رئيس التحرير
خالد مهران

وائل الإبراشى.. قنّاص «يُروض» ملائكة «الإعلام» وشياطينه (بروفايل)

الإعلامى وائل الإبراشي
الإعلامى وائل الإبراشي - أرشيفية


بعد فترة غياب قصيرة خلت فيها خريطة برامج «التوك شو» من الصحفي «المشاكس» دائمًا وائل الإبراشي، يعود الإعلامى المثير للجدل للظهور، غدًا السبت، على فضائية «ON E» ببرنامج «كل يوم» الذي كان يقدمه عمرو أديب قبل انتقاله لـ«MBC مصر» لتقديم «الحكاية».


كيف حققت «إعلام المصريين» انتصارًا بـ«الإبراشي»؟

بداية.. يُشكل الظهور الجديد لـ«الإبراشي» انتصارًا كبيرًا لـ«إعلام المصريين»؛ لاسيما أن هذا الإعلامى الشهير كان دائمًا يرفض الانتقال إلى فضائيات أخرى غير «دريم» تلك القناة التى انطلقت منها شهرة «الإبراشي» فى 2010؛ نظرًا للقضايا الشائكة التى كان يناقشها في برنامجه «الحقيقة» ثم «العاشرة مساءً».

«الإبراشي» يحلو له دائمًا الحديث عن تجربتين فى حياته المهنية؛ الأولى: مجلة «روز اليوسف»، والثانية فضائية «دريم» والتى يقول عنها إن علاقته بها «مرضية»، مشيرًا إلى أنه يفضل العمل دائمًا في هذا الكيان الإعلامى الكبير؛ نظرًا للحرية «الحقيقية» التى حصل عليها فيها، وعدم التدخل فى عمله. 

من ناحيتها، تُدرك «إعلام المصريين» القيمة المهنية لـ«الإبراشي»، هذا الأمر تؤكده تصريحات تامر مرسي، رئيس مجلس إدارة الشركة، والتي قال فيها إن «انضمام وائل الإبراشى في الموسم الجديد هو أحد الركائز التي ستتقدم بها ON E إلى صدارة القنوات المختلفة».

«المشاكس» يُنقذ «دريم» و«ON E» بعد رحيل الكبار

كما أن خطة شركة «إعلام المصريين» فى إيجاد «البديل» الذي يستطيع سد الفراغ الذي تركه عمرو أديب، قد تتحق فى وجود «الإبراشي» الذي كانت له تجارب مشابهة للمهمة الجديدة التى يخوضها؛ فقبل 2010 قدّم برنامج «الحقيقة» بديلًا للإعلامية الشهيرة هالة سرحان، وكان هذا الأمر تحديًا كبيرًا له لـ«سد فراغ» أول من قدّمت برامج «التوك شو» فى مصر، ثم نجح فى المهمة بعد المشاهدات المرتفعة التي حققها البرنامج.
وفى سبتمبر 2012، أسندت له «دريم» مهمة تقديم «العاشرة مساءً» ليكون البديل لـ«منى الشاذلى».

بحسب تصريحات لـ«الإبراشي» فإن «رحيل الإعلامية منى الشاذلي عن برنامج «العاشرة مساءً» وضعه في مأزق شديد»؛ لافتًا إلى أنها نجحت في أن تضع هذا البرنامج على القمة وجعلته من أهم البرامج التلفزيونية ليس في مصر فقط؛ بل في العالم العربي بأكمله.

فى حوار سابق له، يقول «الإبراشي» إنه رفض فى البداية تقديم «العاشرة مساءً»، وأنه اتصل بـ«منى الشاذلى» وقال لها؛ «إن العاشرة مساء أهم صحيفة تليفزيونية فى مصر وأهم من الأهرام، كيف تتركينه»؛ لافتًا إلى أنه وافق على تولىّ مهمة تقديم البرنامج.

ولم يكن نجاح «الشاذلى» فى «العاشرة مساء» عائقًا أمام «الإبراشي» لتحقيق إنجازات جديدة حتى أصبح البرنامج رقم «1» فى مصر.

