رئيس التحرير
خالد مهران

السيناريوهات المتوقعة لـ«الدولار» وتأثيرها على أسعار السلع فى 2020

الدولار - أرشيفية
الدولار - أرشيفية


مرت مصر خلال الثلاث سنوات الماضية بظروف اقتصادية صعبة، أثرت على جميع الأسواق في الدولة، ودفع ضريبتها المواطن البسيط من غلاء في الأسعار، وركود في الأسواق، وضعف في القوة الشرائية.

وعن الحالة الاقتصادية في مصر مع انتهاء عام 2019، قال مدحت الشريف، عضو لجنة الشئون الاقتصادية في مجلس النواب، إن خطة الدولة للإصلاح الاقتصادي تعتمد على «3» محاور؛ المحور الأول والثاني: الإصلاح المالي والنقدي، والمحور الثالث: إعادة الهيكلة الاقتصادية.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الحكومة استطاعت تحقيق المحور الأول والثاني، خاصة مع وجود استقرار فى الوضع الاقتصادي وسعر العملة، لذلك مؤسسات الدولة حافظت على التصنيف الائتماني لمصر.

وأشار «الشريف» إلى أن المحور الثالث لم يكتمل بعد، وأن الحكومة تخطو فيه خطوات محدودة في هذا الاتجاه لا تتناسب مع المستهدف في برنامج الإصلاح الاقتصادي بشكل عام.

وتابع: «الهيكلة الاقتصادية تعني دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وتحول الاقتصاد غير الرسمي إلى اقتصاد رسمي، هو أمر نفتقده على مدار 10 سنوات الماضية».

وأوضح أن مصر أيضًا في حاجة إلى جذب حقيقي للاستثمار، لافتا إلى أن الإجراءات التي تقوم بها وزارة الاستثمار هامشية وإعلامية فقط، وليس لترويج وجذب استثمارات حقيقة على أرض الواقع.

وأكد عضو لجنة الشئون الاقتصادية بـ«مجلس النواب»، ضرورة إنهاء النزاعات بين الوزارات وبعض، عن طريق دمج عدد من الوزارات بشكل مباشر خلال الفترة المقبلة، لتيسير تنفيذ برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي.

ولكن في 2020، يتوقع الخبراء والتجار، استقرار وانخفاض الأسعار على جميع المستويات والأسواق، بالإضافة إلى وجود تحسن في الوضع الاقتصادي بشكل عام من حيث التضخم والاستثمار ومعدلات النمو.

ومن ناحيتها، ترصد جريدة «النبأ» في السطور التالية التغييرات والسيناريوهات المتوقعة في أهم «7» أسواق في 2020.

1- الدولار والجنيه

وفي هذا السياق، توقع بنك الاستثمار بلتون في مذكرة بحثية ألا يواجه الجنيه أي ضغوط مقابل الدولار في العام المقبل، وأن يتراوح سعر الدولار عند 16 جنيهًا.

وقالت المذكرة البحثية، إن تضافر الجهود الحكومية لتقليل الضغوط على العملة المحلية، يجعل التذبذب محدودًا في نطاق 16 جنيهًا مقابل الدولار.

"لا نتوقع أن يواجه الجنيه أي ضغوط، وأن يستمر على هذا النحو خلال عام 2020، مع تذبذب محدود في نطاق 16 جنيها مقابل الدولار" بحسب ما قاله بلتون.

ومنذ بداية العام، انخفض سعر الدولار أمام الجنيه بنحو 1.78 جنيه، وتراوح متوسط بيع الدولار فى أحد أيام الأسبوع الماضي 16.17 جنيه، وفقا لبيانات البنك المركزي.

ويتوقع «بلتون» وصول الدولار إلى 16 جنيهًا، مشيرًا إلى أن الدولار سيواصل تراجعه أمام الجنيه خلال الفترة المقبلة.

وقالت المذكرة البحثية لبلتون "نرى نطاق 16 – 15.9 جنيه مقابل الدولار حدا أقصى لتحرك سعر الجنيه في الاتجاه الصاعد".

وأشارت المذكرة البحثية، إلى أن السياسات الحكومية للحفاظ على قوة الجنيه مقابل الدولار، موجهة للتحقق دون أي نوع من أنواع التدخل في السوق، لكن من خلال جهود دعم تدفق الإيرادات بالدولار وتحجيم نمو فاتورة الواردات في حين تحسن استثمارات القطاع الخاص مع تحسين معدلات الطلب.

ويرى بنك الاستثمار أن هناك عدة عوامل لاستقرار الجنيه أمام الدولار، تتضمن توقعات نمو معدلات الإنفاق الخاص تدريجيًا والتعافي المعتدل لمعدلات إقراض الإنفاق الرأسمالي فضلًا عن تحسن الميزان النفطي خلال عام 2020.

وأشار إلى أن الإقبال الإيجابي على الاستثمار وثقة المستهلك مع هذه القوة لسعر الجنيه من شأنهما تقليل الإقبال على شراء الدولار، ما يدعم استمرار هذا الاتجاه للمؤشرات الرئيسية لأمد أطول.

