اللواء نبيل فؤاد: صفقة القرن ماتت قبل أن تُعلن.. والسيسي لن «يفرط» في ذرة رمل من سيناء (حوار)
قال اللواء نبيل فؤاد الخبير العسكري، مساعد وزير الدفاع الأسبق، والخبير الاستراتيجي، إن الحرب بين مصر وإسرائيل تظل ممكنة حتى يتم حل القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الإرهاب مثل المخدرات من الصعب القضاء عليه بشكل نهائي.
وأضاف «فؤاد» في حواره مع النبأ، أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك جلس في الحكم أكثر من اللازم، وأن الرئيس السيسي لن يفرط في ذرة من رمل سيناء، لافتا إلى أن تجربة الرئيس جمال عبد الناصر مع أمريكا تجعل الصدام معها ليس من مصلحة مصر.. وإلى تفاصيل الحوار
فى البداية ما تقييمك للوضع الأمني في مصر الآن؟
الوضع الأمني في مصر ينقسم إلى قسمين داخلي وخارجي، بالنسبة للوضع الداخلي، الشعب المصري تعداده مائة مليون وبه الكثير من الاتجاهات، منها اتجاهات مؤيدة للنظام، وجماعات واتجاهات غير مؤيدة، مثل الإخوان المسلمين أو غيرهم، والقضاء على هذه الجماعات كليا مستحيل، فهم جزء من هذا الشعب ويعيشون وسط هذا الشعب ومختلطون به، ولا يمكن التمييز بين الإرهابي أو غير الإرهابي، وبالتالي الأمن الداخلي عملية صعبة، والأمن الداخلي الآن تحسن إلى حد كبير، خاصة بعد العملية الشاملة سيناء 2018 التي ما زالت مستمرة، والتي نجحت إلى حد كبير في تحسين الوضع الأمني داخل سيناء، من خلال تدمير مخازن وتشوينات الأسلحة وخلافه وقتل عدد كبير من الإرهابيين، والمشكلة في هؤلاء الإرهابيين أنهم حركيون، فعندما يحدث عليهم ضغط في سيناء يلجئون للوادي، وعندما يحدث ضغط على داعش في سوريا وغيرها تلجأ إلى ليبيا ومصر من خلال ليبيا، وهذه الجماعات ليست ذات حجم كبير ولا تقلق، والذين هم داخل سيناء تم التعامل معهم وتكبيدهم خسائر كبيرة، وهؤلاء يتم تمويلهم من الخارج، لذلك هناك بعض العمليات التي يقومون بها بين الفينة والأخرى، من أجل أن يثبتوا للخارج أنهم موجودون وقادرون على الفعل من أجل استمرار التمويل لهم، وبالتالي هذه العمليات هي عمليات إثبات وجود، وقدرتهم على القيام بعمليات كبرى غير ممكنة الآن.
سيناء أصبحت خالية من الإرهاب.. هذه الجملة نسمعها كل فترة من بعض المسئولين.. لكننا نفاجئ بحدوث بعض العمليات كل فترة.. ماذا يعني ذلك ومتى تصبح مصر خالية من الإرهاب فعلا؟
الإرهاب مثل المخدرات من الصعب القضاء عليه بشكل نهائي، لأن هناك منتفعين من وراء هذا الإرهاب في الداخل والخارج، لكن وتيرة العمليات الإرهابية تزيد وتنقص، وتيرة الإرهاب الآن منخفضة جدا نتيجة النشاط الذي تقوم به القوات المسلحة في سيناء والصحراء الغربية.
ما تقييمك للإستراتيجية التي تتبعها الدولة في التعامل مع ملف الإرهاب؟
إستراتيجية ناجحة، والقوات المسلحة تقوم بدورها على الوجه الأكمل في هذا الخصوص لكن عملية القضاء النهائي على الإرهاب وغيره من الظواهر الأخرى غير ممكن في العالم كله.
