أزمة فيروس كورونا تكشف عن «نقص» أسِرة الرعاية المركزة فى المستشفيات
مع ازدياد الجدل عن انتشار فيروس كورونا فى مصر، ارتفعت وتيرة الأحاديث حول قضية نقص أسِرة الرعاية المركزة، والكوادر الطبية العاملة في هذا القسم الطبي.
وتخطت مصر حاجز الألف مصاب بفيروس كورونا، وبحسب الخبراء، فإنّ نسبة 40% من أسِرة الرعاية المركزة في مصر مغلقة، وهناك عقبات في عملية استيراد أجهزة التنفس الصناعي، بسبب الأوضاع العالمية من حظر للطيران وغيره، إضافة أن كثيرًا من الدول بدأت تفرض حظرًا على تصدير أي معداتٍ طبيةٍ وخاصةٍ متعلقة بشكل مباشر بفيروس كورونا.
لعل هذا الوضع، دفع باحثو مدينة زويل العلمية إلى الانتهاء بشكل سريع من تصميم جهازين للتنفس الصناعي، يرى الكثيرون أنهما قد يشكلان حلًا مؤقتًا للأزمة المصرية.
ويُوضح الدكتور شريف وديع، مستشار وزير الصحة للرعاية المركزة، أن مصر تمتلك في المستشفيات التابعة لها، نحو 10 آلاف و352 سرير رعاية مركزة، ثلثهم في مستشفيات وزارة الصحة، وفي المستشفيات الجامعية، والثلث الأخير في القطاع الخاص، والوزارة تُشرف عليه.
ويقول «وديع» إنّ هذا العدد أقل من المعدل العالمي لاحتياجات أسِرة الرعاية المركزة، حيث يبلغ المعدل العالمي سرير لكل 7 آلاف نسمة، أي أن مصر تحتاج ما يتراوح بين 12.5 إلى 13 ألف سرير رعاية مركزة، لافتًا إلى أن الفارق نحو 2000 سرير عن المعدل العالمي، وأن هناك بعض الأسِرة في مستشفيات الشرطة والقوات المسلحة تقدم خدماتها أيضًا، لكن المشكلة أن بعضها مغلق.
ويُشير «وديع» إلى أن ما يتراوح بين 35 إلى 40% من أسِرة الرعاية المركزة في القطاع الحكومة "المستشفيات الجامعية أو التابعة لوزارة الصحة" مغلقة، لعدة أسباب أبرزها نقص القوى البشرية والتجهيزات وبعض المشكلات التقنية، بالإضافة إلى نوعية الأسِرة نفسها.
ويلفت إلى أن هناك نقطتين أساسيتين في أزمة أسِرة الرعاية المركزة، أولًا أن بعض المحافظات تقترب فيها نسبة أسِرة الرعاية المركزة من المعدل العالمي، مثل محافظات جنوب سيناء والإسماعيلية وبورسعيد، على العكس هناك محافظات تقل فيها النسبة بشكل ملحوظ وأبرزها البحيرة التي يصل المعدل فيها لـ"سرير لكل 35 ألف مواطن" يليها بني سويف والغربية. أما النقطة الثانية فهي نوعية السرير نفسه، فالرعاية ليست مجرد سرير في مستشفى.
ويقول مستشار وزير الصحة للرعاية المركزة، إنهم أعدوا خطة منذ نهاية العام الماضي لرفع كفاءة أسِرة الرعاية المركزة، وهي تعتمد على «6» محاور رئيسية، الأول رفع كفاءة الأقسام الموجودة بالفعل، وذلك عن طريق اختيار مستشفيين بكل محافظة لتقديم جميع الخدمات للمواطنين "عام، مركزي" على أن يتم تباعا إضافة مستشفيين كل 6 أشهر بكل محافظة حتى يتم استكمال جميع مستشفيات الجمهورية، مع وضع برنامج للرقابة والمتابعة للتقييم المستمر لهذه المستشفيات للتأكد من تقديم الخدمات الحرجة بصورة عاجلة وتلافى السلبيات للتأكد من تطبيقها بجميع المستشفيات.
ويُتابع «وديع» أن المحور الثاني يتمثل في دراسة وضع الرعايات المغلقة، لمعرفة أسباب عدم تشغيلها والتغلب على هذه المشكلات ضمانًا للاستخدام الأمثل للموارد، وقد تم بالفعل افتتاح بعض «الرعايات المغلقة»، فيما يعتمد المحور الثالث على استحداث رعايات متوسطة وأخرى تخصصية بالمناطق المحرومة، أما المحور الرابع لخطة رفع كفاءة أقسام الرعايات المركزة فهو تفعيل نظام الاستدعاء الآلي والذي يسهل على المواطنين العثور على سرير رعاية مركزة يتناسب مع الحالة المرضية.
