يُفتتح قبل عام 2023.. مشروع جديد لـ«أردوغان» يهدد قناة السويس
كان البدء في شق «قناة إسطنبول» في تركيا، سببًا فى إثارة كثير من الأسئلة حول تأثير هذه القناة الجديدة على ممر قناة السويس الملاحي، لاسيما أن هذا المشروع من المشروعات الكبرى فى تركيا حاليًا.
في عام 2011، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن حفر قناة جديدة موازية لمضيق البوسفور، تمهيدا لافتتاحها قبل عام 2023، لدخول تركيا في مصاف أقوى 10 دول في العالم، ومن المتوقع أن تدر القناة 8 مليارات دولار سنويا، ويشمل المشروع حفر قناة بطول 45 كيلو مترا، تسمح بمرور 160 سفينة يوميا (58 ألف سفينة سنويا)، بالإضافة لبناء مدينة سكنية تستوعب أكثر من 7 ملايين نسمة، بتكلفة إجمالية تتخطى 40 مليار دولار، حيث تحاول تركيا استثمار موقعها الجغرافي للاستفادة من الطفرة الملاحية المتوقعة في البحر الأسود نتيجة لوقوعه ضمن مشروع طريق الحرير الصيني، عبر إنشاء قناة غرب مضيق البوسفور والاستفادة من عائد مرور السفن، وتقديم خدمات لوجيستية وملاحية للسفن المارة.
واكتملت الدراسات البيئية والاقتصادية لمشروع قناة إسطنبول، كما تم تقليص عرضها من 400 متر لـ 275 مترا، من أجل تقليص التكلفة الإجمالية من 10 مليارات دولار لـ 6.5 مليار دولار.
وبحسب الإحصاءات التركية، فإن 137 سفينة شحن، و27 ناقلة على متنها حمولات تجارية يصل وزنها إلى 150 مليون طنا، ستعبر القناة، فضلا عن إنشاء ثلاث جزر من حفريات قناة إسطنبول الجديدة التي يقدر حجمها بـ2.7 مليار متر مكعب.
ومن المتوقع أن تصل تكاليف إنشاء القناة إلى 65 مليار ليرة تركية (قرابة 17 مليار دولار أمريكي) وسيعمل فيها خلال مرحلة الإنشاء 6000 شخص، وقرابة 1500 في مرحلة التشغيل.
وأطلق "أردوغان" على القناة لقب "مشروعه المجنون"، قائلا: "سواء أرادوها أم لا.. ستحفر قناة إسطنبول".
وبعد افتتاح أردوغان لطريق الحرير الحديدي في عام 2017، والذي يربط الصين ودول بحر قزوين بشرق تركيا، تحاول الصين استكمال المرحلة الثانية من المشروع، ودخلت في مفاوضات مع الحكومة التركية لتمويل إنشاء المرحلة الثانية من مدينة قارص شرق تركيا إلى مدينة أردنه على الحدود مع بلغاريا، والتي ستتقاطع مع مضيق البوسفور وقناة إسطنبول المزمع إنشاؤها، مما سيجعل من تلك المنطقة مركزا لتقاطع خطوط التجارة البحرية والبرية بين الشرق والغرب، وبين الشمال حيث البحر الأسود مع الجنوب حيث البحر المتوسط وإفريقيا.
وفي هذا الإطار أعلن وزير المالية التركي عن خطة الحكومة التركية لإعلان إسطنبول مركز ماليا عالميا قريبا، يقدم خدمات للمستثمرين بأسعار منافسة لمراكز سنغافورة وفرنكفورت ولندن ونيويورك، إلا أنه يتفوق عليهم في توسطه بين قارات العالم القديم.
وفي بداية 2018 كشف وزير النقل والاتصالات والملاحة البحرية، التركي، أحمد أرسلان، عن مسار مشروع "قناة إسطنبول"، الذي أطلقه الرئيس رجب طيب أردوغان عندما شغل منصب رئيس الوزراء.
وصرح أرسلان، أنه وبعد تقييم جميع الدراسات الجيولوجية ومخاطر الزلازل بالتعاون مع الجامعات التركية والخبراء الدوليين تم تحديد المسار البديل الرابع المار من مناطق "كجك شكمجة"، و"صازلي دره"، و"دوروسو".
وأشار إلى أن طول القناة سيبلغ 45 كيلومترا، وسيبدأ مسارها من بحيرة "كوتشوك تشكمجة" في إسطنبول إلى بحر مرمرة، وتستمر شمالا عبر سد "صازلي درة"، ومن ثم تصل للبحر الأسود شرق سد "تيرطوس" في قرية "دوروسو" بمنطقة "تشاتالجا" بإسطنبول.
ولفت أرسلان، إلى أن هذا المشروع يهدف إلى تخفيف الضغط على مضيق البوسفور الذي يربط طبيعيا بين البحر الأسود وبحر مرمرة.
وفي شهر يوليو 2018، أفادت صحيفة "خبر7" التركية عن وجود تغيير في مشروع قناة إسطنبول البحرية، لخفض تكلفتها بمقدار 30 مليار ليرة تركية ( تعادل 6.5 مليار دولار)، وذلك بتخفيض عرض القناة من 400 إلى 275 مترا.