عقب كل عملية إرهابية يتم توجيه أصابع الاتهام لتركيا وقطر وأجهزة المخابرات الأجنبية.. كيف ترون ذلك؟
واضح جدا أن هناك جهات، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لا يسعدها أن تكون مصر قوية في إقليمها، قادرة على التحرك يمينا وشمالا، لأن مصر عبر التاريخ عندما تقوى تنظر حولها، فهم يريدون أن تنكب مصر على نفسها في الداخل وتترك الخارج لهم، والذي يحكم العلاقة بين مصر والولايات المتحدة هي المصالح والموائمات وليس العلاقات الإستراتيجية، لكن ليس من مصلحة مصر الاصطدام مع أمريكا، لأن مصر دولة إقليمية كبرى، أما الولايات المتحدة الأمريكية فهي قوى عالمية كبرى، وبالتالي ليس من مصلحة مصر الاصطدام بها، مصر اصطدمت مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكانت النتيجة أنها حاولت إخضاع مصر من الداخل ولكنها فشلت، لكنهم أخضعوها من الخارج بالاعتداء عليها مرتين، الأولى عام 1956، والثانية في عام 1967، ولأن الدخول في الحرب مكلف وله نتائج سلبية على الدولة واقتصادها، والدولة تحتاج لسنوات من أجل إعادة بناء اقتصادها، وبالتالي نحن لا نريد تكرار الضربات التي وجهتها الولايات المتحدة لمصر في السابق، وبالتالي ليس من مصلحة مصر الاصطدام بالولايات المتحدة، لأن محاولات الاصطدام بها التي تمت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي لم تنجح.
وماذا عن تركيا؟
تركيا دولة إقليمية لكن مشكلتها أنها تحلم بإعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية التي كانت تسيطر على أجزاء واسعة من آسيا وإفريقيا وأوربا، لكن أثناء محاولاتها إعادة هذه الإمبراطورية تصطدم ببعض القوى الإقليمية ومن بينها بالتأكيد مصر.
كيف ترى المشروع الإيراني في المنطقة؟
إيران تحاول إعادة الإمبراطورية الفارسية في المنطقة، من خلال نشر المذهب الشيعي في كل الدول العربية وخاصة مصر ودول الخليج، لأن مصر بالنسبة لهم كانت محكومة في يوم من الأيام بالمذهب الشيعي، وقد نجحت إلى حد كبير أن يكون لها تواجد شيعي في دول الخليج، والإيرانيون أصبحوا يسيطرون على التجارة في هذه الدول، وبالتالي هم يسعون لأن يكون لهم موطئ قدم في كل الدول العربية، ونجحوا في السيطرة على لبنان من خلال حزب الله، ويحاولون الآن السيطرة على سوريا، بسبب غباء الولايات المتحدة وبعض الدول العربية التي كانت تمول وتدعم بعض الجماعات الإرهابية في سوريا، لكن المثير للاستغراب هو أن دول الخليج لها علاقات دبلوماسية مع إيران ومصر ليس لها علاقات دبلوماسية معها، وهذا شيء يدعو للتساؤل، لكن مصر باعتبارها أكبر دول عربية تسعى لمنع التدخلات الخارجية في شئون المنطقة، لذلك هي تأخذ موقفا من أي دولة إقليمية تحاول التدخل في شئون الدول العربية.
متى تشارك القوات المسلحة المصرية في حرب خارجية؟
مصر ليست لديها أي استعداد الآن للدخول في حرب مباشرة جديدة، ومصر رفضت المشاركة في حرب اليمن رغم محاولات جرها لذلك، لأن اليمن له ذكريات سيئة في نفوس المصريين منذ أيام حرب اليمن، ودخول مصر في ثلاثة حروب سابقة في 1956 و1967، و1973، أدى إلى استنزاف اقتصادها، لكن مصر تعمل بشكل غير مباشر في مختلف الملفات في المنطقة.