وجاءت مذكرة «بلتون» تعليقًا على إعلان الحكومة، مبادرات لدعم القطاع الصناعي، تتمثل في توفير 100 مليار جنيه قروضًا بفائدة 10% متناقصة، بالإضافة لمبادرة بقيمة 31 مليار جنيه لدعم المصانع المتعثرة.

وقال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن قيمة أي عملة هي انعكاس لمستوى الاقتصاد القومي، متابعًا: «إذا نظرنا إلى الاقتصاد المصري، سنجده في تحسن مستمر».

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أن التحسن الاقتصادي الذي تشهده البلاد سيؤثر بشكل مباشر وإيجابي في سعر الجنيه، متوقعًا مزيدًا من الانخفاض في سعر الدولار خلال عام 2020.

وأشار «فهمي» إلى أن الدولار من المتوقع أن يكسر حاجز الـ16 جنيهًا خلال عام 2020، متخذًا منحنى الانخفاض، لافتًا إلى أن الإصلاح الاقتصادي له دور كبير في انخفاض سعر الدولار خلال الفترة الماضية.

وأكد أستاذ الاقتصاد أن استمرار انخفاض الدولار في البنوك المصرية يتوقف على عدد عوامل أهمها، استقرار الوضع السياسي والاقتصادي في المنطقة والعالم.

2- الذهب

انتشرت خلال الفترة الماضية، توقعات بارتفاع أسعار الذهب في العالم ليصل سعر الأوقية إلى 1600 دولار للأوقية (الأونصة) في 2020،؛ نتيجة الطلب على المعدن الأصفر كأداة استثمار سيلقى دعما من مخاوف الركود والضبابية السياسية.

وكان الذهب ارتفع نحو 14% منذ بداية 2019 متجها لتسجيل أكبر مكسب سنوي منذ 2010، وانخفض بنسبة 6% خلال شهر سبتمبر الماضي.

وقال نادي نجيب، سكرتير عام شعبة الذهب بغرفة القاهرة التجارية، إن الأسعار حاليًا مستقرة عالميًا لدى 1464 دولارًا للوقية، لافتًا إلى أن عيار 21 يسجل في مصر 659 جنيهًا.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الفترة المقبلة ومع بداية عام 2020 سترتفع أسعار الذهب في مصر، مرجعًا السبب إلى اقتراب أعياد «الكريسماس»، وأعياد رأس السنة.

وأشار «نجيب»، إلى أن السوق ستشهد رواجًا خلال الفترة المقبلة، متوقعًا ارتفاع أسعار الذهب بقيمة تتراوح بين 6 إلى 10 جنيهات لعيار 21.

3- الاستثمار وأسعار الفائدة والتضخم

مع تحسن وضع الاقتصاد المصري خلال عام 2019 من ارتفاع الاحتياطي النقدي وانخفاض سعر الدولار في البنوك، تزداد التوقعات حول زيادة حجم الاستثمار وانخفاض أسعار الفائدة وتراجع معدلات التضخم العام المقبل.

وفي هذا السياق، توقع الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر، انخفاض أسعار الفائدة لـ10% أو أقل خلال الربع الأول من عام 2020، مع تراجع معدلات التضخم إلى 9%.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه من المتوقع أن نحقق ناتجًا محليًا بإجمالي يتخطى «6» تريليونات جنيه، بالإضافة إلى وصول معدلات النمو إلى 5.9%.

وأشار «الإدريسي» إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة ستزيد خلال الفترة المقبلة مع تحسن مناخ الاستثمار في مصر، متوقعًا أن نصل إلى 8 مليارات دولار استثمارات أجنبية مباشرة العام المقبل.

4- الحديد والأسمنت

يعد سوق الحديد والأسمنت من الأسواق التي شهدت تغيرات جذرية على مر السنوات الماضية، ليرتفع أكثر من 50% بعد قرار تعويم الجنيه ورفع الدعم عن الوقود والكهرباء.

وحول الأسعار خلال 2020، قال عيد الشريف، عضو شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن الأسواق تشهد حالة من الركود خلال الفترة الحالية، تمنع مصانع الحديد والأسمنت من رفع أسعارها.

وتوقع في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، استمرار حالة الركود خلال عام 2020، ما يجبر مصانع الأسمنت والحديد على تثبيت أسعارها مع بداية العام الجديد.

وأضاف «الشريف»، أن أسعار الحديد تتأثر بارتفاع أسعار البليت المادة الخامة الأساسية في صناعته، والبنزين، قائلًا: «الحكومة تُسعر البنزين كل 3 أشهر ما سيؤثر على أسعار الحديد بالانخفاض بعد توقعات تراجع الأسعار عالميًا».

5- العقارات

وتوقعت بحوث فاروس، استمرار تراجع مبيعات العقارات في مصر خلال 2020، وأضافت فاروس في مذكرة بحثية، أنه من المتوقع أن تكون مبيعات العام المقبل أقل من مستهدف مطوري العقارات بالعام الجاري.

