«مشهد الانتخابات».. تحالف مستقبل وطن يبتلع «الشيوخ» والمعارضة تكتفى بـ«لطم الخدود»
«إسكندر»: النظام مهتم فقط بمنح المكاسب للقوى السياسية الموالية له
«مهنا»: نجاح الدولة فى إجراء انتخابات «الشيوخ» إنجازٌ يحسب لها فى ظل أزمة كورونا
«الزاهد»: هذا المجلس بلا صلاحياتٍ دستوريةٍ وسيمثل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على الدولة
«الكارم»: الغرفة الثانية من البرلمان ستضم عددًا كبيرًا من المثقفين وشباب السياسة
كشفت انتخابات «مجلس الشيوخ» التي شهدتها مصر، الأسبوع الماضي، عن سباقٍ سياسي «هادئ»، ومشاركةٍ انتخابيةٍ لم تكن مثيرةً للجدل أو قويةً، وسط عزوف عددٍ من الأحزاب والكيانات السياسية المعارضة عن المشاركة فى هذه الانتخابات، بينما كان هذا السباق محسومًا لـ«القائمة الوطنية من أجل مصر»، وهي القائمة الوحيدة فى مشهد انتخابات «الشيوخ»، والتي تكونت من 11 حزبًا سياسيًا هي: «مستقبل وطن، الشعب الجمهورى، الوفد، مصر الحديثة، حماة الوطن، المؤتمر، المصري الديمقراطي الاجتماعي، الحركة الوطنية المصرية، الإصلاح والتنمية، الحرية المصري، التجمع».
حتى المرشّحون على المقاعد الفردية (100 مقعد)، فقد كانت القوة الضاربة من هؤلاء تتركز في مرشحي الأحزاب الكبرى الآن في المشهد السياسي المصري مثل: «مستقبل وطن»، «الشعب الجمهوري»، «حماة وطن»، مع مشاركةٍ محدودةٍ لمرشحي بعض الأحزاب والكيانات السياسية الأخرى.
وسيطرت على هذه الانتخابات مشاهد سياسية ربما أصبحت أمرًا مكررًا فى غالبية الاستحقاقات الديمقراطية التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة، ومنها قلة الإقبال على المشاركة في هذه الانتخابات، على الرغم من التهديد بفرض غرامات على المواطنين، فضلًا عن الاتهامات الخاصة بأن سباق انتخابات «مجلس الشيوخ» محسوم لصالح قوى سياسية معينة قد تكون مواليةً للسلطة، أبرزها «مستقبل وطن».
وشهدت مواقع «السوشيال ميديا» سخريةً سياسيةً شديدةً من الدعاية الانتخابية للمرشحين، والتي كانت مليئةً بالأخطاء الإملائية الفادحة، فضلًا عن الدعاية الانتخابية بصورةٍ مثيرة للضحك.
وفق القانون الخاص بـ«مجلس الشيوخ» في مادته الثانية، سيتم ملء المجلس بواقع 100 مقعد بالنظام الفردي، و100 مقعد بنظام القوائم المغلقة المطلقة، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح في كل منهما، على أن يُعيّن الرئيس عبد الفتاح السيسي 100 عضو، ليكون المجلس مكونًا من 300 عضو.
وبحسب المادة الثالثة من قانون مجلس الشيوخ، جرى تقسيم مصر تقسم إلى 27 دائرةً تُخصص للانتخاب بالنظام الفردي، و4 دوائر تُخصص للانتخاب بنظام القوائم، بما يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات.
وحدد قانون المجلس عددًا من الاختصاصات الموكلة له طبقًا للتعديلات الدستورية الأخيرة التي أجريت في مصر.
ووفقًا للمادة 7 من الدستور المعدّل، «يختص مجلس الشيوخ بدراسة واقتراح ما يراه كفيلًا بتوطيد دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعي والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطي، وتوسيع مجالاته».