تحدثت عن وجود مشروعين لإيران وتركيا في المنطقة.. ما مشروع مصر؟
مشروع مصر القديم الجديد الذي بدأ في خمسينيات وستينيات القرن الماضي هو توحيد الأمة العربية، لكن للأسف القطرية تتغلب عليه بشكل كبير.
كيف ترى الدور الإسرائيلي فيما يحدث بسيناء في ظل تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي زعم فيها أنه لولا الجيش الإسرائيلي لأقام داعش دولته في سيناء؟
اتفاقية السلام هي السبب فيما يحدث في سيناء، لأن هذه الاتفاقية قسمت سيناء إلى ثلاثة مناطق، المنطقة «أ» ومساحتها 65 كيلو مترا من القناة وبها حجم مناسب من القوات، والمنطقة «ب» ويعمل بها قوات حرس الحدود، وهي ذات تسليح خفيف، عبارة عن رشاشات ثقيلة ومتوسطة وأحيانا طائرات هليوكوبتر، ثم المنطقة «ج» وهي المشكلة الرئيسية، لأنها تضم قوات شرطة مدنية تسليحها بندقية نصف آلية من الحرب العالمية الثانية، والفراغ الذي حدث في المنطقة «ج» هو السبب الرئيسي في وجود داعش والتنظيمات الإرهابية في سيناء، والسماح لتلك التنظيمات بتشوين الأسلحة، وعندما اشتد الإرهاب، قامت مصر بإدخال المزيد من القوات إلى هذه المنطقة، بالاتفاق مع أمريكا وإسرائيل، وبالتالي الجيش المصري هو الذي يقاتل الإرهابيين في سيناء، وليس الجيش الإسرائيلي كما يزعم بنيامين نتنياهو، وقد نجح الجيش المصري إلى حد كبير في دحر الإرهاب في سيناء.
هل سبب الإرهاب هو التطرف الديني الإسلامي فقط أم أن هناك أسبابا أخرى؟
طبعا هناك أسباب أخرى كثيرة، منها أن أمريكا هي التي تصنع وتدعم وتمول بعض التنظيمات الإرهابية مثل داعش من أجل تحقيق مصالحها، وعندما تحقق أهدافها تقوم بالتخلص منهم، كما أن التنشئة الخاطئة لبعض الشباب العربي وتصوره بأن العنف سيؤدي إلى إقامة الدول الإسلامية أدى إلى انتشار ظاهرة الإرهاب، كلنا نتمنى أن تكون هناك دولة إسلامية تسود المنطقة وتسود الدول العربية والإسلامية، ولكن بالتراضي، ويمكن أن يتم ذلك من خلال منظمة المؤتمر الإسلامي التي تسعى إلى تنمية الروابط بين الدول العربية والإسلامية.
هل ترى أن الدول الكبرى تستغل ضعف العالم العربي لابتزازه والحصول منه على كل ما تريد؟
الولايات المتحدة لها إستراتيجية ثابتة، قائمة على تأمين إمدادات البترول وأمن إسرائيل، والآن تغيرت هذه الإستراتيجية وأصبحت لتوفير الأمن لإسرائيل فقط، بعد أن أصبح البترول متوفرا لها، كما أن إسرائيل أنشئت لتكون جسما غريبا في المنطقة يفصل المشرق العربي عن المغرب العربي.
هل مؤتمر وارسو الهدف منه تصفية القضية الفلسطينية كما يقول الفلسطينيون؟
الهدف منه كان إيران والفلسطينيين، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد تصفية القضية الفلسطينية بكل الطرق، ورغم أن حل الدولتين فيه تنازل كبير من الدول العربية، إلا أن إسرائيل وأمريكا تريدان المزيد من التنازلات، كما أن العرب يرفضون منح الجنسية للفلسطينيين، لأن ذلك يعني تصفية القضية الفلسطينية، فأمريكا لا تريد عودة اللاجئين، وتريد توطينهم في الدول العربية، لذلك النساء الفلسطينيات الحوامل يذهبن للولادة في أمريكا والدول الأوربية من أجل الحصول على الجنسية.