 

وأبقت فاروس افتراضاتها للأسعار والتكاليف دون تغيير مع زيادة بنحو 5 بالمائة في أسعار البيع و10 بالمائة في تكاليف العام المقبل.

وقالت فاروس إن عام 2019 كان هادئًا وسط عمليات إطلاق محدودة للمشاريع لافتة، إلى أنه لم يتم تجديد الأراضي خلال العام الجاري تقريبًا على عكس السنوات السابقة التي كانت مليئة بإطلاق المشاريع وعمليات الاستحواذ على الأراضي.

وأرجعت فاروس هدوء القطاع إلى ارتفاع أسعار البيع بما يتراوح بين 10-15 بالمائة مقارنة بزيادة بين 30 إلى 40 بالمائة خلال السنوات التي سبقت 2018.

وأشارت المذكرة أيضًا إلى عدم وجود تمديد في جداول الأقساط، وإطلاق محدود للمشاريع، فضلًا عن تجديد موارد الأراضي المتواضعة.

فيما قال المهندس عبد المجيد جادو، خبير التقييم العقاري، إن الحكومة المصرية تسعى خلال الفترة الحالية لتنشيط السوق، وتقديم قروض بفائدة بسيط لتحريك حركة البيع والشراء. 

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن انخفاض أسعار الحديد والأسمنت وخروج قانون المطورين العقاريين والبناء الموحد سيساهم بشكل كبير في خفض الأسعار ونمو القطاع العقاري وتنوعه في 2020.

وأكد «جادو» أن هناك مشكلة كبيرة تواجه السوق العقارية خلال الفترة الحالية، وهي «غلاء الأرض» حيث أنها تمثل 50% من سعر العقار نفسه، مطالبًا بوضع قوانين وتشريعات لأخذ أرضي حق انتفاع، وهو الأمر الذي يساهم في خفض الأسعار.

6- السيارات

ينتظر المستهلك المصري، مزيدًا من انخفاض في أسعار السيارات خلال عام 2020، مع بدء تطبيق وزارة المالية ممثلة في مصلحة الجمارك مطلع يناير 2020، الشريحة الأخيرة من التخفيضات الجمركية على الواردات التركية من السيارات وأجزائها، ذلك إعمالًا لاتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركيا.

وأكد محمد شتا، المتحدث الإعلامى باسم حملة «خليها تصدي» تراجع أسعار 5 أنواع سيارات فى مطلع العام الجديد، موضحا أن هذا التراجع قد يطول جميع أنواع السيارات.

وقال إن هذا التراجع فى الأسعار بسبب ضغط الحملة وكذلك تراجع سعر الدولار الأمريكى أمام الجنيه المصرى، لافتا إلى أن هامش الربح يصل الى 40 % فى كثير من أنواع السيارات.

وأوضح «شتا»، أن تخفيض السعر لا يعنى أن التاجر يخسر فهناك تراجع حقيقى فى أسعار السيارات خاصة فى موديلات 2019 بما يعادل نسبة 20 %، وهذا التراجع سيزيد العام المقبل.

وبدوره، قال اللواء حسين مصطفى، المدير السابق لـ«رابطة صناع السيارات»، إن الأسعار خلال عام 2019 شهدت انخفاضًا ملحوظًا بسبب تراجع سعر الدولار في البنوك.

وتوقع في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، انخفاض أسعار بعض الموديلات؛ نتيجة تطبيق اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركيا، ما يساهم في تنشيط حركة البيع والشراء في الأسواق.

وأضاف «مصطفى» أن حركة الشراء ستنشط مع نهاية العام الجاري، وستستمر حتى الربع الأول من 2020، لافتًا إلى أن مبيعات سوق السيارات ستنشط خلال تلك الفترة.

وأكد المدير السابق لـ«رابطة صناع السيارات»، أنه مع بداية العام الجديد تقدم بعض الشركات تخفيضات على السيارات، ما سيدفع المستهلك للتفكير في الشراء مرة أخرى.

7- السلع الغذائية

تشهد الفترة الحالية تراجعًا كبيرًا في أسعار المواد الغذائية؛ نتيجة تراجع أسعار البنزين والدولار في البنوك، ما يزيد توقعات استمرار انخفاض الأسعار خلال عام 2020.

وفي هذا السياق، قال هشام الدجوي، عضو شعبة المواد الغذائية بـ«غرفة الجيزة التجارية»، إنّ جميع أسعار المواد الغذائية ستنخفض مع بداية عام 2020 بنسبة تصل إلى 20%.

وأرجع في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، سبب هذا التراجع إلى انخفاض سعر الدولار في البنوك، بالإضافة إلى توقعات انخفاض أسعار البنزين خلال الأيام القليلة المقبلة.

وأكد «الدجوي» أن الوضع الاقتصادي المصري يشهد تحسنًا على جميع المستويات، ما ينعكس بشكلٍ إيجابي على الأسعار والقوة الشرائية للمستهلك، وسينعش الأسواق مع بداية العام الجديد.