كما نصت المادة 8 على أن «يؤخذ رأي مجلس الشيوخ في ما يأتي: الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة، مشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور، التي تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، ما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة، أو بسياستها في الشؤون العربية أو الخارجية».
وقال أمين إسكندر، القيادي في حزب «تيار الكرامة»، إنّ ما جرى فى انتخابات «مجلس الشيوخ» أسوأ مما تفعله النُظم الديكتاتورية المعلنة، مشيرًا إلى أنّ هذه الانتخابات «تزييف» لإرادة المواطنين بالكامل، لدرجة أنّ هؤلاء المواطنين غير مهتمين بهذه الانتخابات أصلًا.
وأضاف «إسكندر» في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ«النبأ»، أنّ كل ما يفعله النظام فى هذه الانتخابات، سواء «شيوخ» أو «نواب» هو «تركيب وتصعيد» جماعاته الاقتصادية والاجتماعية، بدليل أنّ كل الكيانات المسيطرة على مشهد انتخابات مجلس الشيوخ، والأحزاب التي دخلت هذه الانتخابات هم «جماعات البيزنس» المدافعة عن السلطة.
ويرى القيادي في حزب «تيار الكرامة» أن النظام الحالي لا يهتم بالانتخابات، ولكن ما يجرى «مسرحية ومهزلة» سياسية، ضاربًا المثل بالانتخابات الرئاسية التي أجريت في عامي 2014 و2018، والتي لم تكن بها أي منافسة حقيقية.
وبشأن عدم إقدام الأحزاب المعارضة على تكوين «قائمةٍ انتخابيةٍ» للمشاركة فى انتخابات مجلس الشيوخ، ومنافسة «القائمة الوطنية من أجل مصر» المحسوبة على السلطة، أكد «إسكندر» أنّ السبب في ذلك أنه لا يوجد مُناخ حقيقي لممارسة السياسة، متابعًا: «البلد أصبح خاليًا من السياسة، بلا إعلام، بلا تليفزيون، لدرجة أنك لا تستطيع أن تقرأ مقالًا يحمل وجهة نظرٍ معارضةٍ في أي جورنال».
وختم السياسي البارز أمين إسكندر: «في الحقيقة النظام مهتمٌ فقط بمنح المكاسب للقوى السياسية الموالية له، خاصةً هؤلاء الذين يدفعون أموالا للحصول على مقاعد فى المجالس النيابية التي تُعد في الحقيقة مجرد ديكور».
إلى ذلك، قال مدحت الزاهد، رئيس حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي»، إنّ الطريقة التي أُجريت بها انتخابات مجلس الشيوخ، تشبه «الحروب الخاطفة»، والإجراءات المباغتة، منذ اللحظة الخاصة بتحديد طريقة الانتخاب لهذا المجلس، والإعلان عن مواعيد الانتخابات، وإجراءاتها، لافتًا إلى أنّ هذا الأمر تسبب في أنّ الفرصة لم تُتح لأطرافٍ كثيرةٍ للمشاركة فى هذه الانتخابات.
وأضاف «الزاهد» في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ«النبأ» أنّ هذا المجلس بلا صلاحياتٍ دستوريةٍ، وأنه سيمثل عبئًا كبيرًا على الدولة فى ظل أزمةٍ اقتصاديةٍ خطيرةٍ تمر بها الدولة، كاشفًا عن أن هناك أطرافًا كثيرةً ضغطت فى اتجاه عودة هذا المجلس على الرغم من إلغائه في وقتٍ سابقٍ لأسباب وجيهة.
وأكد رئيس حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» أنّ هذه الأطراف تُريد تحقيق نوعٍ من الوجاهة الاجتماعية لا ممارسة دور تشريعي أو رقابيّ، وتأكيد مكانتها وقربها من السلطة، لافتًا إلى أنّ الطريقة الخاطفة التي صاحبت الإعلان عن الانتخابات، وإجراءها تؤكد هذا المعنى، متابعًا: «مقاعد مجلس الشيوخ مكافأةٌ لأطراف الموالاة».
