«أكذوبة شفيق».. لن يعود ولن يترشح لـ«الرئاسة»
بالرغم من وجوده في «منفاه الاختياري» بالإمارات، يُصر الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد «مبارك»، على تصدر بورصة المرشحين في الانتخابات الرئاسية «إعلاميًا»، رغم أنه لم يعد إلى مصر، ولم يُعلن الترشح رسميًا في الانتخابات المتوقع لها أن تكون «مسرحية هزلية»؛ لاسيما في ظل استمرار النظام في «تضييق الخناق» على كل مرشح محتمل لهذا «المنصب الرفيع».
وشهد الأسبوع الماضي، جدلًا واسعًا بعد انتشار أنباء عن اتخاذ «شفيق» قرارًا رسميًا بالترشح في الانتخابات الرئاسية، وأنه لم يبق أمامه إلا اختيار التوقيت لإعلان هذا الأمر.
حزب «الحركة الوطنية» الذي ولد من رحم الحملة الانتخابية لـ«شفيق»، نفى الأخبار المتداولة عن ترشح الفريق؛ بل إن «شفيق» تحدث بنفسه في هذا الأمر، مشيرًا إلى أنه «لم يحسم موقفه من الترشح للرئاسة حتى الآن».
على الجانب الآخر، فإنه من المعروف أن النظام، والأجهزة التابعة له، لن ترحب بعودة «شفيق»، لاسيما أن هذا النظام يعلم جيدًا أن «الفريق» إذا ترشح في الانتخابات القادمة، فلن يكون «ضيف شرف»، وسيكون منافسًا قويًا لـ«السيسي»، ولهذا فإنه ليس ببعيد أن يجد «شفيق» نفسه متورطًا في قضية تمنعه من ممارسة نشاطه السياسي.
وبسبب الحديث السابق، فإن «شفيق» سيحسبها جيدًا قبل العودة للدولة التي خرج منها من قبل خوفًا من «بطش الإخوان»، ولكن تشير كل المعطيات إلى أن «شفيق لن يعود.. ولن يترشح للرئاسة».
وقال اللواء حسام سويلم، الخبير الاستراتيجي، إن ترشح «شفيق» للرئاسة، من عدمه، حرية شخصية، ولكن الترشح للرئاسة حق مكفول للجميع في حال تطابق شروط الترشح، منوهًا إلى أنه في نهاية الأمر، تبقى الكلمة للشعب الذي يعرف جيدًا خير من يمثله في المنصب الرئاسي.
وأضاف «سويلم» أن «شفيق»، أذكى من أن يخوض معركة يعلم جيدًا أنه سيخسرها، وأن نسبة فوزه ضئيلة أمام منافس قوي بحجم السيسي، لافتًا إلى أن «شفيق» لم يكن من الحريصين على الشو الإعلامي مثل «صباحي».
وأوضح «سويلم»، أن الظهير الشعبي لـ «شفيق» الآن هو والعدم سواء، ولا يتمتع بالشعبية التي كان عليها بعد عصر الإخوان، وأن السيسي منافس قوي يتمتع بظهير شعبي كبير.
من جانبه، قال الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، إن شفيق أصبح «ورقة مستهلكة»، فهو تخطى الـ75 عامًا، ووجوده في الإمارات «رحمة له».
وأضاف «زهران»، أن «شفيق» تورط في قضايا فساد لا حصر لها؛ لعل أشهرها قضية «أرض الطيارين» التي أعطى جزءًا منها لنجلي «مبارك»، لافتًا إلى أن هذا الأمر يعد «نقطة سوداء» تجعله لا يصلح لخوض الانتخابات؛ لأنه جامل «مبارك» ونجليه؛ حتى يصل للمناصب العليا.
