة قانون المعاش المبكر الذي أعده حزب «الحرية والعدالة»؛ فالمشكلة فى السن أنه لا يوجد نسبة مناسبة بين معاش القاضى والمخصصات التى تصرف إليه وهو فى الخدمة، لأن الذي يحصل عليه في الحالة الثانية أضعاف أضعاف «المعاش»، فتحدثت مع «مرسى» عن هذا القانون، واعترضت عليه، فوافقني على هذا الطرح، ولم يطلب من الحكومة إعداد القانون، ولكن حزب «الحرية والعدالة» تقدم به، وأعلن أن هدفه من هذا المشروع تطهير القضاء، وكأنهم يقولون إن كل من هم فوق سن الـ60 «منحرفون»، وكل اللى تحت سن الـ60 غير «منحرفين»، وخرجت ضدى مظاهرات، واتهمتني أنني ضد تطهير القضاة، وهددت بتقديم استقالتي إذا قدم هذا المشروع، والآن من هم فوق سن الستين هم من يصدرون أحكاما تاريخية تؤكد عدم صحة كلام حزب «الحرية والعدالة» فى ذلك التوقيت.


كيف ترى صمت القضاة وعدم انتفاضتهم ضد قانون السلطة القضائية؟

القضاة لم يوافقوا حتى الآن على قانون السلطة القضائية، فالقضاء فى مصر لم يكن فى يوما من الأيام مستقلًا، فاستقلال القضاة معناه الحقيقى الاستقلال عن تأثيرات السلطة التنفيذية، فكان القضاء منذ نشأته فى تطور مستمر نحو الاستقلال من 1883 حتى 1952، وقطع شوطا كبيرا في هذا الأمر عندما استطعنا إلغاء المحاكم المختلطة، والقوى العظمى بعد ذلك سلمت أن فى مصر قضاء عادل، وأعلنت أن القضاء المصرى هو المختص فى محاكمة رعاياها الأجانب، ولكن "شوف إحنا وصلنا لحد فين"، فمثلا فى قضية آية حجازي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه لولا تدخله لكانت ظلت 28 عاما فى السجون، فلا نقدر أن نقول إن مصر يوجد بها قضاء مستقل.


ما تعليقك على محاكمة مرسي ؟

«كتم الصوت» ينال من شرعية الرئيس السيسي، ويثير الشكوك فى نفوس الناس من إصراره على صدور الأحكام ضد «مرسي»، فهو يخاف أن تخدش سمعته، ففي سابقة تعد الأولى فى التاريخ يحاكم «مرسى» فى قفص زجاجى، وتحجب عنه الزيارات، ومقابله أهله ومحاميه، فما يحدث يعد قتلا بالبطيء ويساوى الإعدام، ويلوث القضاة وسمعة الدولة خارجيًا.


هل مرسي يستحق ما حدث معه كما يردد بعض السياسيين؟

لا بالعكس.. فقد قابلت جميع رؤساء مصر، ومنهم السيسي، وكان «مرسي» أفضلهم على الإطلاق، بصرف النظر عن نجاحه أو عدم نجاحه فى ضبط البلد؛ فهو إنسان بمعنى الكلمة، وله مجموعة من القيم، وظهر ذلك أثناء قضية الصحفي إسلام عفيفي عندما أصدرت المحكمة حكما بحبسه بتهمة «إهانة الرئيس»، فاتصل بى وقال لى إنه ليس «مبسوطًا» من حبس «عفيفي»، وطلب منى أن أتحدث مع المحكمة للإفراج عنه، فقلت له: «مش هقدر أكلم المحكمة»، وسألنى ما العمل؟، فنصحته بإصدر قانون يمنع حبس الصحفيين فى قضايا النشر، فأصدر قانون عدم حبس الصحفيين احتياطيا فى قضايا النشر.


وأثناء حصار الاتحادية، تمت دعوتي لحضور اجتماع عاجل، وكان حاضرًا في هذا الاجتماع، أحمد جمال الدين، وزير الداخلية فى ذلك التوقيت، والسيسي، وقائد الحرس الجمهوري، محمد أحمد زكي، وبعض الشخصيات القيادية، وكانوا يتحدثون عن قضية الدفاع عن القصر الجمهورى، والطريقة التي يجب اتخاذها لمنع دخول المتظاهرين القصر، فطلب قائد الحرس الجمهوري بأن يتم ضرب المتظاهرين بالنار، ففزع مرسي، وقال «إلا الدم»، واستشهد بحديث للرسول: «لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما»، وطلب بتعلية سور القصر وأصدر أوامر بعدم المساس بالمتظاهرين، ولم يحدث نهائيا أنه استدعى أنصاره لطردهم.


وماذا عن رؤية مرسى لمبارك؟

كنا فى اجتماع بمناسبة أحداث بورسعيد، وقال لى إن مدة الحبس الاحتياطي لـ«مبارك» ستنتهي، وهو فى حالة صحية سيئة، فما العمل إذا توفى وكان هذا بحضور مجلس الدفاع الوطني، فقلت له لو مات مبارك لابد من تكريمه، لأنه يحمل نجمة سيناء، ولم يثبت ضده أي اتهامات حتى الآن، فالكل اندهش؛ و«مرسي» كان يقبل التجاوز فى حقه، ويقبل انتقادات «الرأي العام»، ومتواضع جدًا.