ومن المتوقع أن ينخفض حجم الحفريات أيضا من 1.7 مليار إلى 800 مليون متر مكعب، وبالتالي ستنخفض أيضا تكلفة الجسور ليتم إنشاء 7 بدل من 6 جسور كما كان مقررا في الخطة الأخيرة.
وذكرت الصحيفة أنه سيتم الإشراف على المشروع من خلال مكتب رئاسة مشروع قناة إسطنبول التي سيتم إنشاؤها بالتعاون مع رئاسة الإدارة العامة للإسكان التركية (TOKİ)، وشركة أملاك كونوت، وبلدية إسطنبول الكبرى.
وفي شهر أغسطس 2018 أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن بناء مدينتين صغيرتين على ضفتي قناة إسطنبول البحرية المزمع عقدها على امتداد 45 كيلومترا بموازاة مضيق البوسفور.
وقال أردوغان "شمرنا عن سواعدنا لتنفيذ قناة إسطنبول البحرية بطول 43 كيلو مترا، وسنبني على كل ضفة منها مدينة صغيرة".
وأضاف "قناة إسطنبول ستكون من أكبر المشاريع الاستثمارية في تركيا، ومن خلالها سنبعث برسالة للعالم بأسره، فلا بد أن ننفذ هذا المشروع الاستراتيجي".
وتابع "سننجز حتما هذا المشروع الاستراتيجي الذي سيكون أكبر استثمار لتركيا".
ويري الخبراء فى مشروعى «قناة إسطنبول-طريق الحرير الحديدي» التي يجري تنفيذهما في تركيا حاليا، نقلا للتجارة بين الصين وأوروبا من المحور البحري الجنوبي حيث النفوذ الإماراتي على موانئ عدن وبربرة وعصب في باب المندب، إلى محور الشمال والبحر الأسود حيث تركيا، والذي يزيد من القوة الناعمة لأردوغان ويجعل من إسطنبول مركز عالميا للتجارة، في مقابل خفوت نجم دبي كمركز مالي إقليمي، فضلا عن نهاية انفراد قناة السويس بكونها أقصر طريق لنقل التجارة بين الشرق والغرب.
ويتساءل الخبراء: ترى هل تشتد حرب خطوط الملاحة العالمية بين تركيا من جهة وكل من الإمارات ومصر من جهة، أم ينتهي عهد موانئ دبي وقناة السويس ويبدأ العهد الذهبي لإسطنبول؟
وكشف موقع «المونيتور» الأمريكي أن تركيا تمضي قدمًا في خططها، لبناء قناة تنافس قناتي السويس وبنما، الأمر الذي يهدد دخل قناة السويس.
وألمح الموقع أنه من المخطط أن تقطع القناة، التي يصل عمقها لـ 43 كيلومترًا، الغابات والأراضي الزراعية؛ لتصل البحر الأسود ببحر مرمرة، ويعد المشروع جزءًا من مشروع البنية التحتية بتكلفة 250 بليون دولار؛ من أجل تعزيز النمو الاقتصادي.
وتابع الموقع الأمريكي أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد حدد الآفاق المستقبلية لإسطنبول ذات الـ 8 آلاف عام، بحفر سكك الأنفاق، وتمهيد أنفاق سيارات تربط أوروبا بآسيا تحت مضيق البوسفور، فضلًا عن تشييد مسجد بتكلفة 100 مليون دولار، يتم الآن إنشاء أكبر مطار في العالم بالقرب من فم قناة إسطنبول، فضلًا عن إقامة جسر وطريق سريع، قال عنهما المسئولون إنه تمت إزالة قرابة 400 ألف شجرة، لربط المطار.
عن هذا الموضوع يقول أستاذ في الأكاديمية البحرية رفض الكشف عن اسمه، إن قناة إسطنبول المزمع إنشاؤها لن يكون لها أي تأثير على قناة السويس رغم القرب الجغرافي، مشيرا إلى أن قناة السويس تمر بها البضائع التي تأتي من شمال وجنوب شرق آسيا إلى أوروبا، أما قناة إسطنبول فسيكون تأثيرها محدودا، لأنها ستنقل البضاعة من البحر الأبيض إلى بحر قزوين، وبالتالي مسار قناة إسطنبول مسار واحد، أما قناة السويس فلها عدة مسارات مختلفة، وقناة السويس هي الأساس.
ولفت إلى أن المنطقة الاقتصادية التي يتم إنشاؤها في منطقة شرق قناة السويس ستحول مصر إلى مركز تجارة عالمي بعد تشغيلها، كما أن بورسعيد تعد مركز العالم في التجارة، لكن قناة إسطنبول بعد تشغيلها سيكون أثرها على التجارة العالمية محدودًا، ولن تكون لها الأهمية الكبرى بالنسبة لتجارة العالم مثل قناة السويس، مؤكدا أن الهدف من هذا المشروع هو الضغط على مصر وإرهابها فكريا وتشتيت فكرها في التنمية، لكن مصر لن تتأثر بذلك، بسبب وعي القيادة السياسية، وتأنيها في اتخاذ القرارات، واتخاذها الكثير من القرارات الاستباقية لدرء أي خطر يواجه مصر.