وتابع «زهران»: «وجود مرشح قوي أمام السيسي، جزء من بناء السلطة الرسمي، ولن يكون ترشح شفيق أو غيره مثيرًا لقلق السيسي»، لافتًا إلى أن من كانوا يدينون بالولاء لـ«مبارك» لن يقفوا وراء «شفيق»؛ لأن هؤلاء شبكة من الفاسدين غالبًا ما تكون مصالحهم مع السلطة القائمة بغض النظر عمن يكون على رأس تلك السلطة؛ ولذلك لا يغامرون بدعم مرشح منافس، وخير مثال على ذلك رجل أعمال اقتحم مؤخرًا مجال الإعلام، بشرائه مجموعة من المنصات الإعلامية، وهو من كان في دائرة الضوء في عصر الإخوان، وتودد إليهم.
وتابع: «رجال الأعمال يحتمون بالسلطة القائمة أيًا كان من على رأسها للحفاظ على مكتسباتهم ونفوذهم ورغم ذلك يحدث تعاون وتبادل مشترك بين السلطة وبينهم؛ لأنها ترى وجودهم دعمًا لها».
وأوضح «زهران» أن «شفيق» لا يحظى بقبول لدى المؤسسة العسكرية، ولن يكون لظهوره وخوضه غمار الانتخابات أي تأثير سلبي على «السيسي»، ويجب إتاحة الفرصة لوجود منافس آخر له من القوة ما يمكنه أن ينافس «السيسي» تنافسًا حقيقيًا ويمثل وجهة نظر أخرى ويلقى قبولًا لدى الإعلام دون شن الحرب الإعلامية عليه لصالح الرئيس ما يجعل المشهد عبارة عن تمثيل رمزي لا يرقى لـ«انتخابات حقيقية».
وتابع «زهران»: «عدم وجود هذا التنافس.. يجعل الرئيس طاغية ولا يضفي شرعية له ونتذكر أن وجود حمدين في المشهد الانتخابي السابق أضفى الشرعية على تلك الانتخابات، ولولا ذلك لأصبح المشهد غير شرعي، وفي هذا الشأن يكون السيسي مسئولًا مسئولية كاملة عن وجود منافس قوي له».
على الجانب الآخر، يرى شريف الروبي، القيادي بـ«حركة 6 أبريل»، أن الأنباء التي ترددت بشأن ترشح «شفيق» ما هي إلا لعبة من الخليج للضغط على السيسي لمزيد من التنازلات بعدما أصبحت مصر تابعة لدول الخليج، منوهًا إلى أنه في حالة اتحاد «شفيق»، والفريق سامي عنان، بما لديهما من قبول لدى المؤسسة العسكرية، وخلفهما فلول الحزب الوطني، ستكون الانتخابات في غاية القوة، ومن الممكن حسمها لـ «شفيق»، أما في حالة عدم اتحادهما سيفوز «السيسي».
في حين قال ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل»، إن عودة شفيق لمصر «ممكنة»، خاصة أنه غير مطلوب الآن أمام النيابة العامة، أو أى أجهزة تحقيق، لافتًا إلى أن «الفريق» يعيش في الإمارات باختياره، وبلده ترحب به فى كل الأوقات التى يقرر فيها النزول إليها، منوهًا إلى أن وجوده خارج بلده، «استثناء»، لكن الأمر الطبيعي أن يعود لمصر، ويساهم فى الحياة العامة والحياة السياسية.
وتابع: «الفريق شفيق لا يمثل أي خطر على النظام الحالي؛ فالنظام فى مصر طبقا للدستور يتكون من سلطات ثلاث أولها السلطة التنفيذية بفرعيها الرئيس والحكومة والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، ولا يمكن اعتبار الرئيس وفقا للدستور يمثل النظام، ولكنه جزء من النظام؛ لذلك فإننى لا أعتقد أن شفيق يمثل خطرًا على النظام، ولكنه يعتبر منافسًا خطيرًا للرئيس السيسى فى الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها فى العام القادم، إذا توافرت لها معاييرها الدولية من حرية ونزاهة وشفافية وحيدة الأجهزة الحكومية واللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات».