لكن كيف ترى لقاء نتنياهو ببعض وزراء الخارجية العرب ووصفه هذه اللقاءات بالتاريخية؟
منذ فترة وهناك حديث عن لقاءات سرية بين بعض المسئولين العرب والمسئولين الإسرائيليين، بسبب وجود ضغوط أمريكية كبيرة على بعض الدول العربية، والدول العربية ترضخ لهذه الضغوط في السر وليس في العلن، وهذا أدى إلى تجميد القضية الفلسطينية، والمستفيد الأول من هذا التجميد هي إسرائيل.
بما تفسر لجوء الدول العربية إلى هذه اللقاءات السرية بعد أن رفضت في السابق ما قام به الرئيس الراحل محمد أنور السادات مع إسرائيل بل وقاطعت مصر؟
كما قلت إن سبب هذه اللقاءات السرية، هو وجود ضغوط أمريكية شديدة على الدول العربية، من أجل القبول بما بات يعرف بصفقة القرن، والتي تقوم كما يشاع على مبدأ تبادل الأراضي، ومصر على مدار التاريخ لم تتغير حدودها وحدودها ثابتة، تفقد جزء من حدودها ولكنها سرعان ما تستعيده، وبالتالي من غير الوارد أن يحقق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مراده بتبادل قطعة من أرض سيناء مع إسرائيل، وأنا على ثقة أن الرئيس السيسي لن يفرط في ذرة من رمل سيناء حتى لو كان الثمن الحصول على بديل، وهي صفقة مبهمة وضغوط واتصالات ومحاولات إغراء من أجل القبول بالحلول التي تريدها أمريكا وإسرائيل، وفي اعتقادي أن هذه الصفقة ماتت قبل أن تعلن.
كيف ترى طريقة تعامل ترامب مع العرب وخاصة مع المملكة العربية السعودية؟
ترامب يتعامل مع العالم كله وليس مع العرب فقط بشيء من الخشونة وعدم الدبلوماسية، فهو يتعامل مع العالم بمنطق التاجر، لذلك هو ليس في وفاق مع أي دولة في العالم بسبب تصريحاته الجلفة.
كيف ترد على تصريحات السفيرة الأمريكية السابقة بالقاهرة آن باترسون التى زعمت فيها أن الجيش المصري هو من أطاح بمرسي وهو الذي ربما سيطيح بالرئيس السيسي في المستقبل؟
المعروف أن الشعب المصري هو الذي خرج وطلب من الجيش النزول وإسقاط نظام مرسي، وبالتالي ما قالته غير صحيح على الإطلاق.
زعمت أيضا أن الجيش المصري ليس مؤهلا وعندما بدأت الاضطرابات لم يستطع هزيمة ألف متمرد في سيناء؟
هذا الكلام خاطئ 100%، فالجيش المصري هو الذي هزم إسرائيل، ورأيت بنفسي كيف كنا نطارد الإسرائيليين في سيناء، الجيش المصري مؤهل وقوي ويملك مقدرات سواء بشرية أو تسليحية قوية جدا.
رأيك في تغيير المادة 200 من الدستور الخاصة بوضع القوات المسلحة بحيث تكون القوات المسلحة هي الحامية للدستور ومبادئ الديمقراطية والحفاظ على مدنية الدولة في التعديلات الدستورية المقترحة؟
القوات المسلحة لها مهمتان رئيسيتان، المهمة الرئيسية الأولى هي تأمين أراضي وحدود مصر البرية والجوية والبحرية، المهمة الثانية هي حماية الشعب المصري ومصالحه ومؤسساته الحيوية في الداخل، حينما يكون هناك داعي بسبب عدم قدرة الشرطة المدنية على القيام بهذه المهمة، وهذا ما حدث أكثر من مرة منذ عهد عبد الحليم أبو غزالة عندما دفع بالجيش في عهد السادات بعد ثورة الخبز، وبالتالي هذا الموضوع ليس جديدا.