وعن الأطراف التي شاركت فى الانتخابات، قال «الزاهد» إنّ «القائمة الوطنية من أجل مصر»، أنفقت ببذخٍ شديدٍ فى الدعاية الانتخابية، ما يعد مأساةً فى ظل هذه الظروف الاقتصادية السيئة، فضلًا عن أنها «قائمةٌ حكوميةٌ» وبلا منافسٍ أصلًا، فلماذا كل هذه الأموال التي تُنفق في الدعاية الانتخابية؟!
أما عن المتنافسين على المقاعد الفردية سواء المستقلين أو التابعين للأحزاب، أكدّ «الزاهد» أنّ الدوائر الانتخابية كبيرةٌ ومتسعةٌ، وبالتالي المقاعد المخصصة للفردي حسمتها بالتأكيد البيروقراطية، وتحالف العصبيات والقبليات، ورجال السلطة، وأصحاب رأس المال من رجال الأعمال.
واستكمل: «لا توجد انتخابات تنافسية، وهذه الانتخابات التي أُجريت لن تفضي إلى مجلس شيوخ ينافس دورًا في الحياة التشريعية أو الرقابية، هو زائدة تشريعية، وغرفة ثانية بلا صلاحيات».
وبشأن توقعاته عن الـ100 عضو الذين سيُعينهم الرئيس عبد الفتاح فى مجلس الشيوخ، وإمكانية تمثيل «المعارضة» بشكل مُرضٍ فى هذه التعيينات، قال «الزاهد»، إن هذه التعيينات ستركز على منح حصص على أساس الوضع الطائفي والديني عن طريق تعيينات تمثل المؤسستين المسيحية والإسلامية، شخصيات عامة، وزراء سابقين كنوع من أنواع تكريمهم، رجالات دولة محل ثقة الرئيس عبد الفتاح السيسي، فضلًا عن ممثلين لهيئاتٍ اجتماعيةٍ نوعيةٍ، وأعضاء سابقين فى الهيئات القضائية، والمؤسسة العسكرية.
وأضاف «الكارم» في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ«النبأ»، أنّ السبب في مشاركة الشباب فى التصويت في هذا الماراثون السياسي المهم، هو الدفع بعددٍ كبيرٍ من هذه الفئة فى «القائمة الوطنية من أجل مصر»، وكذلك على المقاعد الفردية، ضاربًا المثل بشباب «تنسيقية الأحزاب والسياسيين» المرشح منها 5 من خيرة شبابها فى «القائمة الوطنية من أجل مصر».
وأكد «الكارم» الأهمية الكبيرة لـ«مجلس الشيوخ» فى مساعدة البرلمان، خاصةً أنّ الغرفة الثانية من البرلمان ستضم عددًا كبيرًا من المثقفين، وشباب السياسة، الذين يساهمون فى التخطيط لـ«مستقبل الوطن» الذي يحتاج إلى تطورٍ اجتماعي بجانب التطور الاقتصادي والتنمية.
وبشأن حديث الكيانات السياسية، والأحزاب غير المشاركة في الانتخابات، عن وجود دعمٍ من الدولة لـ«القائمة الوطنية من أجل مصر» بقيادة حزب «مستقبل وطن»، ومرشحي الأحزاب المحسوبة على السلطة، قال «الحسيني» إنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو رأس الدولة، نصح المواطنين بضرورة اختيار «الشخص» الأصلح، والأمين صاحب الفكر.
وأشار إلى أنّ هناك الآن العديد من الوسائل التي تمكن المواطنين من معرفة المرشحين في أي سباقٍ انتخابي؛ لاختيار الشخص الأصلح، ضاربًا المثل بوسائل التواصل الاجتماعي التي تُعد مرآةً مهمةً لمعرفة آراء وتوجهات الأشخاص.