تفاصيل تحول مصر لـ "قوة إقليمية" في سوق الطاقة العالمي
منذ نهاية العام الماضي، وبدأت مصر في اتخاذ خطوات كبيرة نحو تحويل نفسها كقوة إقليمية في مجال سوق الطاقة العالمية، وذلك بعد تحقيقها الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي. وكانت مصر توقفت عن استيراد الغاز الطبيعي منذ نهاية سبتمبر الماضي.
وأطلقت مصر مبادرة لتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، في سبتمبر الماضي، بهدف "تعميق التفاهم والوعي المتبادل بالتحديات والمصالح المشتركة في مجال الطاقة بين دول شرق المتوسط، والتزام الوزراء المشاركين بالعمل على تمهيد الطريق للتعاون المثمر في المجالين التقني والاقتصادي، بهدف الاستغلال الكفء لإمكانات الغاز فى المنطقة، حيث إن المنتدى يعمل على بدء حوار منهجي لتنمية سوق إقليمية مستدامة للغاز، وسيساهم في تعظيم الاستفادة من موارد الغاز في المنطقة".
وتسعى الدول المشاركة في المنتدى إلى تأسيس منظمة دولية تحترم حقوق الأعضاء بشأن مواردها الطبيعية بما يتفق ومبادئ القانون الدولي، وتدعم جهودهم فى الاستفادة من احتياطاتهم واستخدام البنية التحتية وبناء بنية جديدة وذلك بهدف تأمين احتياجاتهم من الطاقة لصالح رفاهية شعوبهم.
وبحسب وزارة البترول، فإن المنتدى يهدف للعمل على إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد على الوجه الأمثل وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية، وتعزيز التعاون من خلال خلق حوار منهجى منظم وصياغة سياسات إقليمية مشتركة بشأن الغاز الطبيعي بما فى ذلك سياسات الغاز الإقليمية.
ويعمل المنتدى على مساعدة الدول المستهلكة فى تأمين احتياجاتها وإتاحة مشاركتها مع دول العبور فى وضع سياسات الغاز فى المنطقة، ما يتيح إقامة شراكة مستدامة بين الأطراف الفاعلة فى جميع مراحل صناعة الغاز، وضمان الاستدامة ومراعاة الاعتبارات البيئية فى اكتشافات الغاز وإنتاجه ونقله وفى بناء البنية الأساسية، بالإضافة إلى الارتقاء بالتكامل فى مجال الغاز ومع مصادر الطاقة الأخرى، خاصة الطاقة المتجددة وشبكات الكهرباء.
وتنظر مصر إلى التعاون بين دول شرق المتوسط فى استثمار مواردها من الغاز باعتباره يسهم فى تحقيق الرفاهية لشعوبها، حيث إن الغاز الطبيعى فى شرق المتوسط هو عامل رئيسى فى تحقيق الازدهار الاقتصادى ونشر السلام والاستقرار بالمنطقة ودولها.
ويعتبر انعقاد منتدى غاز شرق المتوسط، فى نسخته الأولى فى القاهرة قبل أشهر، دليلاً على امتلاك مصر كمية كبيرة من احتياطى الغاز، وبنية تحتية تستطيع من خلالها تداول الغاز لجميع الدول المجاورة لها، وأنها خطوة لتأكيد دور مصر ومحوريتها كمركز إقليمى لتداول وتجارة الغاز والبترول، ويأتى المنتدى بمشاركة 7 دول هى: مصر وقبرص واليونان وإيطاليا والأردن وفلسطين وإسرائيل.
ويسعى المنتدى لإقامة شراكة مع الاتحاد الأوروبي فى مجال الطاقة بما يحقق مصالح كافة الدول المشاركة فى هذا التجمع، من خلال الاستغلال الاقتصادي الأمثل لما تضمه منطقة شرق المتوسط من اكتشافات للغاز واحتياطيات كبيرة وبنية تحتية متميزة لتجارة وتداول الغاز وتصديره، كما أن هذا التعاون يعد نقطة تحول للاتحاد الأوروبى فى تقليل الاعتماد على الغاز الروسي والتوجه نحو استيراد الغاز من دول غرب المتوسط، وتعد فكرة المنتدى مبادرة مصرية مشتركة مع كل من قبرص واليونان في إطار آلية التعاون الثلاثي بين الدول الثلاث خلال قمة كريت فى أكتوبر الماضى، التى اتفق فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى مع كل من رئيسي قبرص واليونان على فكرة تأسيس المنتدى، الذى أعقبه دعوة مصر لاجتماع وزاري موسع بالقاهرة لدول شرق المتوسط للبدء فعلياً فى العمل على إقامة المنتدى.
وترى وزارة البترول أن مصر أصبح لديها اكتفاء ذاتى من الغاز الطبيعى، من خلال الإسراع فى تنفيذ مشروعات تنمية حقول الغاز والتنقيب عنها، وتكثيف عمليات الاستكشاف، وكذلك طرح وتسويق عدد من المزايدات العالمية وفتح مزايدات على مناطق للتنقيب فى البحر الأحمر لأول مرة، حيث إن مصر أوقفت استيراد الغاز الطبيعى المسال منذ سبتمبر الماضى، ويأتى ذلك من خلال الاكتشافات الحديثة، التى تمت فى مصر ومنها حقل ظهر، الذى يعتبر من أكبر الحقول المصرية من حيث إنتاج الغاز، كما تم اكتشاف حقل غاز جديد من قبل شركة «بتروبل» بمنطقة امتياز القرعة بدلتا النيل، الذى يجرى حالياً العمل على وضعه على الإنتاج بمعدلات تصل إلى 20 مليون قدم مكعب غاز يومياً.
الوزارة، أوضحت فى بيان سابق، أن دخول حقول غاز جديدة للعمل واكتشاف أخرى والتطويرات التى تتم فى الحقول القديمة لزيادة إنتاجها من الغاز ساهمت بشكل كبير فى تحقيق فائض فى إنتاج الغاز الطبيعى وإيقاف استيراد الدولة للغاز، وبدء العمل على تشغيل وتحسين كفاءة مصانع تكرير البترول، حيث إن تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز يسهم فى توفير إمدادات الغاز لكل القطاعات الاقتصادية المستهلكة، سواء الكهرباء أو الصناعة أو المنازل وغيرها من القطاعات.
كما تسعى الحكومة فى الوقت الحالي إلى إحلال الغاز على قدر الإمكان بدلاً من الوقود، وهو ما حدث فى الآونة الأخيرة من العمل على تحويل السيارات للعمل بالغاز بدلاً من البنزين، وبدء تحويل سيارات النقل العام للعمل بالغاز، لتقليل نسبة استهلاكه وتوفير الأموال، التى يتم بها استيراد الوقود، وجعل مصر من الدول المصدرة للغاز وتحقيق فائض فى كميات إنتاجه، وأعلنت وزارة البترول سعيها إلى جذب الاستثمار فى مجال التنقيب عن الغاز الطبيعى للشركات الأجنبية للاستفادة من خبرتها فى مجال التنقيب، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة التى تتعامل بها، وتسهيل الإجراءات والأوراق المطلوبة وكذلك توفير أماكن جديدة، وإجراء مزايدات على مناطق جديدة، كما تسعى الدولة لخفض نسب مستحقات الشركات الأجنبية كنوع من الدعم، لإكمال مسيرة البحث والتنقيب وزيادة الحماس للتوسع فى تطوير وتوسع الحقول المقامة فى الوقت السابق.