هل فلسطين ما زالت هي قضية العرب الأولى كما كان يقال دائما أم أصبح هناك قضايا أكثر أهمية تشغل العرب الآن؟
ستظل فلسطين هي قضية العرب، لكن درجة الاهتمام بها يزيد وينقص حسب التهديدات التي تظهر، فإيران الآن تأخذ أهمية ربما أكثر من إسرائيل، لكن تظل إسرائيل هي العدو الأول للشعب المصري والعربي إلى أن يتم حل القضية الفلسطينية بشكل أو بآخر.
هل تحويل إيران إلى العدو الأكبر بالنسبة للعرب بدلا من إسرائيل يفيد القضية الفلسطينية أم يضرها؟
يضر بالقضية الفلسطينية، لأنه يقلل الاهتمام بها في السياسة الخارجية، وأمريكا تضمن التفوق العسكري الإسرائيلي على أكبر دولة عربية وهي مصر، والقضية لن تحل إلى إذا وجد العرب أن التوازن العسكري في صالحهم، والولايات المتحدة تعمل على ألا تتفوق مصر والدول العربية عسكريا على إسرائيل، لأن أمريكا تدرك أن اليوم الذي سوف يتفوق فيه العرب عسكريا على إسرائيل يعني نهاية إسرائيل، حتى روسيا رغم علاقتنا الطيبة بها إلا أنها تضع التوازن العسكري بين إسرائيل والعرب في حساباتها، ولا تريد أن يتفق العرب عسكريا على إسرائيل، فليس من مصلحتها ذلك، حتى تظل مصر والعرب في حاجة إلى روسيا، فالكل يبحث عن مصالحه.
ما سبب فشل مشروع القوة العربية المشتركة التي اقترحتها مصر ؟
هذا المشروع تم طرحه من جانب مصر منذ أربعينيات القرن الماضي تحت مسمى القوة العربية الموحدة، وفي عهد عبد الناصر رحمه الله تم إنشاء قيادة عربية موحدة وهي أعلى صورة للتعاون المشترك بين الدول، ووافق عليها العرب، وتم تعيين قائد لها وهو الفريق على على عامر، لكن هذا المشروع توقف بسبب عدم وجود تمويل.
ما سبب فشل إنشاء قوات عربية موحدة؟
السبب أن العرب غير جادين، أو تمارس عليهم ضغوط لا نعلمها، أو وجود أزمة ثقة بين العرب، بسبب بعض الأحداث التاريخية.
كيف ترى موضوع التحالفات الإقليمية التي تقودها أمريكا وروسيا في المنطقة؟
ترامب يريد أن يقوم العرب بمهمة الحرب في الشرق الأوسط بدلا من أمريكا، من خلال إنشاء الناتو العربي، وفي اعتقادي العرب لن يوافقوا على ذلك نهائي.
الحديث عن المؤامرات التي تحاك ضد العرب لا تتوقف.. فكيف ترى أنت نظرية المؤامرة الخارجية التي أصبحت تعم العالم العربي؟
أمريكا والقوى الكبرى تتعامل مع الدول العربية بنظرية،« فرق تسد»، فهي لا تعطي الفرصة للعرب للاقتراب من بعضهم، وخاصة مصر وسوريا والعراق، لأن هذه الدول لها قوات مسلحة قوية ومؤثرة.
هل تعتقد أن الصراع بين أمريكا وروسيا والصين يمكن أن يؤدي إلى نشوب حرب عالمية ثالثة؟
هذا مستبعد، وفي اعتقادي أن الحرب العالمية الثانية كانت آخر حرب عالمية، لأن شعوب العالم كلها اكتوت بنتائج هذه الحرب، والمجانين هم الذين يفكرون في تكرارها مرة أخرى، لكن ترامب يتصرف بعقلية التاجر، والخطأ الكبير الذي ارتكبه الاتحاد السوفيتي قبل تفكيكه هو أنه وافق على حل حلف وارسو، وبقاء حلف الناتو، الذي أخذ يتمدد على حدود روسيا.
