رئيس التحرير
خالد مهران

«قيد عائلى».. حلقات مفقودة «تُشوه» عملًا فنيًا ربما يكون ناجحًا ولكن بشروط

أفيش قيد عائلي
أفيش قيد عائلي


حتى الآن مازالت الفرصة مُتاحةً لمسلسل «قيد عائلي» الذي يُعرض حاليًا على فضائية «dmc» لتحقيق نجاحٍ جماهيري؛ خاصةً مع المجموعة الكبيرة من الفنانين المشاركين في العمل على رأسهم عزت العلايلي وصلاح عبد الله وميرفت أمين وبوسي ومحمد رياض وميرنا وليد وصبري فواز وإيهاب فهمى.


ورغم أنّ الحلقات الـ«15» التى عرضت حتى الآن قد تكون نجحت فى «مسمّرة» المشاهدين، و«تلهفهم» لمتابعة المزيد من أحداث المسلسل؛ إلاّ أنّ هذه الحلقات كشفت عن بعض العوامل أو «السقطات» التى قد «تعرقل» صعود مؤشرات نجاح هذا العمل الدرامى إذا استمرت الأحداث كما هي الآن.


أول هذه العوامل هو أننا لا نعرف حتى الآن ورغم إذاعة أكثر من «15» حلقة تفاصيل القصة التي يعتمد عليها بناء المسلسل، فرغم أنّ مشاهدة الحلقة الأولى وما تلاها، تكشف عن أنّ هناك صراعًا خفيًا أو «تار بايت» بين كامل الخولى (يؤدي دوره عزت العلايلي) وشقيقه فضل (يؤدى دوره صلاح عبد الله) بسبب الأموال والميراث، إلا أنّ الحلقات الـ«15» التى أذيعت لم تمهد حتى لمعرفة هذه الخلافات، وفي كل حلقة كنت أتوقع أن يستعين مؤلفا العمل محمد رجاء وميشيل نبيل بأسلوب «الفلاش باك» لسرد أسرار الخلافات القديمة بين «الشقيقين» على الأموال، ولماذا عاد الاثنان بعد كل هذه السنوات لمحاولة «لم الشمل» عن طريق ارتباط ابن كامل (يؤدى دوره مهند حسنى) بابنة شقيقه فضل (تؤدى دورها كارولين عزمى).


في رأيي أنّ إغفال التركيز على «سرد» وكشف تفاصيل القصة الرئيسية للعمل أجبر المؤلفان على «كثرة» عرض «الحكايات» الأخرى فى المسلسل والتى من المفروض أن تكون خيوطًا تتجمع عند القصة الرئيسية للعمل التى لا نعرف تفاصيلها حتى الآن.. بمعنى أسهل أن الكاتبين استغرقا وقتًا طويلًا فى «التعريف» بشخصيات العمل وحكاياتهم المتداخلة؛ ولاشك أنّ الغموض مطلوب؛ لكن ليس إلى هذه الدرجة التي أضاعت «متعة» العمل.. الحلقات المفقودة فى المسلسل حتى الآن أضعفته جدًا.


أما العامل الثاني الذي أغضبني فهو شخصية «أمانى» وتؤديها الفنانة «سيمون».. وسر الغضب يكمن فى هذا القبول بـ«المذلة» التي تقبلها على نفسها؛ فهى زوجة توفىّ زوجها تاركًا لها ابن وابنة، فترتبط بشقيق زوجها هشام كامل الخولى (يؤدى دوره رامى وحيد)، ثم تقبل أنّ تُصبح «خادمةً» فى بيت «حماتها بوسى» التى يبدو طوال الحلقات أنها «مبسوطة» بهذا الأمر، وما يزيد الطن بِلة أنّ هذا الزواج «على الورق فقط» كما يكشف الحوار على لسان شخصيات المسلسل.


الحقيقة أنّ «سيمون» نجحت فى تقديم هذه الشخصية «المستفزة»؛ فملامح وتقسيمات وجهها عندما تبكي أو تحزن «تجعلك» تتعاطف معها لدرجة أن تشاركها البكاء فى بعض المشاهد خاصة المشهد الذي تتلقى فيه «أمانى» وصلة من العتاب «الفضائحي» و«التوبيخ» على يد «ضرتها سمر» وتؤدي دورها الفنانة ميرهان حسين.. لكن السؤال: هل المجتمع به هذه الشخصية «المغلوبة» على أمرها، «المسكينة» لدرجة «العبط»؟


أما العامل الثالث فتكشفه شخصية المستشار «وجيه»، ويؤديها الفنان محمد رياض؛ فحتى الآن ومن الحلقات التي عُرضت نكتشف أنه قاضٍ شريف يتعرض للاغتيال بـ«تفجير» سيارته، لكنه يرفض «الرشوة» نظير الحكم كما يريدون المتهمون فى إحدى القضايا، ولكن الأحداث التى شاهدناها بعد ذلك تكشف عن أنه وافق على الاستقالة من القضاء، وأخبر زوجته أن القضية التى ينظرها ستكون الأخيرة له فى «محراب العدالة».