وأضاف «الشهابي»، أن فرص الفريق «شفيق» في الانتخابات الرئاسية المقبلة «معقولة»، إذا توافرت في الانتخابات القادمة عوامل الحيدة والنزاهة والشفافية، مشيرًا إلى أنه مازال يتمتع بشعبية كبيرة بين تكتل أبناء «مبارك»، وهو تكتل كبير يمثل نسبة غير بسيطة فى الانتخابات ترجح كفة من تنحاز إليه، بجانب أن له تواجدا معقولا بين أعضاء «حزب الكنبة» الذين صدموا من عدم قدرة الرئيس السيسي على التعامل مع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وعدم حله لمشكلة البطالة وتحميلهم لها معالجة العجز فى الموازنة العامة للدولة بجانب ترك السوق نهبا للمحتكرين والتجار وأصحاب التوكيلات التجارية والصناعية.
واستبعد «الشهابي» وجود أجنحة في الدولة تؤيد الفريق «شفيق»، لافتًا إلى أن هذا الزمن انتهى بسقوط حكم الإخوان، والرئيس الأسبق محمد مرسى، ولن يتكرر مرة أخرى؛ فالدولة المصرية بكل مؤسساتها، منضبطة خلف الرئيس المنتخب، وما حدث فى 25 يناير و30 يونيو لن يتكرر مرة أخرى.
وقال «الشهابي»، إن هجوم الإعلاميين المؤيدين للرئيس السيسى على الفريق أحمد شفيق، لا قيمة له؛ بل يمنح الفريق شعبية؛ نظرا لعدم احترام الشعب بكل طبقاته لهؤلاء الإعلاميين، خاصة أن الشعب يحمل هؤلاء الإعلاميين مسئولية التدهور الحادث فى البلاد.
وتابع: «هجوم الإعلاميين على شفيق لا يمثل خطرًا عليه بل يزيد من شعبيته، والحديث الذي يتردد عن تحالف شفيق مع عنان فى الانتخابات المقبلة لم أسمع به من قبل، وإن كنت أرجعه إلى اتفاق الاثنين فى قضية تيران وصنافير وإعلانهما أن الجزيرتين مصريتان».
واستكمل: «وعلى كل حال تحالف الفريق شفيق مع الفريق عنان سيكون متغيرًا مهمًا جدا فى الانتخابات.. ويزيد من فرص من يتم الاتفاق عليه لخوض الانتخابات».
وقال أيضًا: «الفريق شفيق يتمتع بشعبية كبيرة وكثيرون يعتبرونه هو الناجح فى الانتخابات الرئاسية التى كانت بينه وبين محمد مرسى، وإن كانت هذه الشعبية تأثرت كثيرا لغيابه خارج البلاد، وفي كل الأحوال لا يمكن قياس شعبية الفريق شفيق إلا بعد عودته إلى مصر واستقراره فيها».
وأكد «الشهابي»، أنه من الممكن أن تعلن أحزاب مصرية موقفها فى الانتخابات الرئاسية القادمة سواء بتأييد الفريق شفيق، أو تأييد غيره.
بدوره، قال خالد العوامي، المتحدث الرسمي باسم حزب «الحركة الوطنية المصرية»، إن الفريق أحمد شفيق هو صاحب قرار العودة إلى مصر، أو عدم العودة، لافتًا إلى أن هذا الأمر أيضًا ينطبق على الترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة، متابعًا: «الفريق وحده هو صاحب الحق في إعلان الترشح من عدمه».
وأضاف «العوامي» أنه لا يعرف سر الرعب من الفريق «شفيق»، ولا سر الهجوم عليه من بعض المنصات الإعلامية، والسياسية، مشيرًا إلى أن حزب «الحركة الوطنية» لن يسمح لأي شخص «مهما علا شأنه»، أن يتجاوز في حق الفريق «شفيق».
وتابع: «حزب الحركة الوطنية له أرضيته وجماهيريته الكبيرة.. وعندما يجىء موعد الترشح للرئاسة رسميًا، سنعلن: من سيترشح، أو من هو المرشح الذي سيدعمه الحزب».