وباء أخطر من كورونا في سنترال المرج
بالرغم من تعدد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا، إلا أن تلك الإجراءات لم تنجح في الحد من انتشار الفيروس القاتل عند المستوى المطلوب؛ ربما لأنها تهدف في مجملها إلى منع التكدس في الشوارع والميادين والمولات التجارية خلال الفترة المسائية، وكأن التعامل مع «كورونا» على أنه «عفريت» يظهر في الليل ويختفي في النهار.
الكارثة الحقيقية ياسادة في التكدسات والتجمعات البشرية التي نراها في عدد كبير من المصالح الحكومية خاصة الخدمية، كالمشاهد التي تتكرر يوميًا في مكاتب البريد وسنترالات الاتصالات.
واقعة مأسوية حدثت الثلاثاء 24 مارس 2020 في سنترال المرج، استمرت نحو 10 ساعات متواصلة من الساعة الثامن صباحًا حتى السادسة مساءً.
المشهد بدأ في الساعة الثامنة صباحًا بتوافد المواطنين للسنترال وأخذ أرقام دخول وصلت لأكثر من 250 رقمًا، وتجمع هذا العدد خارج السنترال، الكل ينتظر دوره في الدخول، إلا أن الجميع فجئوا بحركة عمل بطيئة جدًا من جانب موظفي السنترال بمعدل إنهاء طلبات اثنين من العملاء كل ساعة تقريبًا، مما أدي إلى تكدس المواطنين أمام السنترال ساعات طويلة، في الوقت التي تحظر فيه الحكومة التجمعات كإجراء احترازي لمنع انتشار فيروس كورونا.
هذا المشهد العبثي كان سببه الأساسي العمل العشوائي الذي تسير عليه منظومة العمل داخل السنترال بداية من أكبر إلى أصغر موظف، وعدم الالتزام بالقرارات والإجراءات الحكومية في هذا الوقت العصيب الذي تمر به البلاد، ضاربين بتلك القرارات والإجراءات عرض الحائط.
هذا المشهد الكارثي كان يديره «حسن» فرد شركة الأمن الذي كان يسير على ترتيب الأرقام في الدخول تارة، ثم سرعان ما يطبق نظام الطلبات تارة أخرى، وبين هذا وذاك لا مانع من دخول المحاسب والمعارف.
وشاركه في هذا الجرم «دسوقي»، ويقال أنه نائب مدير الفرع، والذي كان يقف موقف المتفرج من هذه المهزلة بالإضافة إلى تخليص طلبات المحاسب.
المواطن في هذا المشهد مجبور، ولا يعقل أبدًا أن يقال أنه يريد التجمع أو التكدس، الكارثة بطلها الحقيقي موظف لا ذمة له ولا ضمير، في غياب تام من الرقابة من قبل الإدارة العليا بالفرع المتمثلة في مديره والذي يجلس في غرفته تحت التكييف ويتقاضى راتبه من قوت الشعب، وربما قد لا يتواجد سوى ساعات قليلة ثم «يخلع» حسب تعبير أحد الموظفين بالفرع.
إذا كان فيروس كورونا يمثل خطرًا على حياة البشرية، فهذه المشاهد من قبل موظفين خارج نطاق الخدمة تعتبر وباءًا أخطر من«كورونا» نفسه، ولا تقل في الخطورة أيضًا عن أعمال الإرهاب، ويجب ألا يستمر هؤلاء في مواقعهم الوظيفية يخربون ويدمرون، بل يجب محاكمتهم على ما يرتكبونه من تعطيل مصالح المواطنين وتكدير السلم والأمن الاجتماعي.