الحقيقة أننا بشر وكلنا معرضون للخوف على حياتنا، لكن إذا استقال هذا القاضي في الحلقات المقبلة، ووافق على العمل مستشارًا قانونيًا فى إحدى الشركات الكبرى كما تريد زوجته، فإنّ هذا الطرح سيكون «صادمًا ومتخاذلًا» وغير مقبول رغم منطقيته في بعض الأحيان.


أما العامل الرابع فيدور حول شخصية الدكتور عبد الله كامل الخولى، ويؤديها محمد محمود عبد العزيز؛ فالمُتابع للحلقات التى أُذيعت حتى الآن يُدرك أن «محمد» يمثل بفلوسه فى هذا العمل الذي أنتجته شركة «مجموعة فنون مصر» التى يملكها مع «ريمون مقار».


وبعيدًا عن أنّ هذه الشخصية لا لزوم لها حتى الآن، فإنّ «سوء الأداء» زاد الطين بِلة، فهناك فنانون قد يقنعوك بأدائهم بـ«الشخصية» حتى لو كانت «زائدةً دوديةً» تتطلب عمليةً جراحيةً لإزالتها؛ اتقاءً لشرها.


الحلقات التي شاهدتها حتى الآن تؤكد أنّ الفنان رامى وحيد (هشام كامل الخولى فى المسلسل) غول تمثيل؛ لاسيما براعته فى أدوار «الشر»، هذا الفنان سيكرر يومًا ما تجربة ياسر جلال الذي ظل لفترات طويلة بعيدًا عن أدوار البطولة حتى خرج من الظل بـ«ظل الرئيس» ذلك المسلسل الدرامى الذى حقق نجاحًا كبيرًا، وتبعه بـ«رحيم».


أما ميرفت أمين وبوسي فهما «فاكهة العمل»؛ مباراة في الإمتاع والتمثيل، ونفس الأمر ينطبق على صلاح عبد الله وعزت العلايلي، وكأنّ هذا «الرباعي» «وتد» هذا المسلسل الذي نتمنى اعتدال «بوصلته» خلال بقية حلقاته.


يُحسب للعمل حتى الآن وجود شخصيتين يبدو أن لهما قصصًا «شائكة»؛ مثل شخصية الدكتورة هالة فضل الخولى (تؤديها الفنانة دينا)، فهي «تفبرك» وقائع للتحرش الجنسى بها؛ لجذب وسائل الإعلام لها حتى تصبح واقعة التحرش بها «ترند» فى البرامج والصحف والمواقع الإخبارية.


أما الشخصية الثانية فهى جميلة فضل الخولى (تؤديها دينا فؤاد) والتى لا تتحمل رؤية «زوج وزوجة» على علاقة طيبة؛ فتبدأ فى نسج «الحيل والألاعيب» حتى تصطاد هذا الزوج، وتوقعه فى «غرامها» ثم تتركه فيما بعد، وكأنّ كل ما تريده هو إفساد «العلاقات الزوجية».


هذه الشخصية «ثرية» جدًا تتطلب «الفرد» لها فى المشاهد؛ لكشف ماهية الصراعات أو الأمراض النفسية التي تعانى منها، وما «الهزات النفسية» أو الوقائع التى ساقتها للسير فى هذه السلوكيات المرفوضة وغير المقبولة دينيًا، «التعمق» فى رسم هذه الشخصية قد يكون سببًا في نجاح هذا العمل أكثر.


ما أتمناه ألاّ يُكرر هذا العمل الفنى ما شاهدناه في مسلسل «الحساب يجمع» من بطولة الفنانة الكبيرة «يسرا»، بدأ المسلسل قويًا وجاذبًا، ولكن مع الوقت ضعفت حلقاته، وضاعت قصته الأساسية «الباهتة» فى زحام الشخصيات، وهو عمل درامي من تأليف محمد رجاء المشارك أيضًا فى كتابة «قيد عائلي» بجانب ميشيل نبيل.


ما نحتاج أن نراه فى الحلقات المقبلة من «قيد عائلي» هو التركيز على قصة الخلافات والصراعات الحقيقية فى العمل، والتى يتحدث عنها أبطاله دون أن نراها حتى الآن.. ما نحتاجه في بقية الحلقات هو «تجميع» للخيوط المبعثرة فى المسلسل فى يد «كاتبي» العمل حتى يسير بوتيرة نجاحٍ ثابتة، وأرض صلبة.


«قيد عائلي» به عوامل قد تقوده للنجاح، ولكن «الحساب يجمع» بعد إذاعة ومشاهدة بقية الحلقات.