ويُضيف: أما المحور الخامس فيشمل خطة للتدريب والتعليم الطبي المستمر، وأخيرًا المحور السادس، فهو الرقابة والمتابعة، حيث تم استحداث نظام للاجتماعات الدورية بمسئولي الرعايات المركزة بالمحافظات؛ لضمان التواصل وتيسير توفير الاحتياجات التي قد تعيق التشغيل.
إلى ذلك يقول الدكتور محمد عز العرب، استشاري الكبد ومؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد: «بدايةً طب الرعاية المركزة واحد من الأقسام المهمة في كليات الطب، لأنه علم يتعامل مع حالات حرجة جدًا، كما أنه يُجيد العمل مع أجهزة التنفس الصناعي، وأجهزة إنقاذ القلب لعلاج الصدمات الكهربائية، وخبرة في التعامل مع اختلال غازات الدم التي قد تؤثر على حياة الإنسان».
ويُضيف، ولا يمكن لأي طبيب أن يُمارس أو يكون طبيب رعاية مركزة إلا بعد دراسة مرهقة وشاقة، وتدريبات وخبرة ميدانية، وفي مصر يوجد نقص في التدريبات خاصة المتعلقة بأجهزة التنفس الصناعي.
ويُفسر «عز العرب» أسباب نقص الأطباء، بأن هناك 3 أسباب، هي هجرة أطباء الرعاية المركزة إلى الخارج، لأن هذا التخصص مطلوب جدًا في أكثر من دولة. وثانيًا، عدم توفر الأمن لكثير من أطباء الرعاية المركزة؛ لأن كثيرًا ما يتم الاعتداء عليهم من قبل المواطنين وأهالي المرضى، خاصة أنهم يتعاملون مع حالات متأخرة جدًا، ونسبة الوفيات بها مرتفعة. وأخيرًا، ضعف الرواتب، إذ يعتمد طبيب الرعاية المركزة على راتب وزارة الصحة أو المستشفى التي يعمل بها، وليس له حق فتح عيادة طبية، وعلى ذلك يُفضل كثير من خريجي كليات الطب العزوف عن هذا القسم.
من جهتها، تقول النائبة، إلهام المنشاوى، عضو اللجنة، إنها تقدمت بطلب إحاطة في مجلس النواب لوضع حل جذري لأزمة الرعايات المركزة، لافتةً إلى أنها اقترحت التعاقد مع المستشفيات الخاصة على نفقة الدولة لتخفيف المعاناة عن المرضى، وسد العجز في نقص العنايات المركزة واعتبارها ضمن مبادرة الرئيس في قوائم الانتظار بإدخالها كتخصص جديد ضمن المبادرات الرئاسية لقوائم الانتظار.
وتُضيف، أنه يمكن اعتبار ذلك ضمن قانون التأمين الصحي الشامل، حيث إن هذا النظام يعتمد على شراء الخدمة من الغير وتحسين جودة المستشفيات التي تقدم الخدمة.
على الجانب الآخر، تمكن أساتذة وباحثون بـ«مدينة زويل» من العمل على تصميم جهاز تنفس صناعي، ليعمل في مرحلة ما قبل العناية المركزة والتي عادة يقوم فيها أخصائي طبي باستخدام بالون تنفس صناعي يدوي، حيث يقوم الجهاز بالعمل آليا وبالتالي يوفر وقت الأخصائي الطبي لعمل إسعافات حرجة أخرى بينما يظل المريض على هذا الجهاز لحين نقله إلى العناية المركزة.
ووفقًا لبيان مدينة زويل، فإن أبرز مميزات جهاز التنفس الصناعي الجديد، هي التحكم في كمية الهواء في النفس الواحد، والتحكم في عدد مرات التنفس في الدقيقة، والتحكم في وقت الشهيق والزفير، وقياس الضغط على الرئة والفصل الآلي عند ارتفاعه لدرجة خطرة.
وبحسب الباحثين فإن التصميم يُراعي سهولة الإنتاج الكمي ويستهدف تكلفة من 2000 إلى 3000 جنيه مصري للوحدة.
وتُتابع مدينة زويل في بيانها، أنه أيضًا بصدد صناعة جهاز للتنفس الصناعي لمرحلة علاج كورونا وسيكون معروفًا باسم Venta-Max Ventilator، إذ تُسبب جائحة كورونا COVID 19 في زيادة أعداد الالتهاب الرئوي وأمراض الجهاز التنفسي القاتلة بشكل كبير.
وتُشير إلى مميزات تصميم Venta-Max Ventilato، أن تكلفته منخفضة حيث تبلغ 10 آلاف جنيه مصري فقط، مقارنة بالمستورد، كما أنه يُمكن تجميعها بسهولة باستخدام الموارد والمكونات المُتاحة بالسوق المصرية، وأنه مُصٍمم للعمل على الوضع الإلزامي Mandatory Mode الذي يحتاجه في الغالب الحالات المصابة بفيروس كورونا. ويلفت باحثو مدينة زويل إلى أنهم انتهوا من تصميم الجهاز في 5 إبريل الجاري.