حبيب السكاكيني.. صاحب حل أزمة «أسراب الفئران» فى قناة السويس
حدثت كارثة أثناء حفر قناة السويس كادت توقف ذلك العمل الضخم، فقد استفحل خطر الفئران، واستوحشت أسرابها، فأفسدت الآلات والمعدات؛ بل والتهمت طعام نحو 20 ألف عامل، ولما فشلت كل الطرق والمبيدات في القضاء على تلك المعضلة، اضطر «فرديناند ديلسبس» أن يوقف العمل بحفر قناة السويس ليبحث عن حل لتلك الكارثة.
فذهب أحد الشوام وهو حبيب السكاكيني إلى «ديلسبس» ليقدم له حلا لتلك المشكلة، وهي قطط جائعة، فلاقى اقتراح السكاكيني قبولا شديدا، وتم شراء واصطياد أعداد غفيرة من القطط جُمعت في أجولة لتنقل في قوافل علي ظهور الجمال لأرض القنال، وتم تجويع القطط فترة من الوقت بعدها أطلقوها على أماكن تجمع الفئران، فانتشرت تمحو أسراب الفئران وتلتهمها وتمحوها، ولم تمض أيام حتى اختفت أسراب الفئران تماما، وتم الانتهاء من أمرهم.
قرر «ديليسبس» مكافأة حبيب السكاكيني بمنحه وظيفة رئيس ورش تجفيف عموم البرك والمستنقعات في مصر، وكانت بالقاهرة وقتها عدة برك مثل بركة الأزبكية، وبركة الفيل، وبركة الرطلي، والبركة الناصرية، وبركة الفوالة، وبركة قرموط، وبركة الشُقاف، وبركة قمر، فقد كانت المياه تصل إلي هذه البرك إما من الخليج الناصري أو من خليج أمير المؤمنين بقنوات وأنفاق تحت الأرض، وقد كان الهدف منها توفير المياه للري والاستخدام البشري، وعلى الرغم من المنافع العديدة لتلك البرك في معظم أيام السنة، إلا أنه عند انحسار المياه عنها بعد الفيضان فتتحول الى مياه راكدة مكونة مستنقعات ذات رائحة كريهة تزكم الأنوف وبيئة خصبة لانتشار وتكاثر البعوض.
ما أن تولى حبيب باشا منصبه حتى شمر عن ساعد الجد والهمة وقام بالبدء في الردم، طموحه يدفعه وقد وضع نصب عينه فرمان الباب العالى الذى ينص على «أنه يجوز إعطاء البرك والمستنقعات المملوكة للدولة إلى من يتعهد بردمها»، وعليه فقد قام حبيب السكاكينى بردم بركة الشيخ قمر، وحمل الشارع الواصل بين ميدان الظاهر بيبرس إلى الشارع المؤدي إلى غمرة اسم «السكاكيني» الذي يتوسطه ميدان السكاكيني، الذي يتوسطه قصر السكاكيني والذي بنىّ فيما بعد على الطراز الإيطالى عام 1897.