أمريكا تقول إن دعمها لزعيم المعارضة في فنزويلا هو من أجل الديمقراطية.. كيف ترى أنت ذلك؟
نضحك على أنفسنا إذا قلنا إن أمريكا تريد الديمقراطية في فنزويلا، أمريكا تعتبر أمريكا اللاتينية هي الفناء الخلفي لها، وروسيا تريد أن تعود قوة إقليمية كبرى كما كانت وأمريكا ترفض ذلك، لكن في النهاية لن يحدث صدام عسكري بينهما.
كيف ترى حديث البعض عن تدخل الجيش في السياسة والاقتصاد؟
هناك جهاز في القوات المسلحة يسمى «جهاز الخدمة الوطنية»، وهذا الجهاز موجود قبل مجيء الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم، ومنذ عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ولأن في مصر التجنيد إجباري حسب الدستور، واحتياجات القوات المسلحة من المجندين أقل من الموجود، كان لابد من استيعاب هذه الأعداد الزائدة في أنشطة أخرى، وهناك تجربة ناجحة تمت في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وهي إنشاء مديرية التحرير، كما أن الجيش لا يقوم بتنفيذ المشروعات بشكل مباشر، لكنه يقوم بإسنادها إلى شركات مدنية، وهو يكتفي بالإشراف فقط، لما يتميز به من انضباط والالتزام بالتوقيتات والجودة.
هل إسرائيل ما زالت تمثل تهديدا لمصر رغم اتفاقية السلام معها؟
الحرب بين مصر وإسرائيل ستظل ممكنة، لأن هناك قضية لم يتم حلها، وهي القضية الفلسطينية، إذا تم حل القضية الفلسطينية فلن يكون هناك مشكلة مع إسرائيل، وستظل قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى وهي القضية المحورية، ولا سلام كامل في المنطقة إلا بحل القضية الفلسطينية، وحل يوافق عليه الفلسطينيون، عندما كنت أتفقد القتلى المصريين والإسرائيليين على الحدود أثناء حرب أكتوبر، رفضت مصافحة قائد عسكري إسرائيلي، بعد أن مد يده ليصافحني، وقلت كيف أصافح شخصا بيني وبينه دم؟.
هل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ما زال صاحب الضربة الجوية الأولى؟
فترة حكم حسني مبارك فيها مميزات كثيرة، وفيها أيضا نقاط ضعف كثيرة، لاشك أنه هو صاحب الضربة الجوية الأولى، ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، وكان لها دور مؤثر، لكن في اعتقادي وبحكم تخصصي كإستراتيجي في استخدام الأسلحة، أن صاحب الفضل الأول في حرب 1973 هو محمد على فهمي، لأنه هو الذي أتاح الفرصة للقوات الجوية أن تعمل وحمى مصر وحمى مطارات مصر وحمى القوات الجوية أثناء عملها، لكن الصواريخ المضادة للطائرات كان لها الدور الأكبر في حسم المعركة، وبالنسبة لفترة حكم مبارك فقد طالت أكثر من اللازم، لأن الجلوس فترات طويلة في المنصب أو الوظيفة يجعل الشخص يدخل في الروتين ولا يوجد شيء جديد يقدمه، وجلوسه في الحكم 30 عاما محسوبة عليه، وموضوع التوريث محسوب عليه.
كيف ترى مستقبل العالم العربي في ظل ما يحدث في المنطقة من صراعات؟
مستقبل العالم العربي بيديه، لكن يبدو أن العرب لا يريدون أن يبقوا شيئا، وبالتالي سيظلون دائما تابعين ومأمورين.