«إصلاح سياسي» أم خطة جديدة لـ«التصفية».. ماذا وراء مبادرة ياسر رزق لـ«دمج الأحزاب»؟
في أبريل 2018، تحدّث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن ضرورة التعاون بين رؤساء الأحزاب السياسية، وإجراء مفاوضات بينهم؛ حتى يحدث تقارب بين هذه الكيانات، سواء عن طريق «الدمج» أو التحالف السياسي حول القضايا المختلفة، والمعارك الانتخابية.
وبعد هذا الحديث، انطلقت تصريحات قيادات الأحزاب السياسية عن مشاورات الدمج، وتكوين «3» أحزاب كبرى لم يتم الإفصاح عنها، ولكن كل هذه الأحاديث تراجعت، واختفت نهائيًا بعد ذلك، وبقيت الأحزاب تعمل منفردةً، رغم أنّ فكرة «الدمج» تجد تأييدًا من بعض رموز الأحزاب الكبرى مثل المستشار بهاء الدين أبو شقة، رئيس حزب «الوفد»، وكذلك أعضاء فى مجلس النواب.
نرشح لك: عملية صناعة «أخطبوط سياسي» جديد على طريقة حزب «مستقبل وطن»
تجدد الحديث عن «دمج الأحزاب» مرة ثانية بعد مقال ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم»، الذى دعا فيه «إلى إجراء حوار بين الأحزاب خاصة الوفد ومستقبل وطن لتنفيذ مبادرة تستهدف دمج المتشابه منها في البرامج والأفكار والتوجه السياسي».
وأكد «رزق» في مقاله الجديد المنشور بـ«أخبار اليوم» أنّ هذه المبادرة الهدف منها «تشكيل كتل سياسية تعبر عن اليمين واليسار والوسط، قادرة على الفرز وانتقاء العناصر ذات الكفاءة وتأهيل الكوادر القيادية لخوض الانتخابات بدءًا من المحليات وحتى رئاسة الجمهورية».
واستكمل: «أتصور أن يدعو الرئيس السيسي في صيف هذا العام بعد انتهاء شهر رمضان والدورة البرلمانية إلى حوار شامل جامع تحت مظلة رئاسة الجمهورية ورعايته شخصيا، بين الأحزاب الشرعية، بغية الوصول إلى نتائج عملية، وتشكيل تحالفات أو كتل أو أحزاب قوية مندمجة من التيار السياسي الواحد، وهذه بلا شك الخطوة الأهم على طريق الإصلاح السياسي المنشود».
وتكتسب المبادرة الجديدة لـ«دمج الأحزاب» أهمية كبيرة؛ لاسيما أنّ كثيرين يرون كتابات ياسر رزق السياسية «تسريباتٍ» من دوائر صنع القرار، أو «بالونات اختبار» تمهد لإجراءات معينة؛ لاسيما مع العلاقات المتشعبة لرئيس مجلس إدارة «أخبار اليوم» بالسلطة، وقربه من الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ أن كان «رزق» محررًا عسكريًا، لدرجة أن البعض يلقبونه بـ«صحفى الرئيس».
من ناحيته، قال الدكتور ياسر الهضيبي، المتحدث باسم حزب «الوفد»، إنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي سبق الكاتب الصحفى ياسر رزق في ما يخص المبادرة لـ«دمج الأحزاب المتشابهة» بدلًا من وجود «106» أحزاب متفرقة.
وأضاف «الهضيبي» فى تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنّ «الوفد» باعتباره حزبًا عريقًا، دعا كل الأحزاب للتشاور، وعقدنا اجتماعات فى «بيت الأمة» للتنسيق أو التحالف أو اندماج الأحزاب المتشابهة، مع الأخذ فى الاعتبار أنّ حزبنا لا يندمج مع آخر؛ فعلى مدار السنوات، نشأت أحزاب، واختفت أخرى، وبقىّ «الوفد».
وأكد المتحدث باسم «الوفد»، أنّ أحزاب «الأوضة والصالة» والأخرى «الأسرية» رفضت الاندماج فى ما بينها، لافتًا إلى أنّ هذا الأمر يكشف عن «حب الذات» أكثر منه «حب الوطن»، كاشفًا عن أن الاهتمام بمبادرة «رزق» الجديدة، السبب فيه أنّ الناس تشعر دائمًا أنه (أى رزق) قريب من دوائر صنع القرار؛ بدليل أنه هو أيضًا الذى تحدث عن التعديلات الدستورية التى أُجريت بالفعل.
وتابع: «بالطبع نحن مع مبادرة ياسر رزق لدمج الأحزاب المتشابهة، وهي شيء جيد»، كاشفًا عن أنّ السر وراء طرح هذه المبادرة الآن يتعلق بالانتهاء من التعديلات الدستورية، والاستفتاء عليها، متوقعًا أنّ يكون للرئيس عبد الفتاح السيسي خطاب قريب فى هذا الشأن.
ويرى الدكتور عمرو الشوبكى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنّ الوضع الطبيعى فى ما يخص الأحزاب السياسية أن يكون لدينا «5» أو «6» أحزاب قوية، وأنّه من الأفضل أن تحدث اندمات بين الأحزاب التى لها أيدلوجية واحدة مثل الكيانات «الليبرالية» أو «الناصرية»، لافتًا إلى أنّه يوجد لدينا «4» أو «5» مدارس فى الأحزاب وسياساتها.
وأضاف «الشوبكي» لـ«النبأ»، أن أحزاب «الغرف المغلقة» التى لا وجود لها فى الشارع، فلابدّ من وجود قانون لها بحيث أنّ الحزب الذى لا يحصل على 1 % من أصوات الناخبين، لابد أن يُحل؛ لأنه فى هذه الحالة يكون الحزب مجرد «يافطة» على مقر، ويمارس نشاطًا غير السياسة.
وعن المبادرة الجديدة التي طرحها ياسر رزق، لاندماج الأحزاب «المتشابهة»، أكدّ «الشوبكى» أنها مبادرة جيدة وصحيحة، بشرط أن تترك الحرية للأحزاب من الداخل لمناقشة أمر الاندماج؛ حتى لا يبدو الأمر كأنه مفروض عليها، فضلًا عن وجود مشاورات في هذا السياق.
وطالب الخبير فى مركز «الأهرام» بضرورة ترك الحرية للأحزاب السياسية لممارسة العمل فى الشارع.