وكيف ترى تعاطف بعض المعارضين مع مرسى فى محاكمته؟

السيسي عليه إدراك أن معارضي مرسي أصبحوا متعاطفين معه بسبب المحاكمات التي يتعرض لها، وأن يتدخل لوقف هذه «المهزلة»، كما أن ما يتعرض له «مرسي» وصمة عار ليس فى حق القضاء فقط؛ ولكن فى حق الرئيس والبلد ككل، فحكم مصر ليس «غنيمة»، والسيسي هو الخاسر الأول بعد توليه حكم مصر، والجيش والشرطة والقضاء خسروا بعد تدخلهم فى السياسية.


ما تعليقك على عمل قضاة من تيار الاستقلال في مهنة سائق تاكسي بعد عزلهم؟

جمال عبد الناصر، عندما أصدر قرارات عام 1969 بفصل القضاة، والمعروفة بـ«مذبحة القضاة»، وأعلن المستشار يحيى الرفاعى، أنه سيعمل سائق تاكسى على السيارة الخاصة به، وصلت هذه الجملة إلى عبد الناصر، فكلم المرحوم أحمد الخواجة، نقيب المحامين فى ذلك التوقيت، وطلب منه أن يضم القضاة الذين فصلهم للعمل كمحامين، ولكن الذين تم عزلهم فى عهد السيسي لم يتم إلحاقهم بنقابة المحامين، وكل هذا يعد «ظلمًا وبطشًا».


وما تقييمك لأداء البرلمان؟

البرلمان أداة فى يد السلطة التنفيذية، ومعظم القوانين التي تصدر عنه تعبر عن هذه السلطة، وليست عن الشعب، وهذا يؤكد أن السلطة التنفيذية هي المسيطرة على البرلمان، وعلى عبد العال يدير البرلمان وفقا لوجهة نظر النظام، فبدلا من أن يكون البرلمان هو السلطة التشريعية التى تحمى الشعب، أصبح أداة ضده، وتعمل لصالح الحكومة.


وهل تتوقع أن تشهد الفترة القادمة مصالحة بين القوى الثورية والإخوان؟

المصالحة ضرورية وحتمية، ولكن لن يحدث تطور حقيقى، إلا إذا اقتنع الجيش بذلك، فلا بد أن تقتنع كل مؤسسات الدولة أن من مصلحتها الابتعاد عن حكم مصر، لأنها دولة مثقلة بالهموم والأمراض، فأقوى الجيوش فى البلاد الديمقراطية، هي التي تحافظ على حقوق الإنسان، فالجيش الآن تدخل فى كل شيء من لبن الأطفال وتوفير السلع، وهذا ليس عمل الجيوش، فالجيوش التي تحكم لا تحارب وإذا حاربت تعرضت لـ«نكسة» مثلما حدث فى 67، فعندما حدثت النكسة تنبه عبد الناصر لذلك، وسحب الجيش من العمل فى السياسة، وذلك بناء على نصيحة الشهيد عبد المنعم رياض وتفرغ للعمل العسكرى، وعندما فوزنا فى حرب 73 أصدر ضباط الجيش قرارا بأنهم لا شأن لهم بالانتخابات، وخاصة أنه كانت تزور هذه الانتخابات على حساب القوات المسلحة، وصدر قرار من قيادة الجيش فى ذلك التوقيت إلى القيادة السياسية بعدم استعمال اسم القوات المسلحة فى تزوير الانتخابات، وعندما حدثت أحداث 77 التي سماها الرئيس السادات «انتفاضة الحرمية»، طلب من عبد الغني الجمسي، وزير الدفاع فى ذلك الوقت، فض المظاهرات، فرفض، وكان هذا سبب إقالته.


وما الحل لمعضلة تدخل الجيش في السياسة؟

لو الجيش أراد أن يكون له وزن وقيمة فى العالم، لا بد أن يعدل عن التدخل فى الحكم، فالداخلية والجيش وأسوأ رجال القضاء والإعلام والسياسة هم «حزب السيسي» الآن، وهذا طريق يسير بالبلاد إلى «الخراب».


التقيت كثيرًا بالسيسي.. فكيف يفكر وما تقييمك لأدائه؟

السيسي «رجل مخابرات»، لا تعرف ما الذى يفكر فيه، وما الذى يوجد بداخل قلبه، والتقيت به كثيرًا عندما كان «وزيرًا للدفاع»، وكان حريصًا أن يكون سلوكه منضبطًا، وأداؤه جيدًا، فلم يكن يتدخل إلا فى المسائل الهامة فقط، ولم أعرف عنه سوءًا قط، ولكنه «خدعني»، ففي إحدى المرات تحدثت معه عن تعرض المحاكم للهجوم، ولابد من حمايتها؛ للمحافظة على أرواح القضاة والمتهمين، وأن تكون قادرة على العمل، ولا بد أن تكون للمحكمة «حرم أمن»، فطلبت منه الاستعانة بالشرطة العسكرية، ولكنه رفض، وقال لي نصا: «صورة الجيش المصرى تضررت فى فترة حكم المجلس العسكرى لتواجده فى الشارع، ونحن جيش مهمتنا القتال على الحدود.. ولا يصح أن نتواجد خارج معسكرنا»، ففرحت جدا بما قاله، وقدمت له التحية، ولكنه الآن يسير بعكس ما قاله، وأصبح الجيش موجودًا في كل مكان بـ«الشارع المصري».