«الإبراشي» و«إعلام المصريين».. أسئلة مشروعة حول «الصدامات المتوقعة»

بالرغم من الشهرة المدوية لـ«الإبراشي» وقدرته على تحقيق نجاحات للمؤسسات سواء الفضائية أو الصحفية التى عمل بها، فإن هناك تحديًا يواجهه فى مشواره الجديد بـ«ON E»، ويتعلق بـ«مساحة الحرية» الممنوحة له والتي كان يتمتع بها فى «دريم» لمالكها رجل الأعمال الشهير أحمد بهجت.


«الإبراشي» كان يردد دائمًا أن لا أحد من «دريم» كان يتدخل فى عمله، وأنه يؤمن دائمًا أن «الحرية» الممنوحة له قد تكون أهم من «المادة» التي يقدمها.


ويُعرف عن «الإبراشي» مناقشته لقضايا «شائكة» مثيرة للجدل حتى أنه يحلو للبعض وصفه بـ«مشعل الحرائق»، ودخل خلال السنوات الماضية في «سجالات» مع شخصيات وجهات ومؤسسات الدولة، حتى وصل الأمر لساحات المحاكم، فضلًا عن منع حلقات من برنامج «الحقيقة» الذي كان يقدمه قبل «العاشرة مساءً».


فـ«الإبراشي» هاجم من قبل الدكتور على عبد العال، رئيس البرلمان؛ بعد نشر تقارير عن الـ«3» سيارات المصفحة المخصصة له، قائلًا:  «مفيش مجلس نواب قبل كده جاب 3 سيارات مصفحة»، مطالبًا مجلس النواب بـ«تطبيق قواعد التقشف»، ثم تصبح القضية أكثر سخونة بعد اتهام «عبد العال» الإعلاميين الذين أثاروا قضية «السيارات المصفحة» بالعمل ضد الأمن القومى للدولة»، بعدّها رد عليه «الإبراشي» «معنديش أجندات، لو عبد العال شايف أننا خطر على الأمن القومي، وإن إحنا تابعين لأجندات قدم فينا بلاغ تخابر وأمن قومي».


ومن «عبد العال» لـ«وزارة الداخلية» استمر هجوم «الإبراشي»، والذي انتقد واقعة مقتل «سائق الدرب الأحمر» على يد رقيب شرطة أمام مديرية أمن القاهرة، ووصفها بـ«محاولة لعودة الدولة البوليسية التي تسيء للسلطة والنظام»؛ ثم واصل «هجومه» على الحكومة بعد حادث «قطار العياط»، قائلًا: «إحنا كده أمام حكومة قتلة.. معقول الحكومة مش قادرة توفر جرس إنذار للمواطنين تركبه على مزلقان العياط»، حتى بعثة المنتخب التي شاركت في مونديال روسيا لم تسلم من الهجوم، ووصفها بـ«الفاشلة».


كل تلك التفاصيل السابقة تجعلنا أمام أسئلة مهمة ومشروعة: هل تشهد العلاقة بين «الإبراشي» و«إعلام المصريين» صدامات متوقعة؟


هل تتحمل تلك الشركة التى تعد ذراعًا إعلامية لـ«أجهزة معينة» بالدولة الطريقة الحوارية التى يتبعها «الإبراشي» والتى تعتمد أصلًا على «النقد اللاذع».


هل تُمنع حلقات من برنامج «كل يوم» ويُمنح «المشاكس» إجازات مفتوحة؟


فى مذكراته.. ماذا قال عادل حمودة عن وائل الإبراشي؟

فى يناير 1992، طلب محمود التهامى، رئيس تحرير «روز اليوسف» وقتها، من الكاتب الصحفى عادل حمودة أن يُشرف على إصدار المجلة، وهى المهمة التى قبلها «حمودة» بعد إعادة ترتيب «البيت الداخلى»، وإعادة توظيف مجموعة من الصحفيين الشباب فى ذلك الوقت والذين أصبحوا فيما بعد رؤساء تحرير، ونجومًا في الفضائيات.


وفي مذكراته «50 سنة فى أفران الصحافة الساخنة» تحدّث «حمودة» عن وائل الإبراشي، لافتًا إلى أن اسم الأخير ظهر لأول مرة على صفحات المجلة فى فبراير 1992 عندما نجح «الإبراشي» فى إجراء حوار مع الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس الأركان الأسبق، قبل المحاكمة العسكرية التى ينتظرها؛ بتهمة نشر أسرار عسكرية.


