قصة «خناقة» وزير الأوقاف ومندوب شيخ الأزهر داخل «مجلس النواب»
كشفت «النبأ» في أعداد سابقة الأسباب الحقيقية وراء تأخير قانون تنظيم الفتوى؛ نتيجة «الصراع الثلاثي» بين المؤسسات الدينية، وسعيًا نحو استحواذ كل طرف على ملف تجديد الخطاب الديني، ويبدو أن هذا الصراع سيتجدد بين الأزهر والأوقاف، فمؤخرا شهد اجتماع اللجنة الدينية بـ«مجلس النواب»، خلافا بين الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، والدكتور محيي الدين عفيفى، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، ممثلا عن الأزهر عندما رفض «عفيفى» إسناد بعض مهام الفتوى للأوقاف؛ نظرًا لعدم جاهزية مشايخها للقيام بدور الفتوى وهو ما اعترض عليه «جمعة» ووصفه بمحاولات إبعاد الوزارة عن الفتوى، مؤكدًا أن الوزارة لديها علماء أكفاء قادرون على الفتوى.
وحذر «جمعة» من إقصاء وزارة الأوقاف عن مهمة الإفتاء، مؤكدًا أن الوزارة ستعطي التصاريح بحذر شديد.
وحدثت مشادة بين الطرفين كانت محور دهشة الحضور، وكاد الأمر يتسبب في أزمة حقيقية عندما تدخل ورفض ممثل الأزهر لغة ولهجة وزير الأوقاف، وقال «أرفض هذا الكلام بهذه الطريقة، ما استدعى تدخل الدكتور أسامة الأزهري، وكيل اللجنة، لفك الاشتباك، وتضامن معه الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، قائلا: «فتوى أئمة المساجد لا تتعلق بالقضايا العامة وإنما أمور العبادة المتعلقة بالصوم والصلاة وغيرها».
إلا أن الدكتور محمد مختار جمعة عاد و«لطّف» الموقف وقال أمام اللجنة، إن الوزارة تضيف لرصيد الأزهر ولا تخصم منه، مشيرا إلى أن الإفتاء لا يمكن أن تفتح مقرات لها في كل مكان، وأن إمام المسجد هو أفضل واحد يصل للمواطنين، وهناك الكثير من أئمة المساجد حاصلون على الدراسات العليا والماجستير والدكتوراه في الشريعة والفقه، مؤكدًا أن الوزارة نظمت مؤخرًا دورات علوم الشرع المتعلقة بالمواريث والأحوال الشخصية مثل الطلاق والزواج وكل ما يتعلق بأمور الدين مثل الحج والصلاة وغيرها من أمور تخص تعاملات المواطنين.
وأكد الوزير، أن الوزارة لن تعطي ترخيصًا رسميًا للإمام إلا بعد التأكد من استطاعة ممارسة الفتوى، ولكن عاد الوزير واشترط أن يكون خروج التصريح من الوزارة فقط وليس من جهة أخرى، كما أن الوزارة هي الجهة المختصة بمحاسبة الإمام في حالة الفتوى الخطأ، وليس جهة أخرى، لافتا إلى أن ذلك يجنب حدوث أي أزمة بين المؤسسات الدينية باعتبار أن كل مؤسسة أولى بأولادها، مطالبا بضرورة أن يتضمن قانون تنظيم الفتوى ذلك.
مطالب الوزير وجدت رفضًا كاملًا من قبل الأزهر ودار الإفتاء، حيث يرى الأزهر والإفتاء، أن «الأوقاف» ليس لها الحق في الفتوى، وليس لأئمة المساجد قدرة على الفتوى، وتتمسك الأزهر والإفتاء بضرورة نص قانون تنظيم الفتوى على المواد التالي 1- يحظر بأية صورة التصدى للفتوى إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بـ«الأزهر الشريف» ودار الإفتاء المصرية، ومن هو مرخص له بذلك من الجهات المذكورة فى المادة التالية.
2- حدد الأزهر ودار الإفتاء الجهات التى لها حق منح ترخيص الفتوى، لتنص على أن: "الجهات التى لها حق منح ترخيص بالفتوى هى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، ووفقا للإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
3- أن "للأئمة والوعاظ ومدرسى الأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر، أداء مهام الوعظ والإرشاد الدينى العام بما يبين للمصلين وعامة المسلمين أمور دينهم، ولا يعد ذلك من باب التعرض للفتوى العامة.
4- أن الفتوى فى القضايا العامة وخاصة المتعلقة بشئون الأوطان، فلا تصدر إلا من المؤسسات الواردة فى المادة الأولى، وتقتصر ممارسة الفتوى العامة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى على المصرح لهم من الجهات المذكورة.
5- ضرورة أن يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر، وغرامة لا تزيد على ألفى جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العود تكون العقوبة هى الحبس والغرامة التى لا تجاوز خمسة آلاف جنيه.
6- تتولى هيئة كبار العلماء ودار الإفتاء اختيار من لهم حق الفتوى في مصر، وهما الجهتان المعنيتان بإصدار التصاريح اللازمة للفتوى ومحاسبة من يخالف.
وكشفت مصادر داخل اللجنة الدينية، أن الخلافات بين المؤسسات الدينية حول قانون الفتوى قد تؤدي إلى عدم خروجه للنور في الوقت القريب، رغم تدخل الدكتور على عبد العال، رئيس البرلمان، والمطالبة بضرورة إقراره قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية.
ومن المنتظر عقد جلسة أخرى داخل اللجنة الدينية لمناقشة الخلافات بين المؤسسات الدينية حول القانون والبحث عن حلول وسط بين الأطراف.