يقول «حمودة» فى حديثه عن تجربة نجاح «روز اليوسف» فى الـ6 سنوات التى كان رئيس التحرير «الفعلي» لها، وتحديدًا فى الفترة من فبراير 1992 إلى أبريل 1998،: «لقد تأملت موهبة كل محرر منفردًا ودفعت به إلى الطريق الذي يناسبه دون أن يضطر إلى منافسة أو مزاحمة غيره فى مكانه وكان أن تسابقوا جميعًا في إنجاح التجربة ولو قصّر أحدهم لسبب أو لأخر وجد من يسد فراغه أو يتجاوز أخطاءه».


ويحكى فى موضع أخر: «تولى إبراهيم عيسى رئاسة الديسك المركزى، ووجد عبد الله كمال نفسه فى قسم التحقيقات واختار إبراهيم خليل الأخبار وبرع محمد هانئ فى قسم الفن……… وانضم إليهم أسامة سلامة متخصصًا في الملف القبطي، وظهر وائل الإبراشي موهوبًا فى الضربات الصحفية المميزة».


وبعيدًا عن عادل حمودة، فإن الذين عملوا مع «الإبراشي» يذكرون أنه كان شابًا هادئًا لا يميل إلى «الثرثرة»، ويركز دائمًا فى عمله؛ ولهذا نجح فى نشر مجموعة من التحقيقات الصحفية التى «قلبت الدنيا» ومنها: «قضية لوسي أرتين»، و«سلسلة الهاربين في لندن»، و«تحقيقات اللاجئين في الجولان»؛ فهو صحفى «قنّاص» يُجيد اختيار الفكرة، ويتقن طريقة العمل عليها؛ لتقديمها فى «طبق ساخن».


ويرى «الإبراشي» أن «روز اليوسف» مدرسة تهتم بـ«الإثارة»، وتناول الموضوعات «الشائكة» أو التى يعتبرها المجتمع من المحرمات، مؤكدًا أنه «يعشق» هذه المدرسة، وأنه نقل التحقيق الصحفى من «الجرائد والمجلات» للفضائيات.


ترك «الإبراشي» مجلة «روز اليوسف»؛ بعد رفضه كتابة «مقالات فى مديح مبارك» مقابل تعيينه رئيسًا للتحرير، وانطلق بعدها ليترأس التحرير فى «صوت الأمة» بالمشاركة مع الكاتب الصحفى الشهير إبراهيم عيسى، حيث كانت الجريدة وقتها تؤرق مضاجع النظام، ثم رأس تحرير «الصباح» لفترة قصيرة فى 2012، ولكنه لم يُكمل فى هذه التجربة؛ نظرًا لانشغاله بالعمل التليفزيونى.


«المشاغب» على خط النار «كل يوم»

تُعد التجربة الجديدة لـ«الإبراشي» فى برنامج «كل يوم» مهمة صعبة؛ فهو مطالب بالحفاظ على صورته التي ترسخت عند جمهوره باعتباره إعلاميًا يتصف بـ«النقد اللاذع»، وعدم «نفاق» المسئولين بمناصبهم المختلفة، والانحياز لقضايا المواطن، وفى نفس الوقت سيكون مُعرضًا لـ«تقويض» الحرية الإعلامية التى منحته له فضائية «دريم» أو حتى «روز اليوسف» و«صوت الأمة».


وربما يكون عادل حمودة أو أحمد بهجت مالك «دريم» أو  الراحل عصام إسماعيل فهمى، مؤسس «صوت الأمة»، «ملائكة» فى نظر «الإبراشي»؛ باعتبارهم منحوه الحرية التى ساعدته فى «تدشين» اسمه صحفيًا لامعًا وإعلاميًا شهيرًا؛ لكن «المشاغب» أصبح الآن فى مهمة جديدة لمن يصفهم البعض بـ«الشياطين»، فهل ينجح فى ترويضهم، والبقاء معهم «على خط النار» فى تجربته الجديدة؟